Date: Mar 21, 2018
Source: جريدة الحياة
لبنان: خلط أوراق في التحالفات الانتخابية قبل إكمال اللوائح
لا تزال التقلبات السياسية والمناورات الانتخابية تواكب المشاورات المفتوحة التي تجريها القوى السياسية في محاولة للتوصل إلى ائتلافات تسبق تركيب اللوائح بأسماء مرشحيها لخوض الانتخابات في 6 أيار (مايو) المقبل، ولن تتوقف اللقاءات وبعضها يجمع بين الأضداد السياسيين، إلا عندما تبادر هذه القوى إلى تسجيل لوائحها لدى وزارة الداخلية خلال مهلة تنتهي ليل 26 الجاري.

ولم تستبعد مصادر سياسية أن تحمل مشاورات اللحظات الأخيرة مفاجآت تبدّل واقع التحالفات، لأن معظم القوى تشكل اللوائح بحسابات رقمية لا سياسية، لأن ما يهمها إيصال أكبر عدد من النواب.

وكان البارز أمس، عزوف النائب عن عكار خالد الضاهر عن الترشح من دارة زعيم «تيار المستقبل» رئيس الحكومة سعد الحريري، بعد أن كان يتجه إلى تشكيل لائحة منافسة لـ «المستقبل»، وبعد أن استبعد إمكان التحالف مع الوزير السابق أشرف ريفي.

ودعا الضاهر​ كل مناصريه ومحبيه إلى «الوقوف إلى جانب الرئيس الحريري ومشروعه لنحمي ​لبنان». وقال بعد لقائه رئيس الحكومة في ​بيت الوسط​: «لست طامعاً في مقعد نيابي ولا في غيره وكل هدفي وحدة الصف وخدمة المشروع الوطني العام وأن نكون تحت سقف ​دار الفتوى، وفي التوجه العربي الذي يخدم ويحمي وحدة لبنان من المشاريع الإيرانية أو الصهيونية وأن نكون يداً وصفاً واحداً ونعمل على خدمة منطقة عكار وكل لبنان، ولذلك قلت له إن ترشحي سأعزف عنه، خدمة للمشروع، ولوحدة الصف التي أدعو إليها ودعوت عدداً من المرشحين ومنهم من سيأتي إلى بيت الوسط ليعلن أيضاً عزوفه عن الترشح».

أضاف: «لو كان هدفي المقعد النيابي لكنت أصريت على خوض المعركة الانتخابية، ولست ضعيفاً ولم أخضع لأي ابتزاز. عندما تكون مصالح كبرى تخص الوطن وكل فئاته وأهل السنة تصغر كل القضايا والمواقع ونتمسك بحرصنا على بلدنا ونقف إلى جانب الرئيس الحريري في هذه المهمة الوطنية الآن... وأن يشكل أكبر كتلة في لبنان»، مؤكداً أن كل ما كان هذا المشروع الذي يحمله الرئيس الحريري قوياً كل ما حمينا لبنان». وقال: «ذكرت للرئيس الحريري كل القضايا التي تتعلق بالمعتقلين الإسلاميين وبالتنمية والإنماء المتوازن وحقوق المناطق وأخذها على مسؤوليته لتحقيقها. وهو خير من يحمل هذه المسؤولية والأمانة». وأكد أن الرئيس الحريري «عنيد في مواقفه ومتمسك بالثوابت التي يرددها دائماً حرصاً على المصلحة العامة».

وإذ تحدث عن «فك ارتباط» مع ريفي منذ أكثر من أسبوع، قال: «أخذت هذا القرار(العزوف) بعد دراسة وتأن، واستخرت الله في هذا الموضوع واستشرت كل أحبابي وأفراد العائلة ومن أثق بهم ويغارون على المصلحة العامة وهم مرتاحون إلى هذا التوجه».

وجديد مشاورات الساعات الأخيرة، معاودة البحث بين «تيار المستقبل» و «التيار الوطني الحر» في انضمام الأخير عبر مرشحه الماروني شربل مارون إلى اللائحة الائتلافية في دائرة البقاع الغربي المدعومة من «المستقبل» والحزب «التقدمي الاشتراكي»، الذي يصر على ترشيح النائب أنطون سعد عن المقعد الأرثوذكسي مقابل تمسك «المستقبل» بمرشحه الأرثوذكسي غسان سكاف، إضافة إلى تحبيذه أن يكون هنري شديد المرشح الماروني على اللائحة. وهناك من يرجح خلط الاوراق في الائتلاف الانتخابي في البقاع الغربي إلا في حال التوافق على صرف النظر عن إدخال تعديلات على تحالف «المستقبل»- «التقدمي».

