| | Date: Feb 20, 2018 | Source: جريدة الحياة | | تصعيد النظام يمهّد لمعركة الغوطة الشرقية | موسكو، عمان - سامر الياس، محمد خير الرواشدة
صعّدت القوات النظامية السورية في شكل عنيف ضرباتها على غوطة دمشق الشرقية وقتلت أكثر من 71 مدنياً خلال الساعات الـ24 الماضية، ما شكّل تمهيداً لمعركة حاسمة لطرد فصائل المعارضة الناشطة في المنطقة المحاصرة، والتي تؤكّد رفضها خوض أي «مفاوضات» مع النظام في شأن انسحاب مسلّحيها.
وفي جبهة عفرين شمال غربي البلاد، تسارعت عمليات الجيش التركي استباقاً للانتشار المرتقب لعناصر رديفة للقوات النظامية، اذ تسعى تركيا إلى السيطرة على الشريط الشمالي من عفرين على طول 50 كيلومتراً، وبالتالي ربط مناطق تقدمها في مثلث الحدود التركية– عفرين– لواء إسكندرون.
وبعد أن حدّدت أنقرة شروطاً صعبة لقبول دخول قوات تابعة للنظام السوري إلى منطقة عفرين، تدخّل الكرملين في شكل مباشر عبر اتصال بين الرئيسين فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان، خصوصاً إثر تأخر تنفيذ اتفاق نشر «القوات الشعبية» في المنطقة.
ونقلت وسائل إعلام تركية عن أردوغان قوله لنظيره الروسي إن «دمشق ستواجه عواقب» إذا أبرمت اتفاقاً مع «وحدات حماية الشعب» الكردية ضد العملية العسكرية التركية. وأفاد بيان الكرملين بأن أردوغان وبوتين ركّزا خلال بحثهما الوضع في سورية على قضايا تعزيز التعاون وفقاً لصيغة آستانة، والتأكيد على الاستعداد للتنسيق الوثيق لجهود روسيا وتركيا وإيران من أجل ضمان الأداء الفعّال لمناطق خفض التصعيد ودفع العملية السياسية»، كما كشف البيان أن الجانبين بحثا الأوضاع في عفرين.
وسبق ذلك تحذير أطلقه وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو من مغبة دعم القوات السورية المقاتلين الأكراد خلال المعارك الدائرة مع قوات «غصن الزيتون». وقال جاويش أوغلو إن «أحداً لا يستطيع وقف الجنود الأتراك» في حال كان هدف الانتشار حماية «حزب الاتحاد الديموقراطي».
في غضون ذلك، أبدى رمزي عز الدين رمزي، نائب المبعوث الأممي إلى سورية، أمله بالتوصل إلى اتفاق في شأن عفرين. وأعرب عن اعتقاده بإمكان «التوصّل إلى اتفاق يكفل حماية مصالح وأمن الجميع، بما في ذلك تركيا، وفي الوقت ذاته يحافظ على الهدف المشترك المتمثل في صون وحدة أراضي سورية». وأشار إلى أن نزع التوتر في عفرين إذا تحقق، سينعكس إيجاباً على مناطق سورية أخرى وقد يشكل «انطلاقة لعملية جديدة تقود سورية في اتجاه أكثر صحة».
وتستعد «القوات الشعبية» الرديفة للقوات النظامية السورية للدخول إلى منطقة عفرين «خلال ساعات»، كما أفادت وسائل إعلام سورية رسمية أمس، تنفيذاً للاتفاق غير المُعلن حتى الساعة الذي توصّلت إليه دمشق مع المقاتلين الأكراد بوساطة روسيا، الذي لا تزال بعض ملامحه غير واضحة خصوصاً لجهة مناطق انتشار القوات الرديفة وطبيعة مهماتها، إلى جانب مسألة احتفاظ القوات الكردية بأسلحتها الثقيلة.
وكشف القيادي الكردي البارز بدران جيا كرد الذي يعمل مستشاراً لـ «الإدارة الذاتية» الكردية في شمال سورية، أنه كان من المفترض أن يتم إعلان الاتفاق رسمياً أمس، إلا أن «ضغوطاً خارجية» قد تحول دون أن يمضي قدماً.
وتحدّث عن وجود «معارضة» من شأنها منع تنفيذ الاتفاق، وأضاف: «لا نعلم إلى أي درجة ستكون هذه التفاهمات صامدة لأن هناك أطرافاً غير راضية وتريد إفشالها. ولكننا منفتحون على الحوار مع كل الجهات التي ترغب في حل الأزمة بالسبل السياسية».
وأوضح مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبدالرحمن أن «القوات الشعبية» التي أعلن عن انتشارها قريباً في عفرين، «تشمل ميلشيات موالية للنظام وليست من الجيش النظامي». وأضاف أن حتى اللحظة لم يتم الانتشار في شكل رسمي «على رغم دخول عدد من الحافلات التي تقل مسلحين موالين للنظام إلى عفرين»، مرجحاً أن يكون هدفها الأساس «وقف القصف والتقدم التركي» في المنطقة.
في سياق آخر، نقلت وكالة «تاس» الروسية عن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف قوله أمس، إن وزراء خارجية روسيا وإيران وتركيا سيلتقون في كازاخستان خلال أسبوعين للإعداد لقمة في إسطنبول في شأن سورية، من دون أن يقدم تفاصيل.
