| | Date: Dec 9, 2018 | Source: جريدة الحياة | | الحريري لن يعتذر عن تأليف الحكومة ولن يكرس مبدأ توزير علوي وترقب لرسالة عون إلى البرلمان | بيروت - وليد شقير
قال مصدر مطلع على موقف الرئيس المكلف سعد الحريري ل"الحياة" أمس أن الأخير يتعاطى مع أزمة تعطيل تأليف الحكومة انطلاقا من مجموعة ثوابت لن يغير فيها الاشتباك السياسي الأخير بينه وبين رئيس الجنهورية العماد ميشال عون، حول الصلاحيات في عملية التأليف والأسس الدستورية التي تتحكم في تشكيلها.
وأوضح المصدر إياه أن من هذه الثوابت:
1- لا اعتذار من قبله عن التأليف لأن هناك من أراد إدخال لبنان في نفق سياسي يتعدى في أهدافه الأزمة الحكومية المفتعلة، وتحديدا "حزب الله"، لأغراض تغيير في المعادلة الداخلية بالتناغم مع الصراعات الإقليمية التي تشهدها المنطقة. ويعتبر المصدر أن الاعتذار من قبل الحريري كان يمكن أن يكون موضوعا على الطاولة أمامه لو أنه فشل في التوصل إلى تأليف حكومة الوحدة الوطنية التي كانت هدفه منذ تكليفه، بينما واقع الحال هو أن الحريري نجح في إنجاز حكومة الوحدة الوطنية هذه وبالاتفاق مع رئيس الجمهورية وكان على وشك أن يعلنها بالاتفاق معه حين قام "حزب الله" بإفشال ذلك عبر شرطه تمثيل النواب السنة الستة حلفائه. وآلية العمل التي اعتمدها وصولا إلى حكومة الوحدة وصلت إلى نتيجة. وكان يمكن أن يفكر بالاعتذار لو أنه لم يصل إلى نتيجة عملية وتحت ضغط الفشل في إنجاز حكومة الوحدة.
ويضيف المصدر، أنه حين نتكلم عن حكومة الوحدة الوطنية التي أنجز الحريري مسودتها، فهذا يعني تمثيل المكونات السياسية الطائفية الرئيسة كافة كما جاء في مشروع الحكومة التي أنهى إعدادها.
2- أن لا تغيير بالنسبة إليه في القواعد الدستورية للتأليف والتي تنيط به تلك المهمة بالاتفاق مع رئيس الجمهورية، ولن يقبل بتغيير التوازنات المعهودة في تأليف الحكومات عبر اختراع فكرة حكومة من 32 بهدف تعديل هذه التوازنات على الصعيد الطائفي بإضافة وزير علوي وآخر سرياني باسم تمثيل الأقليات.
3- أن السياسة التي يعتمدها الحريري منذ التسوية الرئاسية هي التوافق مع رئيس الجمهورية باعتباره باعتباره أهم ضمانة للاستقرار السياسي في البلد، وهو مازال على قناعته هذه. وهذا المبدأ هو الذي دفع الرئيس عون إلى القول في 31 تشرين الأول (أكتوبر) أنه يوافق الحريري على عدم تمثيل النواب السنة الستة لأنهم ليسوا كتلة نيابية واضحة منذ البداية.
لا أبواب موصدة
ويقول المصدر ردا على سؤال ل"الحياة" عن المخرج بعدما وصلت الأمور إلى الاشتباك الإعلامي مع الرئيس عون، إن المشكلة الواقعة الآن بين الرئاستين تتطلب الانتظار لمعرفة الوجهة التي ستسلكها. وإذا كان الرئيس عون سيتوجه برسالة إلى البرلمان يفترض أن نترقب ماذا ستتضمن وما ستطلبه من النواب، وكيف سيتعاطى معها الرئيس نبيه بري، ثم النواب أنفسهم. وعما إذا كانت المشكلة الواقعة بين الرئاستين تتيح عودة العلاقة بينهما إلى سابق عهدها من التعاون، يرى المصدر أنه ليس هناك فرضيات نهائية على رغم أن الخلاف وقع بينهما. وإذا توفرت الإرادة يمكن إيجاد حلول له، لأن في السياسة ليس هناك أبواب موصدة. والأمر يتوقف على الحجم الذي ستبلغه المشكلة في قابل الأيام.
