Date: Aug 9, 2018
Source: جريدة الحياة
دمشق تمهّد لمعركة غرب إدلب والجدل يحتدم حول مصير «النصرة»
موسكو، لندن - سامر الياس، «الحياة»
بدت أمس جبهة الشمال السوري مفتوحة على كل الاحتمالات، مع تصاعد الجدل حول مصير «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً) التي تسيطر على غالبية محافظة إدلب، وتحذيرات روسية من «استفزازات تقوّض التسوية». وفيما حذرت وكالات إغاثة تابعة للأمم المتحدة من أن هجوماً مرتقباً للنظام السوري على إدلب (شمال سورية) «قد يشرد حوالى 700 ألف شخص»، عززت القوات النظامية عديدها في مثلث سهل الغاب– جسر الشغور– جبال اللاذقية (غرب إدلب)، والذي يسعى النظام الى السيطرة عليه وفتح ممر آمن، بالتزامن مع تصاعد القصف على المنطقة.

ورجحت مصادر متقاطعة ان تكون التحركات الأخيرة «تحضيراً لعمل عسكري قد تنفذه قوات النظام في غرب إدلب». ورأت أن العملية في هذه المنطقة تأخرت بسبب المواجهات التي اندلعت ضد تنظيم «داعش» في السويداء، والتي استدعت توجه قوات النظام التي سيطرت على درعا والقنيطرة، إلى المحافظة.

إلى ذلك، تحدى قيادي في «هيئة تحرير الشام» المطالب التي راجت في الأيام الأخيرة بحل الهيئة وتسليم سلاحها، ضمن مساعٍ لوقف عمل عسكري يستهدف إدلب. وقال القيادي في الهيئة مظهر الويس: «الذين يتحدثون عن حل الهيئة نفسها، عليهم أن يحلوا الأوهام والوساوس في عقلهم المريض»، مشدداً على أن «سلاح الأخيرة خط أحمر، والأيدي التي تمتد إليه ستقطع... وقرار الهيئة بيد أبنائها الصادقين». واعتبر أن «تحرير الشام» هي «رأس الحربة في الساحة السورية»، لكنه فتح الباب امام اندماج الهيئة قائلاً: «الباب مفتوح لأي تعاون أو تنسيق، بل حتى اندماج يحافظ على ثوابت الساحة، ويكون فيه قرار المقاتلين مستقلاً، وليس إملاءات من هنا وهناك».

في المقابل، قلّل مصدر بارز في المعارضة السورية من أهمية تصريحات الويس، الذي وصفه بـ «مُنظر تيار القاعدة في الهيئة»، موضحاً لـ «الحياة» أن «الويس يمثل التيار القاعدي في تحرير الشام، والذي يبلغ عدده نحو 700 مسلح»، فيما ذهب القائد العام لحركة تحرير الوطن العقيد فاتح حسون إلى اتهام «روسيا وإيران بتحريك هذا التيار الصغير الذي رفض فك الارتباط مع القاعدة، ولا يرغب بالدخول في العملية السياسية»، معتبراً في تصريحات لـ «الحياة» أن «الهدف من إطلاق هذه التصريحات هو إثارة الفتنة وإشعال الاقتتال بين الفصائل، لإعطاء مبرر للروس والنظام باقتحام إدلب».

وكان تصاعد الحملات التي تشنها «هيئة تحرير الشام» و «الجبهة الوطنية للتحرير» في شمال سورية لتوقيف عناصر تتهمها بـ «الترويج للمصالحة مع النظام»، استدعى تحذيراً من موسكو من «تقويض التسوية، وتطبيع الوضع في إدلب لخفض التصعيد وإفشال جهود المصالحة بين أطراف النزاع السوري هناك». ودعا المركز الروسي لتنسيق المصالحة في سورية قيادات الفصائل إلى «التخلي عن الاستفزازات المسلحة والتحول إلى مسار التسوية السلمية في المناطق الخاضعة لسيطرة» هذه الفصائل.

وأكد القيادي في «هيئة تحرير الشام» أبو ماريا القحطاني، أن ما جرى في الجنوب السوري «لن يتكرر في الشمال السوري». ودافع في تدوينة عبر «تلغرام»، عن حملات التوقيف الأخيرة، معتبراً ان «تحصين المناطق لا يكون فقط بالتدشيم وحفر الخنادق بل بعمل يشمل الإجراءات العسكرية والأمنية كافة». وأضاف: «من أهم الأمور والتدابير في التحصين خلع عيون الأعداء في المناطق المحررة وبتر ذيولهم، فكان لعرّابي المصالحات دور في تسليم درعا».

وفي الجنوب، تصاعدت أمس الاشتباكات بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها، وتنظيم «داعش» في ريفي السويداء الشرقي والشمالي الشرقي، بالتزامن مع قصف صاروخي من قوات النظام. وأكدت وكالة الانباء السورية «سانا» أن «الجيش واصل تقدمه داخل السويداء وسيطر على مراكز قيادة تابعة لداعش».

بموازاة ذلك، تواصلت أمس محنة المختطفين في المدينة، وأوضح لـ «الحياة» مدير موقع «سويداء 24» نور رضوان، أن «ميليشيات الحزب القومي السوري تعمدت إعدام أسير داعش أول من أمس والسماح للأطفال والفتية بالتنكيل به، في خطوة مستهجنة يمكن أن تفتح على حملة انتقام من مختطَفي المحافظة». ولفت إلى إن «الأسير الداعشي هو فلسطيني ممن نقلهم النظام ضمن صفقة اليرموك والحجر الأسود الأخيرة، وقدم معلومات عن أماكن زرع فيها التنظيم ألغاماً».

في غضون ذلك، جددت موسكو أمس دعوتها الدول الأوروبية الى «إلغاء العقوبات الاقتصادية والتعاون في عودة اللاجئين»، كما طالبت «البلدان والمنظمات الدولية بالمشاركة في تقديم مساعدة شاملة لسورية».