| | Date: Jun 30, 2018 | Source: جريدة الحياة | | دمشق تعزز مكاسبها في الجنوب ... والمعارضة أمام خيارات مرّة | الأردن يكثف جهوده لوقف النار وتركيا تندد بالهجوم «غير الإنساني» | موسكو، بيروت - «الحياة»، أ ف ب
مع ارتفاع أعداد النازحين من محافظة درعا في اتجاه الحدود مع الأردن والجولان السوري المحتل إلى نحو 150 ألفاً، حذرت الأمم المتحدة من «كارثة إنسانية». وفي حين استؤنفت الغارات الجوية على ريفي درعا الشرقي والغربي بعد الإعلان عن هدنة انتهت منتصف يوم أمس، أكدت مصادر في المعارضة أن النظام وميليشياته لم يلتزموا بها. وفيما أخفق النظام في السيطرة على وحدة الدفاع الجوي في جنوب غربي مدينة درعا، تضاربت الأنباء حول التوصل إلى اتفاقات بين الجانب الروسي وبعض الفصائل للانسحاب من معبر نصيب، وفي بلدات أم الميادن والطيبة ونصيب تقضي بتسليم المعارضين أسلحتهم ودخول الجيش السوري.
وحذر مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان الأمير زيد بن رعد الحسين من أن المدنيين في درعا ربما يتعرضون للحصار والقصف على غرار ما حدث في الغوطة الشرقية. وأشار في بيان إلى أن بعض نقاط التفتيش التابعة للقوات الحكومية تتقاضى مئات الدولارات من المدنيين لتسمح لهم بالمرور. وكان المرصد السوري قدر أعداد النازحين بنحو 150 ألفاً نتيجة استمرار القصف والأعمال القتالية في الأيام الأخيرة.
وفي حين أجبرت الغارات العنيفة عدداً من القرى والبلدات على توقيع اتفاقات مصالحة، وتنظيم احتفالات بدخول الجيش ورفع العلم السوري، بعد سيطرة الجيش على قرى في بلدات بالريف الشمالي الشرقي قرب اللجاة، تحدثت مواقع المعارضة عن دخول الشرطة العسكرية الروسية إلى مدينة داعل وبلدة أبطع وتوجهها لاحقاً إلى بلدة طفس غرب طريق دمشق عمان بعد الاتفاق مع الفصائل الموجودة فيها على تسليم السلاح وإتمام مصالحات مع النظام. وكانت هذه المدن تعرضت سابقاً لغارات وقصف من قبل الطيران الروسي والسوري.
وفي وقت سابق، دخلت الشرطة العسكرية الروسية وجيش النظام بلدات أم ولد والكرك الشرقي القريبة من الريف الغربي للسويداء والمجاورة لمدينة المسيفرة التي شهدت أمس مجزرة مروعة نتيجة استهداف طيران النظام قبواً قصده مدنييون هرباً من القصف ليواجه أكثر من 25 منهم مصيرهم فيه.
وفي المقابل، أخفقت قوات النظام في السيطرة على قاعدة للدفاع الجوي جنوب غربي مدينة درعا، وأعلنت غرفة العمليات المركزية في الجنوب صد أكثر من هجوم، وإلحاق خسائر في صفوف جيش النظام.
كما ألقت مروحيات النظام أمس براميل متفجرة على درعا البلد، وشنت طائرات يشك أنها روسيا على طفس غربي المدينة. وفور انتهاء الهدنة أمس، شنت طائرات النظام عشرات الغارات على بلدة كحيل الواقعة وسط مدن صيدا والمسيفرة والجيزة.
وتحدثت وسائل إعلام النظام ووسائل إعلام مدعومة من الإيرانيين عن سيطرة النظام على 55 بلدة وقرية في المحافظة نتيجة العمليات العسكرية أو بعد استسلامها للجيش وتوقيع مصالحات، كما أشارت مصادر مقربة من النظام عن قرب خروج المعارضين من معبر نصيب وتسليمه للجيش السوري. وبعد نحو أسبوعين من التصعيد العسكري، تجد الفصائل المسلحة نفسها أمام خيارات «أحلاها مر». وقال الباحث المتحدر من محافظة درعا أحمد أبا زيد: «مع التخلي الأميركي عن الفصائل وإغلاق الحدود الأردنية، ما يبدو بمثابة ضوء أخضر دولي للحملة الروسية في الجنوب، يتبين أن الخيارات ضيقة» أمام الفصائل. وبالمثل، أكد الباحث في مجموعة الأزمات الدولية سام هيلر، الذي قال: «تواجه الفصائل خيارات أحلاها مر، بين التفاوض مع الطرف الروسي بواسطة الطرف الأردني، أم استمرار المقاومة العسكرية التي ستنتهي بالتفاوض تحت المزيد من الضغط العسكري».
