Date: Aug 4, 2018
Source: جريدة الحياة
السيستاني يطوّر موقفه من المقاطعة إلى دعوة للغضب
كرّس المرجع الشيعي علي السيستاني موقفه المتضامن مع التظاهرات الشعبية المستمرة في مدن الجنوب العراقي، بالدعوة إلى «الغضب المسيطَر عليه» لحل المشكلات السياسية والاجتماعية والأمنية.

وعلى رغم أن خطبة السيستاني الجمعة، التي ألقاها نيابة عنه ممثله في كربلاء أحمد الصافي، لم تتضمن إشارات صريحة إلى الوضع السياسي، على غرار الخطبة السابقة، إلا أن الصافي ركز مضامين الخطبة على تبرير «الغضب الشعبي» والدعوة إليه، وقال: «ذكرنا سابقاً الآثار السلبية التي تنتج من الغضب غير المبرر وغير المسيطر عليه، اليوم نذكر الآثار الإيجابية للغضب».

وأضاف أن «الغضب من الأمور الغريزية... الإنسان تمر به حالات ينفعل (بسببها) ويغضب، وهذا الغضب هو الذي حافظ على نوع الإنسان وشخصه لأنه بغضبه يحمي نفسه، فإذا تعرّض لأمور تستوجب منه الغضب يغضب، لكن هذا الغضب إذا أخرجه عن قصده وعن لبّه وعن عقله، يكون في الجانب الذي ذكرناه سابقاً، وسيُنتج آثاراً سلبية قد يندم الإنسان عليها».

وفي إشارة إلى التظاهرات الأخيرة، قال: «لكن إذا نشأ غَضب الإنسان من مشكلة شخصية اجتماعية اقتصادية سياسية عسكرية، وأخرجه هذا الغضب من بيته لكي يواجه هذه المشكلة، وكان هذا الغضب تحت السيطرة، فهذا غضبٌ ممدوح». وأضاف: «بالغضب حُصّنت البلاد، وحُفظت الأراضي، ومُنع تَدنيس المقدسات، لأن الإنسان عندما يغضب وهو يعلم لماذا يغضب، لماذا يذهب، لماذا يتفاعل، ستكون النتائج إيجابية، وسيكون هذا الفعل معلوم التصرّف والمنشأ، ومعلوم الهدف من ألفه إلى يائه».

وأضاف الصافي أن «الحقوق تؤخذ، ولا تُعطى. الذي يسلب الحق هو بطبيعته يريد ان تبقى يده يداً عالية، ويداً سالبة للحق، لكن على صاحب الحق أن يطالب به... الحقوق تؤخذ. جزء من إرجاع الحق أن يغضب الإنسان لسلبه حقه، فإذا غضب لسلبهِ حقه وكان هذا الغضب مسيطرًا عليه، ستكون حجته قوية، وستكون حجتهُ دامغة، وسيكون مطلبهُ واضحاً، وستكون الحجّة له لا عليه». وزاد ان هناك مشكلات سياسية واجتماعية واقتصادية ومالية لا تُحَل إلا بتعبير الإنسان عن غضبه.

ويؤكد مطلعون على آليات عمل مرجعية السيستاني، أن خطبة الجمعة التي تُلقى في كربلاء على لسان معتمدَيه أحمد الصافي وعبد المهدي الكربلائي، تعبر بشكل مباشر عن وجهات نظره السياسية، وتُدرَس بشكل دقيق، وتُراجع قبل الموافقة على ترويجها عبر منبر كربلاء.

وترى هذه الأوساط ان السيستاني طوّر خلال الأعوام الأخيرة استياءه من الوسط السياسي العراقي من المقاطعة الكاملة إلى المواجهة، وكان دعا خلال خطبة الجمعة قبل الماضية، إلى اختيار رئيس حكومة قوي وحازم وحكومة كفؤة، محذراً من تطور الاحتجاجات الشعبية، ومنوهاً إلى أنه يدعم الاحتجاجات.

وعلى رغم إعلان معظم الأطراف السياسية العراقية التزام تعليمات السيستاني، إلا أن المصادر تؤكد أن هناك اتفاقاً سياسياً على ألا يتعدى التأييد حدود البيانات الصحافية، وان يتم تشكيل الحكومة على قاعدة تقاسم الحصص والوزارات، ما يبرر خطبة أمس التي تشير بصراحة إلى الغضب.

