Date: Feb 25, 2018
Source: جريدة الحياة
الفلسطينيون ينددون بنقل السفارة في ذكرى النكبة
القدس المحتلة، واشنطن، اسطنبول، القاهرة - أ ف ب، رويترز 
لم تكد الخارجية الأميركية تعلن أن مقر سفارتها في إسرائيل سينقل رسمياً من تل أبيب إلى القدس في أيار (مايو) المقبل، حتى ثارت ردود الفعل الفلسطينية الغاضبة مرفقةً بتنديد عربي وإسلامي على قرار «مستفز يقضي على آمال السلام»، خصوصاً أنه يتزامن مع ذكرى «نكبة الفلسطينيين» مع قيام دولة إسرائيل في 14 أيار 1948، ما هجّر مئات الآلاف منهم وأجبرهم على النزوح إلى دول عربية مجاورة.

واعتبرت القيادة الفلسطينية أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بقرارها الأخير الذي يجسّد انحيازها لمصلحة دولة الاحتلال، «باتت تشكل عائقاً أمام السلام»، ليساندها الموقف التركي الذي اتهم واشنطن بـ «القضاء على آمال السلام»، وموقف الجامعة العربية الذي رأى أن القرار «يُفقد الطرف الأميركي فعلياً الأهلية المطلوبة لرعاية عملية سلمية».

في المقابل، بدا لافتاً تمسّك ترامب بقراره «الصائب» نقل السفارة «على رغم الانتقادات»، فيما ترك إعلان واشنطن تقريب موعد التنفيذ، بعدما تردد أنه لن يكون قبل نهاية العام، أثراً إيجابياً لدى الإسرائيليين الذين اعتبروه «هدية» ستحوّل «ذكرى الاستقلال إلى احتفال وطني أكبر».

وسارعت القيادة الفلسطينية إلى اعتبار القرار الأميركي «استفزازاً للعرب والمسلمين والمسيحيين»، لافتة إلى أن «إدارة ترامب باتت تشكل عائقاً أمام السلام». وندد أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات بأشد العبارات بهذا القرار الذي «يشكّل مخالفة فاضحة للقانون الدولي والشرعية الدولية، وتدميراً كاملاً لكل اتفاقات السلام الموقعة مع إسرائيل». واعتبر أن ادارة ترامب «بهذه الخطوة تكون عزلت نفسها كلياً وأصبحت جزءاً من المشكلة لا جزءاً من الحل».

وقال الناطق الرسمي باسم حكومة الوفاق الوطني يوسف المحمود في بيان أمس، إن الإعلان الأخير «يشكل مساساً بهوية شعبنا العربي الفلسطيني ووجوده، ومساساً مباشراً ومتعمداً بمشاعر أبناء شعبنا وأمتنا العربية». وشدد على أن قرار نقل السفارة في الأساس «مرفوض ومدان، ويشكل مخالفة واضحة وصريحة لقرارات الشرعية الدولية والقوانين الإنسانية والعالمية كافة المتفق عليها». وجدد دعوة دول العالم إلى «رفض الخطوات الأميركية- الإسرائيلية، ودعم رؤية الرئيس محمود عباس للسلام» التي طرحها قبل أيام في مجلس الأمن.

وندد المجلس الوطني الفلسطيني في بيان، بإعلان الإدارة الأميركية الأخير، معتبراً أنه «تحدٍّ سافر للإرادة الدولية والعربية والإسلامية، وإمعان في عدوانها على حقوق شعبنا الفلسطيني في عاصمته الأبدية... ويثبت من جديد أنها اختارت العزلة والابتعاد من السلام لمصلحة الاحتلال، واختارت إشعال مزيد من التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة»، ونبّه إلى أن «الإدارة الأميركية الحالية تتحمل تبعات قرارها».

ولفت المجلس في بيان إلى أن موعد نقل السفارة «مقصود وهدفه مزيد من الاستهتار بالمشاعر الوطنية للشعب الفلسطيني»، مؤكداً أن تنفيذ القرار «لن يُضفي شرعية على الاحتلال وسياساته وإجراءاته على الأرض الفلسطينية بما فيها القدس المحتلة، ولن يغير هويتها الوطنية العربية والإسلامية المسيحية». ودعا الأمم المتحدة وأمينها العام إلى «اتخاذ موقف صريح وحاسم» من القرار.

