Date: Jun 28, 2018
Source: جريدة الحياة
منح منظمة حظر الأسلحة الكيماوية صلاحيات تحديد المسؤول عن الهجمات في سورية
لاهاي، موسكو - أ ف ب 
عززت الدول الأعضاء في منظمة حظر الأسلحة الكيماوية امس (الاربعاء)، صلاحيات الهيئة الدولية عبر جعلها قادرة على تسمية منفذي الهجمات التي استخدمت فيها مثل هذه الأسلحة في سورية، على رغم معارضة روسيا التي لم تستبعد امكان ان تنسحب من هذه «السفينة التي تغرق».

وخلال جلسة مغلقة، أيّد 82 عضوا في المنظمة مشروع قرار تقدمت به لندن بدعم من واشنطن وباريس لتعزيز صلاحيات المنظمة، وعارضه 24 عضوا.

وقال وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون في شريط فيديو بث على مواقع التواصل الاجتماعي، إن «منظمة حظر الاسلحة الكيماوية أصبحت لديها صلاحية إضافية مهمة ليس فقط للكشف عن استخدام أسلحة كيماوية، إنما لتوجيه اصبعها إلى المنظمة أو الدولة المشتبه بوقوفها وراء الهجمات. هذا غاية في الأهمية إذا أردنا تثبيط استخدام هذه الأسلحة الشائنة».

وينص القرار على أنه يجوز للمنظمة، الحائزة جائزة نوبل للسلام في 2013، «أن تعتمد أحكاما لتحديد هوية مرتكبي الهجمات بالأسلحة الكيماوية في الجمهورية العربية السورية، من طريق تحديد جميع المعلومات المحتملة المتصلة بمصدر هذه الأسلحة الكيماوية والإبلاغ عنها».

وبعد التصويت على القرار، قال السفير الروسي في لاهاي الكسندر تشولغين خلال مؤتمر صحافي، إن «منظمة حظر الاسلحة الكيماوية تشبه سفينة تيتانيك اثناء غرقها»، مضيفا ردا على سؤال في شأن ما اذا كان موقف موسكو قد يدفع بها للانسحاب من المنظمة، إن «كل الخيارات على الطاولة».

وأعلن نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف اليوم ان موسكو «لا تعترف» بتعزيز صلاحيات المنظمة. وأكد لوكالات الانباء الروسية ان «آفاق ومستقبل المعاهدة (الدولية التي تحكم عمل المنظمة) اصبحا غامضين جدا. بالطبع نحن لا نعترف بشرعية التحكيم المزعومة هذه الجديدة وسنستخلص نتائج جدية مما حصل».

من جهته، قال السفير البريطاني في لاهاي بيتر ولسون، ان «صلاحية المنظمة في تسمية مرتكبي الهجمات بالاسلحة الكيماوية في سورية يمكن ان يتم توسيعها لاحقا لتشمل مناطق أخرى».

واشار إلى أن مدير المنظمة أحمد أوزمجو وخليفته الذي سيتولى مهماته في تموز (يوليو) المقبل، كلفا تقديم مقترحات تعطي المنظمة القدرة على تحديد المسؤولين في بلدان أخرى لتتمكن حكوماتها من تقديم الطلب.

وقال ويلسون «أقر مبدأ أن تُعتمد آلية عامة تتيح نسبة (الهجمات الكيماوية)، إضافة إلى إشارة واضحة تتيح من الآن فصاعداً للمدير العام أن ينسب (هجمات) في سورية».

واعتمد النص بعد مواجهة ديبلوماسية استمرت يومين، إذ عارضته كل من موسكو ودمشق وعمل الجانبان في أجواء «مشحونة»، وفقا لمصدر ديبلوماسي غربي، بنشاط وراء الكواليس في لاهاي لإمالة كفة الميزان لصالحهما. وكان تمرير المشروع يتطلب غالبية الثلثين.

ويفترض أن يصدر مفتشو المنظمة قريبا جداً تقريراً حول الهجوم المفترض بغازي السارين والكلور في السابع من نيسان (ابريل) المقبل على مدينة دوما في الغوطة الشرقية قرب دمشق، أدى وفق مسعفين إلى مقتل 40 شخصاً.

وأكد ولسون ان المنظمة أصبحت اليوم قادرة على أن تحدد من يقف وراء هذا الهجوم المفترض. ورحبت وزارة خارجية فرنسا بالقرار، ووصفته بأنه «تقدم تاريخي ضد الافلات من العقاب».

وبادر البريطانيون بالدعوة الى عقد الاجتماع الاستثنائي بعد أسابيع على تسميم العميل الروسي السابق سيرغي سكريبال وابنته في سالزبري (جنوب غربي بريطانيا) بغاز الاعصاب. واتهمت لندن موسكو بالوقوف وراء الاعتداء الكيماوي، وهو الأول منذ عقود في أوروبا.

وكتبت سفارة روسيا لدى هولندا في تغريدة: «هل قدمت المملكة المتحدة أدلة ملموسة في ما يسمى بقضية سكريبال؟ لا. جندوا حلفاءهم في حملة سافرة ضد روسيا. والآن، يحاولون جرّ منظمة حظر الاسلحة الكيماوية إلى لعبتهم الصغيرة».

وقال نائب وزير الصناعة والتجارة الروسي غورغي كالامانوف للصحافيين إثر القرار، إن «منظمة حظر الأسلحة الكيماوية على وشك الغرق مثل تايتانيك، وكأننا نشهد انهيار المنظمة».

وتعتبر موسكو المنظمة مجرد هيئة تقوم بعمل «اجرائي»، وانها لا يمكن أن تحل محل مجلس الأمن.

وقال سفير روسيا الكسندر شولغين انه «لا غموض على الإطلاق في الموقف الروسي: نحن ندين استخدام الأسلحة الكيماوية. نؤيد تماماً أن يتم العثور على الفاعلين ومقاضاتهم. لكن المسألة تكمن في معرفة أين ومن عليه الاهتمام بمسألة نسبة (الهجمات). في رأينا لا يوجد هيئة دولية (لديها شرعية القيام بذلك) غير مجلس الأمن».

وكانت روسيا اتهمت مع السلطات السورية جمعية مسعفي «الخوذ البيضاء» بتركيب شريط الفيديو عن الهجوم المفترض بالسلاح الكيماوي في دوما.

واستخدمت موسكو حق النقض (فيتو) في مجلس الأمن أواخر العام 2017، لانهاء مهمة لجنة سابقة مشتركة بين الأمم المتحدة والمنظمة تهدف لتحديد الجهات المسؤولة عن الهجمات في سورية.

وقبل انتهاء تفويضها في كانون الأول (ديسمبر)، توصلت اللجنة المعروفة باسم «آلية التحقيق المشتركة» إلى أن النظام السوري استخدم غاز الكلور أو السارين أربع مرات على الأقل ضد المدنيين في سورية. واستخدم تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) غاز الخردل في 2015.