Date: Apr 30, 2011
Source: جريدة الحياة
التونسيون منقسمون حول الثورة بعد ثلاثة أشهر من حدوثها

تونس - أ ف ب - بعد ثلاثة أشهر من اندلاع الثورة، ينقسم التونسيون في شأنها إذ يرى بعضهم أنها لم تؤدِّ سوى إلى الفوضى وغياب الأمن، بينما يؤكد آخرون أنهم متفائلون بنجاحها لكن بعد مرحلة انتقالية صعبة قد تدوم أربع سنوات.
وتقول سهى الموظفة في أحد المصارف بانزعاج: «أصبحنا لا نستطيع الخروج ليلاً خوفاً من عمليات السطو أو السرقة». وتضيف: «بصراحة أخاف من الخروج من المنزل بعد الساعة الثامنة مساء. هل التظاهر يومياً وانتقاد الجميع وبيع كل شيء على الرصيف والسير بسرعة كبيرة والتوقف في أي مكان، هل كل ذلك يعني أننا نعيش في ديموقراطية كاملة؟». وترى أن «ما يجرى في تونس أمر مؤسف».
ومنذ 14 كانون الثاني (يناير) الماضي حين فرّ الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، يتظاهر الشباب يومياً في وسط تونس بينما تنظم إضرابات واعتصامات في شركات عدة للمطالبة بزيادة الرواتب أو التثبيت في الوظائف.


وحذر رئيس الوزراء التونسي الموقت الباجي قائد السبسي من وقوع «تجاوزات غير مقبولة»، مشيراً خصوصاً إلى المبالغة في التظاهر.
وقال: «أذكر كل التونسيين بأنهم معنيون بهذا الوضع» الذي «يهدد» إنتاج بعض الشركات المهمة «ولا يخدم مصلحة البلاد». ونشرت الصحف مزيداً من المقالات والتعليقات تنتقد «المواطنين».
وكتب أحدهم: «بلدي يؤلمني»، بينما تساءل معلق آخر: «أين الوعود باسم الثورة؟»، في حين انتقد ثالث وهو مدير المدرسة الوطنية للإدارة سابقاً «انحراف تصرفات الداعين إلى الرحيل في إشارة إلى شعار الدعوة إلى رحيل بن علي».
ويوضح عالم الاجتماع المنصف وناس أن «كل الفترات الانتقالية الديموقراطية تشهد فوضى، وهذا طبيعي لأن بعد 55 سنة من القمع (منذ استقلال البلاد) الناس في حاجة إلى التعبير عن آرائهم». وأشار إلى أن «التونسيين ليسوا معتادين على التعبير عن آرائهم في شكل منظم».
واعتبر المحلل السياسي صلاح الجورشي «أنها مرحلة ضرورية عندما ننتقل من نظام تعسفي إلى الديموقراطية». وقال إن «فلول» النظام السابق «ما زالت تحاول عرقلة العملية الديموقراطية»، فضلاً عن «القوى السياسية الجديدة التي لم تتضح لديها الرؤية بعد». وأضاف أن التظاهرات والاعتصامات المتكررة «مضرة بالتأكيد بمؤسساتنا ومن شأنها أن تزيد نسبة البطالة، وأخشى أن تستمر هذه التظاهرات خلال فترة الانتخابات».


ودعي التونسيون إلى التصويت بحرية للمرة الأولى منذ الاستقلال في 24 تموز (يوليو) المقبل، لانتخاب مجلس تأسيسي توكل إليه مهمة إرساء أسس الجمهورية الثانية. وأكد الجورشي أن «الثورة تعني بالنسبة إلى الكثير من التونسيين أننا نفعل ما نشاء، وقد يدفعون ثمن ذلك غالياً لأنه لن يؤدي سوى إلى شعور باليأس يتناقض مع مبادئ الثورة المتمثلة في التفاؤل والتحفز من أجل إنجاز تغييرات».
ويرى الكاتب الإسلامي حميدة النيفر أن «هذه ليست فوضى عارمة». وأكد أن «هناك سرقة وسطواً وتعذيباً في السجون منذ زمن طويل، لكن النظام السابق كان يخفي ذلك. الآن سقط الغطاء».
وأضاف: «نحن في مرحلة انتقالية ثورية بعنفها الكلامي وأحياناً الجسدي»، معتبراً أن «لا يمكن أن نتحدث عن انتقال ديموقراطي إلا بعد انتخابات تموز».
أما مبروكة مخرجة أفلام الفيديو فكانت أكثر إيجابية عندما قالت: «ربما هناك فوضى وغياب الأمن لكن هناك أيضاً حرية».
وأعربت عن أملها فــــــي أن يكون «بإمكاني الآن التطرق إلى المواضيع كافة، حتى الأكثر جرأة من دون أي إذن مسبق ومن دون أن أخاف رد السلطات وآمل في أن يدوم هذا الوضع».