| | Date: Jun 9, 2018 | Source: جريدة الحياة | | مجزرة إدلب تختبر تماسك «خفض التصعيد» | 46 قتيلاً وموسكو تنفي مسؤوليتها | شيّعت قرية زردانا في محافظة إدلب شمال سورية أمس ضحايا المجزرة الجديدة وسط أجواء من الغضب ومشاهد الدمار، في وقت اتهمت المعارضة مقاتلات روسية بتنفيذها، ما سارعت موسكو إلى نفيه. لكن الحادث مثّل اختباراً لصمود اتفاق مناطق «خفض التصعيد»، والذي وقعة الثلاثي الضامن لمسار آستانة، قبل اجتماعهم الشهر الجاري في منتجع سوتشي الروسي.
وفي برلين، أصدر المدعي العام الألماني مذكرة توقيف دولية بحق مدير الاستخبارات الجوية السورية اللواء جميل حسن بتهمة الإشراف على عمليات تعذيب وقتل مئات المعتقلين. وأفادت وسائل إعلام وناشطون بأن حسن، أحد المقربين من الرئيس بشار الأسد، مطلوبٌ بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية. ووُصفت مذكرة توقيف حسن بأنها «المحاولة الأكثر جدية حتى الآن التي تبذلها دولة غربية» من أجل تحميل الأسد مسؤولية جرائمه.
في غضون ذلك، ارتفع عدد ضحايا القصف الذي استهدف زردانا مساء الخميس إلى 51 قتيلاً، بينهم 11 سيدة و9 أطفال، بالإضافة إلى أكثر من 80 جريحاً. وأكدت لـ «الحياة» مصادر في المعارضة السورية أن حجم الدمار ناجم عن «قصف طيران»، مشيرة إلى أن «أي قصف مدفعي لا يؤدي إلى مثل هذه النتائج». وذكر مركز مراقبة الصراع في سورية أن الطيران السوري لا يقوم بغارات ليلية، موضحاً أن المقاتلات الروسية وحدها قادرة على ذلك. لكن وزارة الدفاع الروسية سارعت إلى نفي مسؤوليتها عن الحادث الذي ألقت بمسؤوليته على «جبهة النصرة وجيش الإسلام».
وتشكل إدلب مع أجزاء من محافظات محاذية لها، إحدى مناطق اتفاق «خفض التصعيد»، والذي بدأ سريانه عملياً في المحافظة في أيلول (سبتمبر) الماضي.
وقبل اجتماع جديد لضامني «آستانة» مقرر الشهر الجاري، تفاقم التوتر بين الإيرانيين والروس على خلفية ترتيب الأوضاع في شمال سورية وجنوبها. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن قيادة القوات الروسية طلبت من «حزب الله» سحب عناصره وقواته من مطار الضبعة العسكري والقواعد الموجودة في ريفي حمص الغربي والجنوبي الغربي، الأمر الذي رفضة الأخير. وأضاف المرصد أن تعنت إيران حول سحب قواتها، يعرقل أيضاً التوصل إلى اتفاق في شأن الجنوب، كاشفاً أن طهران ربطت استجابتها الطرح الروسي الخاص بالانسحاب من محافظتي درعا والقنيطرة نحو البادية ووسط سورية، بتفكيك قاعدة التنف الأميركية على الحدود السورية– العراقية.
وفي تحدٍ للضغوط الأميركية والإسرائيلية، تمسك الأمين العام لـ «حزب اللـه» حسن نصرالله أمس ببقاء جماعته المدعومة من إيران، في سورية ما دام يريد ذلك رئيس النظام بشار الأسد.
وكانت «صفقة الجنوب» والتنسيق العسكري في سورية، على طاولة محادثات رئيسي أركان الجيشين الروسي فاليري غيراسيموف والأميركي جوزف دانفورد في العاصمة الفنلندية هلسنكي أمس. وأوضحت وزارة الدفاع الروسية أن الجانبين بحثا في «الجوانب المختلفة لتسوية الأزمة» في سورية، وناقشا «قضايا متصلة بالعلاقة الثنائية وتجنب الحوادث»، و «لاحظا أهمية ضمان استقرار الوضع في سورية في أسرع وقت».
إلى ذلك، بدأ المبعوث الأممي غلى سورية ستيفان دي ميستورا من تركيا جولة إقليمية تقوده إلى القاهرة وطهران وموسكو، وتهدف إلى الإسراع في تشكيل اللجنة الدستورية التي أقرها مؤتمر سوتشي، على وقع انقسامات داخل المعارضة تعرقل تشكيل قائمة واحدة.
والتقى دي ميستورا مساء الخميس وفداً من هيئة التفاوض العليا المنبثقة عن مؤتمر «الرياض 2» برئاسة نصر الحريري. وأكد تسلمه قائمة مرشحي النظام، وهي القائمة نفسها التي طرحتها روسيا وإيران، لافتاً إلى أنه بعد تسلمه قائمة المعارضة، سيُسمي الثلثَ الخاص بالخبراء من المستقلين فيها. وشدد الحريري على أن المعارضة تدرس مع الأمم المتحدة آلية عمل «اللجنة» وفقاً لقرار مجلس الأمن الرقم 2245 الذي نص على عملية سياسية تفاوضية تسيرها الأمم المتحدة بين ممثلي النظام والمعارضة.
في المقابل، استبعد الناطق باسم تيار الغد السوري منذر آقبيق «توافق المعارضة على ترشيح قائمة موحدة»، مشيراً إلى أن دي ميستورا والدول الضامنة ستصلهم قوائم عدة من المعارضة، وسيتم الاختيار من بينها.