«المستقبل» - « القوات»

واختتمت المشاورات بين «المستقبل» وحزب «القوات اللبنانية» بتوافق على خوض الانتخابات في لائحة موحدة بدائرتي عكار و «بعلبك الهرمل»، وبالتالي فإن الافتراق الانتخابي بين الطرفين في الدوائر الأخرى لا ينسحب على دائرتي «الشوف- عاليه» والمتن الجنوبي (بعبدا)، باعتبار أن لا مصلحة لهما في الخروج من الائتلاف مع «التقدمي».

وأكدت مصادر «القوات» أن المفاوضات الانتخابية بين «القوات» و «المستقبل» انتهت وتوقفت بعد أن أبلغت المراجع الرسمية في «المستقبل» الوزير ملحم رياشي أن التحالف في دائرة صيدا- جزين غير وارد، وبعد أن اقترح «المستقبل» على «القوات» ترشيح شخصية أرثوذكسية في البقاع الغربي بدلاً من مرشحها إيلي لحود عن المقعد الماروني، وأن «المستقبل» أبلغ «القوات» بأنه كان يفضل ترشيحه أرثوذكسياً عن المقعد الأرثوذكسي في البقاع الغربي بدلاً من الماروني ايلي لحود، وبعد أن حسم «المستقبل» عدم إمكانية التحالف في بيروت وزحلة بسبب تحالفه مع «التيار الوطني الحر» وحزب «الطاشناق»، وبعد أن حسم «المستقبل» قرار ترشيح نقولا غصن في دائرة الشمال المسيحية على لائحة الوزير جبران باسيل. أما في عكار فقد تم الاتفاق على أن يترشح وهبه قاطيشا عن أحد المقعدين الأرثوذكسيين في عكار على لائحة «المستقبل» التي أصبحت مكتملة بانضمام قاطيشا، فيما التحالف قائم في دائرة بعلبك- الهرمل.

وخلصت المصادر إلى التأكيد أن «المفاوضات بين «القوات» و «المستقبل» انتهت بعد أن حسمها «المستقبل» بالشكل المشار إليه أعلاه».

وكان «المستقبل» أبلغ «القوات» وفق مصادر الأخيرة، بأنه حسم في بيروت الأولى انضمامه إلى الائتلاف مع «التيار الوطني» بضم المرشح الذي يدعمه عن أحد مقاعد الأرمن الأرثوذكس سيبوه كلبكيان إليه، ما دفع «القوات» بالتحالف مع الوزير ميشال فرعون إلى تسمية المرشحة كارول بابكيان إلى لائحتهما، بعد أن كانا تركا المقعد شاغراً لـ «المستقبل».

وتسير الاتصالات بين رئيس الحزب «الديموقراطي اللبناني» طلال أرسلان ورئيس «التيار الوطني» جبران باسيل بخطى سريعة في «الشوف- عاليه» بالتعاون مع الحزب «السوري القومي الاجتماعي». والتفاهم الثلاثي في هذه الدائرة سيدفع رئيس حزب «التوحيد العربي» وئام وهاب إلى تشكيل لائحة خاصة به، وهو يبدي انفتاحاً على حزب «الوطنيين الأحرار» الذي لم يحسم أمره في الائتلاف. وعلمت «الحياة» أن «حزب الله» حاول التوفيق بين أرسلان ووهاب، لكن أرسلان رفض كل أشكال الائتلاف معه وأصر على موقفه مع أن «التيار الوطني» أظهر ليونة حيال وساطة الحزب.

وقالت مصادر أرسلان إنه اتفق مع باسيل على الائتلاف، وأن يكون «القومي» شريكاً فيه، خصوصاً أنه على علم بكل التفاصيل التي تدور بينهما. واتفقا على أن يكون إلى جانب ارسلان في اللائحة المرشح عن المقعد الارثوذكسي مروان أبوفاضل. وأصر ارسلان على بقاء المقعد الدرزي الثاني في عاليه شاغراً، في رد إيجابي على قرار رئيس «التقدمي» وليد جنبلاط حصر الترشيح بأكرم شهيب عن أحد المقعدين.

