Date: Apr 29, 2018
Source: جريدة النهار اللبنانية
لبنان المغترب يقترع اليوم والحماوة الداخلية تفجر الصراعات
بعد الاختبار الذي خاضه لبنان للمرة الأولى في تاريخه من خلال إجراء الجولة الاولى من اقتراع المغتربين المنتشرين في الخارج وفق قانون الانتخاب الجديد، وذلك من خلال اقتراع المغتربين المسجلين في 6 دول عربية، يستعد لخوض المرحلة الثانية اليوم في ٣٣ دولة أوروبية واميركية وافريقية واوسترالية، فيما وصلت مساء امس الدفعة الاولى من صناديق الاقتراع الواردة بطرود دبلوماسية من الإمارات العربية المتحدة وعددها ١٣، على ان تصل غدا صناديق السعودية، سلطنة عمان، مصر وقطر. على ألاّ تُفرز الأصوات إلا في 6 أيار المقبل بعد انتهاء اقتراع اللبنانيين المقيمين.  

وفي حين شكل الاقتراع الاغترابي محطة ترقب هامة لما ينطوي عليه من ابعاد ورمزية لجهة اشراك اللبنانيين المغتربين في الخارج، خصوصا وانه رغم التعبئة القوية التي قامت بها وزارة الخارجية على المستوى الرسمي وبعض القوى السياسية ولا سيما المسيحية منها من اجل حشد أصوات المغتربين، فقد ظل الإقبال على التسجيل اولا ومن ثم على الاقتراع دون التوقعات، من دون ان يعني ذلك ان هذه التجربة سيكون لها اثرها في الانتخابات المقبلة.

يذكر ان عدد المغتربين الذين سجلوا أسماءهم للاقتراع في بلاد الانتشار بلغ نحو 83 ألفاً، وقد شطبت أسماؤهم من لوائح القيد في لبنان. علما ان عاملا آخر يدخل على خط هذه التجربة ويتمثل بالمخاوف والشكاوى التي اثارها مراقبون نتيجة تسجيل عدد غير قليل من المخالفات والملاحظات التي تتطلب تدقيقا، لا يبدو ان هيئة الإشراف على الانتخابات قادرة على التعاطي معها بالجدية والحزم المطلوبين.

في اي حال، ومع إنجاز المرحلة الثانية من اقتراع المغتربين اليوم، بدأ العد العكسي لاستحقاق ٦ أيار في الداخل، حيث اشتعلت امس السجالات السياسية من على المنابر الانتخابية. وفيما بلغت هذه الحملات أوجها امس بين رئيس المجلس نبيه بري ووزير الخارجية رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل، بدا واضحا ان الانتقادات والاتهامات التي تساق على اكثر من جبهة، ان من جهة بري- باسيل او من جهة رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي ووزير العدل السابق اللواء اشرف ريفي من دون ان يسميهما، سيكون لها الأثر الأكبر على المرحلة السياسية المقبلة في ضوء ما ستفرزه الصناديق من اعادة تحديد للإحجام والأوزان، ما سيرتب تداعيات سلبية في العلاقات السياسية بين هذه القوى داخل المجلس ولبعضهم داخل الحكومة.   

فمن مغدوشة التي أقيم فيها مهرجان انتخابي لباسيل، والتي قال منها انه يزورها رغم الضغوط والتهديدات لثنيه عن ذلك، وجه باسيل سهامه في اتجاه رئيس المجلس من دون ان يسميه، مبديا حرصه في المقابل على توجيه الغزل للامين العام لحزب الله او " سيد المقاومة" كما وصفه بقوله "هذه الارض جزء من الجنوب حيث استشهد الكثيرون لنبقى ومن هنا نحيي المقاومة وسيد المقاومة. لم يتمكنوا من الهيمنة عليكم بالعسكر، ولن يهيمنوا بالسياسة ومقاومة التيار اليوم هي من اجل الشراكة، والشراكة هي ان تقبل بدور الآخر وبمشاركته في القرار والنظام النسبي يعني ان للأقلية مكانا واحترامكم هو احترام تمثيلكم".

وأردف: "اذا كانوا يريدون منعنا عن مقعد نيابي فلا يمكنهم منعنا من التعبير عن رأينا كما نريد وفي الوقت الذي نريد ونقول من الجنوب.. الفساد لا يعيش مع التحرير والمقاومة".

