Date: Apr 2, 2018
Source: جريدة الشرق الأوسط
إخلاء دوما من «جيش الإسلام» وتشكيل مجلس محلي
بيروت: نذير رضا
أنهى اتفاقٌ توصل إليه الجانب الروسي و«جيش الإسلام»، أي وجود لمعارضي النظام السوري في الغوطة الشرقية لدمشق، يقضي بخروج مسلحي الأخير وعائلاتهم باتجاه الشمال السوري، على أن يبقى المسلحون الراغبون بتسوية في البلدة التي ستنتشر فيها قوات روسية أيضاً، وسط صمت «جيش الإسلام» عن التعليق، أو تأكيد الخبر أو نفيه.

وأفاد «الإعلام الحربي» التابع لـ«حزب الله» بأن «الاتفاق يمنع وجود أي سلاح خفيف في بلدة دوما، وسيكون تنفيذ هذا البند بعد تشكيل مجلس محلي في دوما توافق عليه الدولة السورية».

وتوصل «جيش الإسلام» وروسيا، بعد مفاوضات شاقة، إلى اتفاق نهائي لإجلاء المقاتلين والمدنيين الراغبين من بلدة دوما، آخر جيب تسيطر عليه الفصائل المعارضة قرب دمشق، ما يمهد الطريق أمام جيش النظام لاستعادة كامل المنطقة. وقد بدأ، أمس، بإخراج 200 مسلح وعائلاتهم من مقاتلي «فيلق الرحمن» الذين فرّوا إلى دوما في وقت سابق عندما بدأ النظام عملية عسكرية لاستعادة السيطرة على الغوطة الشرقية، وهي آخر دفعة من الفيلق متبقية في الغوطة الشرقية.

ويأتي الاتفاق غداة إعلان جيش النظام السوري مواصلته القتال لاستعادة بلدة دوما، مؤكداً سيطرته على «جميع مدن وبلدات الغوطة الشرقية» إثر انتهاء ثاني عملية إجلاء من المنطقة التي شكّلت منذ عام 2012 معقلاً للفصائل المعارضة قرب العاصمة.

وبينما لم يصدر أي تعليق من «جيش الإسلام» على أنباء تتحدث عن التوصل إلى الاتفاق، كشف مصدر سوري معارض مواكب للمفاوضات، أن التوصل إلى الاتفاق «تم مساء الجمعة الماضي»، مؤكداً أن مقاتلي «جيش الإسلام» سيتوجهون إلى الشمال السوري، من خلال تأكيد المعلومات التي رجحت أن ينتقلوا إلى جرابلس الخاضعة لسيطرة «درع الفرات».

وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط»، إن الاتفاق «لا يشبه الاتفاقات التي طالت حرستا التي كانت خاضعة لسيطرة حركة أحرار الشام، أو جوبر وزملكا وعين ترما ومناطق أخرى كانت خاضعة لسيطرة فيلق الرحمن» والتي أُخليت تماماً من المسلحين، موضحاً أن الاتفاق «يشبه اتفاقات القابون وبرزة وغيرهما، ويقضي بتسوية تفضي إلى ترحيل المقاتلين غير الراغبين بتسوية مع النظام إلى الشمال مع عائلاتهم، فيما يبقى المقاتلون الذين سيعقدون تسوية مع النظام داخل المدينة، ويتحولون إلى قوات أمن داخلية في البلدة التي ستُرفع على إداراتها الرسمية أعلام النظام السوري».

وقال المصدر إن المرحلة الأولى «تبدأ بتسليم السلاح الثقيل والمتوسط للنظام، وخروج المقاتلين المعارضين لأي تسوية، بينما يبقى الآخرون مع أسلحتهم الخفيفة، على أن تنتشر شرطة عسكرية روسية في وقت لاحق في المدينة».

وتعقدت المفاوضات في وقت سابق إثر وجود مقترحات تقضي بنقل المقاتلين غير الراغبين بتسوية إلى منطقة في القلمون الشرقي لا تزال خاضعة لسيطرة المعارضة، وهو ما رفضه النظام، فيما ظهرت مقترحات أخرى بنقل المقاتلين أنفسهم إلى منطقة درعا في جنوب سوريا، وهو ما قوبل بالرفض أيضاً.

وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أمس، بالتوصل إلى «اتفاق نهائي» بين روسيا وفصيل جيش الإسلام في بلدة دوما، يقضي «بخروج مقاتلي جيش الإسلام وعائلاتهم والمدنيين الراغبين إلى شمال سوريا، على أن تدخل الشرطة العسكرية الروسية إلى المدينة» في خطوة أولى قبل أن «تعود المؤسسات الحكومية إليها».

