Date: May 17, 2018
Source: جريدة النهار اللبنانية
بعد شمال حمص وجنوب حماه ... النظام "يجس نبض" المعارضة في درعا
خرج آخر المقاتلين المعارضين من مناطق يسيطرون عليها في وسط سوريا، بمدينة الرستن في محافظة حمص التي باتت خالية تماماً من الفصائل المعارضة. 

وتوصلت الفصائل المعارضة في ريف حمص الشمالي وريف حماه الجنوبي المتجاورين مطلع الشهر الجاري، اثر مفاوضات مع روسيا والحكومة السورية، الى اتفاق يقضي بوقف النار في مناطق سيطرتها وأبرزها مدن وبلدات الرستن وتلبيسة والحولة، قبل تسليم سلاحها الثقيل ثم خروج الراغبين فيها من المقاتلين والمدنيين في اتجاه الشمال السوري. واستمرت عملية الإجلاء أياماً، قبل أن تدخل القوة الأمنية السورية أمس مدينة الرستن وبلدة تلبيسة في ريف حمص الشمالي، كما أفادت مراسلة "وكالة الصحافة الفرنسية" التي جالت فيهما.

وتجمع عشرات من المدنيين في ساحة الرستن يشاهدون رفع العلم السوري في المكان. وقال محافظ حمص طلال البرازي خلال وجوده في المدينة إن "كل محافظة حمص خالية من السلاح والمسلحين اعتباراً من هذا اليوم، كل المناطق وبينها الحولة وتلبيسة والرستن، شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً". وتحدثت الوكالة العربية السورية للانباء "سانا" عن "إخراج الدفعة الأخيرة من الإرهابيين غير الراغبين بالتسوية وعائلاتهم من ريفي حمص الشمالي وحماه الجنوبي". وبدأ الجيش السوري وقوى الأمن الثلثاء بدخول ريف حماه الجنوبي.

وأوضح "المرصد السوري لحقوق الانسان" أنه خرج بموجب عملية الإجلاء نحو 34.500 مقاتل معارض وأفراد من عائلاتهم ومدنيين آخرين. وانتهى بذلك وجود الفصائل المعارضة في محافظة حمص للمرة الأولى منذ اواخر عام 2011. وتعرضت مدن وبلدات ريف حمص الشمالي للحصار وكانت المساعدات الدولية تدخلها بين الحين والآخر.

ويحتفظ تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، بجيب صغير في البادية السورية التي تمتد من ريف حمص الشرقي ومحافظة دير الزور المحاذية إلى الحدود العراقية. وفي محافظة حماه، يقتصر وجود الفصائل المعارضة على مناطق محدودة في ريفها الشمالي. ويمر في ريف حمص الشمالي وحماه الجنوبي الطريق الدولي الذي يمتد بين أبرز المدن السورية، من دمشق الى حمص وحماه وصولاً إلى حلب.

ومع انتهاء عملية الإجلاء، من المفترض أن يفتح الجيش السوري الطريق الذي يربط دمشق وحمص وحماه، ليبقى جزء صغير يؤدي الى حلب ويمر عبر محافظة ادلب خارج سيطرته. وأبلغ البرازي الصحافيين أن "هذه المنطقة تشكل محوراً رئيسياً على الطريق الدولي دمشق - حمص - حماه، وهذا الطريق سيكون مفتوحاً خلال ايام وتعود إليه الحياة الطبيعية".

وتمّت عملية الإجلاء في وسط سوريا بعد اتفاقات مماثلة تركزت خلال الفترة الأخيرة في دمشق ومحيطها، أبرزها في الغوطة الشرقية، التي بقيت سنوات معقل الفصائل المعارضة الأبرز قرب العاصمة.

واعلنت القيادة العامة للجيش السوري في بيان "تطهير ريفي حمص الشمالي وحماه الجنوبي من المسلحين وإعادة الأمن إلى 65 بلدة كانت تحت سيطرتهم"، مؤكدة "إصرارها على اجتثاث الإرهاب من كامل سوريا".

