| | Date: Jun 19, 2018 | Source: جريدة الحياة | | زيارة مركل هدفها دعم نهج الحريري والمساهمة في نهوض الاقتصاد اللبناني | بيروت - وليد شقير
قال مصدر ديبلوماسي لـ «الحياة» إن زيارة المستشارة الألمانية أنغيلا مركل إلى بيروت الخميس المقبل هي خطوة مهمة لدعم النهج الذي يتبعه الرئيس المكلف تأليف الحكومة اللبنانية سعد الحريري في مقاربة المشاكل التي يواجهها لبنان في هذه المرحلة.
وأوضح أن الجانب الألماني حرص على تأكيد أنه يهمه أن يتلقى الحريري المساندة اللازمة من الاتحاد الأوروبي وألمانيا، كشخصية معتدلة ستقود الحكومة اللبنانية المقبلة التي ستكون على تماس مباشر مع المجتمع الدولي، في ضوء تنفيذ ما تقرر من مساعدات للبنان في مؤتمر «سيدر» مطلع نيسان (أبريل) الماضي يفترض أن يصرف جزء منها هذا العام. كما أن حكومته ستكون معنية بقوة بملف النازحين السوريين على الأرض اللبنانية الذي يدور سجال بين وزير الخارجية جبران باسيل ومفوضية شؤون اللاجئين والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، حول سبل التعامل معه، إذ إن برلين ترتاح إلى أسلوب رئيس الحكومة في مقاربته، قياساً بأسلوب باسيل. وأكدت المصادر أن مركل تريد من الزيارة توجيه رسالة ثقة كبيرة بالحريري.
وأوضح مسؤول مشارك في التحضيرات لزيارة مركل أنها ستلتقي الحريري فور وصولها إلى بيروت بعد ظهر الخميس المقبل، على أن تعود فتلتقيه مساء اليوم نفسه إلى مائدة العشاء بدعوة منه. وعلمت «الحياة» أن مركل ستلتقي في اليوم التالي، أي الجمعة في ٢٢ الجاري، رئيسي الجمهورية العماد ميشال عون والبرلمان نبيه بري، بعد أن تقوم بزيارة إلى إحدى مدارس النازحين السوريين مع وزير التربية مروان حمادة لتفقد أوضاعهم والاطلاع على عدد الأطفال السوريين النازحين الذين يتلقون التعليم على أن تنهي زيارتها لبنان باجتماع ثالث مع الحريري ومساعديه وبعض الوزراء ورجال الأعمال اللبنانيين، والوفد الاقتصادي الموسع الذي يرافقها ويضم رئيس مجلس إدارة شركة «سيمنز» والمدير العام، الذي سيبحث في حضورها أزمة الكهرباء وسبل معالجتها وما يمكن ألمانيا والشركة أن تساهما به من أجل إيجاد الحلول الجذرية لها، نظرا إلى إدراك المسؤولين الألمان أن العجز في هذا القطاع سبب أساسي لتفاقم العجز في الخزينة اللبنانية وبالتالي تعثر الاقتصاد.
كما يرافق المستشارة الألمانية رؤساء مجالس إدارة عدد من أهم الشركات الألمانية التي تعنى بإعادة إعمار البنى التحتية وبالاستثمار في القطاع الخاص. ولذلك سيتحول الاجتماع إلى ملتقى اقتصادي ثنائي يحضره من الجانب اللبناني أيضا وزير الطاقة سيزار أبي خليل، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، رئيس مجلس الإنماء والإعمار نبيل الجسر، رئيس المجلس الأعلى للخصخصة زياد حايك، مستشار الحريري لبرنامج الاستثمار في البنى التحتية وشؤون النازحين نديم المنلا وكبار موظفي رئاسة الحكومة. وتختتم مركل الاجتماع مع الحريري، على أن تغادر إثر مؤتمر صحافي مشترك معه.
حلول الكهرباء والاختبار
وتشير معلومات مسؤولين لبنانيين إلى أن الاهتمام الألماني بحلول لأزمة الكهرباء يأتي في إطار اعتقاد عدد من الدول الأوروبية بأن الإقبال اللبناني على خطط أوروبية لمعالجة هذه الأزمة بكلفة معقولة هو اختبار أولي لاستعداد السلطات اللبنانية لخفض الإنفاق على هذا القطاع ولاستبعاد السمسرات والهدر، وبالتالي خفض العجز تطبيقا لمقررات «سيدر» في هذا الشأن وفي مكافحة الفساد. وكانت برلين تبرعت بمبلغ 60 مليون يورو كهبة في مؤتمر «سيدر»، وهو المبلغ الذي تقرر قبل تأليف الحكومة الألمانية إبان أزمة تأليف الحكومة الحالية. ولم تستبعد مصادر لبنانية أن تقدم برلين مبالغ كبيرة جديدة كقروض ميسرة بعد الزيارة، في ضوء المحادثات التي ستُجرى الجمعة المقبل.
