Date: Apr 29, 2018
Source: جريدة الحياة
الدول الضامنة تتحِد رغم خلافاتها وتتمسك بفعالية آستانة وقرارات سوتشي
موسكو - سامر إلياس 
في مواجهة مشكلات داخلية وضغوط خارجية، سعى وزراء خارجية روسيا وتركيا وإيران إلى تجاوز خلافاتهم لضمان استمرار دورهم المهيمن في هندسة الأوضاع السياسية والجغرافية في سورية وفق مسار آستانة ومقررات مؤتمر سوتشي. وفيما أكدوا أن لا بديل من الحل السياسي، اتفقوا على خطوات ملموسة لتحريكه.

ومع تصاعد النداءات الدولية من أجل الدفع بحل سياسي للأزمة السورية وفق مسار جنيف، أو مسارات أخرى، وكسر احتكار ثلاثي آستانة، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مؤتمره الصحافي مع نظرائه الإيراني جواد ظريف والتركي مولود جاويش أوغلو، إن البلدان الغربية تنتقد مسار آستانة ونتائج مؤتمر سوتشي انطلاقاً من «أهداف أخرى» لإثبات أنهم (الغربيون) تحديداً يحلّون كل القضايا في عالمنا المعاصر».

وأضاف: «للأسف، أو ربما من المفرح، أن هذا الزمن ولى منذ مدة طويلة». وفيما شدد على رفض السماح بتقسيم سورية وفقاً لخطوط طائفية وعرقية، أكد أن الهجوم الثلاثي على أراضيها أعاد جهود التسوية إلى الوراء. لكنه تعهد مواصلة هذه الجهود، مشيراً إلى اتخاذ إجراءات ملموسة في هذا الصدد.

وقال إن الوزراء الثلاثة «ناقشوا التحضيرات للقاء الدولي التاسع حول سورية في آستانة منتصف أيار (مايو) المقبل»، بعدما «تبادلوا الآراء حول لقاءات الأسبوع الماضي مع المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا في موسكو وأنقرة وطهران».

وأوضح أن الجولة المقبلة في آستانة ستشهد «لقاءات لمجموعات العمل حول إطلاق الأسرى والمعتقلين والبحث عن مصير المفقودين، وتبادل جثث القتلى»، في محاولة لتفنيد تصريحات أدلى بها دي ميستورا منذ أيام، وقال فيها إن مسار آستانة استنفد غاياته، علماً أن النظام عطّل، منذ الجولات الأولى لآستانة، البحث في هذا الملف.

وأعرب الوزير الروسي عن استغرابه تصريحات دي ميستورا التي انتقد فيها عملية آستانة ومؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي، وعزا التصريحات إلى ضغوط غربية. وذكر أن «مؤتمر سوتشي أقر رسمياً المبادئ الـ12 المفتاحية للمبعوث الدولي، بحضور إجماع سوري من القوى السياسية والإثنية والطائفية». ولفت إلى أن هذه النتيجة وحدها «تُعد اختراقاً مهماً في موضوع الحل السياسي للأزمة السورية لأن الجهود السابقة لمؤتمر سوتشي لتثبيت هذه المبادئ في إطار مسار جنيف، باءت بالفشل».

وزاد أن «سوتشي ساعد السوريين في مهمة التوافق على المبادئ الأساسية لتشكيل لجنة دستورية وتفعيلها بمشاركة المبعوث الأممي».

من جانبه، أكد ظريف أن منصة آستانة هي الصيغة الوحيدة التي تفيد تحقيق السلام وإطلاق الحوار في سورية، داعياً الأطراف كافة إلى الإقرار باستحالة الحل العسكري وحتمية الحل السياسي.

وقال إن ممارسات واشنطن في سورية تهدد استقلالها ووحدة أراضيها. ودان استخدام الأسلحة الكيماوية من أي طرف، وطالب بتحقيق مستقل في حالات استخدام الكيماوي المفترضة في سورية.

أما جاويش أوغلو، فعارض محاولات عزل آستانة، ودعا إلى ضرورة الحفاظ على هذه الصيغة، مؤكداً أن مؤتمر سوتشي أعطى زخماً جديداً لعملية جنيف. ودعا واشنطن إلى وقف دعم التشكيلات الكردية في سورية. واعتبر أن أي حل عسكري للأزمة سيكون غير قانوني وغير مستدام.