ورفضت فصائل المعارضة الأحد عرضاً روسياً تلقته عبر الأردن، تضمن وفق أبا زيد، «استسلامها وتسليم سلاحها الثقيل وتحول من يريد من مقاتليها إلى شرطة محلية في المنطقة». وتوقع الباحث في «مركز عمران للدراسات» ومقره اسطنبول نوار أوليفر أن «يكون السيناريو المطروح أمام فصائل الجنوب مختلفاً عن بقية المناطق بحكم الموقع الجغرافي للمنطقة وأهميتها الاستراتيجية» على الحدود مع إسرائيل والأردن. وقال إن موضوع التهجير بعيد جداً عن التطبيق... ومن المرجح أن يتحول المقاتلون إلى شرطة مدنية في الريف الغربي لدرعا، حيث من المتوقع أن تنكفئ الفصائل، على أن يكون لها دور في قتال «داعش» الموجود في جيب في جنوب غربي درعا. وعما إذا كان النظام سيقبل بذلك، أكد أوليفر أن «روسيا ستدفعه للمساومة والقبـول».
ونفى القيادي في الجبهة الجنوبية العقيد خالد النابلسي حصول أي تفاوض مع الجانب الروسي من قبل غرفة العمليات المركزية في الجنوب، وقال لـ «الحياة»: «لم نستلم أي شروط من الجانب الروسي، ونحن نعلم أن شروطهم سوف تتضمن طلبات مذلة وكذلك الاستسلام».
فصائل مشتتة تتقاسم السيطرة على درعا والقنيطرة
تتقاسم عشرات الفصائل المسلحة الصغيرة والمدعوم غالبيتها من الأردن والولايات المتحدة السيطرة على مناطق واسعة في الجنوب السوري، وهي عرضة حالياً لهجوم عنيف تشنه قوات النظام وحليفتها روسيا.
وتكتسب المنطقة الجنوبية من سورية التي تضم إلى درعا محافظتي القنيطرة والسويداء، خصوصيتها من أهمية موقعها الجغرافي الحدودي مع إسرائيل والأردن، عدا عن قربها من دمشق. وتسيطر الفصائل على الجزء الأكبر من محافظتي درعا والقنيطرة، فيما تسيطر قوات النظام على محافظة السويداء المجاورة في شكل شبه كامل.
وفي العام 2014، توحدت الفصائل في درعا تحت ما عُرف بتحالف «الجبهة الجنوبية»، وانضمت 55 كتيبة إلى الجبهة ليصبح عديدها أكثر من 30 ألف مسلح حققوا انتصارات متتالية على حساب قوات النظام، وسيطروا على قواعد عسكرية ومناطق استراتيجية في درعا والقنيطرة.
فاوضت الأمم المتحدة والأردن العام الماضي من أجل التوصل إلى وقف نار في الجنوب بدأ سريانه بعد اتفاق مع روسيا في تموز (يوليو)، لتشهد تلك المنطقة منذ ذلك الحين وقفاً للأعمال القتالية، قبل أن تبدأ قوات النظام هجومها في 19 حزيران (يوليو).
وأفاد تقرير لمجموعة الأزمات الدولية بأن إسرائيل أيضاً تدعم الفصائل المعارضة جنوباً، في ما بدا محاولة لتكريس شركاء محليين وضمان أمن منطقة عازلة على حدودها.
على مر السنوات، ضعف تحالف «الجبهة الجنوبية» وباتت الفصائل تعمل في شكل منفصل عن بعضها. وبعكس الغوطة الشرقية، معقل الفصائل الأبرز سابقاً قرب دمشق، حيث كانت ثلاثة فصائل كبيرة تسيطر على المشهد، فإن عشرات الفصائل الصغيرة تعمل حالياً في الجنوب، ولكل منها منطقة تخضع لنفوذها.
