Date: Aug 10, 2018
Source: جريدة الحياة
الديبلوماسية تسابق التصعيد في إدلب والأمم المتحدة لتجنب «معركة دموية»
لافروف إلى تركيا الإثنين... والأكراد إلى دمشق للبحث في «الإدارة الذاتية»
باريس، موسكو - رندة تقي الدين، سامر الياس
بيروت، لــندن جنيف - «الحياة»، أ ف ب، رويترز - تسارعت أمس الجهود الديبلوماسية لوقف هجوم يتأهب له النظام على محافظة إدلب (شمال سورية)، وفي حين يزور وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أنقرة الإثنين المقبل للبحث في الملف، حذّرت الأمم المتحدة من «كابوس إنساني»، وتحدثت عن حصولها على تعهدات من الدول الضامنة لـ «آستانة»، روسيا وتركيا وإيران، «تجنب معركة دموية في إدلب». لكن على الأرض، بدا الوضع مغايراً لتلك التعهدات، إذ واصل النظام السوري حشد قواته على المحور الغربي للمدينة الخاضعة لاتفاق «خفض التصعيد»، بالتزامن مع تصعيد قصفه على مناطق تمركز مسلحي المعارضة.

وأعلنت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أمس أن لافروف سيزور أنقرة يومي 13 و14 الشهر الجاري لبحث الوضع في سورية مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو. وفيما توقعت عودة حوالى مليوني لاجئ سوري إلى وطنهم خلال أشهر قريبة، قالت الناطقة باسم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة ميليسا فليمينغ لـ «الحياة»، أن المفوضية «تجري محادثات مع مسوؤلين روس للبحث في تفاصيل الخطة المقترحة لإعادة اللاجئين السوريين، وأيضاً من أجل الإصرار على ضرورة أن تكون أي خطة لتشجيع اللاجئين السوريين أو تنظيم عودتهم، ملتزمة المعايير الدولية لضمان أن تكون عودتهم طوعية وآمنة ومستدامة». وأكدت فليمينغ أن «المفوضية العليا لا تسهل عودة اللاجئين إلى أن تصبح الظروف ناضجة لذلك. وهي الآن لا تشارك في تنظيم أو ضمان أي عودة للاجئين» (راجع ص5).

في غضون ذلك، ألقت الأمم المتحدة بثقلها في ملف إدلب، وحضت أمس على «مفاوضات عاجلة لتجنّب حمام دم في صفوف المدنيين». وكشف مستشارها للشؤون الإنسانية في سورية يان إيغلاند أن موسكو وطهران وأنقرة، أبلغت اجتماعاً لقوة المهمات الإنسانية في سورية «حرصها على تفادي معركة قد تهدد أرواح ملايين المدنيين»، مشدداً على أنه «لا يمكن السماح بامتداد الحرب إلى إدلب». لكن بدا من تصريحات إيغلاند أن جهود الأمم المتحدة تركز على احتواء «هجوم واسع»، إذ قال أنه لا يزال «يأمل» بأن تتمكن الجهود الديبلوماسية الجارية من منع عملية عسكرية بريّة كبيرة يمكن أن تجبر مئات الآلاف على الفرار. وأضاف: «الأمر سيئ الآن... ويمكن أن يصبح أسوأ بمئة مرة»، محذراً من أن عملية عسكرية واسعة في إدلب «ستتسبّب في كابوس إنساني لأنه لم تعد هناك مناطق معارضة في سورية يمكن إجلاء الناس إليها».

ولم يستبعد إيغلاند حصول مواجهة عسكرية، قائلاً: «يتم وضع خطط طارئة للتعامل مع عدد من السيناريوات»، ومشيراً إلى أنّ «ضمان إبقاء تركيا حدودها مفتوحة لمن يمكن أن يفرّوا من وجه هجوم دمشق سيشكّل أولوية». وقال: «السيناريو الذي نريد تجنّبه بأي ثمن هو اندلاع حرب كبيرة في مناطق المدنيين (في إدلب)»، مضيفاً: «يمكن تطبيق اتفاق لاستسلام المسلحين في إدلب لإنقاذ حياة المدنيين».

وبالتزامن مع إسقاط مروحيات تابعة للنظام مناشير حضت فيها المعارضة على العودة إلى حكم الدولة، وأبلغتهم بأن «الحرب اقتربت من نهايتها»، وصلت قوات نظامية إضافية إلى محيط إدلب تمهيداً لهجوم محتمل في منطقة تقع جنوب غربي المدينة، وتتداخل مع محافظتي اللاذقية وحماة. وأفيد بأن التعزيزات ستتوزع على ثلاث جبهات في اللاذقية (غرب) المجاورة لجسر الشغور غرباً، وفي سهل الغاب الذي يقع إلى الجنوب من إدلب، إضافة إلى مناطق تقع جنوب شرقي المحافظة، والتي يسيطر عليها النظام.

إلى ذلك، وبعد نحو أسبوعين على زيارة وفد من مجلس سورية الديموقراطية «مسد» والإدارة الذاتية في الشمال، كشف مصدر قيادي في المجلس الذي يعد الذراع السياسية لقوات «قسد»، أن «التحضيرات جارية لزيارة جديدة لدمشق»، موضحاً لـ «الحياة» أن «الوفد موسع، وسيبحث مع مسؤولين في دمشق متابعة القضايا التي طُرحت في المجالات الخدمية والسياسية وترتيبات شمال سورية وشمال شرقها». وذكر أن وفداً من المجلس يرغب في زيارة مدينة السويداء.

وقال مصدر كردي آخر أن «جزءاً من الوفد يضم قانونيين سيبحث في موضوع الإدارتين الذاتية والمحلية ضمن نظام اللامركزية الديموقراطية»، موضحاً لـ «الحياة» أن «المحادثات ستكون مع لجنة من النظام الذي طرح سابقاً بعض التطوير على القانون 107 المتعلق بالإدارات المحلية». ورجحت مصادر روسية أن تتطرق محادثات لافروف مع نظيره التركي الإثنين المقبل، إلى ملف ترتيبات شمال شرقي سورية في ظل التقارب بين دمشق والأكراد، وألا تقتصر على موضوع إدلب.