| | Date: Feb 19, 2019 | Source: جريدة النهار اللبنانية | | واشنطن تضغط لمواصلة عزل سوريا عربياً | نقلت "رويترز" عن خمسة مصادر أن الولايات المتحدة تمارس ضغوطاً على دول خليجية للامتناع عن إعادة العلاقات مع سوريا بما فيها دولة الإمارات العربية المتحدة، التي تحركت للتقارب مع دمشق من أجل التصدي لنفوذ إيران.
ويمثل هذان النهجان المتعارضان اختباراً مبكراً لما إذا كان في إمكان الرئيس السوري بشار الأسد كسب صدقية سياسية وديبلوماسية بعدما حولته الحرب الأهلية التي استمرت قرابة ثماني سنوات زعيماً منبوذاً على المستوى الدولي. فقد قطعت دول عدة علاقاتها مع سوريا في بداية الحرب. وأقفلت دول خليجية سفاراتها أو خفضت مستوى تمثيلها في دمشق وقررت جامعة الدول العربية تعليق عضوية سوريا وتوقفت الرحلات الجوية كما أقفلت المعابر الحدودية معها.
وفرضت الولايات المتحدة ودول أخرى عقوبات اقتصادية على دمشق.
وبتأييد من دول خليجية مثل السعودية وقطر لا تريد واشنطن عودة سوريا من جديد إلى المجتمع الدولي الى حين الاتفاق على عملية سياسية تضع بها الحرب أوزارها.
وقال مسؤول أميركي رداً على سؤال عن الضغوط الديبلوماسية: "السعوديون عون كبير في الضغط على الآخرين. كما أن قطر تفعل الصواب". وأضاف أن الولايات المتحدة سعيدة لأن "بعض دول الخليج تستخدم المكابح".
ويشير الموقف الأميركي إلى أنه لا يزال أمام الأسد شوط طويل قبل أن يلقى القبول، حتى بعدما استعادت قواته معظم مناطق سوريا من طريق انتصارات على المعارضة وذلك بفضل مساعدة إيران وروسيا إلى حد كبير.
وسيزيد غياب الدعم من واشنطن والرياض، القوة الرئيسية في المنطقة، لإنهاء عزلة سوريا صعوبة حصول دمشق على الاستثمارات اللازمة لإعادة البناء.
وفي حين أن الإمارات تعتقد أن على الدول السنية احتضان سوريا بسرعة لإخراج الأسد من فلك إيران الشيعية، فإن السعودية وقطر تؤيدان النهج الأميركي.
وأوضح مصدر خليجي أن الإمارات ترى في الأسد "الخيار الوحيد" وتعتقد أن القضاء على النفوذ الإيراني في سوريا قد يسهم في منع تكرار سيطرتها الحالية على العراق.
وكشفت ثلاثة مصادر سياسية خليجية ومسؤول أميركي وديبلوماسي غربي كبير، أن مسؤولين أميركيين وسعوديين تحدثوا مع ممثلين لدول الخليج الأخرى وحضوهم على عدم إعادة العلاقات مع سوريا.
ويريد هؤلاء المسؤولين خصوصاً ألا تدعم تلك الدول عودة الأسد إلى الجامعة العربية وأن تظل السفارات مقفلة وليس فيها سوى عاملين صغار.
انتقاد
وفي ضوء تعزيز الأسد وضعه عسكرياً، بدأت العلاقات تتحسن مع بعض الدول. وأعادت الإمارات فتح سفارتها في دمشق في كانون الأول 2018.
وقال المسؤول الأميركي، إن ذلك كان دفعة كبيرة للأسد وإن الولايات المتحدة "انتقدت الإماراتيين".
وامتنع مسؤول في الإمارات عن الرد على طلب للتعليق.
وأعلنت جامعة الدول العربية الاسبوع الماضي، أنه لم يتحقق بعد التوافق الضروري لعودة سوريا الى الجامعة. وأكدت المصادر أن الولايات المتحدة تضغط بشدة لضمان عدم اتخاذ هذه الخطوة.
وقال الديبلوماسي الغربي الكبير :"واشنطن تضغط معترضة على ذلك والسعودية ومصر تعملان على إبطاء إعادة سوريا الى الجامعة العربية".