وجاء في البيان: "قواتنا المسلحة بالتعاون مع القوات الحليفة والرديفة أكملت تطهير 1200 كيلومتر مربع في ريفي حمص الشمالي وحماه الجنوبي وأعادت الأمن والأمان إلى 65 بلدة وقرية كانت تسيطر عليها التنظيمات الإرهابية التي أرغمت على الخروج من المنطقة بعد تسليم كل ما لديها من أسلحة ثقيلة ومتوسطة". ورأت "أن تطهير الريفين المذكورين، إنجاز تكمن أهميته في اقتلاع الإرهاب المسلح من تلك المنطقة الجغرافية الحيوية في المنطقة الوسطى التي تشكل عقدة مرور تمثل شرايين المحافظات المجاورة وبقية المحافظات السورية إضافة إلى تحرير سدي الرستن والحولة وإنهاء تهديد الإرهابيين للمنشآت الحساسة والاستراتيجية.

"جس نبض" درعا 

ومع انتهاء خروج مقاتلي المعارضة من ريف حمص الشمالي وريف حماه الجنوبي، ترددت أنباء مفادها أن الجيش السوري أمهل مسلحي بلدة محجة في ريف درعا الجنوبي، يومين لتشكيل وفد لمناقشة وضع البلدة. وقالت مصادر إعلامية معارضة إن الجيش السوري أمهلهم 48 ساعة للرد على إمكان تشكيل وفد يلتقيه، من دون إبلاغهم ماهية الاجتماع. وتوقعت المصادر أن يكون هدف الجانب الحكومي من الاجتماع "جس النبض". وكان مصدر مسلح من بلدة محجة قال في وقت سابق، استناداً الى مصادر إعلامية للمعارضة، إن الفصائل "رفضت إبرام اتفاق مصالحة" مع الجيش السوري برعاية روسية.

وقد انتهت مدة اتفاق خفض التصعيد في جنوب غرب سوريا الذي وقعته كل من روسيا والولايات المتحدة والأردن والمحددة مدته بستة أشهر، الخميس الماضي، وكان وقّع في 11 تشرين الثاني من العام الماضي.

وترى دمشق أن مصير مناطق خفض التصعيد يجب أن ينتهي إلى مصالحة نهائية مع الحكومة تفضي إلى عودتها الى سيطرة الدولة. ويرى مراقبون في مهلة الجيش أن المواجهة قد تقترب من الجنوب السوري، الذي تعمه الفوضى في مناطق سيطرة التنظيمات المعارضة المسلحة.

وتقضي اتفاقات المصالحة التي جرت في مناطق مختلفة بإخراج جميع مسلحي المعارضة غير الراغبين في التسوية بعد تركهم السلاح الثقيل والمتوسط وبتسوية أوضاع الراغبين في البقاء ودخول الجيش السوري وعودة جميع مؤسسات الدولة ودوائرها إلى عملها الطبيعي.

السفن الروسية "متأهبة"    

من جهة أخرى، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في كلمة أمام القيادة العسكرية العليا خلال اجتماع في منتجع سوتشي، إن سفناً حربية روسية مزودة صواريخ "كاليبر" الموجهة ستكون في حال تأهب دائم في البحر المتوسط. وأشار الى إن نشر السفن كان نتيجة "التهديد الإرهابي الذي لا يزال قائماً في سوريا".

"الكيميائي" 

في غضون ذلك، صرحت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، بأن بعثة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية للتحقيق في الهجوم الكيميائي المزعوم في مدينة دوما السورية ستنشر تقريرها في هذا الصدد أواخر أيار. وقالت إن خبراء البعثة زاروا مدينة دوما في الغوطة الشرقية مرات عدة، وأخذوا بأنفسهم عينات من هناك لبت مزاعم عن استخدام الجيش السوري السلاح الكيميائي، واستمعوا إلى إفادات الشهود. وكشفت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إن من المحتمل أن يكون غاز الكلور استخدم في هجوم في مدينة سراقب بمحافظة إدلب في شمال غرب سوريا في شباط بعدما أكدت فحوص معملية وجود المادة الكيميائية السامة. ولم تذكر، الطرف الذي استخدم المادة المحظورة في المدينة الواقعة في منطقة تسيطر عليها المعارضة.