Date: Aug 28, 2018
Source: جريدة النهار اللبنانية
إيران تعيد تأهيل جيش سوريا... روسيا وأميركا عاجزتان وإسرائيل تتربّص!
موناليزا فريحة
تدخل صحافي إسرائيلي في المؤتمر الصحافي الذي عقده مستشار الامن القومي الاميركي جون بولتون في القدس الاسبوع الماضي قائلاً: "إذا كان الروس عاجزون عن اخراج الإيرانيين من سوريا، وإذا لم تكن الولايات المتحدة قادرة على ذلك، فهذا يعني أن إسرائيل ستضطر للقيام بتلك المهمة بمفردها، وعندها قد تكون الحرب هي الوسيلة الوحيدة".

على الورق، ثمة توافق واضح بين الولايات المتحدة وروسيا واسرائيل ودول عربية أساسية في المنطقة على وجوب خروج ايران من سوريا. بالنسبة الى الولايات المتحدة، يعتبر هذا الامر أساسياً لتقليص نفوذ طهران في المنطقة. وترى اسرائيل أن قوات أو نفوذاً ايرانياً في سوريا يشكلان تهديداً وجودياً لها. وأبدت موسكو علناً رغبتها في انسحاب كل القوات الاجنبية من روسيا. أما السعودية، التي تعتبر ايران عدوها اللدود، فتتطلع في وضع حد لنفوذ الجمهورية الاسلامية، لا في سوريا فحسب، في المنطقة كلها.  

وقبل وصول بولتون إلى إسرائيل الأسبوع الماضي لإجراء محادثات في شأن مستقبل سوريا، أكد أن روسيا تتفق مع الولايات المتحدة على حتمية مغادرة القوات الإيرانية من سوريا، ولكنه أقر بأن موسكو لا تعتقد أن لديها القدرة لإجبار إيران على ذلك. وقبل لقائه أمين مجلس الامن الروسي نيكولاي باتروشيف في جنيف، كشفت صحيفة "كوميرسانت" الروسية أن الجانب الروسي تلقى اقتراحًا أميركيًا -إسرائيليًا مشتركًا يقضي بتخلي روسيا عن دعم إيران، مقابل ضمانات لم تفضح عنها الصحيفة. 

إذا، بات الوجود الايراني في سوريا بنداً ملحاً في اية محادثات لسوريا، مع دخول الحرب مراحلها الاخيرة، واستعادة قوات النظام سيطرتها على القسم الاكبر من البلاد.

ومع ذلك، لا شيء يوحي بأن محادثات بولتون-بارتروشيف أثمرت شيئاً من هذا النوع ، ولا شيء في الافق يوحي بخطة واقعية للتعامل مع التهديد الايراني في سوريا.

ونسبت صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية الى مسؤول كبير في البيت الابيض أن التهديد العسكري الذي تشكله إيران في سوريا يمثل مصدر قلق كبير لكل دول المنطقة، ولكن النقطة الشائكة تكمن في تحديد الطريقة الفضلى لمواجهة هذا التهديد العسكري، مقراً بأن لا خطة موثوقة حتى الان لاخراج ايران من سوريا.

حتى الان، تتعامل اسرائيل مع الوضع بطريقة أحادية، وتأخذ على عاتقها تقويض الخطر الايراني في سوريا.

وكان المسؤولون الإسرائيليون يأملون في أن يستخدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نفوذه لدى الجمهورية الاسلامية لإخراج إيران من سوريا

ولكن الروس ابلغوا الاسرائيليين والاميركيين مراراً أن نفوذهم محدود في هذا الشأن. وقد نقل بولتون عن بوتين قوله صراحة إن بلاده لا تملك نفوذاً لإخراج إيران من سوريا.  

وحتى الآن تمكنت روسيا من إبعاد القوات الإيرانية لمسافة 85 كيلومتراً من الحدود الإسرائيلية، ولكن مع استثناء واحد ملحوظ وهو أن الإيرانيين لا يزالون في دمشق وما حولها، ولكن اسرائيل لا تبدو راضية، وخصوصاً في ظل اقتناعها بامتلاك ايران قواعد ومصانع صواريخ في سوريا قادرة على تهديد عمق أراضيها.

