Date: Sep 13, 2018
Source: جريدة النهار اللبنانية
الدول الغربية عاجزة أمام روسيا في إدلب
المصدر: "ا ف ب"
رغم التحذيرات من خطر حصول كارثة إنسانية في إدلب، تبدو الدول الغربية عاجزة عن وقف هجوم للنظام السوري وروسيا على آخر معقل للجهاديين ومقاتلي المعارضة في سوريا، لنقص أدوات العمل لديها، بحسب خبراء.
ويرى خبير الشرق الأوسط في جامعة "ليون-2" فابريس بالانش أن "احتجاجات الدول الغربية والأمم المتحدة ليس لها أي تأثير لأن دمشق وروسيا وإيران تريد الانتهاء من جيب إدلب".

ويقول روبرت مالي، رئيس مجموعة الأزمات الدولية (انترناشونال كرايسيس غروب)، مركز تحليل النزاعات في واشنطن، أن كل "النظام الدولي فشل في سوريا، دور الأمم المتحدة وقدرتها على حل النزاعات".

وبعد استعادة النظام السوري قسما كبيرا من الأراضي التي كانت خاضعة لسيطرة الجهاديين والفصائل المعارضة، كثفت قواته في الأيام الأخيرة وبمشاركة طائرات روسية، ضرباتها الجوية على مناطق عدة في إدلب (شمال غرب) وجيوب محاذية لها، تمهيداً لهجوم برّي.

وحذّر الأوروبيون والأميركيون من حصول كارثة إنسانية في هذه المنطقة الواقعة على الحدود مع تركيا، والتي تضمّ قرابة ثلاثة ملايين مدني بينهم قسم كبير تم إجلاؤهم من مناطق أخرى استعاد النظام السيطرة عليها.

وتخشى الدول الغربية أيضا موجة تدفق لاجئين جديدة نحو أوروبا التي تهزّها أصلاً مسألة الهجرة، وتجدُّد التهديد الجهادي مع انتشار المقاتلين المتشددين خارج سوريا.

ويعتبر فابريس بالانش أن "ثمة الكثير من الضجيج من جانب الغربيين للتعبير عن استيائهم حيال انتصار النظام والروس المتوقع (...) لكنهم لن يفعلوا شيئا".

ويتفق دبلوماسيون أوروبيون مع هذا الرأي. ويقول أحدهم، وهو مطلع جداً على الملف السوري، "لا يمكن أن نشكل ثقلاً عسكرياً عبر أسلحة كلاشينكوف أو طائرات، لن نخوض غمار الحرب (في إدلب)! وسائلنا هي أولاً الضغط السياسي".

ويتلخص هذا الضغط بتحذير موجّه إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهو خطر توسع النزاع إلى جهات إقليمية فاعلة أخرى، وتهديد بترك روسيا بمفردها أمام عبء إعادة إعمار سوريا الثقيل.

ويقول السفير الفرنسي السابق لدى سوريا والمستشار الخاص لمعهد مونتانيي في باريس ميشال دوكلو "يجب ألا نتوهم حول تأثير هذا النوع من الخطاب".

ويرى فابريس بالانش "بوتين والأسد لا يباليان أبدا بالابتزاز الغربي الأوروبي في ما يخص إعادة الإعمار. هما يعرفان أن أوروبا ستستسلم أخيراً لأنها لن تتحمل موجة جديدة من اللاجئين السوريين".

بالنسبة لميشال دوكلو، إن الغربيين لم يخسروا كل أوراقهم بعد. ويقول "الردّ الحقيقي على هجوم عنيف ضد إدلب مدعوم من روسيا، يكون عبر تعليق نوردستريم 2"، مشروع أنابيب نقل الغاز المثير للجدل الذي يربط روسيا بألمانيا.

ويعتبر دوكلو أن "بامكاننا أيضاً اقتراح خطوة جماعية (مع روسيا) ضد الجهاديين التابعين للقاعدة" في إدلب.

وحذر وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان من أن هؤلاء المقاتلين الذي يتراوح عددهم بين 10 و15 ألفا، يشكلون "خطراً أمنياً" مباشرا على أوروبا.

ويعتمد الغربيون قبل كل شيء على تركيا التي تلتزم حتى الآن إلى جانب روسيا وإيران البحث عن تسوية سياسية في سوريا لكنها تعارض بشدة شنّ هجوم قد يهدد بشكل مباشر الفصائل الموالية لتركيا في إدلب.

ويقول مصدر فرنسي مقرب من الملف "الرئيس التركي (رجب طيب) إردوغان ليس مستعداً للتصديق على أي خطة عمل روسية (مهما كان مضمونها). ونحن أيضاً ليس لدينا مؤشر على أن الروس مستعدين لتجاوز المصالح التركية في المنطقة".

وقد تقرّب مسألة إدلب الغربيين وتركيا بعد سلسلة أزمات دفعت بأنقرة إلى التوجه نحو روسيا.

ويشير فابريس بالانش إلى أن "الأمل الوحيد بالنسبة للغربيين، هو أن تغيّر تركيا تحالفاتها، أن تتقرب منهم (...) كل السياسة الإقليمية على المحك في هذه القضية".