Date: Oct 16, 2018
Source: جريدة الحياة
التمييز بين المعارضة المتطرفة والمعتدلة يصطدم بتعقيدات
إسطنبول، بيروت - رويترز
من معسكرين مختلفين رفع الشقيقان أبو إلياس وأبو يوسف السلاح في الحرب على رئيس النظام السوري بشار الأسد.
فأحدهما عضو في فصيل معارض للنظام السوري كان يحظى في فترة من الفترات بدعم وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «سي آي إيه»، أما الثاني فيعتنق أفكاراً متشددة وعضو في جماعة مصنفة دولياً إرهابية.

وعلى رغم خلافاتهما العقائدية فهما يعيشان في بيت واحد في محافظة إدلب (شمال غربي سورية)، الخاضعة لسيطرة المعارضة وحاربا القوات الموالية للأسد وتنظيم «داعش» من خندق واحد.

وقال أبو إلياس (40 سنة) عضو «فيلق الشام» المدعوم من تركيا: «المهم أننا نقاتل عدواً واحداً». وأضاف: «نعمل على تبادل المهارات العسكرية والمعلومات في البيت. ونتباحث في أمور الساحة السورية».

أما أبو يوسف (27 سنة) فينتمي إلى «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً). ويقول: «يحصل نقاش حول عمل كلا الفصيلين نلتقي في وجهات نظر كثيرة ونختلف في بعض النقاط حول الحل السياسي والثقة ببعض الدول الداعمة والاتفاقات». وأضاف: «القواسم المشتركة بيننا أننا أبناء دين واحد... وبلد واحد... وهدف واحد. نقاط توافقنا أكثر من نقاط اختلافنا».

وتصور رحلتا الشقيقين المتوازيتان في الحرب الأهلية التي بدأت في العام 2011، تعقيدات تمييز قوات المعارضة المتطرفة عن المعتدلة.

وتتوقع روسيا أن تعمل تركيا على الفصل بين طرفي المعارضة بحيث ترحل «المتشددة» عن منطقة منزوعة السلاح تم الاتفاق على إنشائها على الخط الأمامي مع قوات النظام السوري بحلول اليوم. وتقول تركيا إن للمعارضة المعتدلة أن تبقى حيث هي.

يبين ما مر به أبو يوسف وأبو إلياس من تجارب أن رسم الخط الفاصل بين المعارضة «المتشددة» و «المعتدلة» ليس بالأمر الهين في كل الأحوال.

فأبو إلياس درس القانون وتعلم المحاماة وله سبعة أبناء وكان يعمل موظفاً بالحكومة عندما بدأت الحرب. وشارك في الاحتجاجات الأولى على حكم الأسد في بلدة دير الزور التي ينتمي لها الشقيقان في شرق سورية. وقال: «كانت أياماً لا تنتسى وكان الشعور غريب بالنسبة لنا، اننا في سورية ونخرج مظاهرات ضد النظام».

ورفع أبو إلياس السلاح مع أحد فصائل «الجيش السوري الحر» في أوائل الحرب. وبعد أن سيطر تنظيم «داعش» على المنطقة دمر مقاتلوه بيته في دير الزور بتفخيخه بالمتفجرات ونسفه، فيما وصفه أبو إلياس بـ «العمل الانتقامي».

أما أبو يوسف الأعزب فكان طالباً عندما تفجر الصراع. وانضم إلى «جبهة النصرة» عندما ظهرت للمرة الأولى في دير الزور إذ جذبه إليها ما شهده من تدين أفرادها بمن فيهم الأجانب. وحارب الاثنان «داعش» عندما هاجم شرق سورية عام 2014 وتوجها شمالاً مع أسرتهما عندما اجتاح التنظيم المنطقة. وما إن وصلا حتى انضم أبو إلياس إلى «فيلق الشام»، واعتبر أن له «تموضعاً سياسياً» في تركيا يمثل ميزة.

واشتبكت «تحرير الشام» مرات عدة مع فصائل أخرى معارضة في الشمال الغربي وسحقت عدداً من الفصائل التي تحظى بدعم خارجي. وظل الشقيقان بمنأى عن هذه المشاكل على رغم شدة العداوة بين المتشددين وبعض فصائل إدلب.

وفي الآونة الأخيرة خفت حدة التوترات في إدلب. وشكل مقاتلو المعارضة «غرفة عمليات» مشتركة تحسباً لشن قوات النظام هجوماً كان متوقعاً إلى أن توصلت تركيا وروسيا لاتفاقهما الشهر الماضي. وقال مسؤول في فصيل منافس إن «تحرير الشام» التي يقاتل أبو يوسف في صفوفها وسعت نطاق اتصالاتها بالفصائل الأخرى وقامت بزيارتها.

ويرى أبو يوسف في تقسيم قوات المعارضة «مؤامرة لإضعافها». وقال: «الاتفاق الروسي - التركي تكتيك مرحلي لإنهاء من بقي من مناطق الثورة، فصل المتطرفين وفق زعمهم عن الثوار. لا أراه إلا تفريق قواتنا ليسهل قضمنا واحداً تلو الآخر. وما حصل مع جيش الإسلام في الغوطة خير شاهد. فالجميع عندهم إرهابيون». وعلى رغم ثقته بتركيا يشعر أبو إلياس بالقلق أيضاً. وقال: «علاقه فيلق الشام بأنقرة أمنت للمنطقه الكثير من الفوائد وهذا أمر مرحب به، لكن نخشى أن يقع الأتراك ضمن الفخ الروسي والذي يهدف بالمجمل إلى نزع سلاح الهيئة».