Date: Aug 27, 2018
Source: جريدة الحياة
دمشق لن تتخلى عن «استعادة» إدلب والأكراد سيقاومون
فصائل إدلب تخفق في ضبط الفلتان الأمني
تزامناً مع مواصلة النظام السوري حشد قواته في الريف الغربي لإدلب وحماة (شمال)، نفت المعارضة السورية وشركة بريطانية اتهامات روسية متجددة بالتحضير لهجوم كيماوي مفترض في إدلب. وبعد أيام من اجتماعات روسية - تركية أفضت إلى صمود الهدنة الهشة لليوم الثاني عشر، رغم خروق محدودة، تعهد وزير الدفاع السوري علي أيوب استعادة إدلب «بالمصالحات أو العمليات الميدانية». وغداة زيارة مبعوث أميركي بارز مناطقَ شرق الفرات، قال وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي عقب لقائه نظيره السوري في دمشق، أن «الأميركيين يبحثون عما يبقيهم شرق الفرات لتثبيت وجودهم في المنطقة»، في حين أكد مجلس سورية الديموقراطية (مسد)، الذراع السياسية لقوات سورية الديموقراطية (قسد)، أن الولايات المتحدة بعثت برسالة طمأنة إلى المجالس والأهالي في هذه المناطق بأنها ستبقى فترة زمنية غير محددة في سورية حتى القضاء على تنظيم «داعش». وشددت الرئيس المشترك للمجلس أمينة عمر في اتصال أجرته معها «الحياة»، على أن «قسد ستدافع عن مناطق سيطرتها التي حررتها في شرق الفرات بحدودها الواضحة في حال تعرضت إلى أي هجوم من إيران أو ميليشياتها كما فعلت منذ البداية». وفي خرق للهدنة الروسية - التركية، قالت وكالة «سانا» للأنباء التابعة للنظام السوري، أن وحدات من الجيش «وجهت ضربات مدفعية إلى تحركات إرهابيي تنظيم جبهة النصرة والمجموعات المرتبطة به في بلدة الخوين بريف إدلب الجنوبي»، و «دمرت مقراً لكتائب العزة على الأطراف الغربية لقرية الزكاة، وقضت على جميع الإرهابيين المتحصنين داخله».

وأكدت مواقع معارضة وصول دفعات من فصائل «التسويات والمصالحات» من درعا وحمص إلى الغاب الغربي، موضحة أن حشود النظام والقوات المساندة له تركزت في الريف الغربي لحماة وإدلب. وأشارت إلى نقل 800 عنصر من ميليشيات «الدفاع الوطني» من مدينة السقيلبية إلى معسكر جورين الذي يعد أكبر قاعدة للنظام في المناطق المحيطة بإدلب.

وفي موسكو، ولليوم الثاني، جدد الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية، اللواء إيغور كوناشينكوف الحديث عن التحضير لضربة كيماوية على كفر زيتا جنوب إدلب، في اليومين المقبلين بأسلحة حرارية مسممة.

وفي حين نفت شركة «أوليف غروب» البريطانية الاتهامات الروسية، حذر معارضون من أن «النظام والروس يحضرون لهجوم كيماوي نظراً إلى أن النظام غير قادر على هزيمة المعارضة في إدلب، حيث ينتشر حوالى 150 ألف مقاتل». وحذر الناطق باسم «الجبهة الوطنية للتحرير» ناجي أبو حذيفة من أن التصريحات الروسية ووسائل إعلام النظام «تمثل تمهيداً واضحاً وصريحاً لما ينوون القيام به ضد أهلنا في المناطق المحررة»، وحض «الأمم المتحدة وكل الدول التي تدّعي صداقة الشعب السوري، على التدخل فوراً لمنع الجريمة التي يجهز لها النظام المجرم وحلفاؤه قبل وقوعها».

وفي مؤشر إلى قلق في دمشق وطهران من التفاهمات الروسية - التركية حول إدلب، شددت وسائل إعلام موالية للنظام على أهمية التحالف بين الطرفين والتنبه لمشروعات قد لا تتوافق مع مصالحهما. وأكد الرئيس السوري بشار الأسد في لقائه وزير الدفاع الإيراني، «أهمية تطوير عملية التنسيق المشترك ووضع خطط تعاون طويلة الأمد تعزز مقومات صمود شعبي إيران وسورية في وجه كل ما يتعرضان له». في المقابل، نقلت وكالة «فارس» عن حاتمي قوله لدى وصوله إلى سورية: «نأمل بالقيام بدور مثمر في إعادة إعمار سورية». كما نقلت وكالة الطلاب عنه قوله أن «لدى الجمهورية الإسلامية قدرات عالية في مجال الدفاع، وفي إمكانها مساعدة سورية في تعزيز عتادها العسكري».

من جهة أخرى، تعهد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تحقيق السلام والأمن في العراق ومناطق سورية ليست تحت السيطرة التركية، مضيفاً: «سيتم القضاء على المنظمات الإرهابية في المنطقة».