تجدد الاحتجاجات وسط العراق وجنوبه
بغداد - عمر ستار 
تجددت أمس، التظاهرات «الموحدة» في تسع محافظات عراقية للأسبوع الثالث على التوالي، للمطالبة بالخدمات ومحاربة الفساد، وسط إجراءات أمنية مشددة وإغلاق معظم الطرق الرئيسة في بغداد ومحافظات الجنوب.


وتجمّع مئات في البصرة أمام مبنى مجلس المحافظة، للاحتجاج على تلكؤ السلطات في تحقيق المطالب المعلنة منذ أسابيع، فيما واصل عشرات من أبناء محافظة المثنى اعتصامهم المفتوح الذي دخل أسبوعه الثاني.

وقال الشيخ يعرب المحمداوي أحد شيوخ عشائر البصرة لـ «الحياة»، إن «شيوخ العشائر اقترحوا على الحكومة الاتحادية إرسال ممثلين إلى ساحات التظاهر والاعتصام والاستماع في شكل مباشر لمطالبهم، بدلاً من انتظار وفود المحافظات في بغداد». وأشار إلى أن «التظاهرات في طريقها لتتحوّل إلى اعتصام مفتوح في أرجاء المحافظة كافة، في حال عدم التزام الحكومة دفع المخصصات المالية، وبناء وحدات لمعالجة المياه ومحطات توليد الطاقة الكهربائية».

وأكد المحمداوي أن «الحل الحقيقي لأزمة البصرة وباقي محافظات الجنوب هو اختيار حكومة عراقية جديدة وقوية قادرة على تنفيذ مطالب أهالي المحافظة ورسم خطط واضحة للنهوض بالواقع المرير الذي نعيش».

إلى ذلك، أفاد مسؤول عشيرة بني مالك في البصرة الشيخ ضرغام صباح عرمش المالكي، بأن «بعض الشخصيات الاجتماعية التي ظهرت معه في لقطات فيديو خلال التحضير للتظاهرات، وأيضاً الذين خرجوا وتظاهروا معه، تلقوا اتصالات هاتفية من أشخاص متنفذين في البلاد، وتم تهديدهم بإصدار مذكرات قبض بحقهم، ما أجبرهم على السكوت والابتعاد عن الساحة».

وتشهد محافظات العراق الجنوبية إضافة إلى العاصمة بغداد، تظاهرات شبه يومية، بدأت شرارتها في 8 تموز (يوليو) الماضي في البصرة، احتجاجاً على سوء الخدمات والبطالة، تبعتها تظاهرات مشابهة في كل من المثنى وذي قار وميسان والديوانية وواسط والنجف وكربلاء وبابل.

وكانت اللجان التنسيقية في محافظة البصرة أعلنت في بيان «الانتهاء من التحضيرات لأكبر تظاهرة واعتصام داخل المحافظة، احتجاجاً على تردي الأوضاع المعيشية». واتهمت «الحكومتان الاتحادية والمحلية بعدم الوفاء بوعودهما بتحقيق المطالب التي سلمتها إليهما اللجان التنسيقية في وقت سابق، والتي كانت تتلخص ببناء سد البصرة، وإكمال مشروع ميناء الفاو الكبير، وإيجاد وظائف للعاطلين من العمل». وهددت بـ «تصعيد الاعتصامات السلمية لتتخذ أشكالاً أكثر تصعيداً، كقطع الجسور الرئيسة للمحافظة في حال لم تكن هناك استجابة فعلية إلى مطالب المتظاهرين».

وبرّر محافظ البصرة أسعد العيداني أمس، عدم استخدام المولدات الكهربائية التي أرسلتها الكويت كونها «مستخدمة واستهلاكها للوقود عالي جداً ولا تدعم حلّ مشكلة الكهرباء في البصرة»، لافتاً إلى أنها «لم تخصص للبصرة إنما إلى بعض المحافظات الأخرى». وكشف العيداني عن اتفاق مع وزير الكهرباء على تخصيص مولدين لطوارئ «مستشفى الصدر التعليمي» و «مستشفى البصرة العام» لاستخدامهما في حال حصول مشكلات في الطاقة الكهربائية.