| | Date: Oct 5, 2018 | Source: جريدة الحياة | | تعطيل لجنة الدستور يثير اتهامات مبطنة بين موسكو وأنقرة وشمال سورية يستعد لتظاهرات رفضاً لها | موسكو، لندن، أنقرة - «الحياة»
على وقع استمرار الغموض في شأن تفاصيل تنفيذ الاتفاق الروسي - التركي الخاص بمدينة إدلب (شمال غربي سورية)، أُثيرت أمس اتهامات مبطنة بين موسكو وأنقرة في شأن المسؤولية عن تعطيل تشكيل لجنة الدستور السوري، ما استدعى تحذيراً من الموفد الدولي إلى سورية ستيفان دي ميستورا من ضياع فرصة الحل السياسي، معتبراً أن الأشهر الثلاثة المقبلة حاسمة في شأن وضع إدلب وتشكيل لجنة الدستور. تزامن ذلك مع ربط الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بين مغادرة سورية وإجراء انتخابات، وقال أمام منتدى في إسطنبول: «عندما يُجري الشعب السوري انتخابات، سنترك سورية لأصحابها بعد أن يجروا انتخاباتهم».
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أن «هناك 3 قوائم قدمها النظام والمعارضة والمجتمع المدني في سورية في شأن محادثات تشكيل لجنة الدستور،» متهماً بعض الدول بـ «محاولة قلب التوازن اللازم لمصلحة النظام، لكن الأمور لا تسير هكذا». وتطرق خلال مشاركته مع نظيره الهولندي ستيف بلوك في جلسة خاصة بعنوان «البحث عن سلام عادل في عالم متشرذم»، إلى اتفاق إدلب الذي «منع حدوث كارثة إنسانية، وحال في الوقت ذاته دون موجة نزوح نحو الأراضي التركية وأوروبا»، قائلاً: «الآن، فُتحت نافذة جديدة من أجل الحل السياسي... ونحن نشجع شركاءنا كافة للتركيز أكثر على العملية السياسية»، مشيراً إلى «فرصة أخيرة علينا استغلالها جيداً».
وكانت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا قالت أن العمل على تشكيل اللجنة الدستورية السورية «يسير بصعوبة. للأسف، لا يفكر الجميع في شكل بنّاء، لكننا نحاول تغيير الوضع ليجري العمل بطريقة بنّاءة».
في المقابل، اتهم الناطق باسم الائتلاف السوري المعارض أنس العبدة حلفاء النظام السوري بـ «التسويف على أمل حدوث واقع عسكري جديد يُمكن النظام من فرض حل سياسي تحت سقفه». ولفت إلى «محاولات يبذلها داعمو النظام للحصول على غالبية ساحقة من الثلث الذي يُفترض أن يكون تسمية أعضائه من اختصاص الأمم المتحدة، وهناك محاولة للحصول على ما يوازي حق الفيتو بآليات اتخاذ القرار ورئاسة اللجنة لمصلحة النظام». وقال لـ «الحياة»: «الواقع الجديد بعد اتفاق إدلب لم يعجب النظام السوري، فانقلب على وعوده السابقة بالتعاون مع لجنة دستورية تحت ولاية الأمم المتحدة».
ومع اقتراب المهلة المحددة لتطبيق الاتفاق الروسي - التركي حول إدلب على الانتهاء، لا يزال مصير المنطقة مجهولاً في ظل غموض يكتنف تفاصيله. ووفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن السلطات التركية أبلغت الفصائل المسلحة المقربة منها، بضرورة تسليم قائمة بأسماء مقاتليها وأعدادهم، مرفقة بنوع السلاح الذي يمتلكه كل مقاتل، بالتزامن مع مواصلة القوات التركية تعزيز نقاطها المنتشرة في إدلب ومحيطها.
وغداة تأكيد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه «لا يلوح في الأفق تنفيذ أي عمليات عسكرية واسعة في إدلب»، وإشارته إلى أن «تركيا تطبق التزاماتها الخاصة بتسوية الوضع هناك»، حذرت زاخاروفا من أن التنظيمات المتشددة والراديكالية، وفي شكل أساس «جبهة النصرة»، تواصل التحضير لاستفزازات في إدلب. وقالت أن «مقاتلي النصرة يخشون العزلة بسبب الاتفاقات الروسية - التركية، وقد يلجأون إلى استفزازات». وذكرت أن الجيشين الروسي والسوري «وفرا ممراً إنسانياً في إدلب ليتمكن المدنيون من المغادرة». وأكدت أن «جزءاً من المعارضة في إدلب يؤيد اتفاق إنشاء منطقة منزوعة السلاح».
إلى ذلك، شدد نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينين على ضرورة انسحاب القوات الأميركية، وتفكيك مخيم الركبان القريب من القاعدة الأميركية في التنف، معرباً عن أسفه لأنه «وفقاً لبعض المعلومات، تُستخدم هذه الأراضي، من بين أمور أخرى، من إرهابيي داعش للاستراحة وإعادة ترتيب أوضاعهم، وهذا أمر سيئ».
وفي شأن اللاجئين السوريين، قالت وزارة الدفاع الروسية في بيان أن نائب وزير الدفاع الروسي الجنرال ألكسندر فومين ناقش مع مستشار رئيس الحكومة اللبنانية للشؤون الروسية جورج شعبان، «عودة اللاجئين السوريين إلى أماكن إقامتهم الدائمة قبل اندلاع الصراع».
