Date: Jun 14, 2018
Source: جريدة النهار اللبنانية
انقلاب على الانقلاب في العراق...بعد "نصيحة ايرانية" بعدم استبعاد أحد!
موناليزا فريحة 
بعد الاتهامات بالتزوير واعادة الفرز والحريق، انتقلت أزمة الانتخابات النيابية العراقية الى مرحلة جديدة مع اعلان "تحالف الاقوياء" بين رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، زعيم تكتل "سائرون"، وهادي العامري زعيم تكتل "الفتح" الذي تدعمه إيران، اجراء محادثات لتأليف حكومة في بغداد. ويشكل هذا التحالف نواة لضم تكتلات أخرى ذات مصالح وتوجهات مختلفة، ويمهد لسياسة "الخيمة الكبيرة" التي تزيد التحديات أمام حكومة قادرة على ادارة شؤون البلاد.

وشهد العراق الثلثاء انقلاباً سياسياً على الانقلاب الذي تحقق في الانتخابات الاخيرة بتصدّر تكتل "سائرون" الذي يتزعمه مقتدى الصدر النتائج، وذلك باعلان التحالف بين التكتلين اللذين حلا في المركزين الأول والثاني في الانتخابات التي أجريت في أيار وشابتها مزاعم بالتزوير أثارت مخاوف من نشوب أعمال عنف بين الشيعة. وأُعلن التحالف في مدينة النجف الشيعية، في محاولة لاظهار الوحدة بين الزعماء الشيعة المهيمنين على الساحة منذ سقوط الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وهو ما أثار مفاجأة كبيرة، خصوصاً أن الصدر الذي شن حملات على الغزو الاميركي للعراق حاول في الانتخابات الاخيرة تقديم نفسه في صورة معارض قومي للأحزاب الشيعية القوية المتحالفة مع طهران ونصير للفقراء.   

 ويمكن هذا التحالف المعلن الحدّ من التوترات التي يخشى بعض العراقيين أن تؤدي إلى حرب أهلية بين الشيعة، وخصوصاً بعد اتهامات بتزوير الانتخابات وحرق صناديق اقتراع. ومن المتوقع أن يسعى الى ضم آخرين مثل تكتل "الحكمة" بزعامة عمار الحكيم و"الوطنية" بزعامة اياد علاوي، اضافة الى أحزاب سنية وكردية. فالتحالف الجديد المعلن يسيطر على 101 مقعد، وهو ما لا يزال بعيداً من الغالبية المطلوبة (165 مقعداً) للحصول على الثقة في مجلس النواب. ولا يستبعد أن ينضم أيضاً تكتل "النصر" الى تحالف موسع مع استبعاد زعيمه رئيس الوزراء حيدر العبادي.

وأعاد التحالف الجديد تركيز الضوء على دور طهران، خصوصاً أن العامري يعتبر من رجالها في بغداد. ومنذ اعلان النتائج ترددت تقارير عن لقاءات لقائد "فيلق القدس" الجنرال قاسم سليماني مع الاحزاب السياسية في العراق.

وأوضح الناطق السابق باسم الحكومة العراقي علي الدباغ لـ"النهار" أن هذا التحالف هو نواة لضم آخرين، مشيراً الى أن "ثمة نصيحة واضحة من الجار الشرقي بعدم استبعاد أحد، إلا من استبعد نفسه".

ولم ينف الدباغ التأثير الاكبر لايران في بغداد، الا أنه أضاف: "لا أعتقد أنها تتحرك ضد التوجهات الشعبية العامة، ولا تسبح ضد التيار الشعبي، وخصوصاً بعد تجربة 2014 عندما حاولت الضغط من أجل ولاية ثالثة لنوري المالكي".

في الشكل، يبدو هذا التحالف قابلاً للحياة، فالايرانيون سيكونون راضين لعدم استبعاد الميليشيات الحليفة لهم. والصدر أيضاً وافق عليه، خصوصاً أنه يستبعد مبدئياً رئيس الوزراء السابق نوري المالكي القريب أيضاً من طهران. ومع ضم أحزاب سنية وأكراد، ستكون الحكومة ممثلة لغالبية الشعب العراقي.

ولكن مع ائتلاف يضم التكتلات الكبيرة الفائزة، يصير التحدي أكبر، لاستجابة مطالب كل فريق بحقائب وزارية رئيسية.

ويتمتع الصدر بوزن سياسي وبنفوذ في الشارع وله سجل في حشد عشرات الآلاف من أنصاره للاحتجاج على معارضين وسياسات حكومية. وهو شن هجمات قوية على بعض الميليشيات الشيعية المنضوية في "الحشد الشعبي"، واصفاً "كتائب حزب الله" و"عصائب أهل الحق" بأنها ميليشيات وقحة.

من هذا المنطلق، توقع الدباغ أن تواجه الجهود لتأليف حكومة صعوبة، خصوصاً اذا أصر العامري على ضم فصائل تحمل توجهات تعارض توجهات الصدر. واذا قررت الاحزاب الكردية التحالف فإنها ستطالب بحصة أكبر.

 ويبقى الاتفاق على رئيس الوزراء اللحظة المفصلية الكبرى. وحتى ذلك الوقت، ستكون الساحة العراقية مفتوحة على...انقلابات جديدة.