Date: Jan 25, 2018
Source: جريدة النهار اللبنانية
لبنان: الحريري يحشد الدعم وبري يُطلق النفير الانتخابي
مع ان التحركات الداخلية المتصلة بالاستعدادات المتصاعدة لانجاز ملامح التحالفات الانتخابية باتت تستقطب الاهتمامات السياسية وتهمش الى حدود بعيدة معظم الملفات الأخرى، فان ذلك لم يحجب أهمية التحرك الخارجي الاخير لكل من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في زيارته للكويت ورئيس الوزراء سعد الحريري في مشاركته في المنتدى الاقتصادي العالمي المنعقد في دافوس في سويسرا. وتعتقد اوساط مواكبة للتحركين انهما فتحا نافذة بارزة ان لجهة البوابة الخليجية مع الدفء الذي ميز لقاءات الرئيس عون في الكويت، أو لجهة البوابات الغربية والخليجية معاً ومعها المؤسسات المالية الدولية مع اللقاءات الكثيفة التي تميز بها اليوم الاول من مشاركة الرئيس الحريري في منتدى دافوس. ويبدو واضحا ان اللقاءات التي يعقدها تطمح الى تأمين مردودات بارزة للبنان من مؤتمرات الدعم الدولية الثلاثة المقرر عقدها في الاشهر المقبلة والتي يضع الحريري معظم جهده وجهد الحكومة في الفترة الفاصلة عن الانتخابات النيابية لانجاحها وتأمين القدر الاكبر الممكن من الدعم للبنان من خلالها.

وعلى أهمية الطابع الاقتصادي للقاءات التي عقدها الحريري أمس على هامش المنتدى، لم يحجب ذلك الدلالات السياسية لعدد من لقاءاته ولا سيما منها مع العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني بين الحسين ووزير الخارجية السعودي عادل الجبير الذي التقاه للمرة الاولى منذ اعلان الحريري استقالته من الرياض في تشرين الثاني الماضي.

وكانت للحريري مجموعة مواقف بارزة في ندوة حوارية مساء أمس اعتبر فيها أن "الأمر الوحيد الذي سيفيد لبنان هو سياسة النأي بالنفس"، وقال: "إذا ظننا أننا كلبنانيين نستطيع أن نتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، فسوف ندفع الثمن باهظا"، لافتا إلى أنه يركز كثيراً على مؤتمر باريس في دعم الاقتصاد اللبناني، "لأنه سيكون بالغ الأهمية، ونعول على الأشقاء في العالم العربي مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ". وأوضح أن "علاقتنا مع المملكة العربية السعودية هي علاقة تاريخية أتت بكثير من الفائدة للبنان، والمملكة ساعدت لبنان في الكثير من المراحل، مثل الحرب الإسرائيلية عليه عام 2006، وكذلك فعلت الإمارات العربية المتحدة، اللتين هبتا لمساعدة لبنان". وشدد جواباً عن سؤال على "أن علاقتي بالمملكة العربية السعودية هي على أفضل ما يرام. فلا قلق على هذا الصعيد". وأفاد "أننا نعمل على برنامج الاستثمار العام الذي سنطلقه في باريس بالتعاون مع الرئيس إيمانويل ماكرون. وعنوان هذا البرنامج هو "سيدر"، أي الأرز، ويركز على إعادة النهوض بالبنى التحتية اللبنانية، وسيخلق فرص عمل كثيرة جديدة في لبنان. طبعا، لدينا 1.5 مليون لاجئ سوري في لبنان، وأفهم أنه بات هناك في المجتمع الدولي تعب أو إرهاق من مساعدة الفقراء الذين يقتلهم عجز المجتمع الدولي عن الإتيان بحل، وهذا أمر محزن جداً. لكننا في لبنان قررنا أن نقوم بهذه الخدمة العامة نيابة عن المجتمع الدولي". واضاف: "أنا أركز كثيرا على مؤتمر باريس، لأنه سيكون بالغ الأهمية. كما أعول على أشقائنا في العالم العربي مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. كذلك نشهد ما يحصل في المملكة العربية السعودية، حيث نجد هذا الانفتاح وكم أن الأمير محمد بن سلمان يحدث تغييراً في المملكة والمنطقة، نرى هذا الشخص الذي ينتقل بالمملكة من مكان إلى آخر. أنا لم أعتقد يوماً أنني سأرى ذلك في المملكة. لطالما تمنيت هذا التغيير وهو يحصل الآن، وهذا أمر جيد جدا للمنطقة بأسرها. فنحن نريد أن نرى الإسلام المعتدل، وأن نفهم بعضنا البعض وأن نتحدث بعضنا الى البعض".

