Date: Feb 25, 2019
Source: جريدة الشرق الأوسط
الجزائر: اعتقالات مع تمدد الاحتجاجات وبوتفليقة يذكّر بـ«فضائل الاستمرارية»
الجزائر: بوعلام غمراسة
في وقت اتسعت فيه دائرة الاحتجاجات في الجزائر، أمس، على ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة، واعتقل فيه عشرات الناشطين في العاصمة، تجاهل بوتفليقة الاعتراضات وشدد على «فضائل الاستمرارية».
وفي رسالة وجهها لمناسبة الاحتفال بذكرى تأسيس النقابة المركزية للعمال وتأميم المحروقات، قال بوتفليقة: «تبرز رسالتي بكل قوة فضائل الاستمرارية. الاستمرارية التي تجعل كل جيل يضيف حجرة على ما بني قبله، استمرارية تضمن الحفاظ على سداد الخطى وتسمح بتدارك الإخفاقات الهامشية، استمرارية تسمح للجزائر بمضاعفة سرعتها في منافسة بقية الأمم في مجال الرقي والتقدم».

ورأى أن هذه هي «العبرة التي يجب علينا جميعاً أن نستخلصها من الاحتفاء بهاتين الذكريين الخالدتين والطريقة التي يتعين علينا الوفاء بها لشهدائنا الأمجاد والسهر بها على أجيالنا الصاعدة وصون وطننا المفدى الجزائر الحبيبة». وأعرب عن تخوفه من «عدم الاستقرار وآفات الإرهاب والجريمة العابرة للحدود في جوارنا المباشر»، معتبراً أن «الجيش في حاجة إلى شعب واعٍ ومجند ويقظ لكي يكون سنداً ثميناً ودرعاً قوياً للحفاظ على استقرار البلاد».

يُشار إلى أن بوتفليقة سافر إلى جنيف، أمس، حيث سيجري «فحوصات طبية دورية»، بحسب ما أعلنت الرئاسة الجمعة الماضي. وألقى هذه الكلمة بالنيابة عنه، أمس، وزير الداخلية نور الدين بدوي خلال إطلاقه مع وزراء آخرين احتفالات بمناسبة ذكرى تأسيس النقابة المركزية (1956) وتأميم المحروقات (1971) في أدرار بأقصى جنوب البلاد. وواجه الوفد الحكومي احتجاجاً كبيراً ضد ترشح بوتفليقة لولاية خامسة، فيما تعرض عشرات الناشطين للاعتقال في العاصمة خلال مظاهرة رافضة للتمديد للرئيس.

وفوجئ الوفد الذي ضم بدوي ووزيري «الطاقة» بوبكر زمالي و«العمل» مصطفى قيتوني والأمين العام للنقابة المركزية عبد المجيد سيدي السعيد، بموجة غضب في أكبر مدن الصحراء. وشارك في الاحتفالات مدير حملة الرئيس عبد المالك سلال.

ونشر ناشطون في أدرار صور محتجين داخل عربات للشرطة تم اقتيادهم لمراكز الأمن، على أساس أنهم «أخلوا بالأمن العام بالمدينة»، وهي تهمة يعاقب عليها القانون بالسجن.

وأشاد مسؤول النقابة بـ«إنجازات الرئيس بوتفليقة خلال 20 سنة من ممارسة الحكم». وقال في هجوم ضمني على المتظاهرين ضد التمديد لبوتفليقة: «هل تريدون التفريط في السلم والاستقرار الذي حققته الجزائر؟ هل تريدون العودة إلى مشاهد الدمار؟ من هنا من أدرار نقول: لا للفتنة»، في إشارة إلى فترة الصراع مع الإرهاب خلال تسعينات القرن الماضي.

وجدد دعمه للرئيس، داعياً إلى «التصويت له بقوة في انتخابات الرئاسة» المقررة في 18 أبريل (نيسان) المقبل، مشيراً إلى «أننا نقف إلى جانبه بدافع قيم الوفاء والعرفان للجهود التي بذلها، من أجل النهوض بالجزائر في مختلف الميادين. ومن لا يدعم بوتفليقة فهو ناكر للجميل».

واعتقلت قوات الأمن أمس في ساحة موريس أودان وسط العاصمة، عشرات المتظاهرين ممن استجابوا لدعوة «حركة مواطنة» المعارضة إلى تنظيم احتجاج سلمي ضد الولاية الخامسة للرئيس. ومن أبرز المعتقلين القيادية في الحركة زبيدة عسوَل ورئيسة حزب يدعم ترشح اللواء المتقاعد علي غديري للرئاسة، والمحاميان الشهيران عبد الغني بادي ومصطفى بوشاشي. وتم اعتقال نشطاء من الحزب المعارض «جيل جديد».

ورفع المتظاهرون شعارات معارضة للرئيس، جاء فيها «هذا الشعب لا يريد بوتفليقة ولا السعيد»، شقيق الرئيس وكبير مستشاريه، و«لا تكون عهدة خامسة». وأطلقت قوات مكافحة الشغب قنابل مسيلة للدموع لتفريق المحتجين، ما تسبب في حالات إغماء. وتم نقل بعض المتظاهرين إلى المستشفى القريب من مكان المظاهرة. ولوحظ وجود شخصيات عامة مثل المخرج الشهير موسى حداد وأساتذة جامعات وأطباء. كما احتج إعلاميون في مؤسسات حكومية على تجاهل تغطية الاحتجاجات.