 ولم يتأخر كثيرا رد بري الذي وصف زيارة باسيل من دون ان يسميه بزيارة السائح الاغترابي الذي يبرغت". وعلم ان ما ورد في خطاب بري من انتقاد لباسيل جاء نتيجة مواقف الاخير المتكررة خلال زياراته للجنوب والمناسبات الانتخابية وآخرها امس من مغدوشة ما استدعى خروج رئيس المجلس عن صمته وادخال تعديلات على خطابه. وكان لافتا استشهاد بري بكلام رئيس الجمهورية ومواقفه الاخيرة لإدانة باسيل في الإثارة الطائفية والمذهبية. وقد ابرز ذلك حرص بري على التمييز بين رئيس الجمهورية وبين رئيس تياره السياسي، اذ يؤكد قريبون من عين التينة على حسن العلاقة التي تربط بين رئيسي الجمهورية والمجلس خلافا لتلك القائمة بين بري وباسيل.

وكان بري يتحدث في مهرجان حاشد إقامته حركة " امل" في صور تحت شعار "عهد القسم" ولوحظ انه ظهر من خلال شاشة عملاقة، لأسباب أمنية تحول دون تنقله. فأشار الى ان " الانتخابات بدأت ونحن واثقون من المسؤولية العالية التي تتمتع بها أجهزتنا الأمنية، ونحن بمناسبة ارتفاع الاصوات التي تتهم الاجهزة بممارسة الضغوط، نؤكد على ضرورة تحييدها عن التدخل في العملية الانتخابية"، آملا ان " يكون قانون الانتخابي الجديد مقدمة لقانون انتخابي يعتمد لبنان دائرة واحدة أو على الأكثر 5 دوائر لأن القانون الحالي قسم لبنان إلى 15 لبنانا"، معتبرا ان "القانون الحالي شكل نقلة نوعية وندعو لجعل المشاركة في الانتخابات استقتاء للتأكيد أن لبنان لا يمكن أن يكون انموذجا للوحدة الوطنية خصوصاً على محاور المقاومة والتحرير في الجنوب".

وشدد بري على انه " لا أخشى عليكم الوقوع في براثن التحريض الطائفي والمذهبي الرخيص وقال:" هناك اليوم من يحاول أن يسلط الطريق لتطيير رسالة لبنان وتدميرها عبر سواح انتخابيين، أحدهم يبرغت اليوم في دائرتنا، يتكلمون عن حرية تلة مغدوشة ونسي من حررها، وعن المشاركة ودائرة جبيل خير دليل على المشاركة التي يتمتعون بها"، وقال:"البعض يحاول أكل الناس "عونطة" ونردد هنا مع فخامة الرئيس ميشال عون كلامه عن رفض من يعتمد الخطاب الطائفي والمذهبي وهل يسمع الأقربون والأبعدون هذا الكلام".

انتخابيا ايضا، برزت امس جولة رئيس الحكومة في مناطق الشمال استكمالا للجولة التي بدأها اول من امس. وكانت محطته الاولى بلدة دير عمار، ثم منطقة المنية، فبحنين، وانتقل بعد الظهر الى الضنية، ومحطته الأولى فيها منطقة الروضة، حيث أقيم له استقبال شعبي من عشائر البلدة، قبل ان يزور بلدتي عزقي ومراح السراج، على ان يستكمل جولته اليوم في عكار.

ولم تخل مواقف الحريري من الرسائل الموجهة في اكثر من اتجاه ولا سيما على الساحة السنية والشمالية تحديدا.

وخاطب الحريري الحشود بالقول:"هناك من يحاول أن يغير هوية طرابلس والمنية والضنية، لكننا جميعا سننزل إلى صناديق الاقتراع لنقول لهم إن هذه المنطقة هويتها رفيق الحريري وهواها سعد الحريري، وسنكمل هذا المشوار معا إن شاء الله. نحن نعمل من أجل إحلال الاستقرار والإنماء والإعمار في هذا البلد، أما هم، فما هو مشروعهم سوى التبعية لوصاية في مكان ما؟ كلا، نحن لبنانيون وسنبقى في هذا البلد، وهذه المنطقة لا أحد وصي عليها إلا أبناؤها".

وكما سجلت دائرة الصور الزهراني مواجهة بري- باسيل الى طرابلس مواجهة الحريري للقيادات السنية الطرابلسية، انسحب المشهد على الإقليم الذي زاره النائب وليد جنبلاط امس وتحديدا في برجا تلبية لدعوة النائب علاء ترو، حيث توجه للناخبين بالقول" اترك لكم ولضميركم الصوت التفضيلي.

ورفضت مصادر اشتراكية اعتبار المهرجان والزيارة ردا على مهرجان "المستقبل".