Date: Mar 29, 2018
Source: جريدة الحياة
28 مليون مصري شاركوا في الاقتراع الرئاسي
القاهرة - أحمد رحيم 
اختتم الاقتراع في انتخابات الرئاسة المصرية في الداخل مساء أمس وبدأ على الفور فرز الصناديق في اللجان الفرعية، وإرسال محاضرها إلى اللجان العامة التي ستباشر اليوم عملها في حصر وتدقيق الأرقام الواردة من اللجان الفرعية، لإرسال نتائج مُجمعة إلى الهيئة الوطنية للانتخابات التي ستعكف على حصر الأرقام الواردة إليها وتلقي الطعون إن وجدت قبل إعلان النتيجة النهائية للاقتراع يوم الإثنين المقبل.

ودلت المؤشرات الأولية من قراءة أرقام غرف العمليات في محافظات على «اقتراع كثيف» في الانتخابات، التي يحق لنحو 59 مليوناً المشاركة فيها، إذ تراوحت نسب المشاركة غير النهائية في اليوم الأول ما بين 14 و16 في المئة في محافظات تضم كتلاً تصويتية كبيرة مثل الدقهلية والشرقية، ولم تختلف تلك النسب كثيراً في اليوم الثاني أول من أمس، وربما زادت في آخر أيام الاقتراع أمس، إذ قال الناطق باسم «الهيئة» المستشار محمود الشريف في مؤتمر صحافي أمس، إن آخر أيام الاقتراع شهد إقبالاً لافتاً على الاقتراع في كل المحافظات.

ووفق معلومات «الحياة» فإن نسب المشاركة في الاقتراع في اليومين الأولين تراوحت في محافظات تضم كتلاً تصويتية هي الأكبر في مصر اقتربت من أو تخطت 30 في المئة، لذا فإن المؤشرات الأولية لنسب الاقتراع في الأيام الثلاثة تدل على أنها ستتراوح ما بين 45 في المئة إلى 50 في المئة، أي أن أكثر من 28 مليون مصري شاركوا في الاقتراع، علماً أن الحصر المُدقق لأعداد المقترعين ستعلنه «الهيئة» يوم الإثنين المقبل، وإن كان في الإمكان إعلان مؤشرات قريبة إلى الدقة اليوم.

والمشاركة في الاقتراع الرئاسي هي الرهان الرئيس في الانتخابات نظراً إلى غياب التنافسية عنها، كون نتائجها محسومة سلفاً لمصلحة الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي يخوض السباق في مواجهة رئيس حزب «الغد» موسى مصطفى موسى.

وقال الشريف إن الهيئة «تشكر أبناء مصر الذين أثبتوا للعالم أن المصريين قادرون على أن يحققوا بإرادتهم مصيرهم». وفسر تأكيد «الهيئة» قرار تطبيق الغرامة المالية على المتخلفين عن الاقتراع من دون عذر، بأن الهيئة كانت ترد على سؤال في هذا الصدد»، لافتاً إلى أن الأمر نظمه القانون والهيئة لم تستحدث جديداً.

وأوضح أن محافظات القاهرة والجيزة والإسكندرية والشرقية وشمال سيناء أتت في صدارة الكتل التصويتية، لكن آخر أيام الاقتراع أمس شهد زخماً وتواجداً مكثفاً أمام اللجان في جميع المحافظات.

وأكد رئيس الهيئة المستشار لاشين إبراهيم في بيان، أن احتشاد المواطنين واصطفافهم أمام لجان الاقتراع، بعث برسالة واضحة وقوية للعالم أجمع، أن المصريين بوعيهم وإرادتهم وحدهم هم من يختارون حاكمهم.

وشهدت اللجان الانتخابية في شمال سيناء أمس إقبالاً من مرضى ومُسنين نقلتهم سيارات إسعاف إلى مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم، كما حرص مكفوفون على الإدلاء بأصواتهم برفقة أبنائهم. وخصصت قوى الأمن مجموعة من الجنود لاصطحاب المُسنين على كراسي متحركة إلى داخل مراكز الاقتراع لتسهيل مشاركتهم.

