Date: Aug 15, 2018
Source: جريدة الحياة
لبنان: تراجع التفاؤل بقرب ولادة الحكومة
لا يزال ملف تأليف الحكومة اللبنانية ينتظر الترجمة العملية لحل العقد العالقة على رغم خطوط الاتصالات التي كانت فتحت على محاور عدة، والتي تراجعت حرارتها في الساعات الماضية. فالمواقف السياسية العالية السقف التي تظهر من حين إلى آخر، وتعقيدات الحقائب وتوزيع الحصص التي تعترض تأليف الحكومة، تتحكم بتأخير ولادتها، وفق قول مصادر نيابية مواكبة لـ «الحياة»، بانتظار اللقاء المُرتقب بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري الذي قد يُشكّل نقطة تحوّل في مسار التشكيل بعد أكثر من شهرين من المراوحة لجهة عرض صيغة حكومية جديدة.

وفي هذا السياق تقول أوساط زوار القصر الجمهوري، إن «ما يشاع من إيجابيات على خط التشكيل وتتداوله وسائل الإعلام، صيغاً وأسماء لا يرتكز إلى أساس من الصحة والواقع. لا تزال الآمال بولادة الحكومة بعيدة».

وتضيف الأوساط رداً على الأنباء التي تقول إن الأمور تجاوزت الحصص وبلغت توزيع الحقائب «كل يغني على ليلاه، ويقول ما يضمره ويلائمه لكن عملياً لا شيء على الأرض أو الطاولة فلا أحد قدم لرئيس الجمهورية ميشال عون صيغة نهائية بالحصص ومقبولة من كل الفرقاء المعنيين بحكومة الوحدة الوطنية». وزادت: «قد يكون ما يحكى عن حصص وتجاوز العقد مجرد أفكار لكن لا شيء محسوماً على هذا الصعيد».

وعن زيارة للرئيس المكلف سعد الحريري أو موفد منه إلى بعبدا هذا الأسبوع، تقول الأوساط لـ «المركزية» أن «ليس في الأفق أقله خلال الساعات الثماني والأربعين المقبلة ما يؤشر إلى ذلك. فغدا (اليوم) عيد انتقال السيدة العذراء وهو يوم عطلة أما بعده فلا نعلم ما قد يستجد، خصوصاً إذا ما تم استثمار مناسبة العيد لإجراء مزيد من الاتصالات والمشاورات بين المسؤولين وتحديداً المعنيين في عملية تشكيل الحكومة». أما مصادر الرئيس الحريري فقالت لـ «أم تي في» :»الرئيس المكلف عرض مخرجاً معيناً وضعه في عهدة المعنيين، وإذا لم يتقدم كل فريق خطوة في اتجاه الآخر فالأمور ستبقى على حالها».

وقال الأمين العام لـ «تيار المستقبل» ​أحمد الحريري​: «رئيس ​الحكومة​ مصمم على تشكيل حكومة ائتلاف وطني، ولن ييأس، ومن يفكر بالضغط أو التهويل عليه كي يعتذر أو يشكل حكومة كيفما كان، «فليخيط بغير مسلة». الرئيس الحريري صبره طويل، وهو يمضي في تأليف الحكومة، وبصلاحياته المكرسة بـالدستور، وأي كلام من خارجه لا مكان له في قاموسنا».

وأكد أن «الحكومة المنشودة اليوم هي حكومة تشارك فيها كل المكونات الأساسية، ولا مكان فيها لعزل أي مكون رئيسي، أو لإعطاء أي مكون آخر القدرة على تعطيل الحكومة، أي لا ثلث معطلاً لأحد»، مشدداً على أن «مسار التأليف في أياد أمينة مع الرئيس الحريري، وهو يمد يده للجميع، وسيصل بالحوار ​البناء​ وتدوير الزاويا إلى حلول لكل العقد، لأن البلد لا يحتاج إلى عرض عضلات سياسية، بل يحتاج إلى تهدئة وحكمة وتواضع، كما يحتاج إلى التمسك بالتسوية السياسية لأنها تعني استمرار الاستقرار الأمني والسياسي، وحماية مؤتمر «سيدر»، والانطلاق بالمشروع الاستثماري الذي يحمي ​اقتصاد​ البلد ويوقف الانهيار».

ودعت الوزيرة عناية عز الدين إلى «الإسراع في تأليف الحكومة وإلى عدم هدر فرصة الانقاذ بالعقلية الفئوية»، مشددة على ضرورة «ألا يتجاوز المسؤولون وجع الناس وقلقهم تحت ستار المكاسب الضيقة». ورأت «أن عدداً من الإشكاليات والأزمات التي تطفو على السطح تتفاقم مع غياب السلطة التنفيذية في البلاد». وقالت: «التأخر في تشكيل الحكومة حالياً هو المسألة الرئيسية التي يجب الانتباه إلى مخاطرها وأضرارها على لبنان». وحذرت من «تفاقم خيبة الأمل لدى المواطنين بسبب طريقة مقاربة التشكيل على قواعد المحاصصة والأحجام من دون مراعاة واقعية لنتائج الانتخابات النيابية ولصرخة المواطن الذي يئن تحت وطأة الأزمات الاجتماعية والاقتصادية».

«للتواضع وإلا هناك حسابات أخرى»

وأعلن عضو «اللقاء الديموقراطي» النائب بلال عبدالله أن «من يرفع السقوف كافة هو التيار الوطني الحر، في كل الاتجاهات مسيحياً ودرزياً وسنياً»، وقال لـ «صوت لبنان»: «فليسمح لنا كل من يتحدثون باسم التيار أن يتواضعوا قليلاً، وأن يسهلوا مهمة العهد والحكومة، وإلا سيكون هناك حسابات أخرى. كفانا تطاولاً على حصص الآخرين وكفانا معادلات وأعرافاً جديدة خارج الطائف»، مؤكداً أن «كل هذه المحاولات ستبوء بالفشل، لا توجد عقد درزية، هناك عقد لدى التيار الوطني يجب حلها».

