| | Date: Jan 20, 2019 | Source: جريدة الحياة | | دمشق استعرضت قدرتها على العودة إلى لبنان لكنها منزعجة من التظاهرة العربية فيه بغيابها | عون أقنع بعض الدول برفع مستوى وفودها وأمير قطر يستجيب | بيروت - وليد شقير
أدت اتصالات أجراها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أول من أمس إلى رفع مستوى تمثيل بعض الوفود في القمة العربية التنموية، الاقتصادية والاجتماعية التي تنعقد اليوم في بيروت، وقرر بعض هذه الدول إيفاد رؤساء وزرائها بدل اقتصار تمثيلها على وفد وزاري، فيما يصل صباح اليوم أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني قبيل جلسة الافتتاح.
وبينما انصرف الجانب اللبناني أمس إلى تنظيم استقبال رؤساء الوفود في المطار، جرت مشاورات جانبية بين عدد من وزراء الخارجية حول القرارات التي ستصدر عنها، ولمعالجة التباين بين اقتراح وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل إدراج بند عودة النازحين واللاجئين السوريين إلى بلدهم بصياغة مغايرة للنص الذي كانت دوائر الجامعة العربية حضرته مع وفود عربية أخرى والذي ينص على العودة الآمنة والطوعية. إذ أن باسيل اقترح نصا لا يشير إلى كلمة "طوعية"، في وقت قالت مصادر ديبلوماسية عربية أن صوغ القرارات تأخذ في الاعتبار ما ينص عليه القانون الدولي، الذي يلزم المنظمات الدولية والدول المعنية بطوعية العودة الآمنة. أما المشروع اللبناني فينص على مناشدة المجتمع الدولي والمنظمات الدولية المعنية العمل إعادة النازحين لأن في سورية مناطق باتت آمنة وعلى عدم ربطها بالحل السياسي.
وقالت مصارد ديبلوماسية عربية ل"الحياة" أن الجانب اللبناني يطرح النص الذي يصر عليه لتضمينه في البيان الختامي (إعلان بيروت) بدلا من أن تنص عليه المقررات. وترددت معلومات أنه سيسحب هذا النص من المقررات والبيان الختامي إذا لا موافقة عربية عليه ليضمنه المبادرة التي ينوي الرئيس عون طرحها اليوم في كلمته.
ومثلما كان انخفاض التمثيل في القمة مدار سجال لبناني داخلي بين من اعتبر القمة فاشلة بلا مشاركة سورية فيها، وبين من رأى أن مجرد انعقادها على رغم الضغوط الداخلية التي شملت الشارع لتأجيلها نجاح للسلطات اللبنانية، فإن الوفود العربية المشاركة في القمة هي الأخرى سعت إلى مقاربة أسباب حملة سورية عبر حلفائها ضد انعقادها.
وتعددت المقاربات كالآتي:
- أن أوساطا لبنانية رأت أن دمشق أرادت توجيه رسالة عبر حلفائها في فريق 8 آذار، بأن لا قمة عربية من دون مشاركتها، وأن في قدرتها إفشالها حتى لو انعقدت عبر التسبب بخفض مستوى التمثيل فيها. وتقول هذه الأوساط ل"الحياة" إن الرسالة هي أيضا أن الحكم اللبناني الذي لا يأخذ في الاعتبار موقف دمشق لن يتمكن من تنظيم قمة في دولة تعمل على إعادتها إلى فلك نفوذها. وبعض هذه الأوساط أوضح ل"الحياة" أن الجانب السوري أراد التأكيد على قدرته على العودة إلى لبنان وممارسة نفوذه على وضعه الداخلي، لأن لديه حنين إلى السابق، كورقة يأمل استخدامها في العودة إلى الجامعة العربية من موقع قوة، مقابل اعتقاد بعض العرب أنه يعود ضعيفا إليها، قياسا إلى ما أصاب سورية من ويلات بفعل الحرب الداخلية التي عصفت بها والتدخلات الخارجية على أرضها التي أضعفت الحكم ودوره الإقليمي. وفي تقدير أصحاب هذه المقاربة أن حلفاء إيران اللبنانيين ساندوا الهدف السوري.
- تتلاقى مقاربة بعض الأوساط الديبلوماسية العربية مع القراءة اللبنانية القائلة بأن دمشق أرادت التأكيد أن لا قمة ناجحة من دونها، أو أنها الممر الإجباري للدور العربي. وتضيف على ذلك بأن دمشق تتصرف حيال لبنان، والعرب فيه بذهنية "انتقامية"، باعتبار أن النظام انتصر على خصومه في سورية وبالتالي على من وقفوا ضده من العرب واللبنانيين. لكن الأوساط نفسها تقول إنه سيمضي وقت كي يكتشف النظام السوري أن انتصاره على شعبه لا يعني تفوقه على الدول العربية، على رغم الواقع الميداني الجديد في الداخل السوري، والذي لعبت فيه روسيا وإيران دورا رئيسا.
