Date: Mar 26, 2018
Source: جريدة الحياة
مصر: صمت انتخابي زاعق في أجواء لا تنقصها الإثارة
القاهرة – أمينة خيري 
الحرب على أشدّها، والسجال يستعر به أثير العنكبوت وحوارات الشارع والمقهى، والصمت الانتخابي زاعق جداً.

في مشهد التفجير الذي استهدف موكب مدير أمن الإسكندرية أول من أمس، نتج منه رد فعل للمواطنين العاديين من أنصار حزب «الكنبة» العتيق الأصيل. فعلى رغم «نبرة شارعية» سادت خلال الأسابيع الماضية بأن نتيجة الانتخابات محسومة، واسم رئيس مصر القادم معروف، ومن ثم فإن التوجه إلى صناديق الانتخابات لا داعي له، فقد ظهرت نبرة مغايرة تميل إلى تحدي من يلوّح بذراع الترهيب.

وبين «إرهابكم لن يخيفنا» و «نازلين الانتخابات ومش خايفين» و «سأتحدى الإرهاب بصوتي» وغيرها من التغريدات والتدوينات والهاشتاغات، تلون الأثير العنكبوتي بحماسة مصرية مفاجئة للمشاركة في الانتخابات التي يعرف الجميع أن أهميتها لا تكمُن في نتيجتها شبه المحسومة، بقدر ما تكمن في نسبة المشاركة فيها. حتى موظف الأمن الشاب في العمارة السكنية والمتخصص في ضياع حلم «العربية والعروسة والعمل الميري» باعتبارها مبررات العودة إلى قوائم الكنبويين غير المشاركين أعلن أنه سينزل يوم الثلثاء بعد انتهاء مواعيد عمله!

«إحباط مخططات جماعة «الإخوان المسلمين» ومن يدعمهم لن يأتي إلا بالمشاركة بأعداد غفيرة»، «غباء الإخوان وصل أقصاه. هل يعقل أن شعب مصر هذه الكتلة الصلبة المتحملة لكل أنواع الضغوط من أجل دحر الإرهاب وقطع الطريق أمام غباء الإخوان والهوس الثوري ستخاف من قنبلة أو اثنتين؟ هذه الكتلة لا تخاف ياناس»، «محاولة يائسة من جماعات كارهة للحياة. مصر لأبنائها الوطنيين المؤيدين والمعارضين»، وتدوينات كثيرة أخرى لمواطنين عاديين منزهين عن شبهة اللجان الإلكترونية أو إعادة مشاركة التدوينة أو تدوير التغريدة.

لكن التغريد خارج السرب سمة أصيلة، ويبدو أن رسائل المصريين خلال الأعوام السبعة الأخيرة لم يفهمها كثيرون. فالسؤال الذي طرحته إحدى القنوات الإقليمية المعروف ميلها إلى جماعات بعينها على حساب الاختيارات الشعبية المصرية أدى إلى رد فعل عكسي قوامه عناد فطري وجوهره رسالة مفادها رفض التوجيه ونبذ التحريض. «هل سيتجه الإخوان المسلمون إلى العنف بعدما اكتشفوا أن سلميتهم ليست «أقوى من السلاح»؟ سؤال يتداوله مواطنون عاديون. ردود الفعل جاءت متراوحة بين صب لعنات على القناة وداعميها، وتأكيد أن محاولات عودة الجماعة مستحيلة، وأنه «مهما كنا تعبانين ومضغوطين يا داخل بين البصلة وقشرتها...»، على حد قول مواطن مضغوط اقتصادياً ومنزوٍ «كنبوياً» وغاضب فطرياً.

الشأن الانتخابي المصري الداخلي على رغم خضوعه إعلامياً لصمت انتخابي، إلا أن وسائل إعلام غربية تدق دقاً شديداً على «المحسومة مسبقاً» و «المعروفة قبل بدايتها» إلى آخر عناوين التقارير التي يحفل بها الإعلام الغربي. المثير أن مؤيدي الجماعة باتوا يتخذون من التقارير الإعلامية الغربية المتحيزة، الإمبريالية سابقاً المهنية حالياً مرجعية ترويجية لهم.

وفي خضم كل ما سبق تبدأ اليوم الانتخابات الرئاسية المصرية معلنة صمتاً انتخابياً زاعقاً في أجواء لا تنقصها الإثارة.