إلا أن مصادر وزارية لفتت إلى أن زيارة مركل تتم في وقت انتقلت المواجهة بين الخارجية اللبنانية ومفوضية اللاجئين إلى مشكلة بين السلطات اللبنانية ومجموعة الدعم الدولية للبنان التي تضم، إلى الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، إيطاليا وألمانيا والمنسق الخاص لأعمال الأمم المتحدة في لبنان ومفوضية الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي، ومنظمات دولية معنية بدعم لبنان، التي اجتمع سفراؤها إلى الرئيس عون الأسبوع الماضي للبحث معه في الموقف من أزمة النازحين السوريين في لبنان. وقالت المصادر لـ «الحياة» إن الاجتماع شهد نقاشاً كرر فيه عون موقفه المطالِب بإعادة النازحين إلى سورية من دون انتظار الحل السياسي، نظرا إلى العبء الاقتصادي الذي يشكله استمرار وجودهم على الاقتصاد وسط عدم إيفاء المجتمع الدولي بالتزاماته حيال لبنان لتحمل عبء هؤلاء، وقد عرض لأرقام خسائر لبنان جراء استمرار وجودهم على أرضه.
الاستياء الألماني والدولي
وذكرت المصادر الوزارية لـ «الحياة» أن السفيرة الأميركية في بيروت إليزابيث ريتشارد، أكدت للجانب اللبناني في هذا الاجتماع أن المجتمع الدولي ليس مع انتظار الحل السياسي في سورية كي يعود النازحون ولا يمانع انتقالهم إلى بلدهم قبل حصوله، لكن الأمر يتوقف على ظروف هذه العودة ومدى ملاءمتها ومن يريد العودة منهم لن يقف المجتمع الدولي حائلاً دونه. كما أن سفراء آخرين أكدوا في الاجتماع مجدداً أن المجتمع الدولي لا يريد توطين النازحين في لبنان وأنه يتصرف على أن وجودهم موقت، وأن الأسئلة التي تطرحها المفوضية على النازحين الراغبين بالعودة هي من واجبها وفق القواعد الدولية التي توجب عليها طرحها على اللاجئين في كل أنحاء العالم، من زاوية التأكد من حصولهم على الأوراق الثبوتية، ومن أنهم يذهبون إلى مناطق آمنة حيث لهم مأوى، وهي أسئلة لمصلحة لبنان للتأكد من أنهم لن يعودوا بعد مغادرتهم.
وفي حين جاء الاجتماع بعون بعد إجراء باسيل وقف إعطاء الإقامات لموظفي مفوضية اللاجئين واتهامه إياها بأنها تعمل على إخافتهم كي لا يعودوا، أشارت المصادر الوزارية إلى أن الاستياء من هذا الإجراء شمل الديبلوماسية الأميركية في بيروت ما دفع بالجانب الأميركي إلى إبلاغ بعض المسؤولين بأن خطوات من هذا النوع يصعب الدفاع عنها في الكونغرس الأميركي. كما أن السفراء الأوروبيين اجتمعوا مع رئيسة مفوضية شؤون اللاجئين في بيروت ميراي جيرار ومعاونيها الأسبوع الماضي وأكدوا لها تضامنهم معها وانزعاجهم من الإجراءات ضدها.
حاجة النظام إلى المجندين
وأشارت المصادر إلى أن الديبلوماسية الألمانية لم تخف انزعاجها من إجراءات باسيل، ما دفع السفير الألماني مارتن هوت إلى الإدلاء ببيانه عبر وكالة «رويترز» في 14 الجاري، والذي أشار فيه إلى «استياء المجتمع الدولي من الاتهامات الكاذبة بأنه يريد توطين النازحين في لبنان».
وتقدم ألمانيا المساهمة المالية الأكبر كدولة منفردة لمفوضية اللاجئين من أجل مساعدة نازحي لبنان، بلغت السنة الماضية 110 مليون دولار، وبلغت للسنة الحالية حتى الآن 50 مليون دولار على أن تزداد في الأشهر المقبلة. وذكر بعض من التقوا الجانب الألماني في التحضيرات للزيارة، أن ديبلوماسييه وصفوا بعض المواقف اللبنانية الأخيرة بأنها «عنصرية» تجاه النازحين. وأوضح هؤلاء لـ «الحياة» أن برلين تستكشف منذ أشهر إمكان عودة جزء من النازحين في لبنان والجوار إلى مناطق توقف فيها القتال في سورية، وجرى التوقف عند أحد الموانع التي لا تشجع هؤلاء على الانتقال إلى مناطقهم للبحث في تذليلها سواء بالعلاقة مع موسكو أو بطرق أخرى، والمانع المقصود هو أن كثيرين من الراغبين في العودة يتخوفون من استدعائهم إلى الجندية ومن العقوبة التي سيخضعون لها بسبب تخلفهم عن ذلك لعدم رغبتهم في زجهم في القتال الدائر في المناطق التي ما زالت الحرب قائمة فيها، وسط احتمالات فتح النظام المعركة في جنوب غرب سورية (درعا والقنيطرة...).
وعلمت «الحياة» أن الجانب الألماني حصل على معطيات بأن من خلفيات أهداف النظام من وراء إعادة بعض النازحين إلى مناطق محددة، حاجته إلى المجندين في المعارك الجديدة التي ينوي شنّها، أو لإحلال الجيش السوري بعد ضم المجندين الجدد من النازحين العائدين إليه، مكان قواته الحالية والقوات الرديفة والحليفة، كي تتفرغ الأخيرة للمعارك المقبلة في المناطق التي ينوي خوض معارك جديدة فيها. وأفادت المعطيات بأن الجانب الألماني سيواصل محاولاته لتأمين عودة من يرغب العودة من النازحين. | |
|