Date: May 21, 2018
Source: جريدة النهار اللبنانية
العهد يُحضّر لحكومة الحياد والنأي بلبنان
اذا كان الاسبوع الطالع هو اسبوع الوداع، فان ما يقابله حتما اسبوع التأسيس لمرحلة جديدة وعد العهد، وأمل، ان تكون انطلاقته الفعلية، اذ رأى رئيس الجمهورية انه غير قادر على الانجاز مع مجلس نواب ممدد لنفسه ولا يعبر تماماً عن الارادة الشعبية التي اختارته لاربع سنوات وليس لتسع.

يدخل اليوم النواب المنتخبون في 6 ايار ولايتهم الفعلية مودعين مجلسا انتخب في العام 2009 ومدّد لنفسه ثلاث مرات توالياً دونما اسباب حقيقية للخطوة السيئة الوقع والاثر على النظام الديموقراطي اللبناني. وفي الوقت نفسه تعقد الحكومة اليوم الجلسة الاخيرة لمجلس وزرائها التي تستكمل فيها اقرار عدد من البنود المؤجلة من الجلسة السابقة لتدخل في مرحلة تصريف اعمال تتمنى القيادات السياسية ألا تطول، وألا تؤثر الظروف الاقليمية والدولية الضاغطة على "حزب الله" في اعادة تحويل لبنان ساحة صراع ما يتسبب بتأخير كل الاستحقاقات. 

واذا كان الاستحقاق الاول بعد غد الاربعاء يقضي بانتخاب الرئيس نبيه بري لولاية جديدة على رأس المجلس في شبه اجماع عليه، فان الخلاف على نائب الرئيس لن يكون كبيراً في ظل اكثرية نيابية متوافرة للنائب ايلي الفرزلي، زادت عليها أمس كتلة "اللقاء الديموقراطي" التي اعلن عنها رئيسها وليد جنبلاط انضمامه الى خيار الرئيس بري.

لكن الخلاف اللاحق على تأليف الحكومة لا يشمل اسم الرئيس المكلف، وهو الرئيس سعد الحريري، بل اسماء الوزراء والحقائب، والاهم من تقاسم الحصص، مشاركة "حزب الله" بعد وصفه المتجدد بالارهابي، وعدم التمييز في تصنيف جناحيه السياسي والعسكري، الامر الذي سيحمل الرئيس الحريري الى الرياض للتشاور مع القيادة السعودية في الخيارات المتاحة. ذلك ان تأليف الحكومة ليس مرهوناً بارادة رئيسها، بل بنتيجة استشارات ملزمة، وكذلك بوفاق وطني لا يمكن معه استبعاد الحزب من أي تشكيلة مقبلة، لان ذلك سيؤدي حتماً الى تضامن الرئيس بري معه، وتالياً عدم مشاركة الطائفة الشيعية في تركيبة تكون غير ميثاقية دستورياً، وغير ممكنة واقعياً.

وقد نقل زوار قصر بعبدا عن رئيس الجمهورية ميشال عون تفاؤله بالمرحلة المقبلة التي يرفع لها عنوان محاربة الفساد، واطمئنانه الى ان ما يجري في المنطقة من تطورات لن يؤثر على الاستقرار الداخلي، ما دامت الحكومة ملتزمة سياسة النأي بالنفس والحياد عن الصراعات، وهو ما سيتكرر في البيان الوزاري للحكومة التي ستشكل قريباً.

وقد اراد رئيس الجمهورية استباق الاستشارات وبدء المفاوضات، باعطائه توجيهاً رئاسياً، ورسالة الى من يعنيهم الامر في الداخل والخارج، بان البيان الوزاري سيتبنى سياسة النأي بالنفس محيداً لبنان عن مجمل القضايا الخلفية والصراعات في المنطقة.

وفي حين أكد المستشار في الديوان الملكي السعودي نزار العلولا، الذي حضر الى لبنان للمشاركة في افطار اقامته السفارة السعودية السبت، ان تأليف الحكومة شأن لبناني داخلي، ادعى عضو المجلس المركزي في "حزب الله" الشيخ نبيل قاووق ان "رغبة السعودية المعلنة والمبيتة، هي أن لا يدخل حزب الله الحكومة اللبنانية الجديدة (...) لكن الحزب سيدخل الحكومة بشكل قوي وفاعل ووازن، وأن لبنان ليس ساحة مناسبة لتحقيق السعودية أية مكاسب على حساب المقاومة".

وفي هذا الاطار أبلغت مصادر متابعة للاتصالات الحكومية "النهار" ان الحزب لن ينال أي حقيبة سيادية إلا على حساب الرئيس بري لان الحقائب اربع وهي موزعة على الطوائف. وقد حجز شريكه حصة الطائفة الشيعية. كما ان الحزب لا يرغب في حقيبتي الخارجية أو الدفاع لان عملهما يتركز على التعامل مع دول عربية وغربية لا يرتبط الحزب بعلاقة جيدة معها. لكنه يرفض التعامل السابق معه باعطائه حقائب "هامشية" لانه كما أعلن امينه العام السيد حسن نصرالله يريد المشاركة في القرار الاقتصادي على غرار قبوله بمشاركة الاخرين معه في صوغ استراتيجية دفاعية، ترى المصادر نفسها ان قبوله بها يدخل في مرحلة استعداد الحزب لمرحلة التسويات الاقليمية الكبرى، وتحوطاً للعقوبات التي قد تزيد الضغط على ايران وتنعكس سلباً على أوضاعه اكثر من تأثيرها المباشر عليه. وقالت المصادر المتابعة ان التفاوض العالي السقف لن يكون في وجه الرئيس الحريري بقدر ما سيكون اعادة بلورة أو تظهيراً للاتفاق مع العهد و"التيار الوطني الحر" في ظل المتغيرات الكبيرة التي حصلت منذ توقيع ورقة التفاهم في العام 2007، والسياسات التي انتهجها رئيس "التيار" الوزير جبران باسيل في السنتين الاخيرتين.