Date: Jan 28, 2018
Source: جريدة الحياة
الجيش التركي يستعدّ لمواجهة طويلة شمال سورية
بيروت، إعزاز (سورية) – «الحياة»، أ ف ب - 
تفصل بساتين الزيتون فقط بين الجنود الأتراك وحلفائهم من مسلحي المعارضة السورية وبين مواقع مقاتلي «وحدات حماية الشعب» الكردية في مدينة إعزاز، شمال سورية، والتي يسمع فيها دوي انفجارات قذائف الهاون، فيما دخل الهجوم التركي أسبوعه الثاني ويتوقع أن يتكثف تحت ضغط الرئيس رجب طيب أردوغان الذي وعد بتوسيعه.

وأكد ضابط من القوات الخاصة التركية في إعزاز التي يسيطر عليها مقاتلون سوريون معارضون للنظام ومدعومون من تركيا، أن الجنود في «حال تأهب 24 ساعة في اليوم»، لكنه أعرب عن اعتقاده أن العملية لن تكون سهلة. ولفت إلى أن «الخصوم يستعدون منذ أشهر وهم أكثر عدوانية من داعش»، وتوقع أن تستغرق العملية وقتاً أطول من «درع الفرات».

وتوجه جزء من القوات التركية إلى جيب عفرين في الشمال السوري مباشرة، بينما شق الجزء الآخر طريقه من الشرق عبر إعزاز، في إطار عملية عسكرية أطلقت عليها تركيا تسمية «غصن الزيتون» وتستهدف المقاتلين الأكراد. وأتى الهجوم التركي بعد عملية «درع الفرات» التي بدأت في آب (أغسطس) 2016 واستهدفت تنظيم «داعش» والوحدات الكردية وانتهت في آذار (مارس) 2017، بعدما أعلنت أنقرة أنها «حققت أهدافها»، وسيطرت المعارضة على إعزاز التي يسكنها حوالى 300 ألف شخص من «داعش» في بداية «درع الفرات».

وعلى رغم عدم تحقيق أي اختراق كبير على الأرض في «غصن الزيتون»، أكد ضابط تركي آخر في القوات الخاصة أنها «عملية محسوبة بدقة». وقال: «تم التفكير بها بدقة وهدفنا هو ألا نتسبب سوى بالحد الأدنى من الخسائر».

ويدعم القوات الخاصة التركية مسلحون سوريون أعربوا عن تفاؤلهم بالعملية على رغم أخطارها. وقال مقاتل سوري يدعى حمزة الديك: «نحن على خط الجبهة ومقاتلو حزب العمال الكردستاني يبعدون عنا كيلومتراً واحداً»، في إشارة إلى الحركة الانفصالية التي تشن حركة تمرد ضد تركيا منذ 1984 وتعتبر أنقرة أن «وحدات حماية الشعب» تشكّل فرعها السوري.

وذكر مسلح سوري آخر يبلغ من العمر 18 سنة: «نعيش في حال حرب هنا»، مبدياً أمله في «استعادة الاستقرار حتى نتمكن من العودة إلى قرانا». أما علي ياسين الذي يقاتل أيضاً في صفوف «الجيش السوري الحر» منذ سبع سنوات، فأشار إلى وجود تنسيق جيّد مع الجيش التركي في العملية الحالية. وشدد على أن «هدفنا تطهير هذه المنطقة من الإرهابيين لأننا لا نريد هؤلاء في بلدنا».

وفي سط إعزاز، يتوقع أحمد وهو نجار شاب يبلغ 25 سنة ألا تنتهي العملية قريباً، مؤكداً أن «عفرين لا يمكن السيطرة عليها بسرعة لأن مدنيين أبرياء يعيشون هناك أيضاً»، فيما ذكر أحمد أنه لا يخاف من أصوات القذائف، قائلاً: «لا أحد هنا يخاف من القصف لأن الناس اعتادوا عليه».

وأعرب حسن لحموني وهو في الستينات من عمره عن ارتياحه للعملية التركية. وقال: «لولا التدخل التركي لكنا متنا».

ميدانياً، تواصل أمس القصف المدفعي المكثف على عفرين مع استمرار المعارك في القطاع الشمالي الغربي من ريف حلب. وأشار «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إلى اندلاع اشتباكات في بلدات علي بسكة وراجو وبلبلة بين القوات التركية وفصائل المعارضة وبين المقاتلين الأكراد وسط عمليات كر وفر، لافتاً إلى ارتفاع عدد القتلى في صفوف المسلحين الأكراد إلى 59 قتيلاً، في مقابل مقتل 69 مسلحاً من جنود عملية «غصن الزيتون» من بينهم 7 جنود أتراك.

في المقابل، أفادت وكالة أنباء «الأناضول» التركية بأن القوات التركية و «الجيش الحر» سيطروا أمس على بلدة علي بسكة ونقطة عسكرية تسمى 740، إضافة إلى معسكر تدريب المقاتلين الأكراد شمال غربي عفرين.

