Date: Mar 28, 2018
Source: جريدة الحياة
تونس توقف مسار «العدالة الانتقالية»
تونس – محمد ياسين الجلاصي 
صوّت البرلمان التونسي لمصلحة عدم تمديد مهلة «هيئة الحقيقة والكرامة» المكلفة كشف الحقيقة في انتهاكات حقوق الإنسان وقضايا الفساد طيلة نصف القرن الماضي، لتدخل البلاد في أزمة نتيجة رفض كتل نيابية موالية ومعارِضة قرار التصويت ونهاية مسار العدالة الانتقالية من دون اكتماله نتيجة لهذا التصويت.

ورفض البرلمان، بعد جلستين صاخبتين، بغالبية 68 نائباً التمديد لهيئة الحقيقة والكرامة، وذلك بعد قرار رفعته هذه الهيئة التي تنتهي مدة ولايتها في نهاية أيار (مايو) المقبل، بينما قاطع نواب المعارضة ونواب حركة «النهضة» الإسلامية (أكبر كتلة في البرلمان) عملية التصويت التي أعقبت جلسة تواصلت لأكثر من 10 ساعات.

يأتي ذلك بعد إعلان «هيئة الحقيقة والكرامة» قبل أسبوع التمديد لنفــسها مدة سنة إضافية وفق ما نصّ عليه «قانون العدالة الانتقالية»، لكن نواباً غالبيتهم من حزب «نداء تونس» الحاكم رفضوا هذا التمديد باعتبار أن البرلمان هو الجهة الوحيدة المخوّلة إقرار التمديد بصفتها الجهة التي منحت الشرعية وانتخبت الهيئة لولاية من 5 سنوات.

وتعتبر قوى المعارضة أن التصويت ضد تمديد عمل «هيئة الحقيقة والكرامة» يُعتبر باطلاً، حيث أكد أمين عام «حزب التيار الديموقراطي» المعارض، النائب غازي الشواشي في تصريح إلى «الحياة» أن «الحد الأدنى المطلوب للتصويت في البرلمان هو الثلث (73 صوتاً) في حين أن التصويت في جلسة الإثنين لم يتجاوز السبعين وبالتالي يُعتبر التصويت لاغياً».

وحذّر رافضون للتصويت من انتهاء مسار العدالة الانتقالية بسبب عدم التمديد للهيئة التي لم تُكمل أعمالها المتمثلة في كشف الحقيقة وتعويض ضحايا الاستبداد والمصالحة الوطنية.

في المقابل، يعتبر المعسكر المساند إنهاء عمل الهيئة، أن رئيستها سهام بن سدرين (ناشطة حقوقية بارزة) «انحرفت بمسار العدالة الانتقالية بسبب أهداف سياسية وتتبنى أفكاراً معادية للرموز الوطنية واستقلال البلاد»، وذلك في إشارة إلى وثيقة نشرتها الهيئة حول استغلال فرنسا لثروات تونس.

ويخفي هذا الخلاف القانوني خلافاً سياسياً حول عمل هيئة الحقيقة والكرامة ورئيستها بن سدرين التي تُعتبر من المعادين لحزب «نداء تونس» والرئيس الباجي قائد السبسي وكل المنظومة التي حكمت تونس قبل ثورة 2011، في حين تحظى الهيئة بدعم المعارضة وحركة «النهضة المشاركة في التحالف الحكومي.

وتتكفل «هيئة الحقيقة والكرامة» وفق «قانون العدالة الانتقالية» بتقصي الحقائق في «كل اعتداء جسيم أو ممنهج على حق من حقوق الإنسان كالقتل العمد أو الاغتصاب والتعذيب والإخفاء القسري إضافة إلى قضايا الفساد المالي والاعتداء على المال العام، وذلك خلال الفترة الممتدة بين 1 تموز (يوليو) 1955 (تاريخ الاستقلال) وحتى 31 كانون الأول (ديسمبر) 2013.