وامتنع ناطق باسم وزارة الخارجية الكويتية عن التعليق على ما إذا كانت الكويت قد تلقت طلباً من واشنطن أو الرياض للإحجام عن اعادة العلاقات الطبيعية مع سوريا، وكرر موقف بلاده بأن "أي عودة محتملة للعلاقات معها لا يمكن أن تتم إلا من خلال الجامعة العربية".
"القوة الناعمة"
وأفاد مسؤول خليجي أنه ليس لدى السعودية أي خطط الآن لاعادة العلاقات الطبيعية، وأن "كل شيء معلق" الى حين اتفاق السوريين على فترة انتقال من حكم الأسد.
أما قطر المنافسة، فقالت بلسان وزير خارجيتها في كانون الثاني إنها لا ترى أي مؤشرات "مشجعة" لإعادة العلاقات العادية.
غير أن أبوظبي تأمل في أن تتمكن في نهاية الأمر من إقناع سوريا بالتحرك نحو نموذج الإمارات الداعم للأعمال وبأن في وسع دبي أن تضطلع بدور كمركز للتجارة مع سوريا.
والشهر الماضي، أوردت وسائل إعلام رسمية أن أبوظبي استضافت وفداً سورياً كان على رأسه رجل الأعمال السوري المعروف محمد حمشو للبحث في التعاون المحتمل في مجالات التجارة والبنية التحتية والزراعة والسياحة واللوجستيات والطاقة المتجددة.
غير أن وزير الدولة الاماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش، سلم بأن الاستثمار الحقيقي لن يحصل من دون عملية سياسية.
وقال ديبلوماسي غربي ثان رفيع إنه سيكون من الصعب في غياب عملية سياسية تقودها الأمم المتحدة رفع العقوبات بما يمهد السبيل أمام الاستثمارات. وأضاف: "لا أعتقد أن هذه هي نهاية الحرب وأن الوقت حان لإعادة البناء".
الاكراد يريدون قوة دولية
ووقت تشارف العملية العسكرية التي تنفذها "قوات سوريا الديموقراطية" (قسد) ضد تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) الانتهاء في شرق دير الزور، دعا القائد العام لـ"قسد" مظلوم كوباني إلى بقاء ما بين 1000 و1500 رجل من القوات الدولية في سوريا للمساعدة في محاربة التنظيم الجهادي، وأمل أن توقف الولايات المتحدة خصوصاً خطط سحب قواتها تماماً.
وصدر كلام كوباني بعد محادثات مع عدد من كبار الجنرالات الأميركيين والتي عرض خلالها ربما أشمل رؤية حتى الآن لطلباته المتعلقة بمساعدات عسكرية مستمرة من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة.
وأبلغ كوباني مجموعة صغيرة من الصحافيين توجهوا مع الجيش الأميركي إلى قاعدة جوية في موقع لم يكشف النقاب عنه بشمال شرق سوريا :"نريد غطاء جوياً ودعماً جوياً وقوة على الأرض للتنسيق معنا".
وتحدث عن مناقشات في شأن احتمال نشر قوات فرنسية وبريطانية لدعم "قسد" في سوريا. لكنه شدد أيضاً على رغبته في أن تبقى على الأقل ولو "مجموعة جزئية من القوات الأميركية" في سوريا التي يبلغ عديدها حالياً أكثر من ألفي رجل.
وصرح قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال جوزف فوتيل عقب محادثات مع كوباني، بأنه لا يزال ينفذ الأمر الذي أصدره الرئيس دونالد ترامب في كانون الأول بسحب القوات الأميركية كاملة من سوريا.
ويثير الانسحاب الاميركي المزمع، شبح تهديد أكثر إلحاحاً بالنسبة الى "قسد" التي تخشى أن تنفذ تركيا تهديداتها بمهاجمتها. وحذر كوباني من "إبادة جماعية جديدة" في المناطق التي تسيطر عليها قواته في سوريا. ووجه الشكر الى ترامب على تعبيره علنا عن نيته حماية "قسد"، لكنه قال: "أريده أن يفي بوعده".
ويرى الخبراء أنه إذا لم يتوصل كوباني إلى اتفاق مع التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، فربما اضطر الى عقد آخر مع الرئيس السوري بشار الأسد لتفادي هجوم تركي أو عودة "داعش".
بيد ان كوباني حرص على القول إنه لا يسعى الى اتفاق عسكري مع دمشق. | |
|