عمال وافدون اقترعوا في مقار إقامتهم

في الحي الحكومي في العاصمة الإدارية الجديدة التي تبنيها مصر في منطقة صحراوية بين القاهرة وإقليم قناة السويس، تجمع مئات العمال أمام مبنى إداري في منطقة مملوءة بخرسانات لبنايات الحي، خُصص لاقتراع آلاف العمال الوافدين الذين يبنون العاصمة، في انتخابات الرئاسة التي اختتم الاقتراع فيها مساء أمس.

وسمحت الهيئة الوطنية للانتخابات للمرة الأولى للناخبين الوافدين، بالاقتراع في مقار إقامتهم بعد إبداء رغبتهم في عدم التصويت في مكان مولدهم. ومنح القرار الفرصة لأعداد ضخمة من العمالة الموقتة في المشاريع العقارية في المدن الجديدة وفي قطاع السياحة، للاقتراع في مقار عملهم، بدلاً من الاقتراع في مناطقهم.

وعلى قاعدة خُرسانية أمام مقر لجنة اقتراع الوافدين، وُضعت مُكبرات صوت تصدح بأغانٍ وطنية، فيما عشرات العمال يلتفون حولها في حلقات راقصة، بانتظار دورهم للاقتراع.

وقال عامل في إحدى الشركات لـ «الحياة»: «هنا نشعر بالتنمية. نبني مدينة عالمية جديدة، ومن ثم هناك إقبال على الاقتراع لأننا متأكدون من أن الدولة ستتطور، إذ نشاهد بأعيننا كل يوم التطور الحاصل في بناء العاصمة».

وفي العاصمة الجديدة، لم تغب لافتات تأييد الرئيس عبدالفتاح السيسي على رغم أنها ما زالت منطقة صحراوية، فعند كل موقع لشركة تُنصب عشرات اللافتات باِسم الشركة وعمالها.

وفي سرادق أمام لجنة انتخاب الوافدين، جلس عشرات العمال يلتقطون أنفاسهم من عناء العمل، في انتظار دورهم للاقتراع. وقال مشرف على عمال: «الشركات تسمح للعمال بالاقتراع على دفعات حتى لا يتعطل العمل، وكي لا يحدث ازدحام أمام اللجنة».

حشد قبلي في صعيد مصر
القاهرة – محمود دهشان 
غلب الحشد القبلي في صعيد مصر على عملية الاقتراع في انتخابات الرئاسة التي تجري حالياً، إذ حرص كبار العائلات ونواب البرلمان من ذوي النفوذ والتأثير، على التواجد أمام اللجان لحض المواطنين وتشجيعهم على المشاركة والإدلاء بأصواتهم في الانتخابات، وتكفل بعضهم بتوفير حافلات لنقل الناخبين إلى مراكز الاقتراع.

وطوال ساعات الاقتراع وقف كبار عائلات أمام اللجان بصحبة نواب البرلمان لتسهيل اقتراع ذويهم ومتابعة توافدهم إلى المقار الانتخابية.

وظهر رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان النائب طارق رضوان أمام اللجنة الأولى في معهد عبدالرحيم رضوان الأزهري في مركز دار السلام في محافظة سوهاج (صعيد مصر)، مرتدياً الجلباب الصعيدي، ويحيط به حشد من المواطنين، وكذلك فعل رئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان النائب علاء عابد الذي حرص على التواجد أمام عدد من اللجان في مركز الصف في محافظة الجيزة (جنوب القاهرة)، لاستقبال الناخبين وحضهم على أهمية المشاركة في الانتخابات بغض النظر عن اختيار المواطن لأي مرشح.

وظل للقبلية وكبار العائلات دور حاسم في توجيه ذويهم في أي اقتراع على مدى عقود، لكن هذه الحال كانت تغيرت إلى حد كبير مع اندلاع ثورة 25 كانون الثاني (يناير) 2011، غير أن الانتخابات الحالية حملت في طياتها عودة لهذا الدور مُجدداً. وحرصت قيادات عائلات الصعيد على عقد مؤتمرات حاشدة لتأييد الرئيس عبدالفتاح السيسي، قبيل بدء الاقتراع في السباق الرئاسي، خلال فترة الدعاية التي حددتها الهيئة الوطنية للانتخابات، وكانت شهدت حضوراً كثيفاً.

