| | Date: Apr 17, 2018 | Source: جريدة النهار اللبنانية | | لبنان: اضطرابات "الصوت التفضيلي" تهزّ القوى والتحالفات | شكّل مطلع الاسبوع محطة استراحة للمسؤولين الكبار عقب عودة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الوزراء سعد الحريري من المملكة العربية السعودية حيث شاركا في أعمال قمة الظهران العربية، فلم تشهد الحركة الرسمية أي نشاط بارز، إلا أن جبهة التحركات والمهرجانات والحملات الانتخابية اتخذت طابعا تصاعديا متسعا ايذانا باقتراب العد العكسي للانتخابات النيابية من مراحله النهائية. فقبل 19 يوماً من موعد الانتخابات في 6 أيار المقبل بدا ان الخط البياني العريض للتحركات العلنية والمضمرة المتصلة بالاستحقاق الانتخابي توزعت حول محورين اساسيين يمكن القول إنهما يشكلان النقطتين المحوريتين لاهتمامات معظم القوى السياسية والحزبية ان لم يكن كلها.
المحور الاول يتمثل في تعاظم "خطر" التنافس داخل كل لائحة وكل تحالف انتخابي على الصوت التفضيلي الذي، وان كان يشكل عاملاً محسوباً تهيأ له الجميع منذ انطلاق الاستعدادات للانتخابات فان هذا القوى الحزبية والسياسية بدأت تقارب هذا الخطر واقعياً وعملياً في المرحلة الراهنة كأكثر استحقاقاتها اثارة للقلق والاضطراب. ذلك ان "نموذج" انفجار التباين علنا قبل أيام بين النائب سليم كرم ولائحة "تيار المردة" بفعل التنافس على الصوت التفضيلي وتوزيع الاصوات المحازبة والصديقة على أعضاء اللائحة، ليس الا عينة علنية عن مئات العينات الصامتة التي تشهد اللوائح الاساسية للقوى والاحزاب معاناة توزيع الصوت التفضيلي على اعضائها. وتؤكد معظم الاوساط الحزبية والسياسية المعنية بهذه الظاهرة الجديدة تماما في الانتخابات النيابية بفعل القانون الجديد ان ثمة تفاوتاً واسعاً بين قدرات كل القوى السياسية والحزبية المنخرطة في السباق الانتخابي على التوفيق بين موجبات توزيع الاصوات بما يحمي تماسك اللائحة ويمنع انفراط عقد التحالفات بين القوى. وتكشف الاوساط المعنية ان اضطرابات داخلية اجتاحت أكثر من حزب وتيار سياسي بفعل مشكلة الصوت التفضيلي كادت تؤدي لدى بعض القوى الى فرط تحالفاتها مع احزاب وجهات أخرى. أما القوى التي نجحت في تجاوز هذا التعقيد فلم تسلم كليا من تداعيات الضغوط الكبيرة والقوية التي مارستها على الحزبيين لحملهم على التكيف مع القرارات الحزبية. وتعتقد الاوساط ان ما تبقى من مهلة قبل موعد الانتخابات سيشهد مزيدا من المتاعب والتعقيدات الداخلية لدى الاحزاب والقوى المختلفة، لانه كلما اقترب موعد "اليوم الكبير" يتصاعد شد الاعصاب والتنافس بقوة.
