Date: Feb 26, 2019
Source: جريدة النهار اللبنانية
الجزائر... إمّا خامسة لبوتفليقة وإمّا "انزلاقات خطيرة"!
أكد رئيس الوزراء الجزائري أحمد أويحيى أمس، أن مسألة الولاية الخامسة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، التي عبر عدد كبير من الجزائريين عن معارضتهم لها في الأيام الأخيرة، ستحسم في صناديق الاقتراع، في أوّل تعليق رسمي على الاحتجاجات.

نزل عشرات الآلاف إلى الشوارع الجمعة خصوصاً في العاصمة حيث التظاهر ممنوع، رداً على دعوات من مواقع التواصل الاجتماعي، لرفض ترشح الرئيس بوتفليقة البالغ من العمر 81 سنة والذي أضعفته جلطة دماغية في 2013، لولاية خامسة. ومع إقراره بأن "عدداً معتبراً" من الجزائريين عبروا عن معارضتهم لهذا الترشيح، قال رئيس الوزراء إن هذه الانتخابات "ستجرى في أقلّ من شهرين"، مضيفاً أن للكل حق الاختيار الحر "ومن حق أي كان أن يكون مع أو ضد أي مرشح. ويبقى الفصل في الصناديق بطريقة سليمة ومتحضرة".

ورداً على "نداء التغيير" الذي أطلقه المتظاهرون، شدد أويحيى على أن بوتفليقة بعث برسالة ترشحه من أجل "تزكية الندوة الوطنية" التي "لا سابق لها في تاريخ الجزائر وستكون مفتوحة للجميع يناقش فيها كل ما يمكن مناقشته الا الثوابت الوطنية والطابع الجمهوري للدولة". ودعا الجزائريين أيضاً إلى "اليقظة" لأن هناك "دعوات مجهولة" للتظاهر، كما دعاهم إلى "التخوف من انزلاقات خطيرة".

وخلص في تصريح نقلته قنوات تلفزيونية خاصة مباشرةً، إلى أن "الجزائر عرفت البكاء والمأساة ومن حقها أن تعيش السلم والاستقرار".

وكانت تظاهرات الجمعة حاشدة، فيما شهدت العاصمة تجمعات جديدة الأحد استجابة لدعوة من حراك مواطني، شارك فيها بضع مئات من الأشخاص في وسط المدينة وفي ظل انتشار مكثف للشرطة.

واحتلّ المتظاهرون الشارع ساعات قبل أن يغادروه، مما حدا بالشرطة إلى خفض أعداد وحداتها التي انتشرت بكثافة منذ الصباح الباكر تدعمها مروحية جابت سماء وسط العاصمة. وبعد إخلاء الشارع عادت الحياة إلى طبيعتها فأعادت المحال فتح أبوابها شيئاً فشيئاً. وانتقلت عدوى الاحتجاج إلى الإذاعة الجزائرية الحكومية، حيث ندّد صحافيون بمنعهم من تغطية التظاهرات الحاشدة التي شهدتها الجزائر الجمعة، والتي قاطعها التلفزيون الحكومي أيضاً. وقال الصحافيون في رسالة إلى مديرهم العام إنّهم يرفضون "المعالجة المميّزة والاستثنائية التي يفرضها المسؤولون لمصلحة الرئيس والتحالف الرئاسي، وتقييد هذه المعالجة عندما يتعلّق الأمر بالمعارضة". وتحدّثوا عن "توتّر شديد في قاعات التحرير"، داعين المدير العام للإذاعة الوطنية شعبان لوناكل للعمل معهم "لمصلحة إعلام (الجزائريين) بكل موضوعية".

حركة "مواطنة"

وأفاد منسّق حركة "مواطنة" سفيان جيلالي أنّ "15 مسؤولا" في الحركة الى "العشرات من الأشخاص" أوقفوا.

وتأسّست حركة "مواطنة" في حزيران 2018، لمعارضة ولاية خامسة لبوتفليقة. وهي تضمّ مثقّفين (أحزاب معارضة، ناشطين من جمعيات، صحافيين، محامين...)، وتجد صعوبة في حشد الناس خارج دائرة المتعاطفين معها.

وقال الباحث في علم الاجتماع ناصر جابي: "سنرى كيف سيتطوّر الأمر. (تحرّك) الجمعة كان شعبياً. حركة مواطنة أكثر نخبوية". وجابي من المفكّرين الذين وقّعوا في أيار رسالة إلى الرئيس بوتفليقة يدعونه فيها لعدم السعي إلى ولاية خامسة. وكان جيلالي الذي يرأس أيضاً حزب "جيل جديد"، قال: "لا نتوقع حشداً كبيراً لأن اليوم يوم عمل، لكن الهدف هو مواصلة الضغط ضد السلطة".

وأوضح المنسق الذي عارض عام 2014 الولاية الرابعة لبوتفليقة، أن هذا اليوم اختير لأنه كان مقرّراً أن يدشّن فيه الرئيس "مسجد الجزائر الكبير" ومحطّة مطار جديدة، وهو ما لم يؤكّد رسمياً.

وقد دعت "مواطنة" سكان العاصمة إلى التظاهر "بهدوء" عند منتصف نهار الاحد في ساحة أودين، وفي مناطق وولايات أخرى. وامتلأت شبكات التواصل الاجتماعي أيضاً في الأيام الأخيرة بدعوة إلى "مسيرة طلاب" ضد الولاية الخامسة في 26 شباط.

ووضع بوتفليقة في 10 شباط حداً للتكهنات في شأن نيته الترشح، معلناً في "رسالة إلى الأمة" أنه يسعى إلى ولاية خامسة في انتخابات 18 نيسان. وقال في حينه: "بطبيعة الحال لم أعد بنفس القوة البدنية التي كنت عليها ولم أخف هذا يوماً على شعبنا، إلا أنّ الإرادة الراسخة لخدمة وطني لم تغادرني قط بل وستمكنّني من اجتياز الصعاب المرتبطة بالمرض".

وتوجه بوتفليقة الأحد، كما أعلنت الرئاسة، إلى جنيف في سويسرا "لمدة قصيرة" حيث ستجرى له فحوص طبية "دورية".

تونس تصد ناشطاً جزائرياً

على صعيد آخر، منعت السلطات التونسية الناشط الحقوقي الجزائري الطاهر بلعباس من دخول أراضيها للمرة الثانية من غير ان توضح سبب المنع.

وصرح الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية سفيان الزعق بأن بلعباس وصل الى مطار تونس قرطاج و"لم يسمح له بدخول الأراضي التونسية". وأضاف أنه "سيتم ترحيله الى الجزائر في وقت لاحق".

وقبل أسبوع، منعت السلطات التونسية بلعباس من دخول تونس عبر الحدود البرية في ولاية توزر في الجنوب، وقال بلعباس في تصريح له آنذاك ان "الامن الحدودي التونسي أبلغني أنني مدرج في قائمة الأشخاص الممنوعين من دخول تونس ولا أستطيع الدخول دون تصريح من وزارة الداخلية".