| | Date: Nov 3, 2018 | Source: جريدة الحياة | | لبنان: جمود المشهد الحكومي ينتظر عودة الحريري وتباين لا اضطراب في علاقة عون بنصرالله | بيروت - «الحياة»
لم يسجل أمس أي حراك علني لافت على خط تشكيل الحكومة اللبنانية، مع غياب الرئيس المكلف سعد الحريري خارج البلاد، وتوقعت مصادر مطلعة على جو التاليف لـ «الحياة» أن يتبلور المشهد الحكومي خلال الأيام المقبلة بالتزامن مع عودة الرئيس الحريري من فرنسا لاستكمال البحث، إذ إن عملية التأليف عادت لتراوح مكانها في انتظار حل عقدة سنة 8 آذار التي استجدت في الساعات الأخيرة.
وفيما تابع الرئيس اللبناني ميشال عون أمس تطورات مسار تشكيل الحكومة الجديدة، لاسيما بعد المواقف التي أعلنها في الحوار مع الإعلاميين الأربعاء الماضي لمناسبة الذكرى الثانية لانتخابه رئيساً للجمهورية، أشارت الأجواء المتابعة في قصر بعبدا إلى أن لا تصور منذ الأمس حتى اليوم باستثناء الاتصالات البعيدة من الإعلام، التي تعمل على معالجة الموقف الذي نشأ من المطالبة بتوزير أحد النواب السنة الـ6. ولفتت إلى أن الهدف من هذه الاتصالات إيجاد حلول بحيث لا يتأخر أكثر تشكيل الحكومة، والوصول إلى اتفاق يراعي التركيبة الحكومية التي تم الاتفاق عليها عندما حصلت الحلحلة الأخيرة.
وأشارت المصادر إلى أن ما يتردد عن صيغ معينة يتم التداول بها، أو يقال إنها حظيت بمواقف الأطراف المعنيين (تعديل في توزيع الحقائب) هي معلومات غير دقيقة، إذ إن البحث لا يزال في أوله»، وقالت: «هناك حرص من رئيس الجمهورية والرئيس المكلف على الوصول إلى نتيجة تمكّن القطار الحكومي من الانطلاق». وأكدت المصادر أن «رئيس المجلس النيابي نبيه بري سيكون في إطار الاتفاق الذي سيتم التوصل إليه».
لكن حتى الساعة، وفق المعلومات، فإن أي اتصال مباشر بين الرئيس عون والأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله لم يحصل، وأن كل الاتصالات لا تزال في بداياتها، إلا أن كل طرف لا يزال ملتزماً وجهة نظره ، ولكن ليس هناك رفض للبحث والنقاش.
وإذ نفت مصادر بعبدا كل ما يحكى عن اضطراب في العلاقة بين الرئيس عون والسيد نصر الله» قالت: «هناك تباين في وجهات النظر، لكن هذا لن يؤثر على البعد الاستراتيجي للعلاقة». وأكدت ان «الرئيس عون حريص على تهيئة كل الأجواء لحل العقدة التي استجدت، ويعمل لذلك من موقع مسؤوليته الوطنية والدستورية».
«الحريري ضحى على حساب طائفته»
وفي المواقف لفت عضو»كتلة المستقبل» النائب نزيه نجم إلى «أن الوطن أكبر من الجميع، وفي ظل وجود الرؤساء الثلاثة ميشال عون ونبيه بري وسعد الحريري لا يمكن الأزمة ان تطول، وهي باتت في نهايتها». وأكد أن «التعاون بين الرئيسين عون والحريري لم يتوقف والحكومة السابقة كانت منتجة بفضل هذا التعاون»، موضحاً «أن الرئيس المكلف ضحى على حساب طائفته وكتلته»، ومثنياً على كلام الرئيس عون في مقابلته المتلفزة واصفاً إياه بـ «الأكثر من ممتاز حين أعلن ملاقاة الحريري في المقلب الآخر».
وأشار النائب روجيه عازار إلى «أن عقدة تمثيل السنة المستقلين هي تكتكة سياسية تضر بالاستراتيجية الكبرى، فالنواب السنة هم أفراد لا ينتمون إلى كتلة واحدة أو حزب سياسي». وقال: «المطلوب عدم اصطناع العقد التي باتت تنذر بأن لا حكومة قريبة بسبب تمسك كل فريق بموقفه».