وأكدت صحيفة «الوطن»، المقربة من الحكومة السورية، أمس (الأحد)، نقلاً عن مصادر دبلوماسية أن «الاتفاق مع جيش الإسلام تم»، مرجحةً أن يبدأ تنفيذه بتسليم السلاح الثقيل قبل مغادرة المدينة.

وتركزت المفاوضات، التي تستمر منذ فترة، على وجهة جيش الإسلام لتنتهي بالاتفاق على خروجه إلى منطقتي جرابلس والباب الواقعتين تحت سيطرة فصائل موالية لتركيا في ريف حلب الشمالي الشرقي.

وأفاد «الإعلام الحربي» التابع لـ«حزب الله»، أمس، بأن الاتفاق «يقضي بخروج إرهابيي جيش الإسلام من دوما إلى جرابلس وتسوية أوضاع المتبقين، وينص على عودة كل مؤسسات الدولة بالكامل إلى بلدة دوما، وبتسليم جميع المختطفين المدنيين والعسكريين، إضافة إلى جثامين الشهداء». وقال إن بنود الاتفاق تنص على خروج مقاتلي جيش الإسلام «باتجاه جرابلس الحدودية مع تركيا بسلاحهم الخفيف»، و«تشكيل فريق عمل برئاسة روسية يضم ممثلين عن الجانب السوري والدول الضامنة لعملية آستانة، لترتيب موضوع تسليم الأسرى المختطفين من المدنيين والعسكريين الموجودين في سجون جيش الإسلام للدولة وكشف مصير الباقين»، و«تسليم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة الموجودة بحوزة (جيش الإسلام) للجيش السوري». كما لفت إلى أن الاتفاق «يمنع وجود أي سلاح خفيف في بلدة دوما، وسيكون تنفيذ هذا البند بعد تشكيل مجلس محلي في دوما توافق عليه الدولة السورية».

وبإخلاء دوما، ترتسم معالم الجغرافيا السورية لتمثل مناطق نفوذ إقليمية، إذ يرى الخبير السوري العسكري المعارض العميد أحمد رحال، أن «تغير الجغرافيا لا يعطي قوةً للنظام، ولا ضعفاً للمعارضة»، بل «يؤكد أنها حرب مناطق نفوذ إقليمية ودولية»، بينما يبدو اللاعبون الداخليون، سواء أكانوا من النظام أو المعارضة «عبارة عن أدوات تنفيذ».

وقال رحال لـ«الشرق الأوسط»: إن «الجيش الحر دخل أخيراً في معركة غصن الزيتون لتأمين مناطق نفوذ تركية، وقد يدخل في معارك أخرى في منبج أو سواها لنفس الغرض، بينما ثبّتت (قوات سوريا الديمقراطية) مناطق نفوذ التحالف الدولي، أما النظام فيبحث عن تثبيت نفوذ روسيا وإيران»، معتبراً أن السيطرة على الغوطة «توفر مصالح إيران التي تسعى لإكمال الطوق على العاصمة لإنشاء حزام شبيه بحزام بغداد». وأضاف: «كل دولة تسعى لترسيخ مناطق نفوذها من أجل طاولة الحل النهائي، وتفرض شروطها استناداً إلى حصتها ومناطق نفوذها». وأكد أن «سوريا اليوم تتقاسمها دول إقليمية ودول كبرى، بينما الشعب السوري لا يسأل أي أحد عنه».

وأشار رحال إلى أن «الهدوء النسبي الذي يحيط بريف حمص الشمالي وريف حماة، يحمل مؤشرات على مساعي النظام للتوصل إلى تسوية هناك»، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن «عمليات (داعش) في البادية ضد النظام، ستجعل العملية العسكرية في البادية أولوية بالنسبة إليه لقضم نفوذ (داعش) المتبقي في وسط سوريا».

وكانت قوات النظام قد عززت انتشارها في محيط دوما خلال الأيام الأخيرة بالتزامن مع المفاوضات، تمهيداً لعمل عسكري في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق مع فصيل جيش الإسلام. ولطالما كرر قادة جيش الإسلام رفضهم أي حل يتضمن إجلاءهم إلى أي منطقة أخرى.

وانتهت السبت الماضي، عملية إجلاء مقاتلي «فيلق الرحمن» ومدنيين من جنوب الغوطة الشرقية بخروج أكثر من 40 ألف شخص على مدى 8 أيام. وكان قد تم الأسبوع الماضي إجلاء أكثر من 4600 شخص من بلدة حرستا. وخرج من الغوطة الشرقية حتى الآن أكثر من 150 ألف شخص عبر الممرات «الآمنة» التي حددتها قوات النظام عند مداخل الغوطة الشرقية باتجاه مناطق سيطرتها، وفق وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).