موسكو تلوّح بتطبيق «تجربة» حلب الشرقية في غوطة دمشق
بيروت – «الحياة»، أ ف ب
اعتبرت روسيا أن «تجربة» حلب الشرقية «قابلة للتطبيق» في غوطة دمشق الشرقية، حيث قُتل 71 مدنياً على الأقل في الساعات الماضية نتيجة تصعيد في الغارات الجوية والقصف المدفعي من جانب القوات النظامية التي تواصل حشدها العسكري في ريف العاصمة استعداداً لشنّ هجوم واسع ضد الفصائل في المنطقة المحاصرة. وتتسابق التحضيرات العسكرية مع «مفاوضات» جارية تتوسطها موسكو تهدف إلى إخراج مسلّحي «هيئة تحرير الشام» وتجنيب المنطقة الهجوم.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مؤتمر صحافي مع نظيره الجزائري عبد القادر مساهل أمس، إن «تجربة تحرير مدينة حلب من الإرهابيين، قابلة للتطبيق في الغوطة الشرقية في ريف دمشق ضد مسلحي جبهة النصرة الإرهابية»، في إشارة إلى اتفاق خروج مسلّحي المعارضة من أحياء حلب الشرقية في اتجاه محافظة إدلب وريف حلب الشمالي آواخر عام 2016، بعد محاصرتهم نتيجة هجوم بري وجوي واسع شنّته القوات النظامية والجماعات المتحالفة معها بدعم جوي روسي.
وأكّد لافروف أن موسكو تسعى إلى «إعادة تطبيق عملية حلب واتفاقات المنسحبين منها» في الغوطة الشرقية، مضيفاً: «تسنّى لنا الاتفاق على إجلاء بعض المدنيين والحالات الإنسانية الصعبة من الغوطة الشرقية، إلا أن جميع الجهود المبذولة من جانبنا كانت تصطدم برفض جبهة التي تستهدف المدنيين وتهاجم الأحياء ومبانينا في دمشق».
وشدّد على أن القوات النظامية السورية ونظيرتها الروسية «ماضية في القضاء على النصرة والفصائل المتحالفة معها»، معتبراً في السياق أن دعوات أعضاء لم يسمهم في مجلس الأمن لوقف هجوم القوات النظامية في إدلب «تهدف إلى مساعدة جبهة النصرة».
وطالب الوزير الروسي الأطراف «المؤثرة» بإقناع «النصرة بضرورة الإذعان للحل»، وأضاف: طبعاً لا بد من القضاء على عناصر هذا التنظيم، إلا أن الحسابات الأمنية وسلامة المدنيين وضرورات استثناء الضحايا والخسائر البشرية، تحتم الرويّة ولا يمكن تجاهلها في أي عمل عسكري».
في غضون ذلك، قُتل 71 مدنياً على الأقل وأصيب أكثر من 325 آخرين بقصف مدفعي وجوي عنيف استأنفته القوات النظامية على مدن الغوطة الشرقية وقراها منذ ليل الأحد-الإثنين، بعد أيام من هدوء حذر ساد على جبهات القتال، كما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
وكان لفت في حصيلة سابقة إلى أن 17 شخصاً بينهم 5 أطفال قتلوا جراء الغارات على مدينة حمورية، مرجحاً ارتفاع عدد الضحايا وجود إصابات عالقة تحت الأنقاض. واستهدفت القوات النظامية مدينة سقبا بأكثر من 50 صاروخاً ما أدّى إلى مقتل 3 أشخاص على الأقلّ، فيما قُتل 3 آخرون بغارات جوية استهدفت مناطق في بلدة جسرين. وأصيب عشرات نتيجة قصف استهدف بلدة أوتايا في منطقة المرج ومناطق في كفربطنا. وكان 8 أشخاص على الأقل بينهم 4 أطفال، قُتلوا في قصف مدفعي وجوّي عنيف استهدف الغوطة الشرقية ليل الأحد-الإثنين.
وأشار «المرصد» إلى أن القوات النظامية أطلقت على المنطقة «مئات الصواريخ استهدفت مدن وبلدات مسرابا وجسرين وكفربطنا وحمورية وسقبا ودوما، كما استهدف القصف الجوي منطقة الاشعري»، ما أدى الى مقتل 14 شخصاً وإصابة 75 آخرين بجروح.
وكان مدير «المرصد» رامي عبدالرحمن قال في وقت سابق إن «التعزيزات استكملت والهجوم بانتظار إشارة البدء»، في إشارة إلى «الهجوم الموسّع» الذي تهدد القوات النظامية بشنّه في المنطقة. وأشار الى مفاوضات تجرى حالياً بين قوات النظام والفصائل المعارضة «لإخراج هيئة تحرير الشام من الغوطة الشرقية».
ونفت أكبر فصائل المعارضة الناشطة في الغوطة إجراء أي مفاوضات مع النظام أو الجانب الروسي. وتوعّد عصام بويضاني القائد العام لـ «جيش الإسلام» الفصيل الأقوى في الغوطة، القوات النظامية والجماعات الداعمة إياها «برد قاس إن فكروا في اقتحام» المنطقة. ونشر تغريدة على حسابه في «تويتر» قائلاً: «أهلنا في الغوطة لا يضركم من خذلكم وسترون ما يسركم».
| |
|