وشدد على «أن العلاقة التي تربط رئيس الجمهورية وحزب الله جيدة، وعلى رغم أن هناك محطات تتناسب مع البعض أو تتباعد إلا أن العلاقة لن تتغير ولن تتبدل، وهناك قناعة بتشكيل حكومة وحدة وطنية وإلا سنصل إلى وضع متأزم جداً».
«ضمانة الجبل»
وركزت «كتلة ضمانة الجبل» بعد اجتماعها برئاسة رئيسها النائب طلال أرسلان على «ضرورة حل العقد المتبقية للوصول إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية لا تستثني أحداً». ونوهت بـ «المواقف الوطنية التي أطلقها الرئيس عون في مقابلته الأخيرة، وحرصه الكبير على جميع اللبنانيين من دون استثناء»، مؤكدة وقوفها الدائم إلى جانبه في كل ما يصب لمصلحة لبنان واللبنانيين».
وأكد النائب في تكتل «لبنان القوي« ماريو عون، أن «المستجدّات الأخيرة التي طرأت على الملفّ الحكومي وبالتحديد إصرار حزب الله على توزير أحد النواب السنّة المستقلين، تركت حالاً من الانزعاج لدى التيار الوطني الحر«، لافتاً إلى أن مصلحة لبنان تقتضي تشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن تنطلق فوراً في العمل، لكن للأسف كل ما كنا نحل عقدة كانوا يخرجون علينا بعقدة جديدة، بخاصة أن هذه العقدة الأخيرة المعروفة بـ «العقدة السنية» لم نكن نتوقعها بهذا الحجم وكنا نضعها في عهدة الرئيس المكلف».
وإذ شدد على ان «رئيس الجمهورية هو سيّد العهد وبالتالي على كل القوى السياسيّة أن تقف عند خاطره، وليس العكس»، أكد أن «أجندة حزب الله ليست خارجية رافضاً الكلام عن ارتباطات خارجية تدفعه لتأخير تشكيل الحكومة»، مشدداً على أن «العقد التي حُلت أهم بكثير من العقدة الحاليّة التي ستحل خلال 48 ساعة أو أسبوع كحد أقصى».
ورأى النائب فؤاد مخزومي، أن «لا أحد من النواب السنة المستقلّين يمثّله»، مشيراً إلى أن «هؤلاء ينتمون إلى كتل سياسية مختلفة وهم ممثلون من خلال تلك الكتل»، معتبراً أن «النواب المستقلين من السنّة هم ثلاثة فقط، هو ونجيب ميقاتي وأسامة سعد، فيما النواب الستة، ينتمون إلى كتل تابعة لقوى 8 آذار«.
السنيورة لعون: كلامكم عن الحريري إشارة إلى أن العرقلة مصطنعة
وجه الرئيس السابق للحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة رسالة مفتوحة إلى رئيس الجمهورية ميشال عون، ضمنها ملاحظات ومواقف في ضوء الحوار التلفزيوني الذي أجراه عون لمناسبة السنة الثانية لانتخابه رئيساً للجمهورية.
ونوه السنيورة بـ «النفس الواقعي والوطني الذي ساد المقابلة، إذ أكدتم ان رئيس الحكومة ينبغي ألا يكون ضعيفاً، فهو الذي يتحمل مسؤولية تأليف الحكومة ومسؤولية الحكم. وفي ذلك إشارة منكم إلى أن ما يجري من عرقلة مصطنعة تأتي من خارج السياق الدستوري. وأصبحت إجازة تأليف الحكومة أو منعها من الوجود عائدة إلى مكان من خارج الرئاستين، وهذا ينطوي على مخاطر من أن يصبح حكم البلاد غير خاضع للقواعد الدستورية والوطنية بل لاعتبارات قوى الأمر الواقع».
وأورد السنيورة «حقائق حاول بعضهم على مدى فترات سابقة أن يطمسها عن طريق ترويج إشاعات ومغالطات مضرة بشأن مسألتي قطع الحساب وإعداد الموازنات العامة، ومسألة 11 بليون دولار وغيرها من الافتراءات السياسية التي لا تمت إلى الحقائق المالية أو المحاسبية بصلة والقصد إثارة البلبلة والاستهداف السياسي، علماً أنه كان جرى الرد على تلك الافتراءات في أكثر من مناسبة سابقة نتيجة عدم التمييز بين حساب الموازنة وحساب الخزينة».