وفيما يستند المصدر إلى موقف الرئيس عون قبل أكثر من شهر برفضه فرض "حزب الله" شرطه تمثيل حلفائه السنة على الحريري، فإن الموقف الأخير لرئيس الجمهورية يدل إلى أنه عدل عن هذا الرفض، وبالتالي هناك معطى جديد بات يتحكم بظروف التأليف هو انسجام عون مع مطلب الحزب. يجيب المصدر المطلع على موقف الحريري إزاء ذلك بقوله ل"الحياة" إنه في هذه الحالة على رئيس الجمهورية أن يحل المشكلة بأن يعطي وزيرا يرضي مطلب الحزب، من حصته لا من حصة الحريري، الذي من حقه أن يسأل لماذا يأتي الحل على حسابه هو وضد مصلحة المكون الذي يمثل؟ وهل عليه هو أن يدفع ثمن رغبة الرئيس عون بأن يحصل رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير جبران باسيل على 11 وزيرا بدلا من عشرة؟
تجريد الحريري من وزيرين
ويتابع المصدر: سلوك الحريري في التأليف قام من البداية على أنه لا يريد مشكلة مع أي فريق. وحين قال بحكومة وحدة وطنية تتمثل فيها القوى الرئيسة أدى ذلك إلى استثناء بعض القوى من دون أن يمس الأمر بالتوازن بين المكونات. وإذا كان من أقلية لم يتم تمثيلها فإن كلا من حزب "الكتائب" و"الحزب السوري القومي الاجتماعي" يمثل قوة انتخابية وسياسية تفوق قوة النواب السنة الستة. كما أن الحريري لم يجاري من يعترضون على تمثيل "حزب الله" في الحكومة بل وافق على هذا التمثيل، فلماذا يقبل بأن يفرض الأخير عليه وزيرا من حصته السنية؟
يأخذون منه وزيرين
وكشف المصدر عن أن الوزير باسيل حين زار الحريري الخميس الماضي ليطرح عليه اقتراح ال32 وزيرا كان الجواب أن هذا الأمر طرح في الأسبوع الأول من التكليف ولم يوافق عليه، وأنه يدخل البلد في معادلة جديدة غير موجودة أصلا في الحياة السياسية اللبنانية.
ويتابع المصدر: في وقت يجب طرح فكرة حكومة من 24 أو 18 وزيرا لأن بعض الفرقاء والرأي العام يتحدثون عن وجوب التقشف في الإنفاق ومعالجة الهدر، جاء طرح صيغة ال32 وزيرا مناقضا لهذا التوجه. هذا فضلا عن أنها تخل بالتوازن حين يراد منه تكريس مبدأ توزير علوي، حتى لو تم إغراؤه بأن يسمي رئيس الحكومة الوزيرين العلوي والمسيحي من الأقليات، مقابل وزير سني حليف للحزب. وإذا كان البعض يحسب هذه الصيغة على أنها تعطي الحريري وزيرين إضافيين، فإن الحقيقة هي أنه سيؤخذ منه وزيران، فتكريس مبدأ توزير علوي يعني في نهاية المطاف الحصول على وزير "شيعي" إضافي وعلى وزير سني ولاؤه للقوى السياسية المهيمنة على القرار الشيعي، وبالتالي ليس صحيحا أن رئيس الحكومة يحصل في هذه الحال على وزيرين.
ويشير المصدر المطلع ل"الحياة" إلى أن هناك اتصالات مستمرة بين فريق الحريري والرئيس بري، ومع رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط و"القوات اللبنانية" من أجل التشاور حول المرحلة المقبلة والتطورات الأخيرة.
ماذا عن تردي الوضع الاقتصادي ومفاعيله السياسية في حال طالت الأزمة واتجهت علاقة عون والحريري إلى التأزم، في وقت تشتد حملة "حزب الله" وحلفائه على الرئيس المكلف لتحميله مسؤولية المزيد من التأزم في الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية؟
يرى المصدر المطلع على موقف الرئيس المكلف أن هذه الحملة من وسائل الضغط عليه. لكنه لن يخضع لهذا الضغط. وهو أبلغ بعض السفراء الذين أبدوا تخوفهم من تلاشي مقررات "سيدر" لإنقاذ الاقتصاد اللبناني إذا طالت الأزمة الحكومية، أنه هو من أتى بالحل الاقتصادي عبر "سيدر" والبرنامج الاستثماري والإصلاحي الذي أقر عند انعقاده.