ووفق تقرير مجموعة الأزمات: «ليس لدى فصائل الجنوب قيادة واحدة، وإن كانت تنسق في ما بينها إلى حد ما».
وقال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبدالرحمن إنه «لم تعد هناك جبهة جنوبية»، مشيراً إلى أن «عشرات الفصائل تشكل في ما بينها غرف عمليات مشتركة متنوعة في مناطق عدة من الجنوب». ويعد فصيلا «جيش الثوار» و «شباب السنة» الأبرز والأكثر نفوذاً من حيث العديد والمعدات العسكرية. وينتمي إليهما حوالى نصف مسلحي الجنوب، وفق «المرصد». وتتواجد «حركة أحرار الشام»، أبرز الفصائل العاملة في سورية، أيضاً في درعا، لكن في شكل محدود. وبعد التقدم الأخير لقوات النظام في درعا، باتت الفصائل تسيطر على 60 في المئة من المحافظة. ولا تزال تسيطر على 70 في المئة من القنيطرة. ويقتصر تواجد «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً) على مئات المقاتلين في الجنوب السوري، فيما يسيطر فصيل «خالد بن الوليد» المبايع لتنظيم «داعش» على جيب صغير جنوب درعا محاذ لهضبة الجولان المحتلة. ويبلغ عديده نحو ألف مقاتل، وفق «المرصد».
الأردن يكثف جهوده لوقف النار وتركيا تندد بالهجوم «غير الإنساني»
نيويورك - أ ف ب
أكد وزير الخارجية الاردني أيمن الصفدي أمس، في نيويورك أن بلاده «تبذل جهوداً للتوصل إلى وقف لإطلاق النار» في جنوب سورية حيث تقوم قوات النظام بعملية عسكرية ضد الفصائل المعارضة.
وقال الصفدي في مؤتمر صحافي عقب لقائه الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش: «وضعت الأمين العام في صورة جهود المملكة مع جميع الأطراف لوقف النار وضمان حماية المدنيين وأيضاً ضمان تقديم كل الدعم الممكن لأشقائنا السوريين في بلدهم وعلى أرضهم».
وأضاف: «الوضع صعب كما تعلمون، ولكننا في المملكة مستمرون بالعمل بكل ما نستطيع من قوة ونبذل كل ما هو متاح من جهد ونتحدث مع جميع الأطراف القادرة والمؤثرة من أجل وقف النار».
وأشار الى أن «الأمور تطورت في صورة لم نكن نرغب بها، ونحن الآن في وضع لا نملك معه الا أن نستمر في العمل مع كل الأطراف من أجل وقف النار وحماية المدنيين وتقديم الدعم والإسناد لهم في بلادهم».
وحضت الأمم المتحدة الخميس عمان على فتح الحدود. لكن الصفدي قال خلال المؤتمر الصحافي: «لا نرى ضرورة أو سبباً ليتحمل الأردن وحده هذه المسؤولية». وزاد: «تحملنا ما فيه الكفاية بكل صدر رحب. نقدم كل ما نستطيع لأشقائنا لكن على الآخرين تحمّل مسؤولياتهم أيضا».
إلى ذلك، حمَّل وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، روسيا وإيران والولايات المتحدة «مسؤولية هجمات النظام جنوب سورية».
وقال في لقاء تلفزيوني، إن المنطقة الجنوبية «أدرجت ضمن مناطق خفض التوتر في سورية بموجب اتفاق آستانة، بين الدول الضامنة الثلاث تركيا وروسيا وإيران». وأشار إلى أن الولايات المتحدة وروسيا «توصلتا إلى تفاهم منفصل حول المنطقة في وقت لاحق»، لافتاً إلى أن «النظام يهاجم المعارضة حالياً جنوب سورية، وعلى روسيا وواشنطن إيقاف ذلك، باعتبارهما طرفي التفاهم الأخير».
وتطرق جاويش أوغلو إلى رسالة قالت فصائل معارضة إنها تلقتها من الإدارة الأميركية، تبلغها فيها بضرورة عدم توقع تدخل أميركي عسكري جنوب سورية، في حال شن النظام هجوماً هناك.
| |
|