46 قتيلاً وموسكو تنفي مسؤوليتها
قُتل 46 شخصاً بينهم أطفال وجُرح العشرات في قصف جوي استهدف مساء الخميس، قرية في محافظة إدلب (شمال سورية)، الخاضعة لاتفاق «خفض التصعيد»، في مجزرة جديدة لقوات النظام، فيما سارعت موسكو إلى التبرؤ من الحادث، بعد اتهام ناشطون مقاتلاتها بتنفيذه.
وأفاد الدفاع المدني في إدلب بأن طائرات حربية، يرجح أن تكون روسية، شنت غارتين على منازل المدنيين في قرية زردنا، ما أدى إلى مقتل نحو 46 مدنياً بينهم ما لا يقل عن ثماني نساء ومثلهم من الأطفال وعناصر من الدفاع المدني، إضافة إلى إصابة أكثر من 80 آخرين. وقال ناشطون إن الغارات أسفرت عن مقتل عنصر من الدفاع المدني على الأقل وجرح نحو أربعة آخرين. ونعى الدفاع المدني في إدلب أحد متطوعيه الذي قتل أثناء إسعاف الجرحى، إضافة إلى إصابة عدد من عناصره.
وتسببت الغارات بدمار في الأحياء السكنية التي تعرضت للقصف، إذ تسببت الصواريخ بإحداث حفر في الأرض يزيد عمق الواحدة منها على 10 أمتار، وفق الدفاع المدني.
وقال ناشطون إن ستة مراكز للدفاع المدني شاركت في عمليات نقل القتلى وإسعاف الجرحى والبحث عن الضحايا.
وأوضح مدير الدفاع المدني في إدلب (الخوذ البيض) مصطفى حاج يوسف، أن الغارات استهدفت سوقاً وموقعاً قرب أحد المساجد في قرية زردنا في الريف الجنوبي للمحافظة.
بدوره، أفاد بيان صادر عن «مرصد الطائرات» التابع للمعارضة، بأن الغارات نفذتها مقاتلات روسية من طراز «سو-24» انطلقت من اللاذقية. لكن وزارة الدفاع الروسية، سارعت إلى إصدار بيان نفت فيه قيام طائرات روسية بقصف زردنا. وقالت: كل أنباء «المرصد السوري لحقوق الإنسان» في لندن و «الخوذ البيض» عن مزاعم توجيه الطائرات الروسية مساء الخميس، ضربة على بلدة زردنا في محافظة إدلب، لا تطابق الواقع. وتحدثت الوزارة عن «معارك طاحنة دارت في هذه المنطقة بين وحدات كبيرة تابعة لجبهة النصرة وجيش الإسلام استخدمت فيها المدفعية الثقيلة».
وتسيطر «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً) على الجزء الأكبر من إدلب مع تواجد محدود لفصائل أخرى. وكانت قوات النظام استعادت إثر هجوم عنيف نهاية العام الماضي السيطرة على عشرات القرى والبلدات في ريفها الجنوبي الشرقي.
وتشكل إدلب مع أجزاء من محافظات محاذية لها إحدى مناطق اتفاق «خفض التصعيد» والذي بدأ سريانه عملياً في المحافظة في أيلول (سبتمبر) الماضي.
وأكد «المرصد السوري» أن عدد الضحايا مرشح للازدياد نظراً لوجود جرحى حالتهم خطرة، ومفقودين تحت الأنقاض، مشيراً إلى أن «مجزرة زردنا» هي أكبر مجزرة تنفذها الطائرات الحربية في إدلب خلال عام 2018، تليها مجزرة حارم التي وقعت في آذار (مارس) الماضي، والتي راح ضحيتها 43 قتيلاً.
في غضون ذلك، أعلنت كتيبة «التوحيد والجهاد» التي تتبع لـ «هيئة تحرير الشام»، مقتل وجرح عدد من عناصر قوات النظام جراء تنفيذها عملية «انغماسية» على أطراف بلدة الفوعة الخاضعة لسيطرتهم قرب إدلب (شمال سورية).
وقالت إن عناصرها نفذوا «عملية انغماسية» استهدفت مواقع للنظام على أطراف بلدة الفوعة، ما أدى إلى مقتل مجموعة منهم، من دون تحديد أعدادهم، وجرح آخرين، فيما أفادت وسائل إعلام موالية بسقوط صاروخين من عيار 107 ملم على بلدتي كفريا والفوعة، من بلدة بروما القريبة، وأشارت إلى أن مدنيين اثنين أصيبا في البلدتين جراء استهدافهما برصاص قناصة.
وتتألف «كتيبة التوحيد والجهاد» من مقاتلين غالبيتهم روس أو من دول الاتحاد السوفياتي السابق، وهي أعلنت انضمامها إلى «جبهة النصرة» نهاية أيلول عام 2015، وينتشر عناصرها في إدلب وحلب وحماة واللاذقية. وقال «المرصد» إن فصائل إسلامية فتحت نيران رشاشاتها الثقيلة صباح أمس، على مناطق في بلدتي كفريا والفوعة في ريف إدلب الشمالي الشرقي، واللتين يقطنهما مواطنون من الطائفة الشيعية، ما أسفر عن إصابة العديد منهم بجروح. وأشار إلى اشتباكات عنيفة دارت مساء الخميس على محاور في تخوم وأطراف البلدتين بين فصائل إسلامية من جهة، ومسلحين موالين للنظام من جهة أخرى، ترافقت مع قصف متبادل بين الطرفين. | |
|