Date: Apr 16, 2018
Source: جريدة الحياة
القاضي عبد الملك: بث الخطاب العنصري جرم جزائي و«هيئة الإشراف» تشكك بالاستطلاعات وتنذر المرشحين واللوائح
بيروت - غالب أشمر 
التمادي غير المسبوق في حدة الخطاب الانتخابي الذي انزلق إليه كثر من المرشحين في المدة الأخيرة، والتشهير في حق بعضهم بعضاً من دون الالتزام بالأحكام القانونية المفروضة عليهم، أطلق البيان التحذيري، المتدرج، الذي وجهته هيئة الإشراف على الانتخابات، وحمل الرقم 14 الأسبوع الفائت، وقال عنه رئيسها القاضي نديم عبد الملك لـ «الحياة»: «إنه إنذار للمرشحين واللوائح بأن المخالفات التي ترتكب موثقة في تقريرها النهائي، الذي سترفعه إلى المراجع المختصة بعد إنجاز الاستحقاق النيابي». وزاد: «كل ما يرد في وسائل الإعلام من بث ونشر تصريحات استخدمت فيها لغة التجريح والقدح والذم من المرشحين واللوائح الانتخابية في ما بينهم سيتم تدوينه في إضبارة (ملف) كل مرشح منهم، إضافة إلى الإعلانات التي يقوم بها والنفقات الانتخابية، وصولاً إلى البت في البيان الحسابي الشامل الذي سيتقدم به المرشحون».

و «وفقاً للمهلة المعطاة لنا والمحددة بـ30 يوماً»، يقول القاضي عبد الملك: «إن الهيئة ستعكف بعد انتهاء الانتخابات وإعلان النتائج على درس البيان الحسابي، بدءاً من تاريخ تقديمه من قبل المرشحين تمهيداً لإنجاز التقرير، فإذا وجدت أنه غير متجانس مع الواقع ستطلب من الضابطة العدلية التحري عن صحة ما ورد فيه، وإذا تبين لنا أنه تجاوز السقف الانتخابي، نسجل هذه المخالفات، ونحيله إلى المجلس الدستوري للنظر فيه، وفي حال وجود طعن يؤخذ ذلك في الاعتبار».

ويلفت إلى أن «رقابة الهيئة محصورة بوسائل الإعلام من خلال غرفة رصد ومراقبة على مدار 24 ساعة، ترفع لنا نتائج ما ترصده ، فنقرأه ونعمل على تسجيل المخالفات»، ويقول رئيس الهيئة: «هذا ما حصل، إذ تبين لنا أن وسائل الإعلام لم تتقيد بذكر الإعلان الانتخابي، المدفوع الأجر، ولا الجهة التي دفعت، ولم تلتزم وفق القانون برفع تقرير أسبوعي لنا بما ورد إليها من إعلانات»، كاشفاً عن «توجيه أكثر من 70 تنبيهاً بهذه المخالفات إلى وسائل الإعلام».

وأشار إلى أن الهيئة «سجلت استعمال المرشحين لغة خطاب الكراهية والتحريض، حتى بلغت العنصرية أحياناً»، وقال: «إن وسائل الإعلام التي تقوم ببث أو نشر هذه الممارسات تعتبر متدخلة في جرم جزائي، وعليها قطع البث لوقف التمادي بهذه اللغة وإلا ستكون مسؤولة جزائياً».

وإذ تحدث عبد الملك لـ «الحياة» عن «رصد مخالفات من جانب استطلاعات الرأي، إذ تعمل على رفع منسوب مرشحين، وإسقاط آخرين، كما يحلو لها وهي بذلك تخالف القانون والقرار الصادر في هذا الشأن». كشف عن شكاوى « تلقتها الهيئة، لكنها قليلة، وقد بحثناها وسلكت مجراها القانوني، وأحيل بعضها إلى النيابة العامة الاستئنافية. كما أحلنا قسماً كبيراً من المخالفات التي ارتكبتها وسائل الإعلام واستطلاعات الرأي إلى محكمة المطبوعات. فيما أحيلت الأمور الجزائية إلى النيابة العامة. أما شكاوى بعض المرشحين التي تحدثت عن توزيع رشى، تبين أنها غير مدعومة بمستندات ثبوتية، فأحلناها إلى المرجع المختص للتحقيق فيها واتخاذ الإجراء المناسب».

«كل المحاذير واردة في قانون الانتخاب، وقانون العقوبات»، يقول عبد الملك. ويسأل: «كيف يمكن مرشحاً إلى النيابة، الانزلاق في استخدام لغة التشهير والعنصرية، من دون أن يطلع على المحاذير في القوانين، فلا يمكنه التذرع بجهل ما ورد فيها؟ على المرشحين التقيد بالقانون وبالواجب الأخلاقي من خلال المخاطبة. المادة 74 من قانون الانتخاب ترتب على وسائل الإعلام الخاص وعلى اللوائح والمرشحين، الامتناع عن القدح والذم والتجريح وإثارة النعرات الطائفية والمذهبية وكل ما يشكل وسيلة تخويف أو تخوين أو تلويح بالمغريات أو الوعد بمكاسب مادية أو معنوية. كما الامتناع عن نقل أو إعادة بث أي مادة تظهر الخروق المذكورة تحت طائلة تحميل المؤسسة مسؤولية خرق هذا القانون».

ولاستكمال مهمة عمل الهيئة واحتياجاتها، يشير رئيسها إلى أنه «إضافة إلى الـ26 شاباً وشابة في غرفة الرصد والإعلام، سنتعاقد قريباً مع 17 مدققاً للبيانات الحسابية. وطلبنا تأمين معدات فنية، وهي العنصر الأهم للمراقبة، وقد بلـــغني أن وزارة الداخلية وقعت عقداً بذلك. وأننا بصدد استكمال الكادر البشري عندنا من مراقبي المعلوماتية، وغيرهم من الاختصاصيين، ليرسو الكادر على 64، وهو الحد الأدنى المطلوب للقيام بمهماتنا، وما لم يتوافر الكادر الكافي، فكيف يمكننا البت بالبيان الحسابي الشامل لإنجازه في 30 يوماً، إذ إن القانون يقول إنه يعتبر مبتوتاً به حكماً في هذه المدة. وهذا يعني شل يد الهيئة للنظر في البيان، لضيق الوقت».

وهنا يلفت عبد الملك إلى «أننا عندما ننظر في البيان الحسابي فإن للهيئة صلاحية قضائية تتيح استدعاء المرشح والمواجهة في جلسة علنية، وله حق الدفاع وتقديم مستنداته، ونحن نقيم الوضع، فإما أن نقبل البيان كما قدم أو نرفضه أو نطلب تعديله. وبعد ذلك سننكب على إدراج كل المخالفات بتقرير نهائي لرفعه إلى خمسة مراجع بدءاً برئاسة الجمهورية ورئاستي البرلمان والحكومة ووزير الداخلية ورئيس المجلس الدستوري، ونشره في الجريدة الرسمية».