Date: Aug 31, 2018
Source: جريدة النهار اللبنانية
روسيا تُناور وتحذِّر الغرب: لا تلعبوا بنار إدلب
جنيف – موسى عاصي
أتت التصريحات التي أدلى بها المبعوث الاممي الخاص الى سوريا ستافان دو ميستورا أمس من جنيف، لتعزز ما يمكن استنتاجه من تحركات متسارعة جرت في الساعات الأخيرة بين عواصم الدول المعنية مباشرة بأزمة ادلب، من أن المعركة، التي تسمى سورياً المعركة الأخيرة، باتت وشيكة وتقترب بخطى متسارعة. قبل ساعتين فقط، وخلافاً للعادة، وجه مكتب المبعوث الخاص دعوة الى صحافيي الأمم المتحدة لحضور مؤتمر صحافي خصصه دو ميستورا فقط للحديث عن ادلب، رافضا التطرق الى أي موضوع آخر، علماً أن مواعيد مهمة حددت قبل 48 ساعة في 14 أيلول لاجتماع المجموعة الدولية المصغرة (الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، المانيا، السعودية والاردن ومصر) وفي 11 و12 منه للدول الضامنة الثلاث (روسيا وتركيا وايران) لحسم مسألة تشكيل اللجنة الدستورية، التي تعتبر مفتاح انطلاق العملية السياسية في سوريا. 

وعلل دو ميستورا عدم تطرقه الى الملف السياسي بقوله: "سنكون قادرين الأسبوع المقبل على التحدث حول العملية السياسية وعن أي شيء آخر، لكن عندما تكون هناك عاصفة كاملة تظهر أمام أعيننا فمن المحتمل أن يتحول ذلك الى أولوية بالتعامل". واستند دو ميستورا الى ما أدلى به الأمين العام للأمم المتحدة الاربعاء الماضي عن المخاطر التي تواجه 2,9 مليوني شخص نتيجة "رسائل التحذير والتهديدات والتهديدات المضادة"، في إشارة الى التصعيد بالخطاب والاتهامات الذي حصل في الساعات الأخيرة بين كل من واشنطن وموسكو حول الملف السوري.

وللمرة الأولى، كانت لهجة المبعوث الاممي أقرب الى منطق الحكومة السورية في التعامل مع ملف ادلب، اذ قال إنه "من حق سوريا ان تبسط سيطرتها على حدودها وهي دولة ذات سيادة"، وأضاف: "في ادلب هناك تركيز كبير لمقاتلين ارهابيين تابعين لجبهة النصرة أو القاعدة أو أي تنظيم يريدونه كتسمية لهم لكنهم ارهابيون وبحسب الامم المتحدة يجب مكافحتهم"، مشيراً الى ان عدد هؤلاء يبلغ 10 آلاف مقاتل بالاضافة الى عائلاتهم.

وتحدث عن صعوبة وعقدة اساسية في معركة ادلب، "فهذه المنطقة هي المنطقة الأخيرة الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية، ولم تعد أمام المسلحين أي وجهة يلجأون اليها بنتيجة هذه المعركة".

ولا تزال عقدة وجهة آلاف المقاتلين التابعين لـ"هيئة تحرير الشام" ("جبهة النصرة" سابقاً) تعوق تحديد موعد بدء المعركة في ادلب بين تركيا وروسيا وايران من أجل تسوية وضع هؤلاء، ويجري حديث في جنيف عن اقتراح متداول يقضي بأن تتولى تركيا أمر هؤلاء المقاتلين، لكن "النصرة" ترفض حتى الآن أي حديث عن القاء السلاح والدخول في تسوية مع أي طرف كان.

التهديدات الغربية والمناورات الروسية  

وما أعلن في جنيف عن اقتراب معركة ادلب من زاوية التحذير الأممي من التداعيات "الكارثية" على 2,9 مليوني مدني، أخذ شكلاً آخر في موسكو، حيث أعلنت وزارة الدفاع الروسية أنها ستجري مناورات عسكرية كبيرة في البحر المتوسط غداً. وقال الكرملين "إن الفشل في التعامل مع المتشددين في محافظة إدلب السورية يبرر هذه الخطوة".

وصرح الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف بان "بؤرة الإرهابيين لا تبشر بأي خير إذا استمر هذا الوضع دون تحرك". وحذر من ان "الوضع في سوريا مرشح بقوة لأن يصير أكثر تعقيدا والوضع حول إدلب غير مرض"، في اشارة الى ارتفاع مستوى التصعيد مع التهديدات الغربية (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا) بتوجيه ضربة الى سوريا في حال "استخدام الاسلحة الكيميائية في ادلب".

وستشارك في المناورات، بحسب وزارة الدفاع الروسية، "أكثر من 25 سفينة حربية وغواصة و30 طائرة تشمل مقاتلات وقاذفات استراتيجية"، وستتضمن المناورات التي تستمر حتى 8 أيلول المقبل تدريبات مضادة للطائرات والغواصات وإزالة الألغام، كما ستشارك سفن وقطع بحرية من الأساطيل الروسية في الشمال وفي بحر البلطيق والبحر الأسود ومن الأسطول الرابض في بحر قزوين.

لافروف استقبل المعلم 

وكان ملف التهديدات الغربية مدار بحث في الزيارة التي قام بها وزير الخارجية السوري وليد المعلم لموسكو أمس ولقائه نظيره الروسي سيرغي لافروف، إذ قال المعلم "إن سوريا لن تستخدم أسلحة كيميائية في أي هجوم وإنها لا تمتلك مثل هذه الأسلحة"، وأضاف أن "قرار القيادة السورية هو مكافحة تنظيم جبهة النصرة الإرهابي في إدلب مهما كانت التضحيات".

وقال لافروف إنه "من غير المقبول أن يستخدم إرهابيو جبهة النصرة وغيرهم منطقة إدلب لخفض التصعيد لإعداد هجماتهم على مواقع حكومية وقاعدة حميميم الجوية الروسية بواسطة طائرات مسيرة".

وتحدث مجدداً عن خطة "لتنفيذ استفزاز كيميائي جديد سعياً إلى عرقلة عملية محاربة الإرهاب في إدلب"، قائلاً: "لقد حذرنا شركاءنا الغربيين، عبر قنوات وزارتي الخارجية والدفاع، بكل وضوح وصرامة من اللعب بالنار".

المعارضة تتابع معركة ادلب مع موسكو 

الى ذلك، كشف الممثل الخاص للرئيس الروسي لشؤون الشرق الأوسط وإفريقيا ميخائيل بوغدانوف، أنه بحث في مشكلة إدلب مع وفد المعارضة السورية وانه تحدث بالهاتف عن الموضوع مع رئيس هيئة التفاوض السورية نصر الحريري. وقال: أخبرته بوجود وفد عسكري روسي في أنقرة حالياً وهناك تجري الاتصالات، واعتقد أنه جرت اتصالات هاتفية على أرفع المستويات بين وزارتي الدفاع الروسية والتركية". واضاف أن "روسيا تبحث في الوضع في إدلب مع الحكومة السورية ومع المعارضة".

في غضون ذلك، صرح وزير الدفاع الإسرائيلي افيغدور ليبرمان لدى تفقده الحدود الاسرائيلية مع لبنان، بأن إسرائيل لن تكون ملزمة أي اتفاقات قد يتوصل اليها المجتمع الدولي في شأن سوريا بعد انتهاء الحرب.