وشدد البيان الختامي للوزراء الثلاثة على «عدم وجود أي بديل من الحل السياسي الديبلوماسي للأزمة السورية على أساس قرار مجلس الأمن الرقم 2254، ونتائج مؤتمر سوتشي للحوار الوطني». وأكد «رفض كل الجهود لخلق واقع جديد في الميدان بحجة مكافحة الإرهاب، والتصميم على مواجهة أجندة تسعى إلى تقويض سيادة سورية ووحدة أراضيها وتقويض أمن البلدان المجاورة».

وأشار الوزراء في بيانهم إلى «أهمية الجهود الرامية لخفض العنف، والتزام الحفاظ على نظام وقف النار، الذي لعب دوراً فاعلاً في تخفيف المعاناة الإنسانية». وحض البيان المجتمع الدولي على «دعم سورية في ما يصب في مصلحة جميع السوريين، بما في ذلك عبر نزع الألغام، وإعادة بناء البنية التحتية، والقدرات الاقتصادية والاجتماعية».

وتوافق الوزراء على «أهمية دور آستانة في ضمان تقدم حقيقي للتوصل إلى حل سياسي في سورية عبر عملية سياسية شاملة بإرادة سورية، تفضي إلى دستور يضمن حرية الشعب السوري، وانتخابات حرة وعادلة وبمشاركة جميع السوريين، بإشراف الأمم المتحدة».

واتفق الوزراء على «عقد جلسات تشاور مستمرة بين روسيا وإيران وتركيا ومبعوث الأمم المتحدة لتسهيل تشكيل لجنة دستورية ضمن توصيات جنيف ومؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي، بالتنسيق مع الدول الثلاث الضامنة»، وتكثيف الجهود المشتركة «لتسهيل التوصل إلى تسوية سياسية مستدامة في سورية وفق التوصيات المدرجة في القرار الرقم 2254، مع الاستفادة الكاملة من الآليات التي تم التوصل إليها في اجتماعات آستانة».

وفي دعم للسياسة التركية، أكد البيان «التصميم على مواصلة التعاون في القضاء التام على داعش وحزب العمال الكردستاني وكل الأفراد والمجموعات والكيانات، والكيانات الأخرى المرتبطة بالقاعدة أو داعش في سورية».

وبعد إدانتهم استخدام الأسلحة الكيماوية، دعا الوزراء إلى «المراجعة الفورية والمهنية لأي تقرير حول هذا الموضوع وفقاً لاتفاقية حظر تطوير الأسلحة الكيمياوية وإنتاجها وتخزينها واستخدامها».

ميدانياً، يواصل النظام استهداف المناطق الجنوبية من دمشق بالغارات الجوية والقصف المدفعي، في مسعى إلى إنهاء آخر جيب لمقاتلي «داعش» جنوب العاصمة. وشن التنظيم أمس هجوماً مباغتاً على بلدة يلدا انطلاقاً من مخيم اليرموك والتضامن اللذين يتعرضان لقصف عنيف منذ نحو عشرة أيام.

«الدول الضامنة» اتفقت على استمرار عملية السلام
موسكو - «الحياة»، رويترز، أ ف ب 
أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن روسيا وإيران وتركيا اتفقت على ضرورة استمرار عملية السلام في سورية رغم الضربات الصاروخية الغربية.
مؤكداً أن على موسكو وأنقرة وطهران مساعدة الحكومة السورية في القضاء على الإرهابيين.

أدلى لافروف بتصريحاته خلال اجتماع في موسكو مع نظيريه التركي والإيراني أمس (السبت) حول سورية، تم خلاله البحث عن سبل التوصل إلى تسوية سياسية للنزاع في سورية. وترعى روسيا وإيران الداعمتان للنظام السوري وتركيا المؤيدة لفصائل معارضة محادثات آستانة، التي أتاحت خصوصاً إقامة أربع مناطق لخفض التوتر في سورية التي أوقع النزاع فيها أكثر من 350 ألف قتيل منذ العام 2011.

إلا أن المساعي من أجل حل النزاع تراوح مكانها نتيجة تضارب مصالح موسكو وأنقرة وطهران حول مصير الرئيس السوري بشار الأسد. وأشار الوزير الروسي إلى إن تصريحات بعض شخصيات المعارضة السورية، تضر جهود بث حياة جديدة في عملية السلام بجنيف. وأضاف أنه «يجب ألا تكون هناك شروط مسبقة لمحادثات جنيف».