شمال سورية يستعد لتظاهرات رفضاً للجنة الدستور وروسيا تلحظ «صعوبات» في مسار تشكلها
يتأهب الشمال السوري لتظاهرات دعا إليها ناشطون اليوم (الجمعة) احتجاجاً على مسار تشكيل لجنة الدستور، في وقت نوهت موسكو بـ «صعوبات»، وحذر الموفد الدولي إلى سورية من «ضياع فرصة الحل السياسي».
وقالت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا: «أن العمل على تشكيل اللجنة الدستورية السورية يحصل بصعوبة، وليس كل المشاركين في العمل يفكرون في شكل بناء». وأضافت: «لكننا نحاول تغيير الوضع ليجري العمل بطريقة بناءة».
ويأتي ذلك في وقت شدد الموفد الدولي ستيفان دي ميستورا، على أهمية الأشهر الثلاثة المقبلة لإرساء الاستقرار في إدلب، وتشكيل اللجنة الدستورية، محذراً من أنه «إذا ضاعت فرصة الحل السياسي فسنعود للخيار العسكري».
وقال دي ميستورا: «لم يكن هناك نجاح، والمجتمع الدولي في الأقل بخصوص سورية قرر أنه لم يتركها، ولكن منذ البداية، كان الحل العسكري هو الهدف الموضوع لحل المشكلة، ووصلنا إلى طريق مسدود حالياً، والطرفان في حاجة إلى وسيط لإيجاد عوامل مشتركة، ونريد حلاً سياسياً». وأضاف: «أهم نقطة في الموضوع أننا لا نريد حروباً بالوكالة، القدرة الموجودة المحلية كبيرة جداً، وهناك جيوش بلدان عدة، وهذا خطر جداً، ولكن هذا يعطينا فرصة تنبيه أن الحالة الموجودة خطرة». ولفت إلى أن «المفاوضات السياسية والعسكرية يجب أن تكون موجودة، حل الأمور من طرف تركيا وروسيا والناشطين على الساحة يمكن حماية ثلاثة ملايين في إدلب، وتركيا استقبلت ثلاثة ملايين ولا توجد لها القدرة على استقبال ثلاثة ملايين آخرين، والآن يجب العمل على عودتهم لبلدهم».
وأكد أن «المدنيين داخل إدلب يقولون لسنا إرهابيين، ويريدون إسماع صوتهم عالمياً، ويجب أن نعطي في الأشهر الثلاثة المقبلة فرصة للتوازن».
وزاد: «نحن الآن لدينا القرار 2254، في السياسة الواقعية الحقيقية في نهاية أي أمر أو نزاع يجب التركيز على الهيئة القانونية الموجودة هناك لحل الأمور، وتنسيق الانتخابات وصلاحيات رئيس الجمهورية. وهي عوامل نهائية يجب جمعها في الحل السياسي». ولفت إلى أن «اتفاق إدلب يجب قبوله، ويجب أن يكون مستداماً، إضافة إلى تشكيل هيئة قانونية جديدة، وهناك تفاؤل في الأمم المتحدة». وأردف: «السوريون يريدون إنهاء الأزمة، وأعتقد أننا في حاجة إلى إنشاء الحماية أو الأمن، مئة ألف شخص قيد الاعتقال، ماذا حصل لهؤلاء؟ أين القانون؟ وهناك من يريدون العودة ويحبون بلادهم إن ضمنوا عدم ذهابهم للتجنيد، ويجب إنشاء هيئة دستورية في سورية». وأشار إلى أن «اللجنة الدستورية التي ستبت بالأمر هي التي ستبحث الحل السياسي، هناك بعض الأطراف الأخرى، وإذا ضاعت هذه الفرصة سنعود للحل العسكري، وهذا ربما يكون ميدانياً أو إقليمياً نصراً ولكن يزيد من مأساة اللجوء».
إلى ذلك استبقت هيئة التفاوض السورية، تظاهرات دعا إليها ناشطون في الشمال السوري احتجاجاً على تشكيل لجنة الدستور تحمل شعار «هيئة التفاوض لا تمثلي»، وأصدرت بياناً دافعت فيه عن اتخاذها خطوات وصفتها بـ «الجريئة» في اتجاه تشكيل اللجنة الدستورية رغم إدراكها أن هذه الخطوات «غير كافية ومتوازنة، فلا تستطيع أي لجنة أن تصوغ شكل المستقبل السوري إلا إذا شكلتها إرادة السوريين وصادق على مقرراتها الاستفتاء الشعبي». وأكد بيان الهيئة على حتمية زوال النظام وانتصار الشعب عبر الحل السياسي الشامل.
وأشار البيان إلى أن «الهيئة تنظر إلى اللجنة الدستورية كبوابة مقبولة من أجل بدء العملية السياسية، ولكنها غير كافية وغير متوازنة، وفي المقابل فهي تكشف زيف النظام وحلفائه في الوقت الذي راهنوا على قصور الرؤية لدى ممثلي الشعب، حيث إن النظام ظن أنه سيكون الممثل السياسي الوحيد المقبول في الساحتين الإقليمية والدولية». وشددت على البيئة الآمنة، والتي لن تكون إلا من خلال هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات التنفيذية، وإطلاق سراح المعتقلين، ويحاسب كل مجرمي الحرب، خصوصاً بعد ما حصل في حلب وريفي حمص ودمشق وفي درعا والقنيطرة والسويداء.
وطالب المجتمع الدولي باتخاذ خطوات جادة نحو تطبيق قرارات مجلس الأمن، والنظر في الانتهاكات التي مورست بحق الشعب السوري على مدار ثمانية أعوام. كما دعت إلى دور عربي أكبر في دفع عجلة الانتقال السياسي الشامل. | |
|