Date: Dec 9, 2017
Source: جريدة الحياة
الجامعة العربية تجتمع اليوم للبحث في الرد على قرار ترامب وشهيد ومئات الجرحى في الأراضي المحتلة
رام الله - محمد يونس 
شهدت مختلف مدن وقرى ومخيمات الأراضي الفلسطينية المحتلة، أمس، مواجهات ومسيرات شعبية واسعة احتجاجاً على قرار الرئيس دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأميركية اليها، سقط فيها شهيد وأصيب مئات بجروح.

وقال الناطق باسم وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة أشرف القدرة: «استشهد الشاب محمود المصري (30 عاماً) برصاص الجيش الإسرائيلي في المواجهات شرق خان يونس».

وفي الضفة الغربية، أعلن الهلال الأحمر الفلسطيني إصابة أكثر من 250 مواطناً بجروح في المواجهات التي شهدتها مختلف المدن والقرى والمخيمات.

وتدفق آلاف الفلسطينيين، في مختلف المناطق الى الشوارع والى محاور الطرق التي تستخدمها قوات الاحتلال والمستوطنين، عقب انتهاء صلاة الجمعة، حيث وقعت مواجهات واسعة.

وأغلق المتظاهرون مداخل المدن والقرى والمخيمات، لإعاقة ومنع المركبات العسكرية الإسرائيلية من اقتحامها.

وأعادت مشاهد المواجهات الشعبية الى الأذهان مشاهد الانتفاضة الشعبية الأولى التي اندلعت في مثل هذا الوقت من العام 1987.

وحصلت أوسع وأكبر الاحتجاجات في مدينة القدس، عقب صلاة الجمعة في المسجد الأقصى المبارك، حيث سار آلاف المواطنين في مسيرات احتجاجية جابت باحات المسجد، ثم توجهت الى باب العمود، أحد أبرز أبواب القدس العتيقة، حيث حصلت مواجهات وصدامات واسعة.

وأغلقت السلطات الإسرائيلية شوارع وبوابات المدينة منذ ساعات الصباح الأولى بهدف منع المواطنين من التظاهر.

وفي مدينة الخليل، جنوب الضفة الغربية، انطلقت مسيرات ضخمة من المساجد، وتحولت الى مواجهات واسعة، أصيب خلالها عشرات.

وفي مخيم العروب، قرب الخليل، اندلعت مواجهات عنيفة شارك فيها عشرات الشبان، وأصيب فيها أحدهم بعيار ناري.

وفي محافظة نابلس، شمال الضفة الغربية، توجه نشطاء من مختلف المناطق الى بلدة قصره، التي تشهد اعتداءات دائمة من جانب المستوطنين، آخرها قيام المستوطنين بقتل أحد سكان البلدة وهو يعمل في أرضه، الأسبوع الماضي، وتظاهروا احتجاجاً على هذه الاعتداءات.

ومنعت قوات الاحتلال المواطنين من الوصول الى مغارة قديمة في أراضي القرية يحتلها المستوطنون ويقيمون فيها طقوساً دينية. وكان من المقرر أن يقيم المواطنون صلاة الجمعة في المغارة المستهدفة، لكنهم اضطروا، بعد منعهم من الوصول اليها، من إقامة الصلاة على مدخل البلدة.

وفي مدينة اريحا، أحرق المتظاهرون العلمين الأميركي والإسرائيلي، في مسيرة توجهت الى مدخل المدينة، شارك فيها مئات الشبان الذين اشتبكوا مع قوات الاحتلال بالحجارة.

وحصلت مواجهات في محافظات جنين وطولكرم وقلقيلية وغيرها.

وفي غزة، توجه مئات الشبان الى السياج الحدودي مع إسرائيل، وهاجموا دوريات الجيش بالحجارة. ورد الجنود بإطلاق النار على المتظاهرين، ما أدى الى استشهاد شاب وإصابة عشرات بجروح.
 
في غضون ذلك، أعلن الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل ابو ردنية أن الرئيس محمود عباس يواصل الاتصالات الديبلوماسية مع جميع الأطراف الفاعلة في العالم بهدف تطويق القرار الأميركي والحد من نتائجه.

وقال مسؤولون فلسطينيون إن لجنة سياسية مؤلفة من عدد من قادة منظمة التحرير ولجنة مماثلة مؤلفة من عدد من قادة «فتح» باشرتا سلسلة اجتماعات لبحث الخيارات الفلسطينية في المرحلة المقبل، رداً على القرار الأميركي.

الى ذلك، اعتبر البيت الأبيض أن احتمال إلغاء اجتماع مقرر قريباً بين نائب الرئيس الأميركي مايك بنس والرئيس محمود عباس سيأتي «بنتائج معاكسة».

وقال مسؤول في البيت الأبيض الخميس بنس «لا يزال (بنس) يعتزم لقاء عباس كما هو مقرر»، وذلك بعد شائعات عن احتمال إلغاء عباس هذا الاجتماع بعد قرار دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.

وكان أمين سر اللجنة التنفيذية لحركة «فتح» جبريل رجوب أكد أن الجانب الفلسطيني لن يستقبل نائب الرئيس الأميركي الذي سيزور المنطقة في 17 الشهر الجاري. وقال إن الجانب الفلسطيني أبلغ الجانب الأميركي بهذا القرار.