ويرى الباحث في "المركز لأمن أميركي جديد" نيكولاس هيراس إن استراتيجية اسرائيل مصممة لإتاحة غارات ضد مصالح ايرانية عند الحاجة. ويقول إن "الاسرائيليين أوضحوا للروس أن مسؤوليتهم تقييد النشاطات الايرانية المعادية لاسرائيل، وإلا سيكون البديل غارات منهجية اسرائيلية ضد الاسد وايران"، مضيفاً أنهم "يعتبرون المناطق التي يسيطر عليها النظام بيئة غنية بالاهداف".

بمنطق كهذا، ستواصل اسرائيل استهداف ما تعتبره أهدافاً ايرانية وربما سورية اذا اقتضى الامر.

الاستراتيجية الاميركية

 والى الاستراتيجية الاسرائيلية، تقول "هآرتس" إن إدارة ترامب أدرجت "انسحاب إيران من سوريا" ضمن الشروط ال12 التي وضعتها لاي اتفاق جديد بين واشنطن وطهران يحل محل الاتفاق النووي لعام 2015.

ويقول هيراس إن الولايات المتحدة لا تستطيع الضغط على ايران مباشرة لان الايرانيين متمركزون في غرب سوريا، والاميركيين لا يتمتعون بنفوذ هناك. لذا، فإن أكثر ما يمكن أن يأملونه هو اقناع الروس بأن مصلحتهم تكمن في شرق أوسط مستقر، ولتحقيق ذلك، يتعين على روسيا تقييد الوجود الايراني في سوريا.

في غضون ذلك، تشدد واشنطن الضغط المالي على إيران من خلال فرض العقوبات من أجل ارغامها على العودة إلى طاولة المفاوضات أو مفاقمة أزمتها الاقتصادية، مما يضطرها إلى تقليص استثماراتها في التدخل العسكري بالخارج.

الخطط الايرانية

وعلى الجبهة المقابلة، تمضي ايران في خططها لسوريا. ووقع الجانبان اليوم اتفاقا للتعاون العسكري خلال اجتماع بين وزيري دفاع البلدين في دمشق.

وأوضح وزير الدفاع الايراني أمير حاتمي بأن الاتفاق يتعلق باعادة تأهيل القوات العسكرية السورية التي أنهكتها الحرب، اضافة الى تطوير  الصناعة العسكرية السورية.

وهو كان الاحد صرح بأن طبيعة العلاقة بين بلاده وسوريا لا يحددها فريق ثالث، في اشارة محتملة الى روسيا. 

وتنشر إيران آلاف الجنود ومقاتلي الميليشيات الشيعية داخل الأراضي السورية، وتنتظر جني ثمار عملية إعادة إعمار سوريا، لذا فإن إخراج قواتها العسكرية يقوض خططها للاستفادة من أرباح إعادة الإعمار، كما يهدد طموحها بانمشاء ممر بري من طهران الى بيروت عبر العراق وسوريا.    

وسط مصالح طهران في سوريا من جهة والاجماع الدولي على وجوب خروجها من جهة ثانية، يقول السفير الأميركي السابق لدى إسرائيل دان شابيرو، إن الأمر يحتاج إلى التزام فعلي وحقيقي من روسيا لمواجهة إيران داخل سوريا لضمان رحيلها. ولذلك، على إسرائيل والولايات المتحدة التركيز على ضمان استمرار حرية التصرف اللازمة لإسرائيل لضرب الأهداف الإيرانية في سوريا؛ من أجل منع وصول هذا التهديد إلى مستويات غير مقبولة. ويرى ايضاً وجوب أن تبقى القوات الأميركية في سوريا؛ لأن هذا الأمر يساعد على فرض القيود على المناطق التي يمكن أن تعمل فيها إيران. 

ويتمثل أحد الخيارات التي أثارها بعض المسؤولين الإسرائيليين، بحسب "هآرتس" في أن يصير الأسد شريكاً في ضمان اخراج ايران خارج من سوريا؛ وذلك على أساس أن الأسد مثله مثل روسيا، لن يحتاج إلى وجود طهران في بلاده بعد أن يضمن انتصاره في الحرب الأهلية.