Date: Feb 6, 2019
Source: جريدة الشرق الأوسط
الموت يلاحق مدنيين فروا من قبضة «داعش» في شرق سوريا
الباغوز (شرق سوريا) لندن: «الشرق الأوسط»
تنهمك عمرة عمور (60 عاماً) في إطعام حفيدها خلف شاحنة وضعت فيها جثة ابنتها التي قتلت أثناء فرارها من مناطق سيطرة تنظيم داعش. تنهمر الدموع من عينيها وهي تروي مقتل ابنتها وابنها وحفيدتها بقذائف، بحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية من الباغوز. وتقول عمرة، وهي عراقية من الأنبار كانت تعيش مثل الآلاف من أبناء بلدها في كنف التنظيم المتطرف في سوريا: «الواحد منا يهرب من الموت، ليخرج ويجد الموت أمامه». لم تتصور عمرة أن رحلة فرارها وعائلتها من التنظيم ستكون مأساوية، وستجد نفسها مسؤولة عن حفيدها الصغير. تنظر إلى الطفل وتردد بغصة: «يمّا يمّا».

قبل أسبوع، حاولت وعائلتها الفرار من الجزء الأخير المتبقي تحت سيطرة التنظيم في بلدة الباغوز في أقصى محافظة دير الزور قرب الحدود العراقية، لكن الحظ لم يحالفهم.

وتقول السيدة التي ضمّد المسعفون أنفها: «حملنا أغراضنا وكنّا على الطريق، سقطت قذيفة (هاون) علينا، ومات ابني في مكانه» لتعود العائلة أدراجها بعد إصابة أفرادها بالشظايا، ومنهم ابنتها إسراء (24 عاماً).

يوم الأحد الماضي، كررت العائلة محاولة الهرب وتمكنت من بلوغ نقاط «قوات سوريا الديمقراطية». لكن بعد وصولها بساعات، توفيت إسراء متأثرة بجروحها. وفي وقت لاحق، توفيت حفيدة عمرة متأثرة بإصابة في بطنها.

بتأثر شديد، تقول السيدة: «كثر الموت، لم يعد أحد يبكي على الموت». وينقل مقاتلون من «قوات سوريا الديمقراطية» جثة ابنتها لدفنها في مكان قريب، دُفن فيه 4 مدنيين آخرين.

ولم يتمكن الجرحى من تحديد مصدر القصف.

وأوقفت «قوات سوريا الديمقراطية» منذ أسبوع عملياتها تفاديا لسقوط ضحايا مدنيين. وتتهم هذه القوات التنظيم باستخدام المدنيين «دروعا».

قبل أسبوع، فرّت أماني مع أطفالها الخمسة؛ وبينهم محمد من الغارات ونقص المواد الغذائية والدواء، لكنهم لم يسلموا من قصف بـ«الهاون» أدى إلى إصابة أطفالها بجروح بسيطة، باستثناء محمد الذي أصيب في رأسه وأماكن أخرى من جسمه.

وعاودت العائلة الكرّة الأحد وتمكنت من الفرار. يئن محمد على الأرض بعدما لفّ مسعفون من منظمة «فري راينجر بورما» الإغاثية الأميركية رأسه بضمادة بيضاء وعلّقوا له مصلاً. يرتجف غير واع بما يحدث حوله، فيما يحدثه أحد المسعفين في محاولة لمنعه من النوم. وتسأل أماني من حولها: «ماذا يقولون؟ وضعه خطير؟»، ثم تكرر والدموع تنهمر فوق نقابها الأسود: «يا رب اشفيه يا رب». وتقول: «في الداخل ليس هناك من علاج (...) أقلّني أحد الأشخاص إلى نقطة معينة ثم حملته على يدي ومشيت به حتى وصلت إلى الإخوة» في إشارة إلى «قوات سوريا الديمقراطية» الموجودة عند خطوط التماس.

وأحصى «المرصد السوري» خروج 36 ألف شخص من آخر مناطق سيطرة التنظيم منذ مطلع ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وغالبيتهم نساء وأطفال من عائلات المتطرفين، وضمنهم نحو 3100 عنصر من التنظيم.