|
|
Date: Dec 15, 2018 |
Source: جريدة الشرق الأوسط |
|
اتهامات لـ {هيئة الحقيقة والكرامة» بتقديم تعويضات مجزية لمؤيدي «النهضة» |
على هامش مؤتمرها الختامي في تونس |
تونس: المنجي السعيداني
شرعت، أمس، {هيئة الحقيقة والكرامة» في تونس، وهي الهيئة الدستورية المكلفة بمسار العدالة الانتقالية، في عقد مؤتمرها الختامي الذي يدوم يومين، وذلك في ظل خلافات وانتقادات لمواصلتها النشاط بعد أن صوّت البرلمان التونسي لصالح إنهاء مهامها منذ مايو (أيار) الماضي، وسط خشية من أحزاب معارضة من استعمال أموال تعويضات ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان، البالغ عددهم أكثر من 10 آلاف، لغايات انتخابية.
ووصفت سهام بن سدرين، رئيسة الهيئة، تنظيم هذا المؤتمر بـ«المعجزة» لأن «الهيئة تمكنت من إنهاء أشغالها رغم كل العداء والتعطيلات التي واجهتها طيلة فترة عملها»، مضيفة أن ذلك لم يمنع المناوئين لأنشطتها - على غرار «الحزب الحر الدستوري» الذي تقوده عبير موسى أحد رموز النظام السابق، والمؤيدين لمخرجات أعمالها، ومن بينهم ضحايا الانتهاكات - من تنظيم وقفتين احتجاجيتين لكل منهما حججه ومبرراته. وفي هذا الشأن، انتقدت عبير موسي خلال وقفة احتجاجية نظمتها أمس أمام صندوق التقاعد والحيطة الاجتماعية للمحامين، حيث مقر الاجتماع، إقرار تعويضات لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان خلال الفترة الممتدة بين عامي 1955 و2013. وقالت في تصريح إعلامي إن هيئة «الحقيقة والكرامة» تهدف من خلال هذا المؤتمر إلى «تبييض أعمالها وتبييض أطراف سياسية بعينها». واتهمت موسى هذه الهيئة بتزييف التاريخ وتحريف الذاكرة الوطنية وتشويه صورة الزعيم التونسي الحبيب بورقيبة من خلال إثارة عدة ملفات سياسية على غرار ملف اغتيال الزعيم يوسف بن صالح سنة1961 في ألمانيا، وهو اغتيال وجهت فيه أصابع الاتهام إلى الرئيس الأول لتونس على خلفية خلاف حاد على السلطة.
وكانت {هيئة الحقيقة والكرامة» قد أحالت الأربعاء الماضي ملف اغتيال الزعيم الوطني صالح بن يوسف (من القوميين) على الدائرة القضائية المتخصصة بالمحكمة الابتدائية بالعاصمة التونسية، وهو آخر ملف تحيله على القضاء قبل إنهاء مهامها.
وأشارت موسى إلى أن هذه الاتهامات وجهت إلى رموز تونس ومن خدموا الحركة الوطنية مقابل تبييض «الإخوان»، ودعت إلى رفض ما وصفته بـ«المحاكمات الجائرة والإحالات التعسفية على الدوائر القضائية المتخصصة». وأضافت أن هيئة «الحقيقة والكرامة» قدمت تعويضات مالية مجزية لمؤيدي حركة «النهضة»، وأضافت أن تلك التعويضات التي يأتي الكثير منها من خارج تونس ستوظف لتمويل الحملة الانتخابية الرئاسية والبرلمانية المقرر إجراؤها خلال السنة المقبلة.
في السياق ذاته، انتقد المئات ممن كانوا ضحية انتهاكات حقوق الإنسان في وقفة احتجاجية بالمكان نفسه وفي التوقيت ذاته، عدم تسلم الضحايا قرارات التعويض بصفة فردية، عوضاً عن قرار إطاري يضم الآلاف ممن كانوا ضحايا في عهدي بورقيبة وبن علي، ومعظمهم من المساجين السياسيين. وفي مقابل هذه الاتهامات، اعتبرت بن سدرين في كلمة ألقتها في افتتاح المؤتمر أن المشكلات التي واجهتها الهيئة طبيعية لأنه لا توجد أي «لجنة حقيقة» في العالم لم تواجه تعطيلات، مشددة على أنها «أوفت بعهدتها تجاه تونس». وأكدت على أن الهيئة نجحت في «تفكيك منظومة الفساد والاستبداد، وهو ما يفسر تشنج بعض الذين حاولوا عرقلة مسارها». واتهمت من حكموا تونس منذ عهد الاستقلال بعدم الوفاء دائماً للوطن، كما اتهمتهم بالانفراد بالحكم «والسيطرة على موارد الدولة العمومية وتوظيفها من أجل بلوغ أهدافهم، وأسكتوا الأصوات التي حاولت أن ترتفع لكشف مراميهم ولم يتوانوا في الاعتماد على القتل والقمع والاستبداد».
وفي حديثها عن أعمال الهيئة ومساهماتها في كشف الحقائق، قالت بن سدرين إن الهيئة تلقت ملفات كثيرة من أفراد وأقليات، من بينهم يهود وأحزاب وجمعيات، وهدفها الأساسي ضمان عدم تكرار الانتهاكات.
يذكر أن هيئة «الحقيقة والكرامة» شرعت في النشاط الفعلي منذ 2014 بهدف تحديد مسؤولية أجهزة الدولة التونسية ومساءلة المسؤولين عنها، وجبر الضرر، ورد الاعتبار للضحايا. وتلقت طوال نحو خمس سنوات من العمل نحو 62 ألف ملف حول انتهاكات لحقوق الإنسان، ونظرت في 42 ألفاً من هذه الملفات. وتقدم هيئة «الحقيقة والكرامة»، خلال مؤتمرها الختامي، تقريرها النهائي والتوصيات الواجب اتباعها لضمان عدم تكرار مثل تلك الانتهاكات الحادة لحقوق الإنسان في تونس. |
|