Date: Aug 10, 2018
Source: جريدة النهار اللبنانية
طرح قانوني جدي يطبقه الغرب يبحثه جريصاتي في إحالات هيئة الإشراف
كلوديت سركيس 
يلتقي وزير العدل سليم جريصاتي وفد ممثلي وسائل الاعلام المرئي والمسموع اليوم في إطار جولاته على المسؤولين عن الشأن القضائي، بعد زيارته رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي جان فهد والنائب العام التمييزي القاضي سمير حمود للبحث في قضية إحالة 45 وسيلة إعلامية على محكمة المطبوعات بجرم مخالفة قانون الانتخاب، والبحث في مخرج قانوني لهذه الاحالات الموزعة حاليا بين محكمتي المطبوعات في بيروت وجبل لبنان، باستثناء إحالة واحدة على محكمة زحلة بعد ادعاء النيابات العامة الاستئنافية المختصة على الـ45 وسيلة إعلامية مرئية ومسموعة ومكتوبة، بموجب ملفات وثقتها هيئة الاشراف على الانتخابات في فترة الصمت الانتخابي، وعدد هذه الفئة قليل، فالقسم الاكبر من المخالفات يعود الى الفترة التي سبقتها لجهة عدم الظهور بالتساوي بين المرشحين، أو إتاحة المجال لمرشحين محددين. 

رئيس هذه الهيئة الذي زار جريصاتي الثلثاء الماضي حول هذا الموضوع بدعوة من وزير العدل الذي تحدث عن وساطته انطلاقا من أن هدف كل عدالة هو الوئام المجتمعي، متحدثا عن التفكير مليا في بعض الحلول المتاحة. 

طبيعة هذه الحلول ستكون بعزل عن هيئة الاشراف التي قامت بدورها، وانتهى بعد ما احالته من ملفات على القضاء وسلوكها المجرى القانوني بتحريك الدعوى العامة ضدها وتسلم محاكم المطبوعات هذه الملفات مرفقة بالادعاء. وأكد ذلك رئيس هيئة الاشراف على الانتخابات القاضي نديم عبد الملك الذي ذكر لـ"النهار" ان الهيئة "اودعت هذه الملفات القضاء وفقا للقانون وأصبحت بيد القضاء الذي هو سيد نفسه ويدرك ما يقوم به، ونحن لم يعد لنا اي دور".

ووفق المعلومات من أجواء وزارة العدل انه جرى طرح ثلاث أفكار في اطار الحلحلة، وجرى استبعاد نقطتين منها. الفكرة الاولى تحكيم وزير العدل الذي رفضه جريصاتي باعتبار ان هذه الملفات اصبحت في يد القضاء وباتت امام المحكمة، واعتماد التحكيم في المرحلة التي وصلت اليها الملفات كمن يسلب القضاء اختصاصه او احتجازه بعد بلوغها محاكم المطبوعات. والفكرة الثانية هي الصلح. وجرى استبعادها ايضا لانه ما من حق شخصي في هذه الملفات، إنما حق عام. والفكرة الثالثة والاوفر حظا هي اجتهاد تطرح تفاصيله للمرة الاولى في لبنان. فثمة نزعة قانونية رائدة في وسائل الاعلام الغربي وخصوصا في فرنسا وبريطانيا تجيز في أحيان كثيرة مراعاة المصالح اللبنانية العليا حتى في دعاوى الحق العام ذات الطابع الجزائي. وتترجم من طريق حصول تواصل بمثابة ما يسمى مساومة او صلحة مقصود بها ان يأخذها الحق العام في الاعتبار، تثار امام المحكمة، شبيهة الى حد ما بما يأخذه الحق العام في الاعتبار عندما يحصل إسقاط الحق الشخصي في الدعوى. ويبدو ان بعض هذه الافكار- الحجج طرحها ممثلو وسائل الاعلام في دراسة قانونية متماسكة تسلمها وزير العدل، واعتبرت انها تصلح اسباب دفاع واسباب دفوع شكلية. وهذا الامر يتخطى جريصاتي لانه اصبح في يد القضاء، طبقا للاجواء نفسها. وبالتالي فإن رئيس هيئة الاشراف على الانتخابات لا يمكنه سحب الاحالات من امام محاكم المطبوعات تبعا لاستنسابه، لانها خرجت عن صلاحياته، ولكن ما طرحه جريصاتي من افكار خلال اجتماعه برئيس الهيئة لقي استحسانا منه، على ان تترجم هذه الافكار في محاكم الاساس بمواكبة وزير العدل على ما نقل عنه زواره، لإيصال وسائل الاعلام الى شاطىء الامان بعد تحييد هيئة الاشراف. وخلاصة هذا الحل القانوني سيعرضها وزير العدل في اجتماعه مع ممثلي وسائل الاعلام بمواكبة القضاء، بعيدا من التدخل في القضاء او اختزاله او مزاحمته او استباق أحكامه، مع احترام مبدأ فصل السلطات، وبمساعدة هيئة الاشراف وكذلك هيئة القضايا في وزارة العدل إذا اقتضى الأمر، للمضي بمسلك قانوني يؤدي في النتيجة الى ما لا تخشاه وسائل الاعلام. وخلاصة القول ان هذا الطرح القانوني ستتم مناقشته امام محكمة المطبوعات التي ستصدر قراراتها في الملفات، والكلمة الفصل تبقى للقضاء.