- أن بعض الأوساط الديبلوماسية العربية أبلغت "الحياة" أن دمشق تدرك جيدا أن إلغاء القمة أو تأجيلها غير ممكن وأن الضغط على الرئيس عون لتحقيق ذلك لن يصل لنتيجة، لأن للتأجيل أو الإلغاء آلياته في الجامعة العربية، ويتعذر على الرئيس اللبناني وحده عدم استقبال القمة، نظرا لانعكاسات ذلك السلبية على البلد. والجامعة العربية لم تكن بوارد تشجيع لبنان على التأجيل.
وتلخص الأوساط الديبلوماسية العربية قراءتها للنتائج بأن القيادة السورية قد تكون منزعجة من أن القمة كتظاهرة عربية انعقدت على رغم ضغوطها لتأجيلها، وراضية في الوقت نفسه لأن ضغوطها أنتجت خفض التمثيل، وبالتالي أوصلت الرسالة عن قدرتها على التأثير في البلد. وفي هذا السياق لا تستبعد المصادر أن تكون أجهزة أمنية في بعض الدول العربية نصحت رؤساءها أو قياداتها العليا بعدم المشاركة نظرا إلى تصنيفها لبنان دولة بإمكان جهات لديها أذرع أمنية أن تفتعل حوادث أمنية أثناء القمة، ما خفض حماسة بعض كبار المسؤولين للمجيء إلى بيروت، لا سيما بعد الذي حصل في الشارع ضد دعوة ليبيا إلى القمة. وتقول الأوساط الديبلوماسية نفسها أن بعض هذه الأجهزة الأمنية العربية يتعاطى مع لبنان على أن السيطرة الأمنية فيه هي ل"حزب الله"، وهي تبني حسابات الأمن فيه على هذا الأساس، فضلا عن عدم الارتياح السياسي المعروف عند بعض العواصم إزاء دور الحزب . ولعل الأزمة السياسية التي يمر فيها لبنان والتي حالت إلى الآن دون تأليف الحكومة تساهم في إضفاء أجواء الحذر حيال احتمالات الوضع الأمني ولو كان مبالغا به.
شلالا ومبادرة عون
وكان الناطق الرسمي باسم القمة مدير مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية رفيق شلالا قال إن "لقاءات ثنائية تحصل في فندق "فينيسيا" بين أعضاء الوفود، حول صوغ البنود التي تحتاج لتطويرها او تعديلها، ولا سيما البند المتعلق بالنازحين السوريين، وهي لقاءات تساعد على تأمين المناخ الذي يؤدي إلى ان يكون البيان الختامي شاملا ومتفقا عليه بين كل الاعضاء". وأكد "تبلغ لبنان صباحا مشاركة امير قطر في القمة معتبرا ان هذه المشاركة مهمة وتعطي اضافة الى القمة".
وعن مشاركة المزيد من الرؤساء، قال:" لا استطيع تأكيد ذلك، فالتغيير يحصل تباعا وهذا أمر سيادي لكل دولة. ولبنان يسعد في ان يستقبل اكبر عدد من القادة. مع أن اهمية القمة تكمن في القرارات التي ستصدر عنها".
وأوضح أن "كلمة الرئيس عون تتناول أهمية العمل العربي المشترك ، وواقع أمتنا العربية، الصعوبات والمشاكل التي واجهت بعض الدول العربية. وسيتطرق الى الواقع الاقتصادي العربي وفي نهاية كلمته سيطلق مبادرة ستميز قمة بيروت كما درجت العادة في، أن تكون هناك مبادرات من رؤساء القمم الاقتصادية".
واستقبل الرئيس عون ظهر أمس في مطار بيروت الممثل الخاص والشخصي لسلطان عمان السلطان قابوس بن سعيد الى القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية نائب رئيس الوزراء للعلاقات والتعاون الدولي العماني اسعد بن طارق بن سعيد، ثم الرئيس الموريتاني
محمد ولد عبد العزيز بحضورالامين العام للجامعة العربية احمد ابو الغيط، فيما وصل تباعا رؤساء الحكومة الفلسطينية رامي الحمد الله، والأردنية عمر الرزاز، الوفد السوداني برئاسة النائب الاول لرئيس الجمهورية الفريق أول الركن بكري حسن صالح، ممثل رئيس الجزائر رئيس مجلس الامة عبد القادر بن صالح، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير خارجية دولة الكويت صباح خالد الحمد الصباح، ووزراء خارجية تونس خميس الجهناوي، البحرين الشيخ خالد بن محمد آل خليفة ممثلاً ملك البحرين، المغرب ناصر بو ربطه ووزير المالية السعودية محمد بن عبدالله الجدعان. | |
|