| | Date: Dec 13, 2018 | Source: جريدة الحياة | | انتهاء المهام الشائكة لهيئة العدالة الانتقالية في تونس | تونس - أ ف ب
بعد 8 سنوات على اندلاع الثورة، تقدّم هيئة الحقيقة والكرامة المكلفة العدالة الانتقالية في تونس يوم الجمعة المقبل، وإثر أربع سنوات من عمل شاق تخللته انتقادات وتجاذبات سياسية، توصياتها الهادفة للحؤول دون تكرار الانتهاكات في مجال الحريات وحقوق الإنسان التي ارتكبت على مدى نصف قرن.
واستمعت «هيئة الحقيقة والكرامة» منذ تأسيسها عام 2014 بعد ثلاث سنوات من سقوط نظام زين العابدين بن علي، الى حوالى 50 ألف شخص يقولون إنهم كانوا ضحايا هذه الانتهاكات، وحوّلت بضع عشرات من الملفات الى القضاء بهدف تسليط الضوء على انتهاكات حقوق الانسان في تونس في الفترة الممتدة بين 1955 و2013 . وشكلت بعض الجلسات العلنية التي بثها التلفزيون الحكومي في أوقات ذروة المشاهدة بالنسبة الى التونسيين، فرصة تاريخية للاطلاع على روايات التعذيب والجرائم المقترفة لا سيما زمن حكم زين العابدين بن علي.
وحدد قانون العدالة الانتقالية للهيئة مهمة «تحقيق المصالحة الوطنية (...) وحفظ الذاكرة وإرساء ضمانات كي لا تتكرر هذه الانتهاكات» في تونس، بلد الربيع العربي الوحيد الذي يواصل مسار الديمقراطية.
وستعرض الهيئة يوم الجمعة توصياتها التي وضعتها في تقرير نهائي تعرضه على السلطات بحلول 31 الجاري، تاريخ انتهاء التفويض المعطى لها. وسيكون أمام الحكومة مهلة سنة بعد ذلك لإعداد مخطط لتنفيذها بمراقبة لجنة متابعة برلمانية. وتتوقف «هيئة الحقيقة والكرامة» التي تم تمديد مهمتها مرة واحدة لبضعة أشهر خلال الربيع الماضي، عند المعارضة والعدائية اللتين تعرضت لهما خلال أدائها لمهامها.
ويقول عضو الهيئة خالد الكريشي لفرانس برس «تعرضنا الى القصف منذ البداية، وواجهنا مشاكل في غياب إرادة سياسية». ويبين الكريشي أن كل مطالب الهيئة للحصول على ملفات قضائية تتعلق بملفات فساد والنفاذ الى أرشيف المساجين الذين تفيد تقارير عن تعرضهم للتعذيب في وزارة الداخلية، قوبلت بالرفض.
وصادق البرلمان التونسي العام الماضي على قانون المصالحة الذي تقدم به الرئيس الباجي قائد السبسي وأثار جدلا خصوصا في ما يتعلق بالعفو عن الموظفين المتورطين في قضايا فساد إداري، ما قوض جهود البحث عن الحقيقة. كما تنامت الشكوك في عمل الهيئة مع العودة التدريجية لمسؤولين في النظام السابق الى السلطة، بالإضافة لتوتر العلاقة بين رئيسة الهيئة سهام بن سدرين المعارضة زمن حكم بن علي، وبعض القيادات في السلطة.
ودرست الهيئة 62716 ملفا تتعلق باغتيالات واغتصاب وفساد والسجن القسري جمعتها من 49654 جلسة.
وبث التلفزيون الحكومي جلسات علنية تابعها العديد من التونسيين كشف خلالها شهود ممارسات التعذيب في مراكز التوقيف بوزارة الداخلية. وأنشئت 13 محكمة متخصصة في العدالة الانتقالية باشرت منذ نهاية أيار (مايو) الماضي للنظر في القضايا التي جمعت فيها الأدلة الكافية حول الانتهاكات.
وحولت «هيئة الحقيقة والكرامة» العشرات من الملفات الى المحاكم التي تنظر حاليا في 20 ملفا تتعلق بضحايا ثورة 2011 والمعارضين السياسيين الإسلاميين واليساريين زمن حكم بن علي وسلفه الحبيب بورقيبة.
ونظمت الهيئة جلسات مصالحة، فأبرمت عشر اتفاقات مصالحة في ملفات فساد مالي قامت بها شخصيات في النظام السابق، وفقا للكريشي الذي يترأس لجنة التحكيم. وتعهد سليم شيبوب، صهر الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، بناء على معلومات كُشفت خلال عمل اللجنة، بإرجاع مبلغ مالي يقدر بحوالى مئة ألف يورو للدولة.
وأثير في الفترة الماضية جدل بخصوص التعويضات لضحايا الانتهاكات الشديدة. وعارض نواب في البرلمان التونسي بقوة مقترح مساهمة الدولة في صندوق «الكرامة»، معلّلين ذلك بأن المنتمين الى حركة النهضة الإسلامية سيكونون المستفيدين منه. ونشرت الهيئة نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي شروط الانتفاع من التعويضات، مستثنية المسؤولين الذين تولوا مناصب حكومية وبرلمانية بعد ثورة 2011. ومن المتوقع أن ينال حوالى 25 ألف شخص تعويضات من صندوق «الكرامة» الذي تم إحداثه في 2014 ويتم تمويله بجزء من الأموال المسترجعة من المصالحة وجزء آخر من مساهمة الدولة (نحو 3.3 مليون يورو)، وفقا للكريشي. | |
|