واستنكرت حركتا «حماس» و «الجهاد الإسلامي» و «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، وعدد من الفصائل القرار في بيانات منفصلة. ورأت «حماس» في موعد نقل السفارة «تحدياً صارخاً لشعبنا واعتداء جديداً على حقوقه ومقدساته الإسلامية واستفزازاً لمشاعر أمتنا العربية والإسلامية، لكن شعبنا سيواجه ذلك بكل صمود». وأكد الناطق باسم الحركة عبد اللطيف القانوع أن «خطوة نقل السفارة ستكون بمثابة صاعق تفجير المنطقة في وجه الاحتلال».

ووصفت «الجهاد» القرار بأنه «باطل وغير شرعي، ودليل على الدور الأميركي في تهديد وضرب الأمن والاستقرار ودعم الاٍرهاب الذي تمارسه سلطات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني». ورأت أن اتخاذ ذكرى النكبة موعداً لتنفيذه يشكل «مكافأة للصهيونية على جرائمها وإرهابها». وأكد عضو المكتب السياسي لـ «الشعبية» كايد الغول أن الشعب الفلسطيني «قادر على مُجابهة القرار الأميركي وإفشال مخططات تصفية قضيته». ورأى في توقيت النقل «دلالة خطرة»، مؤكداً أن «مستوى الرد على هذه الخطوة يجب أن يكون مختلفاً».

الجامعة العربية

في موازاة ذلك، اعتبر الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط أن الإعلان الأميركي «يمثّل حلقة جديدة وخطرة في مسلسل الاستفزاز والقرارات الخاطئة المستمر منذ كانون الأول (ديسمبر) الماضي، والذي يوشك أن يقضي على آخر أمل في سلام وتعايش بين الفلسطينيين والإسرائيليين». ورأى أبو الغيط أن توقيت نقل السفارة «يكشف الانحياز الكامل للطرف الإسرائيلي، وغياب أي قراءة رشيدة لطبيعة وتاريخ الصراع القائم في المنطقة منذ ما يزيد عن سبعين عاماً، ويُفقد الطرف الأميركي فعلياً الأهلية المطلوبة لرعاية عملية سلمية تُفضي إلى حل عادل ودائم للنزاع».

وكما هو متوقع، رحّب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بالإعلان فور صدوره، قائلاً إنه «سيحول الذكرى السبعين ليوم الاستقلال إلى احتفال أكبر»، وأشاد به بوصفه «يوماً عظيماً لشعب إسرائيل». وتوجه في بيان أصدرته السفارة الإسرائيلية في واشنطن باللغة العبرية، إلى ترامب بالقول: «نشكرك على قيادتك وصداقتك».

وكان الرئيس الأميركي لفت في مؤتمر صحافي في واشنطن الجمعة، إلى أنه لا يزال يعتبر قراره نقل السفارة إلى القدس «قراراً صائباً على رغم الانتقادات» التي توجهها بلدان عدة. كما أعرب عن أمله بأن ينجح مستشاره وصهره جاريد كوشنير في إنجاز تقدم في البحث عن سبل حل النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي «القضية الأكثر تعقيداً في العالم»، على حد قوله.

 

المقدسيون يرون في توقيت القرار «استفزازاً مهيناً»

قرأ فلسطينيو القدس المحتلة في توقيت تنفيذ «وعد ترامب» نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى مدينتهم، تحديداً في ذكرى «النكبة» الذي يتزامن مع قيام دولة إسرائيل في 14 أيار 1948، «استفزازاً مهيناً» لشعب هُجّر من أرضه وأُجبر على النزوح إلى دول مجاورة في هذا التاريخ، وعبّروا عن غضبهم إزاءه.

واعتبر المقدسي عبدالرؤوف شوار أن التوقيت يعني أن «لا قيمة لأصحاب النكبة، ولا قيمة للعرب في شكل عام»، واصفاً الأمر بالـ «استفزاز». فيما أكد محمد عبدالله أن «القدس عاصمة فلسطين الأبدية»، معتبراً أن «القرار الأميركي ليس من صالحنا، إذ يجوز خلال سنة أو سنتين يطلعونا من بلادنا. هذا قرار صعب جداً للعرب».

وكان مايك بنس نائب الرئيس الأميركي قال أمام الكنيست الإسرائيلي الشهر الماضي، أن خطوة نقل السفارة ستتم بحلول نهاية عام 2019، تنفيذاً لوعد ترامب الذي أعلن في السادس من كانون الأول (ديسمبر) الماضي، اعتراف الولايات المتحدة بالقدس «عاصمة لإسرائيل»، ما خيّب آمال الفلسطينيين الذين يريدون القدس الشرقية عاصمة لدولتهم المستقبلية، وأغضبهم وأثار انتقادات دولية واسعة وانقسامات في شأن جهود السلام في الشرق الأوسط.