Date: Feb 5, 2018
Source: جريدة النهار اللبنانية
إسقاط "السوخوي - 25" الروسية فوق إدلب: هل يمكن موسكو تفادي سيناريو أفغاني في سوريا؟
سلط إسقاط مقاتلة روسية من طراز "سوخوي - 25" بصاروخ حراري أطلقته الفصائل السورية المسلحة في ريف إدلب السبت، الضوء مجدداً على الدور العسكري لروسيا في سوريا وما إذا كان يتجه الى تورط طويل الامد في ما يشبه التورط في أفغانستان في الثمانينات من القرن الماضي، خصوصاً أن مساعي الحل السياسي تتعثر وسط تأجج الصراع الدولي حول سوريا. 

قالت وزارة الدفاع الروسية إن الطائرة الروسية "تحطمت بينما كانت تحلق فوق منطقة ادلب التي يشملها اتفاق خفض التصعيد الذي ترعاه موسكو وأنقرة وطهران. وكان للطيار متسع من الوقت للابلاغ أنه نزل في المنطقة الخاضعة لسيطرة مقاتلي جبهة النصرة"، فرع تنظيم "القاعدة" في سوريا سابقاً. واضافت: "لقد قتل الطيار في اشتباكات مع الارهابيين".

وفي وقت لاحق اعلنت "هيئة تحرير الشام" ("النصرة" سابقاً) التي تسيطر على الجزء الاكبر من محافظة ادلب فيما تنتشر فصائل اسلامية أخرى في مناطق محدودة منها، مسؤوليتها عن اسقاط الطائرة.

وصرح القائد العسكري في كتيبة الدفاع الجوي التابعة لـ"هيئة تحرير الشام" محمود التركماني انهم "تمكنوا من إسقاط طائرة حربية روسية بصاروخ محمول على الكتف فوق سماء سراقب بريف ادلب" عصر السبت، كما أوردت وكالتها الدعائية "إباء".

وأفاد مدير "المرصد السوري لحقوق الانسان" رامي عبد الرحمن أن "الطيار قتل خلال اشتباكه مع الفصائل الإسلامية" بعيد محاصرته، بعدما أسقطت طائرته بصاروخ مضاد للطائرات في منطقة سراقب بريف ادلب الجنوبي.

وأوضح مصدر في المعارضة المسلحة أن الطائرة الروسية أسقطت فوق بلدة خان السبل قرب مدينة سراقب على مقربة من طريق سريع يحاول الجيش السوري وفصائل تدعمها إيران التقدم عليه. وأضاف أنه على رغم نجاة الطيار الروسي من الحادث، فإنه لقي حتفه على أيدي مقاتلي المعارضة السورية الذين حاولوا أسره.

ولم يتمكن المرصد السوري من تحديد الجهة التي وصلت الى مكان الطيار، مشيراً الى أن "هيئة تحرير الشام" وفصائل أخرى تنشط في المنطقة.

وأعلن الجيش الروسي اثر اسقاط المقاتلة، أنه قصف "باسلحة فائقة الدقة" المنطقة التي سقطت فيها الطائرة، وأنه قتل "أكثر من 30 مقاتلاً من جبهة النصرة" نتيجة هذا القصف.

ونقلت مواقع التواصل الاجتماعي خبراً مفاده أن سفناً روسية أطلقت من البحر الأبيض المتوسط صورايخ "كروز" على إدلب.

وبعد الحادث بأقل من ساعة، انتشرت صور وأشرطة فيديو على الشبكات الاجتماعية، للحظة سقوط الطائرة وصورة للطيار الروسي المقتول وهو الرائد فيليبوف رومان نيكولايفيتش.

ونشرت مواقع وصفحات روسية صوراً للسلاح الذي كان في حوزة الطيار الروسي، مشيرة إلى أنه على ما يبدو لم يستطع استخدامه، وانه قتل قبل أن يطلق منه رصاصة، ملاحظة أن "قوة سلاحه لو استخدمها لكان قتل كل شخص موجود في تلك اللحظة".

ولم تكن صورة السلاح وحدها هي المتداولة، بل أيضاً رسالة كانت في حوزة نيكولايفيتش، الذي، كما قالت، يتبع لكتيبة الطيران الوحدة 23944-2 "مهام خاصة"، جاء فيها: "أطلب منكم تقديم طلب للقيادة العليا لمنح جائزة روسيا لمجموعة الطيران التي أتمت مهماتها في سوريا"، وقد وقعها قائد الكتيبة سيرغي أكسنوف.

ولم يكن وجود هذه الورقة داخل ملابس الطيار صدفة، إذ يبدو أن هذه الجولة كانت آخر جولاته في الأجواء السورية، الأمر الذي تكشفه الرسالة، فقد أتم فريقه الذي يعمل بقيادة سيرغي أكسنوف عملهم استناداً الى مقابلة صحافية أجراها الأخير في تاريخ 23 كانون الثاني 2018.

ووقت أشير إلى أن الطيار روسي الجنسية، كشفت مواقع روسية نقلاً عن وزارة الدفاع الروسية، أنه أوكراني الأصل وكان يعمل طياراً في القوات الأوكرانية في وقت سابق.

وكانت صورته الاخيرة في قاعدة حميميم العسكرية خلال زيارة بوتين الأخيرة لها في كانون الاول 2017.

وهذه الطائرة السادسة يسقطها مسلحون من المعارضة السورية منذ دخول الروس الأراضي السورية لتقديم الدعم العسكري لقوات النظام.

وكان قتل خمسة جنود روس مطلع آب 2016 بعدما اسقطت مروحيتهم في محافظة ادلب أيضاً. وبدأت موسكو تدخلها الجوي في سوريا في أيلول 2015 دعماً لنظام الرئيس السوري بشار الاسد.

وبعد شهرين، في تشرين الثاني، أسقطت تركيا مقاتلة روسية مما تسبب باسوأ أزمة ديبلوماسية بين موسكو وانقرة منذ انتهاء الحرب الباردة.

وأدى التدخل الجوي الروسي الى تغيير مسار الحرب لمصلحة نظام الرئيس السوري. وتبذل روسيا مساعي ديبلوماسية حثيثة منذ مطلع العام الماضي للتوصل الى وقف النزاع في سوريا الذي أوقع 340 الف قتيل منذ نشوبه عام 2011. واتفقت مع ايران حليفة النظام السوري أيضاً، وتركيا الداعمة للمعارضة على اقامة أربع مناطق لخفض التصعيد في سوريا بينها محافظة ادلب الواقعة على الحدود مع تركيا.

"البنتاغون" ينأى بنفسه

وتعليقا على إسقاط طائرة حربية روسية في محافظة إدلب، نفى مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" لوكالة "سبوتنيك" أن تكون الولايات المتحدة قد زودت القوات الحليفة في سوريا صواريخ أرض - جو.