فصائل إدلب تخفق في ضبط الفلتان الأمني

أودت 4 أشهر متتالية من الاغتيالات والتفجيرات لخلايا تنظيم «داعش» الإرهابي ومجموعات مجهولة في إدلب ومحيطها بحياة 290 مدنياً ومقاتلاً سورياً وغير سوري، إذ أخفقت فصائل المحافظة في ضبط الانفلات الأمني الذي بدأ بعد حرب داخلية بين كبرى فصائل الشمال وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان».

فلم تكد إدلب تنتشل نفسها من الاحتراب الداخلي، حتى بدأت الخلايا النائمة والمجموعات المجهولة، تفرض نفسها على الساحة الإدلبية وعلى محيطها من أرياف حلب الغربية وشمال حماة، فارضة معها انفلاتاً أمنياً غير مسبوق في أي منطقة سورية، فباتت التفجيرات سواء من خلال العبوات الناسفة أو الدراجات النارية المفخخة أو العربات المفخخة، منتشرة في معظم المناطق ضمن المحافظة ومحيطها، مع عمليات خطف وتعذيب ومطالبات بفدى مالية، وعمليات قتل وإطلاق نار وإعدام وتعليق جثث ورميها في احراس أو على طرقات واصلة بين مدن وبلدات وقرى المحافظة، بحيث تصاعدت هذه العمليات وتوسعت مناطق تنفيذها يوماً بعد الآخر، في شكل طردي، فمع مرور الوقت باتت أعداد العناصر المنفذة للاغتيالات ومحاولات الاغتيال والاختطاف تتكاثر.

ورصد «المرصد السوري» تصاعد الاغتيالات منذ 26 نيسان (أبريل) الماضي، لتستكمل شهرها الرابع على التوالي، أمس، إذ نفذت الاغتيالات في قسمها الأكبر من قبل خلايا نائمة تابعة لتنظيم «داعش» الإرهابي، والتي بدأت تنشط في أعقاب انتهاء وجودها في إدلب وريف حماة الشرقي، ونفذت الاغتيالات بوسائل مختلفة، من إطلاق نار إلى تفجير عبوات ناسفة، إلى تفجير دراجات نارية مفخخة، وصولاً إلى تفجير سيارات وعربات مفخخة، وخطف وذبح وتعليق جثامين، وجرت في مدينة إدلب وأريافها الشرقية والغربية والشمالية والجنوبية، وريف حلب الغربي، والقطاع الشمالي من ريف حماة، وسفوح جبال اللاذقية.

وبلغت الخسائر البشرية التي وثقها «المرصد» منذ 26 من نيسان، 289 شخصاً على الأقل ممن اغتيلوا في أرياف إدلب حلب وحماة، هم زوجة قيادي أوزبكي وطفل آخر كان برفقتها، إضافة إلى 56 مدنياً بينهم 9 أطفال و6 مواطنات، اغتيلوا من خلال تفجير مفخخات وتفجير عبوات ناسفة وإطلاق نار وخطف وقتل ومن ثم رمي الجثث في مناطق منعزلة، و201 مقاتل من الجنسية السورية ينتمون إلى «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سباقاً) وفيلق الشام وحركة أحرار الشام الإسلامية وجيش العزة وفصائل أخرى عاملة في إدلب، و30 مقاتلاً من جنسيات صومالية وأوزبكية وآسيوية وقوقازية وخليجية وأردنية وتركية، اغتيلوا بالطرائق ذاتها، كذلك فإن محاولات الاغتيال تسببت بإصابة عشرات الأشخاص بجراح متفاوتة الخطورة، بينما عمدت الفصائل لتكثيف مداهماتها وعملياتها ضد خلايا نائمة اتهمتها بالتبعية لـ «داعش».

وكان «المرصد» رصد إخفاق الفصائل العاملة في الريف الإدلبي وأرياف حلب وحماة، في ضبط الفلتان الأمني، على رغم الحملات الأمنية التي ساهمت في اعتقال عشرات الأشخاص بتهم الانتماء لخلايا «داعش»، واعتقال وإعدام وقتل عشرات من العناصر المنتمين لهذه الخلايا، خلال الحملات الأمنية في مناطق سريان واستشراء الفلتان الأمني، إذ أن بعضهم جرى إعدامه بعد اعتقاله مباشرة، والبعض الآخر أعدم بعد التحقيق معه، وبعضهم قتلوا خلال القتال والاشتباكات عند مداهمة مقرات الخلايا التابعة للتنظيم، إذ بلغ 75 على الأقل عدد عناصر التنظيم والخلايا هذه الذين قتلوا منذ نهاية نيسان، من جنسيات سورية وعراقية وأخرى غير سورية، من ضمنهم 36 على الأقل تم إعدامهم عبر ذبحهم أو إطلاق النار عليهم في شكل مباشر بعد أسرهم، فيما قتل البقية خلال عمليات المداهمة وتبادل النار بين هذه الخلايا وعناصر «الهيئة» في مناطق سلقين وسرمين وسهل الروج وعدد من المناطق الأخرى في الريف الإدلبي.