| | Date: Jun 7, 2018 | Source: جريدة النهار اللبنانية | | شبان الأردن يتصدرون الاحتجاجات: "لن نظل صامتين بعد اليوم" | لم يسبق للمحاسبة الأردنية لين سامر (24 سنة) أن شاركت في تظاهرة في عمان. لكنها خرجت هي وأصدقاء لها منذ الأسبوع الماضي مع من خرجوا إلى التجمعات قرب مقر مجلس الوزراء كل ليلة، للمشاركة في أكبر احتجاجات تشهدها البلاد منذ سنوات.
قالت لين بعد منتصف ليل الثلثاء - الاربعاء: "أحس أن شيئا ما يتغير"، بينما كان المئات من حولها يهتفون "حكومة حرامية" ويلوحون بأعلام. وأضافت: "لا رجوع. الشباب ثائر ولن نظل صامتين بعد اليوم". وكان مشروع قانون لزيادة ضريبة الدخل في إطار الإصلاحات التي يطلبها صندوق النقد الدولي قد دفعت الآلاف للخروج إلى الشوارع في عمان ومناطق أخرى في الأردن. ويتزايد الاستياء الشعبي منذ تطبيق زيادة حادة في الضريبة العامة على المبيعات وانهاء دعم الخبز في وقت سابق من السنة الجارية. وهذه المرة الأولى يتذوق كثيرون من المشاركين التظاهر طعم المعارضة السياسية في بلد نجح فيه إحكام الأمن في احتواء الاضطرابات.
ويشكو المتظاهرون، وكثيرون منهم من الطلاب والخريجين والشباب العامل، من مواجهة صعوبات في دفع فواتيرهم والعثور على وظائف أو بناء مستقبل وسط ركود الاقتصاد الأردني، ويقولون إن سياسات الحكومة زادت الأمور سوءاً. كما يتهمون الساسة بتبديد المال العام وبالفساد.
وفي مقابلات أجريت معهم، راح هؤلاء الشباب في العشرينات من أعمارهم يتذكرون سنوات المراهقة التي تابعوا فيها انتفاضات "الربيع العربي" عام 2011 التي لم يصب الأردن منها شيء يذكر. وفي حينه قاد معظم التظاهرات في الأردن إسلاميون وقادة عشائريون وأحزاب يسارية. والآن يقول الناشطون إن التظاهرات أفرزت وجوهاً جديدة وأعداداً كبيرة لم يسبق لها مثيل من الشباب المهنيين وأسر الطبقة المتوسطة والطلاب الذين لا خبرة لهم بالسياسة. وتزايد حجم التجمعات الشعبية منذ دعت إليها النقابات الأسبوع الماضي. وعلى رغم أن من المستبعد أن تتسبب الاحتجاجات باضطرابات كبرى كما جرى في انتفاضات الربيع العربي، فإن كثيرين من الشبان الأردنيين يقولون إنها تثبت أن لديهم قدراً من الوعي السياسي أكبر مما كان لدى أجيال أخرى وإنهم مستعدون لمواصلة الحشد. وقال الطالب الجامعي أحمد عوض (22 سنة): "تعودنا أن نتفرج على الآخرين وهم يحتجون على التلفزيون. لكن الحمد لله حققنا شيئاً طيباً". وقال رئيس مجلس النقباء علي العبوس، الذي دعا الى أول احتجاج، إن التظاهرات تشير إلى تنامي الوعي السياسي بين الشباب، وإنه يعتقد أن الشبان سيكونون أكثر نشاطا في المستقبل. وأضاف: "هم يعبرون عن أنفسهم. الحياة تغيرت والناس أصبحت أكثر اهتماماً بالسياسة". وكانت المرة الأخيرة شهدت فيها البلاد اضطرابات عام 2012 عندما طلب صندوق النقد الدولي من الحكومة رفع أسعار البنزين.
"ليس عندي شيء"
عاش الأردن سنوات من عدم الاستقرار على حدوده بما فيها سنوات الحرب في العراق وسوريا والصراع في الضفة الغربية المحتلة. كما يستضيف الأردن نحو 700 ألف لاجئ سوري. وقد أضرت الأزمة الإقليمية باقتصاد الأردن الفقير في الموارد الطبيعية. ويبلغ معدل البطالة في الأردن 18.4 في المئة وفقا للإحصاءات الحكومية. والإصلاحات الضريبية الأخيرة جزء من خطة مدتها ثلاث سنوات تفاوض عليها الأردن وصندوق النقد الدولي عام 2016 لخفض ديون البلاد البالغة 37 مليار دولار وتشجيع التغيير الهيكلي. وتقول الحكومة إن الإصلاحات ستقلل الفوارق الاجتماعية بفرض عبء أكبر على ذوي الدخل المرتفع. والاثنين قبل الملك عبد الله الثاني بن الحسين، الذي يعتبر على نطاق واسع قوة مُوحّدة، استقالة رئيس الوزراء هاني الملقي وعين عمر الرزاز خريج جامعة هارفارد خلفاً له، ودعا إلى إجراء محادثات موسعة في محاولة لنزع فتيل الغضب الشعبي. ولم يمنع هذا القرار نحو 2000 شخص من التجمع حتى ساعة متقدّمة من ليل الاثنين - الثلثاء. واحتفل البعض باستقالة الملقي وتعهد آخرون مواصلة التظاهرات إلى أن تلغي الحكومة مشروع الضريبة الذي احالته على مجلس النواب الشهر الماضي. وقالت الشرطة الإثنين إن التظاهرات ظلت تحت السيطرة على رغم أنها أوقفت 60 شخصاً في الأيام الأخيرة. ويرى كثيرون من المشاركين في التجمع أن المشاكل لن تنتهي بتغيير القيادة.
وقال عوض: "ربما اعتقدت الحكومة أن الاستقالة ستدفع الشبان للعودة إلى بيوتهم. لكننا نحتج هنا من أجل مستقبل أفضل ومن أجل آبائنا الذين يدفعون... من أجل تغيير نهج الحكومة". وروت لين أن والديها حاولا ثنيها عن المشاركة في التظاهرات في ساعات الليل المتقدمة في اليوم الأول لكنهما يؤيدانها الآن. وقد عادت الى الإقامة مع أسرتها في عمان بعدما حصلت على شهادة جامعية من الولايات المتحدة، لكن دخلها الآن بالكاد يكفي لتغطية ثمن بنزين السيارة وبعض مشتريات البقالة. وقالت: "نشأت هنا. وأتمنى أن أرى تغييرا يحدث هنا. ولا أريد أن أجد نفسي مضطرة للرحيل". وقال عبد الله الخليلي (24 سنة) الذي يعمل في أحد الفنادق إن خطة الضرائب الأخيرة كانت القشة الأخيرة. وأضاف: "الحكومة بكل أمانة أفلستنا. ليس عندي شيء. فأنا أتقاضى راتباً وأنفقه كله بسبب كلفة المعيشة". وأبدى أيضاً مخاوفه من أن تدفع المشاكل السياسية الناس إلى الخارج قائلاً: "نحن نحب الملك وبلدنا. لكن سياسات الحكومة أوصلتنا إلى هنا، إلى الفساد". | |
|