ويتمثل المحور السياسي الآخر الذي بات يطغى أيضاً على المشهد الانتخابي المحموم، في تصاعد حمى الفرز السياسي – الانتخابي على نحو يخشى معه كثيرون تصاعد العصبية الطائفية في خلفيات تبادل الحملات والهجمات الاعلامية. فما حصل في اليومين الاخيرين عقب زيارة وزير الخارجية رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل للمنطقة الجنوبية واطلاقه موقفا من رميش استفز عبره بعض اهاليها ومن ثم استتبع موجة ردود عنيفة عليه من نواب ومسؤولي حركة "أمل" بدا بمثابة انذار اضافي متطور بتوهج المناخ السياسي والانتخابي بما يثير محاذير اللعب على حافة الهاوية الطائفية. ولا يقف الأمر عند هذه الواقعة وحدها فالموقف الذي كان اطلقه الوزير باسيل قبل أيام حول معركة عاليه الانتخابية وقوله إن تياره ليس معنياً بالمصالحة بل الذين سالت الدماء على ايديهم اثار ولا يزال يثير أيضاً ارتدادت سلبية. وجاء أحد أقوى الردود عليه من النائب غازي العريضي الذي قال: "يجب ان يدرك الجميع ان التاريخ لا يزور بكلمة واننا اصحاب ذاكرة ومحفور فينا كل ما جرى في تلك المرحلة السوداء وفي ذاك الزمن الصعب. لا يستطيع أحد ان يتنصل من المسؤولية بكلمة فكيف اذا كان أحد أبرز الاطراف السياسيين الذين تسببوا بخراب هذا البلد، ثم هذا الذي قال الكلام ذاته كان يقول لنا منذ أشهر إن المصالحة لم تنجز بعد. نسأل: لماذا يكون الجواب لأنكم لم تتصالحوا معنا، المصالحة ثابتة وليست مسألة استنسابية واستغلال لموقف على منبر في مرحلة انتخابية معنية. هذه اساءة الى المصالحة والجبل نعرف كيف نرد عليها بالحفاظ على الصلح، بالتمسك به، بتعزيز الشراكة والامانة والحفاظ عليها وبالتصويت في السادس من ايار المقبل ". واضاف: "الحقد والغباوة ليسا ضماناً. الحقد والغباوة مرضان قاتلان، فكيف اذا اجتمع المرضان في شخص أو في جهة؟ ويعز علينا ان تمس الثوابت فليقولوا ما يشاؤون لكن تحت سقف الثوابت".
ومع ذلك، سجلت خطوة احتسبت في اطار تطرية الاجواء بين بعبدا ورئاسة مجلس النواب، اذ قام وزير العدل سليم جريصاتي أمس بزيارة لرئيس المجلس نبيه بري في المصيلح وصرح على الاثر: "وجدت في دولة الرئيس الضمان الضروري اللازم لاستقرار التسوية الكبرى في البلد التي ترتكز على الاستقرار السياسي والامني وعلى التفاهم العام رغم بعض التجاذبات الحاصلة في معركة الاستحقاق الانتخابي".
الانتهاكات
وسط هذه الاجواء، بدأت وتيرة المخاوف تتصاعد من المعطيات التي تؤكد تفشي المخالفات والانتهاكات لقانون الانتخاب، فضلاً عن تفشي ممارسات شراء الاصوات بشكل منظم في بعض الدوائر. وحذرت مصادر سياسية مطلعة من تشكيل ملفات ضخمة عن الممارسات التي تنتهك نزاهة العملية الانتخابية لان امكانات تأمين هذه الملفات واسعة ومتاحة ومن الممكن تقديم بعضها لاحقا الى بعثة المراقبة التابعة للاتحاد الاوروبي كما الى الجهات الرقابية والقضائية اللبنانية. ورأت المصادر ان استعمال النفوذ الرسمي في الاستعدادات الانتخابية بات أمراً فاقعاً ومفضوحاً وان تصاعد الاتهامات لدى بعض الجهات من تدخلات تتخذ طابعاً امنياً لم يعد ممكناً تجاهله والسكوت عنه. فثمة جهات عدة منخرطة في السباق الانتخابي ستعمد الى توحيد صوتها في الايام المقبلة ضد هذا النوع من التدخلات بما لا يمكن السلطة السياسية أي الحكومة البقاء صامتة اقله للحؤول دون تصوير بعض المعارك الانتخابية بانها حروب الغاء للمعارضة أو لجهات سياسية معروفة باتت تشكل أهدافا لجهات سلطوية. | |
|