| | Date: Sep 8, 2018 | Source: جريدة الحياة | | إدلب تتأهب للأسوأ ... ونازحون يعوّلون على حماية تركية | الصرمان (سورية) - أ ف ب
بعد تعرض قريته في محافظة إدلب (شمال غربي سورية) للقصف في الأيام الأخيرة، اختار أبو خالد وعائلته النزوح إلى مكان قريب من نقطة مراقبة تركية، في محاولة للاحتماء من هجوم وشيك لقوات النظام السوري على المنطقة.
ومع إرسال دمشق منذ أسابيع تعزيزات متواصلة إلى محيط إدلب، وتصاعد وتيرة قصفها في الأيام الأخيرة بمشاركة طائرات روسية، يستعد المدنيون والطواقم الطبية للأسوأ، في وقت تحذر منظمات دولية من أزمة إنسانية غير مسبوقة منذ اندلاع النزاع في سورية.
وسط أرض جرداء، شيد أبو خالد، وهو رجل في الـ68 من عمره، خيمة مصنوعة من الشراشف الملونة المثبتة على قساطل حديد على غرار ما فعلت عائلات أخرى وصلت حديثاً إلى منطقة الصرمان في الريف الجنوبي الشرقي لإدلب. ويتناوب الأطفال على اللهو بأرجوحة وسط خيمة خالية إلا من بساط على الأرض بينما تتوقف شاحنة صغيرة محملة بالفرش والحاجيات على مقربة منها.
وقال أبو خالد النازح مع عائلته وأقاربه من قرية سرجة المجاورة لوكالة «فرانس برس» وهو يرتدي عباءة ويضع كوفية حمراء وبيضاء على رأسه: «كنا على بعد نحو كيلومتر ونصف الكيلومتر من النقطة التركية وبتنا نتعرض للقصف». وأضاف: «بعدها، نزحنا من القرية ووصلنا إلى جانب النقطة التركية من أجل حمايتنا».
وتعد إدلب الحدودية مع تركيا، آخر منطقة يسري فيها اتفاق خفض التصعيد، الذي تم التوصل إليه العام الماضي برعاية روسيا وإيران حليفتي دمشق وتركيا الداعمة للمعارضة. وتنتشر بموجب الاتفاق قوات تركية في عشرات نقاط المراقبة في المحافظة بشكل رئيس.
ورأى أبو خالد أن وجود القوات التركية سيحميه وعائلته في حال بدأ الهجوم على إدلب، وقال فيما كانت إحدى السيدات تحرّك محتويات قدر وضعته على موقد تشتعل النيران فيه بقوة: «لا مكان لدينا نختبئ فيه في القرية إذا استمر القصف، لذلك سنبقى هنا إلى جانب النقطة التركية».
قرب أبو خالد، يلهو أطفال حفاة قرب قطيع من الخراف بينما تجلس مجموعة من الرجال على الأرض وهم يحتسون الشاي. ومع تردد دوي القصف في المنطقة، قال أبو خالد: «إذا طاول القصف النقطة التركية وانسحب الجيش التركي، سنمشي أمامه أو وراءه».
وتحذر الأمم المتحدة ومنظمات إنسانية من «كارثة» إنسانية غير مسبوقة منذ اندلاع النزاع في حال شن هجوم واسع على المحافظة الحدودية مع تركيا، من شانه أن يؤدي إلى نزوح قرابة 800 ألف شخص من إجمالي حوالى ثلاثة ملايين نسمة يقيمون في المحافظة وفي جيوب مجاورة لها تحت سيطرة الفصائل.
في قرية ميزناز في ريف حلب الغربي المجاور لإدلب، يستعد العاملون في مركز استقبال موقت تزدحم فيه الخيم لتدفق موجات من النازحين في حال بدأ التصعيد. وفي إحدى الخيم، وضعت فرش مع حصائر فوق بعضها بعضاً.
وقال معاون مدير المخيم يوسف نور لـ «فرانس برس»: «أعددنا خطة تحسباً لأي نزوح طارئ نتيجة أي هجوم لقوات النظام تتضمن صيانة الخيم وتامين المأوى والمأكل لإخوتنا النازحين (...) كما وضعنا خطة إخلاء للمركز في حالة الطوارئ القصوى». وداخل المخيم، تصطف عشرات الخيم المصنوعة من قماش متين تحت أشعة شمس حارقة. وتفترش قلة من الرجال الأرض قربها.
ويؤوي المخيم راهناً 700 نازح من مناطق عدة في سورية. ويستطيع المركز وفق نور لاستقبال عدد إضافي «يتراوح بين 1800 وألفي شخص».
وتستعد الطواقم الطبية لتداعيات أي تصعيد عسكري في المنطقة. وأشار نائب رئيس مديرية الصحة في إدلب الدكتور مصطفى العيد إلى أن «كل منطقة (في المحافظة) لها خطة خاصة»، مضيفاً: «سنجمع لاحقاً هذه الخطط في إطار خطة طوارئ شاملة». وتنسق منظومة الإسعاف التابعة للمديرية والتي تضم خمسين سيارة إسعاف، مع منظمات إنسانية أخرى بينها الخوذ البيض (الدفاع المدني في مناطق سيطرة الفصائل).
وتعاني المرافق الطبية في إدلب، وفق نور، «نقصاً كبيراً في الأدوية ومواد التخدير والأدوية المضادة للسلاح الكيماوي والأقنعة». ويوضح نور أنهم بصدد إعداد قوائم بالإمدادات المطلوبة «لمشاركتها مع المنظمات الشريكة».
ويبدي مدنيون وطواقم طبية خشيتهم من حدوث هجوم كيماوي، في وقت لا يزال الهجوم على مدينة خان شيخون في إدلب العام الماضي، والذي أودى بحياة أكثر من ثمانين مدنياً، حاضراً في أذهانهم.
وإثر هذا الهجوم، خضعت الطواقم الطبية العاملة في 16 مستشفى غالبيتها في إدلب إلى تدريبات متخصصة مع منظمة الصحة العالمية في تركيا، وفق ما يشرح نور.
ولكن على رغم ذلك، من شأن أي تصعيد عسكري أن يشل عمل المرافق الطبية في إدلب التي شهدت في النصف الأول من العام الحالي «38 اعتداءً» على منشآتها الصحية، وفق الأمم المتحدة.
ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإن «أقل من نصف المنشآت الصحية العامة التي كانت موجودة سابقاً لا تزال تعمل حالياً في المناطق التي قد تشهد قريباً ارتفاعاً في أعمال العنف».
ويبدو خيار تحصين المرافق الطبية «صعباً» خصوصاً مع الاعتماد على سلاح الطيران في الهجوم. وقال نور: «لا يوجد تحصين مع الآلة العسكرية الروسية».
| |
|