وينتهي المصدر إلى القول إن قيام حكومة بشروط "حزب الله" يعني أن الحلول لن تنطلق ولن تنجح، لأنها ستكون حكومة موسومة بهيمنة الحزب على القرار اللبناني، وسيقال للحريري بأنه ليس محل ثقة لدى الدول الداعمة للبنان، لخضوعه لسياسة الحزب وإيران من ورائه، ما يعني حجب المساعدات.
ترقب لرسالة عون إلى البرلمان حول تأخر ولادة الحكومة
شغل الحديث عن تهيؤ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لتوجيه رسالة إلى البرلمان اللبناني حول تأخر تأليف الحكومة حيزا من المشهد السياسي اللبناني خصوصا بعد ردود الفعل المتنوعة إزاء ما رافق ذلك من أقوال نسبت للرئيس عون عن أنه إذا لم تتشكل الحكومة قريبا يفترض البحث عن بديل عن الحريري، ما أوحى بأن توجيه الرسالة التي سلم الجميع بأنها حقه الدستوري، تهدف إلى سحب التكليف النيابي للرئيس سعد الحريري بتشكيل الحكومة، في وقت لا صلاحية للبرلمان في ذلك.
وفيما أجل الرئيس المكلف سعد الحريري زيارة مقررة إلى باريس غدا الإثنين، ركز مؤيدو الرئيس عون على أن هدفه من الرسالة ليس طلب سحب التكليف بل حث البرلمان على مناقشة أزمة تأليف الحكومة والسعي إلى إيجاد مخارج لها.
وقالت مصادر نيابية ل"الحياة" أن الرئيس عون قد يكون قال كلاما يفهم منه أنه ينتقد عدم قبول الرئيس الحريري بعرض تشكيل حكومة من 32 وزيرا من أجل تمثيل النواب السنة الستة الذين يشترط "حزب الله" توزير أحدهم، إلا أنه يمكن فهم كلام رئيس الجمهورية على أنه للحث على التوصل إلى تسوية تسرع ولادة الحكومة.
وأوضحت مصادر أخرى ل "الحياة" أنها ليست المرة الأولى التي يلوح فيها عون بنقل أزمة التأليف إلى البرلمان عبر حقه الدستوري بتوجيه رسالة إليه، إذ سبق أن فعل ذلك أثناء تأخر الاتفاق على الحكومة حين كان الخلاف قائما بين فريقه وبين "القوات اللبنانية" على حصة الأخيرة، لكنه لم يفعل.
وفي المقابل ذكرت مصادر سياسية أن نص الرسالة جرى تجهيزه ويمكن في أي لحظة أن يوجهها إلى البرلمان. ولفتت إلى أن عون يمكن أن يوجه الرسالة إلى رئيس البرلمان نبيه بري لتتلى على النواب أو توزع عليهم، على أن يجتمعوا لمناقشة مضمونها بعد 3 أيام، أو أنه يمكن لعون أن يطلب من بري أن يحدد موعدا لجلسة يتوجه خلالها عون إلى القاعة العامة ليتلو الرسالة على النواب.
ونقل زوار عون عنه قوله أمس أن "الرسالة لا تستهدف أحداً لكن لا أستطيع أن أرى الشعب والاقتصاد والوضع المالي في حال تراجع وأقف متفرجا". وقال زوار عون عنه قوله أن "على كل الفرقاء أن يعوا مسؤولية أعمالهم وأقوالهم ورسالتي إلى المجلس النيابي في حال أرسلتها ليست موجهة ضد الرئيس الحريري بل هي لإنقاذ لبنان".
وأشار الزوار إلى أن عون انتقد تصريحات رئيسي الحكومة السابقين تمام سلام وفؤاد السنيورة أول من أمس من دون أن يسميهما، والتي استهجنا فيها البيان الصادر عنه في شأن توخيه أن يتولى البرلمان القيام بالمقتضى إزاء تأليف الحكومة. وحسب الزوار رأى عون أن "ما قالوه ردا على بيان رئاسة الجمهورية هو مخالف بالمطلق للدستور والقوانين و ما قاله وزير العدل سليم جريصاتي هو الحق والقانون 100 في المئة".
