| | Date: Feb 25, 2019 | Source: جريدة النهار اللبنانية | | الأميرة ريما بنت بندر على خطى والدها هل تطوي صفحة خاشقجي بين واشنطن والرياض؟ | موناليزا فريحة
ليس تعيين الاميرة ريما بنت بندر سفيرة للمملكة العربية السعودية في واشنطن حدثاً عادياً، لا من حيث دلالاته ولا من حيث توقيته. فالسعودية الشابة التي تعتبر "وجه حقوق الانسان" في المملكة، هي الأولى تمثل بلادها في العاصمة الاميركية.
الاميرة ريما بنت بندر هي قبل ذلك ابنة ديبلوماسي محنك تولى المنصب نفسه طوال أكثر من 22 سنة، وأقام لنفسه موقعاً نافذاً في أروقة البيت الابيض والكونغرس. ويأتي تعيينها وقت تمر العلاقات بين واشنطن والرياض بمرحلة حساسة منذ مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في سفارة بلاده باسطنبول.
وتخلف الاميرة ريما نجل العاهل السعودي الامير خالد بن سلمان الذي تولى منصبه عام 2017. وعيّن نائباً لوزير الدفاع بموجب أمر ملكي صدر السبت.
وبتعيينها رئيسة للديبلوماسية السعودية في واشنطن، تسير الأميرة ريما على خطى والدها بندر بن سلطان الذي استمر سفيراً في الولايات المتحدة من 1983 الى 2005.
عاشت الاميرة المولودة عام 1975، فترة كبيرة من طفولتها في الولايات المتحدة بسبب وظيفة والدها، وحصلت على شهادة في دراسات المتاحف والآثار التاريخية من جامعة جورج واشنطن الأميركية. لذا لا تبدو بعيدة من أجواء السياسة والمجتمع الاميركيين.
وللأميرة خلفية كبيرة في عالم الأعمال. فمنذ عودتها الى المملكة عام 2005 ساهمت في سلسلة من المبادرات. واحتلت موقعاً ضمن قائمة أقوى 200 امرأة عربية، في تصنيف مجلة "فوربس الشرق الأوسط" عام 2014.
واعتبرتها مجلة "كوارتز" وجه حقوق المرأة في العائلة المالكة السعودية، إذ نشطت في مجالات عدة في المجتمع السعودي، وشغلت مناصب رئيسة الاتحاد السعودي للرياضة المجتمعية، ورئيسة تنفيذية لشركة "ألفا" العالمية، ورئيسة الإدارة النسائية في الهيئة العامة للرياضة. وأسست شركة "ريمية" المتخصصة بالعلامات التجارية والإكسسوارات الفاخرة. وهي المؤسس والشريك الأول لنادي السيدات والسبا في الرياض.
إلى ذلك، هي عضو في مجلس استشاري في كل من المبادرة الوطنية للإبداع، وشركة "أوبر"، ومؤتمر "تيد إكس". دخلت مبادرتها "KSA 10" موسوعة "غينيس" للأرقام القياسية، وهي مبادرة مجتمعية تهدف الى زيادة الوعي الصحي في المجتمع. وأسست "ألف خير"، المؤسسة الاجتماعية المتخصصة في تطوير رأس المال البشري في السعودية. كما أنها عضو مؤسس في جمعية زهرة لسرطان الثدي، وأطلقت رحلة نسائية إلى جبل إيفرست للتوعية على سرطان الثدي.
وفي الخارج، أطلت في مناسبات دولية عدة، مثل المنتدى الاقتصادي في دافوس، واضطلعت بدور كبير في نشر رسالة عن الانفتاح والإصلاح في المملكة. وعام 2017، دعت ايفانكا ترامب، ابنة الرئيس الاميركي، الى التحدث عن "تمكين النساء" في السعودية، قبل أن تزور واشنطن وتتحدث في مراكز بحوث ومؤسسات رأي عن الحاجة إلى دمج المرأة السعودية في القوة العاملة.
وهي تستخدم حسابها على "تويتر" لنشر رسائل عن تقدم المرأة. وتتحدث العربية والانكليزية بطلاقة.
ويعكس تعيينها في منصب حساس ومهم في واشنطن، الافاق الجديدة التي فتحت للنساء السعوديات مع مضي المملكة في تطبيق "رؤية 2030" التي وضعت ضمن أهدافها رفع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل، و"الاستمرار في تنمية مواهبها واستثمار طاقاتها، وتمكينها من الحصول على الفرص المناسبة للإسهام في تنمية المجتمع والاقتصاد".
وقد عيّنت في واشنطن بينما لا تزال العلاقة بين واشنطن والرياض، حليفتها الاستراتيجية في الشرق الأوسط والرياض، تخضع لاختبارات بسبب مقتل خاشقجي.
وحاولت ادارة الرئيس دونالد ترامب تجاوز السجال الواسع الذي أُثارته الجريمة، لكن أعضاء جمهوريين في مجلس الشيوخ يضغطون على الرئيس ووزير خارجيته مايك بومبيو نتيجة ما يعتبرونه استجابة باهتة لطلب قانوني لتقديم تقرير يحدد المسؤول عن الجريمة.
من هذا المنطلق، رأى معلقون أن تعيين الاميرة ريما في واشنطن يعكس مسعى من الرياض لفتح صفحة جديدة في العلاقات بعد التوتر السائد منذ مقتل خاشقجي، مع تأكيدها المضي في اصلاحاتها الاجتماعية في عاصمة أبرز حلفائها.
بنت بندر
وما تمثله الأميرة من آفاق جديدة للمرأة السعودية، فهي ابنة الأمير بندر بن سلطان، احدى الشخصيات البارزة في الديبلوماسية السعودية والذي كان مقرباً من عائلة الرئيس الاميركي سابقاً جورج بوش.
وكان الامير بندر نسج شبكة علاقات نافذة مع مواقع القوّة والنفوذ والمراكز العليا في واشنطن، كما أقام علاقة خاصة جداً مع وسائل الإعلام الأميركية. وتفيد تقارير أنه الرجل الذي استعان به الرئيس الراحل جورج بوش الأب ليعلِّم ابنه الرئيس السابق جورج بوش السياسة في الشرق الأوسط، قبل أن يرشّح لرئاسة أميركا التي فاز بها مرّتين. وصار بندر وثيق الصلة بكلٍّ من نائب الرئيس الاميركي سابقاً ديك تشيني، وعائلة جورج بوش أباً وأماً وأبناء وبنات حتى لقّب "بندر بوش".
وظهر نفوذ بندر داخل أروقة البيت الأبيض خصوصاً عندما أبلغه بوش نفسه قرارِ الحرب على العراق وتوقيتها قبل ان يعلم بها وزير خارجيته كولن باول. إلا أن إنجازه الأكبر تمثل في إقناع الكونغرس الأميركي بتمرير صفقة شراء المملكة طائرات "أواكس" الأميركية للإنذار المبكر التي تستطيع رصد كل حركة تقوم بها القوات الجوية الإسرائيلية، وتالياً حرمان هذه "الضربة الأولى المفاجئة"، وهي أساس عقيدة الدفاع الإسرائيلي.
وفي حينه، استعانت إسرائيل بحلفائها في الكونغرس واللوبي اليهودي بواشنطن لمنع الصفقة، غير أن حنكة الأمير بندر الذي كان سفيراً شاباً في الثلاثينات من عمره مكنته من تجاوز الضغوط، بعدما حول منزله في واشنطن قاعة استقبال للمسؤولين الكبار في البيت الأبيض ولأعضاء الكونغرس، وتمكن من إقناعهم بالموافقة على تلك الصفقة. | |
|