سلطات الجزائر تعتقل 41 متظاهراً بتهمة «الإخلال بالنظام العام»
رئيس مجلس النواب: الدستور يكفل للمواطنين حق التعبير عن المطالب بالطرق السلمية

الأحد  فبراير 2019 مـ 
أعلنت الشرطة الجزائرية أمس أنها أوقفت 41 شخصاً، من بين آلاف المتظاهرين الذين شاركوا في احتجاجات الجمعة، ضد ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة في الانتخابات المقررة في 18 من أبريل (نيسان) المقبل، حسبما جاء في تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية أمس.

وجاء في بيان للمديرية العامة للأمن الوطني أن «مصالحها سجلت توقيف 41 شخصاً، بسبب الإخلال بالنظام العام، والاعتداء على القوة العمومية وتحطيم الممتلكات».

ويظهر العدد القليل للموقوفين، رغم الأعداد الكبيرة للمتظاهرين في أكثر من مدينة، أن المسيرات والاحتجاجات جرت دون تسجيل حوادث تذكر، خاصة أن الشرطة لم تتدخل لمنعها، لا سيما في العاصمة، حيث يمنع أي نوع من التظاهر منذ 2001.

ولم تذكر الشرطة في بيانها عدد المتظاهرين الذين شاركوا في المظاهرات، إلا أن مصدراً من قوات الأمن، فضل عدم ذكر اسمه، أكد تسجيل نحو 20 ألف متظاهر عبر التراب الوطني، منهم أكثر من 5000 في العاصمة، و4000 في بجاية (نحو 200 كلم شرق الجزائر).

وبحسب المصدر نفسه، فقد شملت هذه التوقيفات 38 شخصاً في العاصمة الجزائرية، التي شهدت صدامات بين الشرطة وآلاف المتظاهرين، كانوا يحاولون الوصول إلى مقر رئاسة الجمهورية. لكن لم يتم تسجيل أي إصابات، سواء في صفوف مصالح الأمن أو المتظاهرين، بحسب المصدر.

وباستثناء بعض الصدامات التي شهدتها العاصمة الجزائرية، حيث رشق بعض المتظاهرين بالحجارة عناصر الشرطة، التي استخدمت الغاز المسيل للدموع، فإنه لم يتم تسجيل أي حوادث تذكر خلال مسيرات أول من أمس.
وجرت المظاهرات وسط العاصمة الجزائرية وفي عدد من المناطق الأخرى، استجابة لدعوات أطلقها ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي ضد ترشح بوتفليقة، البالغ من العمر 81 سنة، والذي قرر في بداية فبراير (شباط) الجاري الترشح لولاية رئاسية خامسة في الانتخابات المقبلة، عبر رسالة شرح فيها برنامجه، واضعاً بذلك حداً لشهور طويلة من التساؤلات، في ظل علامات استفهام كبيرة حول قدرته البدنية على البقاء في الحكم، بسبب إصابته بجلطة في الدماغ منذ سنة 2013، منعته من التحرك وأثرت في قدرته على الكلام.

وتفاجأ مراقبون للمشهد الإعلامي في الجزائر، من التغطية التي خصصتها وكالة الأنباء الرسمية للمسيرات الحاشدة، التي نظمت أول من أمس لمناهضة نية الرئيس بوتفليقة في الترشح لولاية خامسة، إذ كتبت وكالة الأنباء الجزائرية في برقية عنونتها بـ«مظاهرات سلمية في الجزائر العاصمة وباقي الولايات، تعبيراً عن مطالب ذات طابع سياسي».

وفي الوقت الذي تجاهل فيه إعلام القطاع الخاص المسيرات المناهضة لترشح بوتفليقة، خصصت وكالة الأنباء الجزائرية، لسان حال السلطة بالبلاد، تغطية للمسيرات بتقرير فيديو، رغم الشعارات المناوئة التي حملها المتظاهرون، مثل: «لا للعهدة الخامسة... نعم لرحيل النظام»، و«الجزائر ماشي لبيع»، أي الجزائر ليست للبيع. وفي هذا السياق، قال معاذ بوشارب، رئيس مجلس النواب والمنسق العام لهيئة تسيير حزب جبهة التحرير الوطني بالجزائر، الذي يمتلك الأغلبية في البرلمان، إن الدستور يكفل حق التعبير للجزائريين عن مطالبهم وآرائهم وغضبهم بالطرق السلمية.

وأوضح بوشارب، في لقاء مع حزبه بمدينة وهران غرب الجزائر، حضرته وكالة الصحافة الألمانية أمس، أنه «من حق الشاب، الذي درس طيلة سنوات من أجل أن يحظى بوظيفة، ولم يحصل عليها، أن تكفل الدولة حقه في التوظيف، ومن حق المرأة التي تحلم بسكن يقيها ويسترها هي وأبناؤها أن يحظوا بسكن».

ولم يخض بوشارب، في المطالب السياسية التي رفعها المتظاهرون، وعلى رأسها رحيل بوتفليقة ونظامه، بل بدا متمسكاً بالرئيس من خلال تأكيده على أن خارطة الطريق التي جاء بها، والندوة الوطنية التي دعا إليها بعد الانتخابات الرئاسية المقررة في أبريل المقبل، «ستكون جامعة لكل أطياف الشعب الجزائري».

من جهة أخرى، قال عمار غول، الوزير السابق ورئيس حزب تجمع أمل الجزائر، أحد أعضاء التحالف الرئاسي الذي دعا الرئيس بوتفليقة للترشح لولاية خامسة، إن المطالب التي رفعها المتظاهرون مشروعة، موضحاً أن حزبه يقدر هذه النداءات والمطالب.

وأوضح غول أنه كان من بين الأوائل، الذين دعوا للإصلاحات، مشيداً في الوقت نفسه بالسلوك الحضاري للمتظاهرين.