بري  

في غضون ذلك، أبلغ رئيس مجلس النواب نبيه بري النواب في عين التينة "اننا دخلنا مرحلة الانتخابات بكل معنى الكلمة واي حديث عن تعديل ( لقانون الانتخاب ) اصبح وراءنا وفي غير محله"، ذلك "انه لو دخلنا المجلس لاي تعديل لكان شكل ذلك خطراً على القانون". وقال وان الترشيحات تبدأ في 5 شباط على ان تسلم اللوائح كاملة لوزارة الداخلية في 27 آذار المقبل. وتحدث عن "دولتين في الخارج لا ترغبان في اجراء الانتخابات " من غير ان يسمي الدولتين المعنيتين.

وعلمت "النهار" ان بري ذكّر بتحالفه مع "حزب الله" قائلاً في اجتماع المجلس المركزي لحركة "أمل" امس "نحن نشكل جسدين متحدين في قلب واحد. واحتلت الانتخابات صدارة الاجتماع وقد فُوّض اليه اختيار اسماء مرشحي الحركة. ودعا بري كوادر الحركة الى "عدم النوم على حرير، فالانتخابات ليست نزهة". وعلى رغم ترحيبه بالقانون الذي انجزته الحكومة، عاد وذكر بمشروعه لبنان دائرة انتخابية واحدة على أساس النسبية. وكلما كبرت الدائرة كان افضل للبنانيين لاختيار نوابهم في عملية انصهار وطني. وقدم مثالاً على ذلك ان الشيعة في دائرة جبيل- كسروان سيكونون بيضة القبان الى حد ما، حيال عملية المنافسة الدائرة بين القوى في القضاءين، وإن كان مجموع الناخبين فيهما من المسيحيين. ولم يأت بري على ذكر خلافه المفتوح مع الرئيس ميشال عون ولا الرئيس سعد الحريري، الا ان تأكيده الاساسي كان التمسك بالطائف وان تعمل المؤسسات وفق القواعد والقوانين التي تحكمها.

التحالفات المتريثة  

وكشفت مصادر وزارية لـ"النهار" ان الخلافات التي لا تزال تعصف بين القوى السياسية من دون اتمام مصالحات حتى الان اكان ما يجري على مستوى الرئيس عون والرئيس بري على خلفية مرسوم الاقدمية لضباط دورة 1994 أو على خلفية عدم الاتفاق بعد بين الرئيس الحريري ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، انما تعيق توضيح صورة التحالفات وتاليا طبيعة المرشحين الذين ينوي الاعلان عن تبني ترشيحهم. ذلك ان عدم الاتفاق يجعل القوى الاخرى تتأنى في خياراتها على قاعدة ان المصالحة أو عدمها يرتب اتجاهات بالنسبة الى الانتخابات، علما ان ترشيح بعض الاسماء قد يثير حساسيات معينة اذا لم يحصل ذلك بالاتفاق المسبق على غرار ما احدثه ترشيح النائب وليد جنبلاط للوزير السابق ناجي البستاني لدى الفريقين المسيحيين الاساسيين. ذلك ان "التيار الوطني الحر" كان يرغب في ان يتولى هو ترشيح البستاني، في حين ان الاخير يتوقع ان يكون من كتلة النائب جنبلاط او نجله تيمور بالاحرى باعتبار انه سيشغل مقعد والده بالترشح مكانه. كما ان "القوات اللبنانية" ابدت تحفظها عن ترشيح البستاني لكونه يحدث منافسة مع النائب جورج عدوان، فضلاً عن علاقة سياسية للبستاني مع عهد اميل لحود لا تراها "القوات" بعين الارتياح. وهذا المثال يشكل نموذجا لامكان الصدام اذا لم يوضح الافرقاء مواقفهم، علماً ان جنبلاط أمن الخلفية المناسبة لقراره بالاتصالات المناسبة مع الجهتين المسيحيتين، لكن الجميع في انتظار الخطوات المحتملة لرئيس الحكومة وتياره من حيث الترشيحات التي سيقدمها وتالياً من حيث التحالفات التي سيرسو عليها. كما ان هناك حديثا عن امكان توافق بين "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" لا يزال يحتاج الى بعض الوقت لبلورته.