Date: Jan 6, 2019
Source: جريدة الشرق الأوسط
جدل حاد في الجزائر بعد تهديد الجيش لضباط متقاعدين طالبوا بالوقوف ضد ترشح بوتفليقة
الجزائر: بوعلام غمراسة
خلف الهجوم الحاد الذي شنه الجيش الجزائري ضد ضباط متقاعدين «تجاوزوا حدود واجب التحفظ»، هزات ارتدادية داخل الأحزاب السياسية ومرشحين لانتخابات الرئاسة. فيما توقع مراقبون عودة الفريق أحمد قايد صالح، رئيس أركان الجيش، إلى الجدل المثير حول علاقة الجيش بالانتخابات بمناسبة نزوله اليوم إلى «الناحية العسكرية الثانية» غرب البلاد.

وقالت لويزة حنون، مرشحة اليسار لرئاسية 2019، أمس، بالعاصمة خلال لقاء بكوادر «حزب العمال» الذي ترأسه، إن وزارة الدفاع «ورطت الجيش في السياسة»، في إشارة إلى ما نشرته «مجلة الجيش»، لسان حال وزارة الدفاع في عدد الشهر الحالي، حول خوض عدد من الضباط المتقاعدين في الرئاسية، ودعوة بعضهم قايد صالح إلى الوقوف ضد ترشح بوتفليقة، إذا أبدى رغبة في تمديد حكمه. ورفضت حنون بنفس المناسبة مطالب أحزاب موالية للرئيس تأجيل موعد الانتخابات، المرتقب دستوريا في أبريل (نيسان) المقبل.

من جهته، قال فوزي رباعين، مرشح رئاسية 2014، في مؤتمر صحافي أمس بالعاصمة، إن انتخابات العام الحالي «لن تكون لا نزيهة ولا ذات مصداقية، إذا لم يلتزم الجيش بحياد فعلي في الاستحقاق». مشيرا إلى أن رجال العسكر «لم يكونوا محايدين في أي موعد انتخابي منذ الاستقلال».

بدوره، عبر الإسلامي عبد الله جاب الله، رئيس «جبهة العدالة والتنمية»، أمس، لصحافيين عن نفس الموقف، مطالبا الجيش بـ«الابتعاد عن السياسة»، كما طالب بـ«إصلاحات دستورية حقيقية، فمن دونها لن تشهد البلاد انتخابات نزيهة، ومن دونها سيظل الجيش هو اللاعب الأساسي في الاستحقاقات».

وجاء في النشرة العسكرية أن «الإنجازات التي حققها الجيش، في 2018، وعلى كل الأصعدة، لم ترق لبعض ألعابثين ضيقي الأفق، الذين دُفعوا من طرف بعض الجهات المريبة لتقمص أدوار تفوق كفاءاتهم دون أدنى احترام لمبادئ الإنسانية والقيم الأخلاقية». وذكرت أيضا أن «هؤلاء أدلوا بدلوهم في كل المواضيع، كالانتخابات الرئاسية المقبلة، وإتاحة الفرصة للشباب للوصول إلى مناصب المسؤولية في الجيش، ودعوة نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، إلى تحمل مسؤوليته في تعزيز المكتسبات الديمقراطية. والتشدق بالبراغماتية والواقعية، ومحاولة تقزيم المكاسب الأمنية، والكثير من المواضيع والمسائل التي لا يفقهون فيها».

وكانت المجلة تقصد، ضمنا، اللواء المتقاعد علي لغديري، الذي صرح لصحيفة محلية بأن قايد صالح «الذي أعرفه لا يمكنه أن يقبل بانحراف المسار الديمقراطي عن مساره»، وناشده «منع الرئيس الترشح لولاية خامسة». ويتوقع مراقبون أن يعود رئيس أركان الجيش إلى هذا الموضوع اليوم عندما يلتقي بالكوادر العسكريين بـ«الناحية العسكرية الثانية»، حيث «سيؤدي زيارة عمل تدوم ثلاثة أيام»، بحسب ما نشرته وزارة الدفاع بموقعها الإلكتروني.

وقبل ذلك بأسبوع، قال صالح مهاجما خصومه: «إن هؤلاء خانهم حس التقدير والرصانة، وهم يدّعون حمل رسالة ودور ليسوا أهلا لهما، ويخوضون دون حرج ولا ضمير في ترّهات وخرافات، تنبع من نرجسية مرضية تدفعهم لحد الادعاء بالمعرفة الجيدة للقيادة العليا للجيش الوطني الشعبي، وبقدرتهم على استقراء موقفها تجاه الانتخابات الرئاسية». وفهم من كلامه أنه سيدعم بوتفليقة إذا أراد البقاء في الحكم.

والحقيقة أن «أفضال» الرئيس على صالح كبيرة، حيث عينه رئيسا لأركان الجيش عام 2004 بعد عزل الجنرال محمد العماري. وبعدها بسنوات منحه منصبا سياسيا، إذ جعله نائبا لوزير الدفاع. ولا يتردد صالح كلما سنحت له الفرصة في الثناء على القائد الأعلى للقوات المسلحة، وهو الرئيس بوتفليقة.

والشائع أن الجيش هو من رشح بوتفليقة للحكم عام 1999، وظل يدعمه طيلة 19 سنة من وجوده في السلطة. وكان وراء إقالة الرئيس الشاذلي بن جديد عام 1992، كرد فعل على اكتساح الإسلاميين انتخابات البرلمان.