واستغرب السنيورة سؤالاً طرح على عون خلال المقابلة عن «أن هناك 40 بليون دولار من دون وجود أوراق ثبوتية»، وقال: «هذه أقاويل لا أساس لها من الصحة، بالنسبة الى قطع الحساب: كان العام 1979 آخر سنة جرى فيها إعداد وإقرار قطع حسابات الموازنات العامة قبل ترؤس الرئيس الشهيد رفيق الحريري لحكومته الأولى في العام 1992. أي أنه لم يجر إقرار قطع حساب لـ13 سنة وخلال السنوات ما بعد العام 1979 جرى إقرار الموازنات العامة في المجلس النيابي من دون وجود قطع الحساب للموازنات بعد العام 1979، باستثناء السنوات 1986- 1987- 1988- 1989، والتي لم يجر فيها إقرار موازنات عامة في لبنان، وعلى مدى سنوات طويلة قبل العام 1979 كان ديوان المحاسبة لا يقر قطوعات حسابات الموازنات العامة، مع أن ذلك هو من ضمن مهماته في إجراء الرقابة اللاحقة على تنفيذ الموازنة، وكذلك في عدم إجراء الرقابة اللاحقة في أمور كثيرة أخرى، متذرعاً بأسباب عديدة وبعدم تمكنه أو عدم توافر الإمكانات البشرية اللازمة لديه للقيام بذلك، وابتداء من العام 1993: عاد الانتظام إلى المالية العامة وأصبحت الموازنات العامة تعد وتسلم للمجلس النيابي وتقر في مواعيدها الدستورية من العام 1993 إلى العام 2005. كذلك عاد الانتظام إلى مسألة إعداد إقرار قطوعات الحساب للموازنات العامة. إلا أن ديوان المحاسبة وكالعادة، لم يقر أياً من تلك القطوعات تحت أعذار عديدة، علماً أن وزارة المال كانت وعلى عادتها تورد نصاً يحفظ الحق لديوان المحاسبة، الذي ينبغي القيام بدوره الأصلي وهو اجراء الرقابة اللاحقة، بدلاً من أن يستغرق وقته كله في إجراء الرقابة المسبقة».
وذكر السنيورة بأن «الحكومة كانت أقرت مشروع قانون وأرسلته إلى المجلس النيابي لتعيين مدققي حسابات خارجيين من قبل مدققي حسابات دوليين، على النسق الذي تعتمده معظم الدول المتقدمة، لتدقيق حسابات الدولة اللبنانية بكل إداراتها ومؤسساتها، لتتوضح الأمور بكاملها إلا أن مشروع القانون لا يزال في أدراج المجلس منذ أيار (مايو) 2006».
الهيئات الاقتصادية تعتصم قريباً لمواجهة الواقع "المرير"
وصف أعضاء الهيئات الإقتصادية اللبنانية تعثر تشكيل الحكومة بعد أكثر من 160 يوماً على تكليف الرئيس سعد الحريري تأليفها، بـ "الفاجعة الكبيرة على اللبنانيين وعلى الإقتصاد اللبناني، الذي بات ينحدر في شكل سريع"، مبدين تخوفهم من أن "المماطلة سيكون لها تداعيات خطرة، لا سيما الكلفة الكبيرة على الإقتصاد وعدم القدرة على المعالجة، إلا من ضمن آليات ستكون أشد إيلاماً وكلفة على البلد وشعبه".
وعقدت الهيئات الإقتصادية في مقرها في غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان، اجتماعاً برئاسة رئيسها محمد شقير، تم خلاله البحث في "تعثر تشكيل الحكومة والتقرير الذي أصدره البنك الدولي عن لبنان والخطوات التصعيدية التي تنوي الهيئات اتخاذها".
وناقشت الهيئات تقرير البنك الدولي عن لبنان، مبدية "قلقها الشديد وخوفها من الإستنتاجات التي وصل إليها التقرير عن الأوضاع الإقتصادية والمالية، ومدى تأثيرها الشديد على استقرار الأوضاع الإقتصادية في لبنان"، محذرة من أن "البلد بات يعيش في حال من عدم التوازن على مستوى اقتصاده وقطاعته وماليته العامة".
وأعلنت الهيئات أنها "انطلاقاً من مسؤولياتها الوطنية، اتخذت قراراً حازماً بمواجهة هذا الواقع المرير والخطر، بتنفيذ ما أعلنته في بيانها السابق بتاريخ 12 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي بالذهاب إلى التصعيد، وهي قررت في هذا الإطار تنفيذ اعتصام ستحدد مكانه وزمانه في الأيام المقبلة".
| |
|