| | Date: May 18, 2018 | Source: جريدة النهار اللبنانية | | لبنان: تصعيد أميركي للعقوبات "لا يستهدف تأليف الحكومة" | عكس الصمت الرسمي والسياسي حيال العقوبات الاميركية والخليجية على قيادة "حزب الله" والتي أعلنت ليل الاربعاء وتواصلت أمس أميركياً في منحى تصاعدي، اتجاهات داخلية متناقضة في شأن هذا التطور ان من حيث رغبة الفريق المستهدف بالعقوبات في تقليل أهميتها وأثرها، أو من حيث تجنب الأفرقاء الآخرين الغوص في ردود فعل متسرعة على تداعياتها. ولكن بدا واضحاً من مجمل المعطيات المتوافرة من القوى السياسية والأوساط الرسمية ان ثمة استبعاداً واسعاً لأن تؤدي هذه العقوبات الى فرملة أو عرقلة المسار المرتقب لاستحقاق تكليف رئيس الحكومة ومن ثم تشكيل الوزراء الجديدة الامر الذي يبقي ملف العقوبات على الاقل في جانب منعزل عن الاجراءات التنفيذية للاستحقاق الحكومي ولو ان أحداً لا يمكنه تجاهل الدلالات البارزة والمؤثرة للعقوبات من النواحي السياسية والديبلوماسية والمعنوية.
وقالت مصادر سياسية معنية بالاتصالات الداخلية الجارية عشية استحقاقي انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبه والاستشارات النيابية لتسمية رئيس الوزراء وتشكيل الحكومة، ان طبيعة الاتصالات الكثيفة الجارية في كواليس الرئاسات الثلاث والمواقع السياسية والحزبية تشير واقعياً الى ان استشارات غير رسمية انطلقت بقوة في شأن الاستحقاقين وان مطلع الاسبوع المقبل سيشهد بلورة واضحة لمعالم التوافقات أو التجاذبات التي ستحكم الاتجاه منذ الثلثاء المقبل الى انتخاب الرئيس نبيه بري مجدداً رئيساً للمجلس ومن ثم بت الاتجاه في شأن شخص نائب الرئيس. أما الاستشارات التي سيجريها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لتكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة الجديدة، كما تجزم بذلك المصادر، فانها ستنطلق غداة جلسة انتخاب رئيس المجلس ونائبه وبعد ان يقيم الرئيس عون افطاراً غروب الأربعاء في قصر بعبدا دعي اليه حشد كبير من الشخصيات وسيتخذ بعداً خاصاً هذه السنة نظراً الى حصوله غداة الانتخابات النيابية والملفات الكبيرة التي يتعين على الحكومة الجديدة مواجهتها وهو الأمر الذي سيجعل الافطار الرئاسي بمثابة لقاء وطني جامع يساعد على الاندفاع الجديد للمؤسسات الدستورية.
أما بالنسبة الى تأثير العقوبات الاميركية والخليجية على قيادة "حزب الله" فبدا واضحاً ان أوساطاً معنية في تحالف 8 آذار تنظر الى العقوبات على أنها امتداد للصراع الاميركي الايراني من جهة وتعمد اميركي خليجي لاختراق اللحظة اللبنانية الخارجة لتوها من الانتخابات بسلاح محاصرة "حزب الله" من جهة أخرى. وقالت هذه الأوساط ان الاتصالات الداخلية الجارية أثبتت ان الجميع ماضون نحو اتمام الاستحقاقات بما يعني التعامل مع العقوبات باعتبارها وسيلة ضاغطة على الحزب معنويا ومحاولة للتذكير بوجود توازنات خارجية تعوض أي مكاسب للحزب داخلياً. وأضافت ان المؤشرات السياسية تعكس مبدئياً اتجاهات واضحة نحو تسمية الرئيس الحريري واستمرار مناخات التسوية السياسية من دون تعديلات جذرية الا في احجام الحصص الوزارية وتوزيع الحقائب وهو امر يحسب له من الآن ولكن يبدو مبكراً التكهن بما سيؤول اليه قبل بدء الاستشارات الرسمية لتشكيل الحكومة. وبرز في هذا الاطار موقف للرئيس ميشال سليمان بعد زيارته أمس للرئيس الحريري استعجل فيه تاليف الحكومة الجديدة "حفاظاً على تحييد لبنان عن الصعوبات" وأفاد انه لمس تصميماً لدى الرئيس الحريري على تذليل العقبات أمام تشكيل الحكومة.