جزين - صيدا

وعلى صعيد دائرة «جزين - صيدا»، فإن رئيس بلدية صيدا السابق عبدالرحمن البزري ومسؤول «الجماعة الإسلامية» في صيدا والجنوب بسام حمود، يؤكدان لـ «الحياة» أن ائتلافهما مع «التيار الوطني» وضع على سكة التنفيذ، على رغم أن حسم التحالف ينتظر ما سيتوصلان إليه في اجتماعهما مع قيادة «التيار الوطني» في الجنوب. لكن مصادر صيداوية تدعو إلى التريث لأن الساعات المقبلة قد تحمل تبدلاً في التحالفات، مع أن لا شيء يدل على احتمال حصول انقلابات يمكن أن تنعش المشاورات بين «التيار الوطني» و «المستقبل»، إلا في حال أن هذا التفاؤل أسقط من خارج المنطقة وبصورة مفاجئة على الذين يتولون حالياً المشاورات الائتلافية المتنقلة.

طرابس - الضنية - المنية وعكار

في الشمال، باتت صورة التحالفات في دائرة «طرابلس- الضنية- المنية» واضحة في انتظار تشكيل الوزير السابق فيصل كرامي لائحته وهو حسم تحالفه مع «جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية» (الأحباش) وتيار «المردة» ومرشح علوي غير حزبي وآخر محسوب على الحالات الإسلامية غير المتطرف، وأيضاً ما سيقرره الوزير السابق اللواء أشرف ريفي الذي يضع اللمسات الأخيرة على لائحته.

وحسمت «الجماعة الإسلامية» خوضها الانتخابات في دائرة طرابلس بالتعاون مع ناشطين في المجتمع المدني ومرشح أرثوذكسي محسوب بطريقة غير مباشرة على «التيار الوطني».

وفي دائرة عكار، استكمل «المستقبل» تشكيل لائحته، ويكثف منافسوه لقاءاتهم لتشكيل لائحة قد تكون قادرة على خرق «المستقبل» وإنما على قاعدة استبعاد التعاون مع ريفي. وعلمت «الحياة» أن خصوم «المستقبل» يواصلون اجتماعاتهم ويشارك فيها «التيار الوطني» و «القومي» و «الجماعة الإسلامية»، إضافة إلى النائب السابق محمد يحيى الذي يعترض على ضم النائب السابق وجيه البعريني على اللائحة الائتلافية، وأيضاً ممثل عن العلويين وآخر عن النائب السابق مخايل الضاهر.

وقد ينضم «المردة» إلى اللائحة من خلال النائب السابق كريم الراسي، لكن «التيار الوطني» يصر على جيمي جبور (ماروني) وأسعد درغام (أرثوذكسي)، وهو ما تعترض عليه أطراف لأن هناك ضرورة لترشح الضاهر بدلاً من جبور. كما أ ن معظم المشاركين في المشاورات يراهنون على تدخل «حزب الله» لإقناع البعريني بالعزوف عن الترشح بعدما ترشح ابنه وليد على لائحة «المستقبل»، وتردد أن الأول إلتقى أمس نائب الأمين العام لـ «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم.

بري : الاستحقاق الانتخابي استفتاء على الثوابت

أكد رئيس المجلس النيابي نبيه بري أن «الانكفاء عن المشاركة في العملية الانتخابية هو تخلٍ عن القيام بواجب وطني وتخل عن المسؤولية». ولفت خلال لقاء موسع في دارته في المصيلح مع رئيس وأعضاء رابطة مخاتير قرى قضاء صور، إلى أن «كل أبناء الجنوب وفي المقدمة المخاتير والهيئات التمثيلية المنتخبة من مجالس بلدية وأندية وجمعيات معنيون بتحويل الاستحقاق الانتخابي الى استفتاء على ثوابت الجنوب في الوحدة والعيش المشترك الحقيقي». وشدد على «الدور المحوري المنوط بالمختارين في حض الناخبين لرفع نسبة الاقتراع في مختلف الدوائر، وخصوصاً في الجنوب».

ورأى النائب بطرس حرب أن «قانون الانتخاب يفتح أكبر باب للتزوير الانتخابي في ما يتعلق بعملية انتخاب المغتربين خارج لبنان في السفارات والقنصليات، في ظل تعيينات القنصليات الفخرية المبنية على المحسوبيات»، سائلاً: «من سيراقب هذه العملية؟ ومن يضمن لنا أن تكون النتيجة الصادرة عن قلم الاقتراع في بلاد الاغتراب هي نفسها التي تعلن في لبنان؟».

