Date: Jun 20, 2018
Source: جريدة الحياة
اتفاق تركي - روسي على تل رفعت وخلاف يعطل تشكيل لجنة الدستور
موسكو، لندن - سامر الياس، «الحياة» 
في مؤشر إلى فشل الجهود الديبلوماسية للجم التصعيد العسكري، استعجل النظام السوري وروسيا أمس فتح جبهة الجنوب، وسط ترجيح ضوء أخضر إسرائيلي. وعلى العكس في الشمال، نجحت أنقرة في إنجاز تفاهمات مع روسيا أفضت إلى اتفاق لحسم ملف مدينة تل رفعت (شمال سورية) على غرار «خريطة الطريق» التي توصلت إليها أنقرة وأميركا.

لكن ذلك التوافق لم ينعكس خلال اجتماعات الدول الضامنة في جنيف مع المبعوث الأممي إلى سورية استيفان دي ميستورا والتي اختتمت أمس. وأثار توزيع حصة المعارضة في اللجنة الدستورية وتمثيل الأكراد خلافات بين الأتراك والروس استدعت إرجاء حسم تشكيلة اللجنة إلى اجتماعين في الأسابيع القريبة، الأول في ما بينها، والثاني مع دي ميستورا الذي تحدث عن «مناقشات بناءة وجوهرية في شأن قضايا متصلة بتشكيل لجنة دستورية وعملها»، لافتاً إلى أن «أرضية مشتركة بدأت تظهر». وتحدثت مصادر لم يؤكدها مكتب دي ميستورا، عن أن وفداً من منصتي موسكو والقاهرة المدعومتين من روسيا وينضويان رسمياً ضمن هيئة التفاوض، قدم لائحة بمرشحين للجنة الدستورية.

ونقلت وكالة «نوفوستي» الروسية عن مصدر ديبلوماسي متابع لسير المحادثات تأكيده «وجود خلافات في شأن تشكيل قوائم اللجنة الدستورية»، موضحاً أن «الجانب الروسي يصر على اعتماد مخرجات مؤتمر سوتشي، في حين يحاول الجانب التركي وضع يده على حصة المعارضة».

وشدّد الممثل الخاص للرئيس الروسي ألكسندر لافرينتييف على ضرورة وجود «تمثيل واسع للمعارضة السورية في اللجنة الدستورية، وأن تُتخذ قرارات تشكيلها بالتوافق بين الأطراف الضامنة»، كاشفاً أن لقاء آخر سيجمع الأطراف الثلاثة مع دي ميستورا في جنيف منتصف الشهر المقبل. ورجّح أن «تُقدم المعارضة قائمتها في غضون أسبوع، وبعدها نعمل على إعداد قائمة المجتمع المدني».

وأكد لافرينتييف أن «الأكراد سيُمثَلون على أي حال في وفديْ الحكومة والمعارضة»، وهو ما قد يُغضب الجانب التركي. وزاد: «أمتنع عن تقسيم الكرد إلى موالين لتركيا أو للنظام، أو القريبين من حزب الاتحاد الديموقراطي أو وحدات حماية الشعب الذين تنظر إليهم أنقرة في شكل سلبي، ولكن سيكون هناك ممثلون عن الكرد على أي حال».

وفي تحّدٍ لتحذيرات أميركية وإقليمية عدة من إقدام النظام على فتح معركة في الجنوب، تصاعدت الأوضاع الميدانية أمس في الريف الشرقي لمحافظة درعا (جنوب سورية)، مع شن مقاتلات النظام غارات على منطقة اللجاة، وإسقاط منشورات جديدة تدعو سكانها إلى الاقتداء بالغوطة الشرقية والاستسلام تجنباً لإراقة الدماء.

وأعلن لافرينتييف أن لدى موسكو «أسباباً لأن تتوقع تعاون المعارضة المعتدلة السورية مع دمشق في محاربة الإرهابيين جنوب سورية»، مشيراً إلى أن «أعداداً كبيرة من المسلحين، بمن فيهم عناصر تنظيمي جبهة النصرة وداعش، لا تزال تنشط في منطقتي وقف التصعيد جنوب البلاد وفي إدلب».

ورجحت مصادر في المعارضة تحدثت إلى «الحياة»، حصول النظام «على ضوء أخضر إسرائيلي لشن عملية عسكرية في ريف درعا الشرقي فقط». وأوضحت أن «النظام يعمل على جبهتين بعيدتيْن عن الحدود مع الجولان المحتل، الأولى هي عزل اللجاة الواقعة شمال شرقي المحافظة بهجوم من جهة السويداء والطريق الدولي». وأشارت إلى أن «النظام يسعى إلى استفزاز المعارضة للبدء بهجوم من مدينة درعا، من أجل السيطرة على معبر نصيب الحدودي مع الأردن»، مستبعدة في الوقت نفسه أن «يبدأ النظام أي معارك في الريف الغربي في الوقت الراهن لحساسية المنطقة مع إسرائيل».

وأكد الناطق باسم «جيش الأبابيل» لـ «الحياة» أن «الفصائل صدّت محاولات الهجوم على اللجاة وخربة غزالة وأم باطنة»، متوقعاً أن يبدأ «النظام هجومه من مثلث الموت (كفر شمس جاسم) حتى بصرى الشام، وأن يكون الهجوم من محورين لطول خط الجبهة».

وفي مؤشر إلى استجابة طهران الضغوط الروسية بسحب ميليشياتها من مدينة تل رفعت، نشرت أمس وسائل إعلام إيرانية تفاصيل اتفاق أُبرم بين أنقرة وموسكو في شأن التعاطي مع المدينة على غرار «خريطة طريق» منبج. واعتبرت وكالة «تسنيم» الإيرانية أن الاتفاق «يشكل فصلاً جديداً من علاقات التعاون الثنائي في الملف السوري، فمن جهة سيتم دمج قوات الشرطة المحلية المدربة على يد روسيا وتركيا في كيان واحد، ومن جهة أخرى يقدم جيشا البلدين ضمانات بعدم وجود أي قوات عسكرية سورية (نظامية)».

وأوضحت أن الاتفاق يقضي بتعهد روسيا إخراج القوات النظامية والقوات الموالية لها والميليشيات الكردية من «تل رفعت»، على أن تتولى قوات عسكرية روسية وتركية مسؤولية الدفاع عن المدينة والمنطقة وإرساء دعائم الأمن في شكل موقت، قبل إجراء انتخابات مجالس محلية وبلدية.