وأكد عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب أدي أبي اللمع أن «كل ما يحكى عن حصص وحقائب غير صحيح، فلا شيء حتى الساعة على رغم كل الأطروحات التي لا تعكس بالضرورة وضعنا الفعلي. بالنسبة إلينا لا جديد على هذا الصعيد، وما يثار لا يعدو كونه مجرد كلام، أقله حتى الساعة».

وعزا عدم تفاؤله بولادة قريبة للحكومة إلى «تصريحات الوزير باسيل التي لا تعكس أجواء إيجابية، فهو يتحدث وكأن هناك إحباطاً للجهود التي تبذل لتسريع تشكيل الحكومة، وغير واضح وجود ضوء أخضر، والظاهر أن العقد تراوح مكانها وهي داخلية».

وشدد على «أن القوات متمسكة باتفاق النيات وبالقرارات الصادرة عنه، بغض النظر عن الحركة التي يقوم بها الوزير باسيل، وبالتالي لا نستطيع متابعة التقلبات الحاصلة في مواقفه وأجواء الإحباط التي يشيعها والتي لا تهدف إلى الإسراع في التشكيل، كما أن الرئيس المكلف قدّم حلولاً عديدة ومنطقية لكن باسيل يرفض تقبلها وبالتالي الأمور ما زالت تراوح مكانها».

«التقدمي»: مصالحة الجبل خط أحمر
«القوات»: لا حكومة من دون «الحزبين»


شدّد عضو «اللقاء الديموقراطي» النائب أكرم شهيب، على أن «المصالحة في الجبل هي أساس حرية لبنان وسيادته واستقلاله، وهذه المصالحة راسخة وتشكل خطاً أحمر في مسيرتنا السياسية التي لم ولن تبنى على مقعد نيابي بالزائد أو بالناقص ولا على منصب وزاري أو كتلة نيابية «غب الطلب». وعما «يقال عن تطويق العهد»، أوضح:» النغمة التي بدأنا نسمعها في أثناء المفاوضات التي يجريها رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، أعانه الله، لتشكيل الحكومة العتيدة التي قال رئيس الجمهورية أنها ستكون حكومة عهده الأولى، تتضمن إيحاءات ومزاعم لا تمت إلى الحقيقة بصلة، وهي ليست موجودة إلا في خيال من يطلقها، وهي محاصرة العهد وتطويقه».

ونظّمت «القوات اللبنانية» و»الجامعة الشعبية» في جهاز التنشئة السياسية وبالتعاون مع منسقية «القوات» في عاليه، لقاء حوارياً مع عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب أنيس نصار والنائب شهيب، في مقر منسقية عاليه في بلدة الكحالة، حضره مستشار الرئيس الحريري فادي أبي علام، رئيس جهاز الإعلام والتواصل في «القوات» شارل جبور، مفوض الإعلام في الحزب «التقدمي الاشتراكي» رامي الريس، وشخصيات حزبية وبلدية وفاعليات.

وقال شهيب: «في الذكرى الـ17 للمصالحة، نستعيد اليوم بعضاً من الكلمات التاريخية التي أعلنها البطريرك نصرالله صفير هذا الكبير من بلادي، الذي قال: «وإذا كان هناك من لم تبلغ إليهم نعمة المصالحة، فإننا نأمل بأن ينعموا بها، لتعم الفرحة جميع القلوب وتغمر جميع النفوس». وزاد: «وبالأمس اختصر رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أهمية المصالحة التاريخية بقوله «مصالحة الجبل أعمق من كل الترهات».

وأضاف: «لنسأل أين نحن اليوم من هذا الوصف التاريخي، والتشديد على وحدة الجبل وتحصينه من الخطاب الذي انتهجه البعض قبل الانتخابات الأخيرة في بعض قرى الجبل، والذي وصل أخيراً إلى حد التطاول على حرمة الشهادة والشهداء».

وأكد ان «السعي إلى تفعيل عمل المؤسسات وتعزيز دور الدولة لا يكون بالشعارات والمزايدات والمطالب التعجيزية والتعطيلية، بل بالممارسة الجدية والفعلية التي تصب في خانة انتشال المؤسسات وتفعيل دورها، ليستقيم عمل الدولة».

نصار

وأكد النائب نصار أن «موضوع المصالحة هو مقدس بالنسبة إلينا كـ»قوات لبنانية» وحزب «تقدمي»، وتمت ترجمة هذه المصالحة بالانتخابات النيابية التي جرت أخيراً، وكانت لائحة المصالحة والتي كان لونها الأحمر، لنقول إن المصالحة هي خط أحمر لا أحد يقترب منها، وإننا نسمع بعض الأصوات النشاز من هنا وهناك، لكن الذي يصالح هو الذي حارب والذي لم يكن له أي مشاركة بالحرب، والذي ترك موقعه وهرب ليس لديه الحق في أن يصالح». وتابع: «كل ذلك لقاء حفنة من الأصوات من هنا وهناك، التحالف السياسي لا يزال قائماً بين «القوات» و»التقدمي»، والآن تجري عملية تشكيل الحكومة وأنا أقول من الممكن أن يشكلوا حكومة من دون «القوات اللبنانية»، ومن الممكن، ولكن صعب جداً، تأليف حكومة من دون الحزب «التقدمي»، ومن المستحيل أن تشكل حكومة من دون هذين الحزبين، نقول ونتمنى أن لا يفكر أحد في هذا الموضوع».