واستغرب كيف أن «وزير الخارجية جبران باسيل يقوم بجولاته الانتخابية حول العالم، مستفيداً من الاعتمادات المؤمنة له من الدولة لكي يروج لنفسه ويجمع الناخبين لمصلحته ضد المرشحين الآخرين، على حساب الدولة، فيما تدعي الحكومة أنها تقف على مسافة واحدة من المرشحين». وشدد على «استحالة أن تكون الانتخابات نزيهة، خصوصاً في ظل التوظيفات العشوائية لزبائن مرشحين موجودين في الدولة والحكومة»، لافتاً الى «آلاف الوظائف التي ظهرت الآن، في وقت يقف المواطنون بالصف أمام منازل بعض المرشحين لاستعطاء وعد بوظيفة في المستقبل». وطالب «المؤسسات الدولية والمحلية بأن تراقب العملية الانتخابية وإيجاد آليات لضبط عمليات التزوير في هذه الانتخابات، فضلاً عن وضع حد للتوظيفات العشوائية التي هي محض انتخابية».

وانتقد النائب سرج طور سركيسيان لجنة الإشراف على الانتخابات. وقال: «إنها لا تقوم بأي تحرك في مواجهة توزيع المال الانتخابي. هناك توزيع للأموال بصورة هائلة ولا اعرف كيف سنكمل هكذا، خصوصاً في مناطق الحاصل الانتخابي فيها منخفض». وسأل: «كيف يمنع على أطراف استخدام الأماكن العامة ويسمح لآخرين، وآخرها إعلان (حزب الله) لائحة بعلبك - الهرمل من قلعة بعلبك».

وأشار عضو المكتب السياسي في حزب «الكتائب» سيرج داغر إلى «تدخّل مباشر من رئيس الجمهورية بالانتخابات النيابية وبتركيب اللوائح والمرشحين، وهذا أمر مرفوض». وأعلن داغر ان وزارة الخارجية أعطت أسماء وأرقام المغتربين لماكينة التيار الانتخابية فقط و «طالبنا بها كحزب ولم تعطَ لنا».

هيئة الإشراف توضح

وأوضحت هيئة الإشراف على الانتخابات أن «القاعات أو الصالونات الملحقة بالكنائس أو الأديرة والنوادي الحسينية أو القاعات الملحقة بالمساجد والخليات الاجتماعية في معظم القرى والبلدات اللبنانية، لا تعتبر أماكن للعبادة، لذلك يمكن ممارسة النشاط الانتخابي أثناء فترة الحملة الانتخابية في هذه الأماكن تحديداً».

وطلبت «هيئة الإشراف» من جميع وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة الإقلاع عن نشر أو بث استطلاعات الرأي عبر البرامج الانتخابية أو السياسية، قبل الحصول على موافقة مسبقة من الهيئة»، وأكدت أنها «ستحيل المخالفات المتخذة في هذا الشأن، على محكمة المطبوعات».

«المستقبل»: قيادات «حزب الله» تحرّض مذهبياً

انتقدت كتلة «المستقبل» النيابية برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة كلام قيادات «حزب الله» حول الانتخابات النيابية في دائرة بعلبك - الهرمل لأنها «وجدت فيه نزوعاً متكرراً نحو التحريض المذهبي ومحاولة غير مقبولة لإسقاط تسميات إرهابية على فريق لبناني، من بديهيات حقوقه الوطنية الترشح للانتخابات في هذه الدائرة أو سواها».

ورأت «أن هذا المنطق الاستعلائي وغير الديموقراطي في مقاربة الشأن الانتخابي مردود إلى أصحابه الذين يقدمون في كل يوم نموذجاً عن مخالفة القانون فضلاً عن مخالفاتهم المتواصلة لمقتضيات الوفاق الوطني والتطاول المتعمد والمرفوض على الدول العربية الشقيقة».

وشددت على «أن التصويت لمصلحة لوائح «تيار المستقبل» هو تصويت لمشروع النهوض بلبنان وحمايته من تداعيات الأزمات المحيطة وتعطيل كل محاولة لاستدراجه إلى المحاور الخارجية».

وتوقفت الكتلة عند «النجاح الذي حققه لبنان في مؤتمر روما 2 لدعم الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي وسائر الأجهزة الأمنية». ورأت «في تبني أكثر من 40 دولة عربية وأجنبية توجهات حكومة الرئيس سعد الحريري في الحفاظ على الاستقرار وتدعيم الاقتصاد وبناء مؤسسات الدولة، ودعوة الرئيس ميشال عون إلى مناقشة الإستراتيجية الدفاعية بعد الانتخابات، تأكيداً لتمسك المجتمع الدولي باستقرار لبنان وأمنه، والتزاماً بسيادة لبنان وسلطة الدولة والقانون فيه، والتزام تطبيق سياسة النأي بالنفس كمسؤولية جماعية بما يضمن تحصين لبنان في وجه التداعيات الناتجة من الصراعات الإقليمية والمخاطر المحيطة».