أما العامل اللافت الآخر الذي برز في اليومين الأخيرين فتمثل في ظهور ملامح معركة انتخابية جدية على منصب نائب رئيس مجلس النواب ومن غير المستبعد ان تتمدد هذه المعركة لاحقاً الى منصب نائب رئيس مجلس الوزراء، علماً ان المنصبين يعودان الى طائفة الروم الارثوذكس. ولاحت معالم المعركة في تنافس تتصاعد مؤشراته أولاً بين كتلتي "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" اللتين تقفان عند مشارف تنافس قوي على نيابة رئاسة مجلس النواب في ظل اتجاه "التيار الوطني الحر" ومن خلاله "تكتل لبنان القوي" الى ترشيح النائب المنتخب ايلي الفرزلي أو النائب المنتخب الآخر الياس بو صعب، علماً ان التكتل سيحسم موقفه الثلثاء المقبل. أما "القوات اللبنانية"، فتمضي في ترشيح عضو كتلتها المنتخب أنيس نصار الذي أكد أمس ان ترشيحه جدي. وذكر ان مرشح "القوات" يحظى بتأييد كل من كتلة "المستقبل" و"اللقاء الديموقراطي".
العقوبات ووزارة الخزانة
في غضون ذلك، أعلنت وزارة الخزانة الاميركية امس صدور دفعة اضافية من العقوبات على شخصين وخمسة كيانات مرتبطة ب،"حزب الله". وقالت في بيان إن الولايات المتحدة فرضت عقوبات على محمد إبرهيم بزي ممول "حزب الله" وعلى ممثل الجماعة في إيران عبد الله صفي الدين.
وأضافت أنها أدرجت على القائمة السوداء أيضاً مجموعة خدمات الطاقة البلجيكية "غلوبل تريدينغ غروب" وشركة المنتجات البترولية "يورو أفريكان غروب" ومقرها غامبيا، وعلى ثلاث شركات مقرها لبنان. وقال وزير الخزانة ستيفن منوتشين في بيان: "لا يمكن التغاضي عن الأفعال الوحشية والشريرة لأحد أبرز ممولي حزب الله... هذه الإدارة سوف تفضح وتفكك شبكات الإرهاب لحزب الله وإيران في كل مكان، بما في ذلك تلك التي لها علاقة ببنك إيران المركزي".
وفي حديث الى "النهار" عبر الهاتف، صرح مساعد وزير الخزانة الاميركية مارشال بيلغنسلي من واشنطن، بان الادارة الاميركية "عمدت الى اصدار العقوبات في اطار استراتيجيتها الرامية الى مكافحة تمويل الارهاب وقطع التمويل عن "حزب الله" بهدف وقف نشاطاتها الارهابية التي تتجاوز الحدود اللبنانية لتصل الى دول عدة مستنداً الى ممولين كبار يقومون بمده بالأموال، ضمنهم الاسمان الصادران أخيراً ضمن لائحة لن تتوقف عند هذا الحد". وقال انه "سيكون هناك المزيد قريباً" من غير ان يحدد موعداً لذلك، عازياً الامر الى "التحقيقات الجارية والتي نتعاون فيها مع السلطات اللبنانية وتتم بكثير من الدقة والنزاهة". وأشار الى ان "هناك تأثيراً أكيداً على الحزب وهناك قلق لديه من بدء شح تمويله".
وعن الانتخابات الاخيرة التي أعطت الحزب اكثرية مريحة في مجلس النواب وشرعية تمثيلية قال: "نحن نراقب هذا الامر وقلقون منه. ولكن يهمني القول إن "حزب الله" بالنسبة الينا هو منظمة ارهابية ولا نفرق بين ذراع سياسية وذراع عسكريّة. وعقوباتنا لا تستهدف تأليف الحكومة بل هي موجهة حصراً نحو منع ولوج الحزب الى النظام المالي وسنتابع جهودنا في هذا السبيل". | |
|