وفي الإطار ذاته، أعلنت رئاسة الأركان التركية «تحييد» 394 «إرهابياً» من المقاتلين الأكراد و «داعش» منذ انطلاق «غصن الزيتون». وأكدت في بيان أمس أن مقاتلاتها تمكّنت من تدمير 340 هدفاً عسكرياً للمسلحين منذ انطلاق العملية في 20 الشهر الجاري، مشيرةً إلى أن «العملية البرية المدعومة من القوات الجوية والمروحيات الهجومية، متواصلة بنجاح وفق المخطط».

وأشار بيان رئاسة الأركان إلى أن العملية ضد «حزب العمال الكردستاني» مستمرة في ولايتي بتليس وشرناق التركيتين وشمال العراق، موضحاً أن العمليات أدت إلى «تحييد 9 إرهابيين وضبط كميات من الأسلحة والذخائر والمتفجرات، فضلاً عن تدمير عدد من الملاجئ والتحصينات».

 أنقرة تحضّ واشنطن على سحب قواتها من منبج «فوراً»

آخر تحديث: الأحد، ٢٨ يناير/ كانون الثاني ٢٠١٨ (٠٠:٠٠ - بتوقيت غرينتش)بيروت، أنقرة – «الحياة»، أ ف ب - طالبت أنقرة أمس واشنطن بسحب قواتها «فوراً» من مدينة منبج في شمال سورية، والخاضعة لسيطرة المقاتلين الأكراد، فيما أعلنت الرئاسة التركية أن الولايات المتحدة تعهدت بعدم تسليم أسلحة لـ «وحدات حماية الشعب» الكردية في سورية.

وأكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمس أن حكومته مصممة على «سحق» كل ما يشكل تهديداً لتركيا، بعدما وجّهت دول غربية عدة دعوات إلى «ضبط النفس».

وقال أردوغان في خطاب ألقاه في اسطنبول: «أياً كان اسم التنظيم الإرهابي الذي تواجهه تركيا، سواء كان داعش أو حزب العمال الكردستاني أو «الوحدات»، فإن قواتنا ستسحقهم جميعاً».

وصرّح رئيس الوزراء التركي بن علي يلديريم: «سنواصل عمليتنا في منطقة عفرين الى أن يتم القضاء على رأس الإرهاب»، مضيفاً: «لا يهم ما سيقوله هذا الطرف أو ذاك».

وفي ظلّ تدهور العلاقات بين واشنطن وأنقرة، الحليفتان في حلف شمال الأطلسي، طالب وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو الولايات المتحدة بسحب قواتها «فوراً» من منبج. وقال جاويش أوغلو للصحافيين في أنطاليا، إن على القوات الأميركية «الانسحاب فوراً من منبج» التي تبعد نحو 100 كيلومتر شرق منطقة عفرين.

وينتشر مئات من الجنود الأميركيين في منبج، التي تسيطر عليها «الوحدات» التي تعتبرها أنقرة امتداداً في سورية لـ «حزب العمال الكردستاني» الذي يخوض تمرداً مسلحاً في تركيا منذ 1984.

وزادت العملية التركية «غصن الزيتون» من منسوب التوتر بين أنقرة وواشنطن التي دعت القادة الأتراك إلى «ضبط النفس» ليس فقط في تحركات الجيش التركي على الأرض، بل كذلك في خطابهم حيال واشنطن.

وأعلنت الرئاسة التركية أمس أن أميركا «أكدت» لتركيا أنها لن تسلم أسلحة بعد اليوم الى وحدات حماية الشعب الكردية التي تقاتلها أنقرة في شمال سورية»، وذلك في اتصال هاتفي جديد «على مستوى عالٍ».

وذكرت أن مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي هربرت ريموند ماكماستر والناطق باسم الرئيس التركي ابراهيم كالين تحادثا مساء أول من أمس، بعد يومين على الاتصال الهاتفي بين الرئيسين دونالد ترامب ورجب طيب أردوغان.

ووفق تصريحات الرئاسة التركية، أكدت واشنطن خلال الاتصال الهاتفي «أنه لن تسلم بعد اليوم أسلحة» الى وحدات حماية الشعب الكردية التي يستهدفها الهجوم التركي في شمال غربي سورية.

وأوضحت أنقرة أن المسؤول التركي «أكد ضرورة أخذ مخاوف أنقرة الأمنية المشروعة في الاعتبار». وعبرت دول عدة من بينها ألمانيا وفرنسا وكذلك الاتحاد الأوروبي عن قلقها إزاء التدخل التركي الذي يزيد الوضع السوري تعقيداً.

إلى ذلك، أمرت الشرطة الألمانية بتفريق تظاهرة في مدينة كولونيا، غرب ألمانيا، لأكراد كانوا يحتجون على العملية التركية بسبب رفع شعارات محظورة لـ «حزب العمال الكردستاني».