واعتبر عون حسب الزوار أن "من يريد أن يحافظ على التسوية الرئاسية عليه أن يضحي كما أنا وقفت بجانب الجميع في الأزماتوعليهم أن ينظروا إليّ بنظرة الأب الصالح ورئيس الدولة الذي ضحى من أجل الجميع".
وكان الوزير جريصاتي قال في بيان له ليل أول من أمس إن "منتقدي رسالة رئيس الجمهورية الى مجلس النواب، فضلا عن عدم اطلاعهم عليها ولم تزل مشروع رسالة ، غير راغبين في تأليف حكومة وبالتالي غير مدركين لما آلت اليه الاوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية والخدماتية في البلد، بالاضافة الى الاستحقاقات والتحديات التي تحدق بلبنان على اكثر من صعيد، وهي معروفة من العازفين عن ايجاد الحلول أو القبول في ما يتعلق بتأليف حكومة جامعة تجبه بالوحدة الوطنية كل هذه المخاطر". واعتبر أن مجلس النواب "قادر على اتخاذ القرارات والتوصيات الصائبة لانه المعني الأول بالتكليف وبالثقة كي تكتمل أوصاف الحكومة الدستورية".
"حتى نهاية العهد"
من جهة ثانية غرّد النائب فيصل كرامي أحد النواب السنة الستة المعارضين للحريري، عبر حسابه على موقع "تويتر" قائلا: "يستطيع الرئيس الحريري أن يبقى مكلفا حتى نهاية العهد، ولا يوجد أي سياق دستوري يُجيز سحب التكليف منه، وأنا لا يمكن ان أقبل بالمساس بصلاحيات هذا الموقع أيا يكن الشخص المكلف. الوسيلة الوحيدة لانهاء التكليف هي الاعتذار بارادته. وكل انسان يتحمل مسؤولية قراره".
أوضح النائب عبد الرحيم مراد "أن من حق رئيس الجمهورية توجيه هذه الرسالة وما يُحكى عن "حرب صلاحيات" بين الرئاستين الاولى والثالثة ومحاولات للتعدّي على صلاحيات الرئيس المكلّف، هدفه طمس الموضوع الاساسي أي حقّنا كـ"لقاء تشاوري" بالتمثّل في الحكومة بوزير وهو ما يرفضه الرئيس المكلّف سعد الحريري".
واعتبر "أن مصير الرسالة البرلمانية تُحدده مداخلات النواب وما سيدلون به في الجلسة، ولا أعتقد انها ستصل الى سحب التكليف من الرئيس الحريري".
واعتبر النائب في "كتلة المستقبل" بكر الحجيري "أن نواب السنة الستة الذين يطالبون بوزارة هم من الخوارج". وأضاف: "الرئيس الحريري يا جبل ما يهزك ريح وسيبقى الضمانة الوحيدة لنهوض الوطن وهو في المكان المناسب الذي لا يصلح بأن يكون رجلا غيره لتشكيل الحكومة وللذين يصطادون بالمياه العكرة نقول لهم الرئيس المكلف سعد الحريري لن يغير رأيه ولن يعتذر عن تكليفه بتشكيل الحكومة ولن يثنيه عن ذلك لا الخوارج ولا الخارجين عن القانون ومن تهمه مصلحة البلد والمواطن لا يضع العصي بالدواليب ولا يضع العقد أمام تشكيل الحكومة فهؤلاء هم من يأخذون البلد إلى المجهول".
ورأى النائب طوني فرنجية أن "تيار المرده قدم تنازلات في ملفات حكومية عدة لتسهيل سير الأمور في البلد وعدم العرقلة"، مؤكدا أن "المناطق اللبنانية كلها تعاني من حرمان كبير، ولكننا حاولنا أن نكسر هذا الواقع في الشمال، الذي وكما كل لبنان، يشهد لنا على عملنا بشفافية وبعيدا من المحسوبية والكيدية في الوزارات والمناصب التي توليناها، في الوقت الذي يسخر البعض كل الخدمات لصالحه ويحتكرها لنفوذه وسلطته وشعبيته في مناطقه مقابل حرمان مناطق أخرى". | |
|