«فطير» ورقصة «تحطيب» رمز الصداقة بين القاهرة وواشنطن

القاهرة – رحاب عليوة 
أمام برج المنوفية، وهو متنزه شهير على الطريق الرابط بين المحافظة والقاهرة، تبادل عضو الوفد الأميركي لمراقبة الاقتراع الرئاسي في مصر آندي برانر، ورجالٌ يرتدون الزي التقليدي الريفي (جلباب)، الرقص بالعصا المعروف بـ «التحطيب»، في أجواء احتفالية. وفي ختام الرقصة، تبادل برانر وأحد أهالي القرية العناق في ودٍ لافت.

وعُد المشهد الذي جاء في ثاني أيام الاقتراع المصري فريداً، إذ عكس مشاعر من الصداقة «المصرية- الأميركية» على عكس المعتاد، فغالباً ما ينظر المصريون إلى المراقبين الأميركان بمشاعر من الريبة، عكستها الهتافات التي استُقبل بها القائم بأعمال السفير الأميركي في القاهرة توماس غولدبرغ في أول أيام الاقتراع، إذ هتف الناخبون: «تحيا مصر... تسقط أميركا».

وعلّقت النائب في لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان المصري المرافقة للوفد داليا يوسف لـ «الحياة»: «الناخبون عبّروا ببراعة ووعي عن رفضهم السياسة الأميركية، وترحيبهم بالتواصل وعلاقات الصداقة بين الشعوب... التي تُرسّخ السياسات بين الدول وتُكوّنها وليس العكس».

وأضافت: «الوفد التابع لجامعة جون هوبكنز حرص على مراقبة لجان خارج القاهرة، فاصطحبتهم إلى قريتي في المنوفية، لكن تصادف وصولنا مع عطلة الاقتراع (أوقفتها الهيئة الوطنية للانتخابات لاحقاً)، وهي من الساعة الثالثة إلى الرابعة عصراً، فأصرّ الأهالي على الترحيب بالوفد الأميركي، واصطحبونا إلى برج المنوفية، وقدموا وجبة الفطير المشلتت، ثم المشروبات المختلفة». وأشارت إلى انتقال الأجواء الاحتفالية المواكبة لزيارة اللجان إلى البرج، وسط تفاعل معه أعضاء الوفد وشاركوا الأهالي الرقص.

وتداول ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي صوراً ومقاطع مصورة لرقص الوفد وتناوله الأرغيلة. وعلّق عضو الوفد الأميركي عبر «تويتر»: «أفضل طريقة للتعرف إلى شعب ما... تناول وجبة معه»، مشيداً بحسن ضيافة الشعب المصري، وأجواء الاقتراع.

وجال الوفد الأميركي بين لجان انتخابية عدة في محافظة المنوفية، وأشاد خلال جولته، وفق تدوينات عبر «تويتر»، بالإقبال على الاقتراع، وتنوّع الفئات العمرية المشاركة فيه، والمستويات الاجتماعية، فكتب بارنر: «بعد التاسعة مساءً، الصناديق أُغلقت الآن، رأينا شباباً وكباراً، فقراء وأغنياء، سيدات ورجالاً، المصريون فخورون بالتصويت».

كما زار الوفد الأميركي خلال جولته أول من أمس كنيسة «الأنبا صرابامون»، وهي أحد أقدم الكنائس في مصر، وأكد قس الكنيسة الأنبا هدرا للوفد التعايش السلمي وروح الإخاء بين المسلمين والمسيحيين في مصر. وانتقل الوفد أمس إلى حي المقطم في القاهرة لمتابعة مراقبة العملية الانتخابية التي اختتمت مساء أمس، فيما يلتقي اليوم عدداً من نواب البرلمان في ختام الجولة داخل مصر.