وزير خارجية تركيا: أي حل عسكري في سوريا سيكون غير قانوني وقال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو إن «الحل السياسي هو أفضل حل في سورية وأي حل عسكري غير قانوني وغير مستدام».

وأضاف الوزير أن بإمكان الدول الثلاث العمل معا لمساعدة الشعب السوري، وأن هناك حاجة لدفعة جديدة في سبيل التوصل إلى حل سياسي. وقال: «أثق أن بإمكاننا مساعدة الشعب السوري إذا عملت تركيا وإيران وروسيا معا ونفذت تشكيل لجنة دستورية». وأعلن جاويش أوغلو أن «وحدات حماية الشعب» الكردية في منبج تمثل تهديداً لوحدة أراضي سورية وتهديداً لتركيا، مشدداً على أنه يجب تحديد الإرهابيين في منطقة إدلب السورية بدقة والقضاء عليهم.

وأضاف: «من الضروري العمل مع الأمم المتحدة لضمان شرعية العملية السياسية في سورية». وتعود القمة الأخيرة بين الدول الثلاث إلى مطلع نيسان (أبريل) الجاري في أنقرة، وعندها تعهد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ونظيريه الإيراني حسن روحاني، والتركي رجب طيب أردوغان، التعاون من أجل التوصل إلى «وقف دائم للنار» في سورية.

وأعلنت وزارة الخارجية التركية في بيان، أن اللقاء في موسكو «سيركز على كل أوجه التعاون الذي تم اعتماده في إطار محادثات آستانة وسيحدد المراحل التي يمكن اتخاذ القرار في شأنها اعتباراً من الآن».

من جهتها، أشارت الدبلوماسية الروسية إلى أن المحادثات ستركز على الوضع الإنساني في البلاد. وقالت المتحدثة ماريا زاخاروفا إن «تأمين المساعدات إلى الشعب السوري لا يمكن أن يكون مشروطاً بهدف سياسي»، مضيفة أن القمة ستشمل أيضاً محادثات ثنائية.

إلا أن الوحدة التي أبدتها الدول الثلاث في أنقرة قبل ثلاثة أسابيع، تزعزعت بعد الهجوم الكيميائي المفترض المنسوب إلى النظام السوري على دوما قرب دمشق في 7 نيسان، والضربات التي شنتها واشنطن وباريس ولندن ردا عليه ضده. فقد رحبت تركيا بالغارات معتبرة أنها رد «مؤات» بينما دافعت روسيا وإيران عن النظام السوري. ويقول المحلل ألكسندر شوميلين إن الهجوم الكيميائي المفترض «أحدث تصدعاً في الوحدة بين الدول الثلاث»، مضيفاً أن «غايات وأهداف كل منها مختلفة»، مشيراً خصوصاً إلى الطموحات المتباينة بين موسكو وطهران. وتابع شوميلين أن «إيران في حاجة إلى موطئ قدم في سورية لتهديد إسرائيل»، إلا أن ذلك «يطرح مشكلة لروسيا التي تريد فقط ضمان الاستقرار في المنطقة والرحيل»، متسائلاً «كم من الوقت يمكن أن تظل هذه الدول معاً، هذا السؤال الذي لا يملك أحد إجابة عليه».

أما أليكسي مالاشنكو مسؤول معهد الحوار بين الحضارات فاعتبر أن الدول الثلاث تشكل «تحالفاً غير مستقر» بمواقف لا يمكن التوفيق بينها، قائلاً «تركيا لديها موقف واضح جداً فهي ضد بشار الأسد، ومن المستحيل التوصل إلى اتفاق حول هذه المسألة».

أما محادثات جنيف التي يشارك فيها النظام السوري وفصائل المعارضة تحت إشراف الأمم المتحدة فمعرقلة منذ أشهر عدة، كما أنها لم تحقق سوى نتائج محدودة.

وشددت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني في بروكسل الأربعاء على أن «روسيا وإيران تمارسان ضغوطاً على سورية حتى توافق على الجلوس إلى طاولة المفاوضات تحت إشراف الأمم المتحدة»، معتبرة أن «من مصلحة موسكو وطهران المساهمة في حل سياسي».