ويتوجه نائب الرئيس الأميركي الى مصر وإسرائيل في النصف الثاني من الشهر الجاري. وتكتسب هذه الجولة أهمية مضاعفة، بعد ما أعلنه ترامب في شأن القدس وما أثاره ذلك من غضب فلسطيني واستياء دولي.

الجامعة العربية تجتمع اليوم للبحث في الرد على قرار ترامب

القاهرة - محمد الشاذلي 
حمّل الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط الإدارة الأميركية مسؤولية إشعال التوترات في المنطقة.

ويعقد مجلس الجامعة مساء اليوم على مستوى وزراء الخارجية العرب اجتماعاً طارئاً للبحث في الرد العربي على قرار الرئيس الأميركي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة إليها.

ويسبق المجلس الطارئ اجتماع لجنة مبادرة السلام العربية التي شكلتها قمة عمان في البحر الميت في آذار (مارس) الماضي. وتضم اللجنة وزراء خارجية الأردن ومصر والبحرين وتونس والجزائر والسعودية والسودان والعراق وفلسطين وقطر ولبنان المغرب واليمن، إلى جانب الأمين العام للجامعة.

وحذر أبو الغيط من تصاعد التوتر والعنف في الأراضي الفلسطينية المحتلة، خصوصاً في مدينة القدس المحتلة، مؤكداً أن «قرار الإدارة الأميركية، المرفوض والمُستنكر، الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة الولايات المتحدة إليها، هو المسؤول عن إشعال التوترات وتأجيج مشاعر الغضب في فلسطين، وعموم العالمين العربي والإسلامي، بكل ما ينطوي عليه هذا الأمر من تداعيات خطيرة على الأمن والاستقرار في الإقليم».

وصرح الناطق باسم الأمين العام للجامعة محمود عفيفي، بأن أبو الغيط أكد أن سلطات الاحتلال تحاول انتهاز الفرصة لإشعال الأوضاع بصورة أكبر في القدس المحتلة «عبر توظيف العنف المُفرط في مواجهة المُـتظاهرين الذين نتفهم مشاعر الغضب والرفض لديهم»، مُحذراً من أن العنف والتصعيد من جانب سلطات الاحتلال لن يساهم سوى في مزيد من الاحتقان والتوتر.
وشدد الناطق على أن الجامعة تُتابع تطورات الموقف في شكل حثيث، وأن المداولات العربية جارية على أعلى المستويات من أجل الخروج بموقف عربي موحد يكون على مستوى القرار الأميركي غير المبرر أو المقبول، وذلك توطئةً لاجتماع وزراء الخارجية العرب الذي يُعقد السبت للبحث في الخطوات والإجراءات التي سيتم اتخاذها لمواجهة هذا القرار وتبعاته الخطيرة، دفاعاً عن هوية القدس ومكانتها ووضعها القانوني والتاريخي والديني.

تيلرسون: نقل السفارة لن يتم قبل عامين

باريس - أرليت خوري , فيينا - أ ف ب 
حاول وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون التخفيف من وطأة قرار الرئيس دونالد ترامب في شأن القدس بقوله إن «نقل السفارة قد لا يتم قبل عامين على الأرجح»، وإن القرار الصادر في هذا الشأن لا يتطرق إلى الوضع النهائي للمدينة المقدسة، فيما دعا وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان إلى «الهدوء» في مواجهة «خطر» انتفاضة حول القدس.

وأشار تيلرسون خلال مؤتمر صحافي مع وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان عقب لقاء عقداه في مقر وزارة الخارجية الفرنسية أمس، إلى أن ترامب طلب من وزارة الخارجية العمل على نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، «لكن هذه خطوة لن تحصل هذا العام وربما ليس العام المقبل، لكن الرئيس يريد أن تكون الإجراءات ملموسة وبوتيرة ثابتة لضمان نقل السفارة للقدس حين نكون قادرين على فعل ذلك، في أقرب وقت ممكن». مضيفاً أن ذلك «يتطلب وقتاً للحصول على الأذونات المتعلقة به».

وكرر الوزير الأميركي أن الخطوة الأميركية لم تستهدف الحكم مسبقاً على نتائج محادثات السلام المستقبلية بين إسرائيل والفلسطينيين. وتابع أن «الرئيس في بيانه (...) لم يشر إلى أي وضع نهائي للقدس. فعلياً، لقد كان (ترامب) واضحاً جداً أن الوضع النهائي، بما فيه (ملف) الحدود، سيترك للأطراف المعنية للتفاوض واتخاذ القرار في شأنها».

وكان وزير الخارجية الفرنسي حذر قبل لقائه تيلرسون من «خطر» اندلاع انتفاضة في الأراضي الفلسطينية، ودعا إلى الهدوء. وقال لودريان، الذي تستقبل بلاده الاثنين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، إن هذه المبادرة «مخالفة للقانون الدولي» ارتكبها الرئيس الأميركي «نحن لا نوافق عليها ونرغب فعلاً في أن يسود الهدوء على رغم كل شيء». ورداً على سؤال عن إمكان اندلاع «انتفاضة جديدة»، بعد دعوة في هذا الاتجاه قال: «هذا هو الخطر».

وأضاف لودريان أن «الهدف» هو «تجنب أي فلتان يجعل أي مبادرة لوساطة مستحيلة»، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة «وحيدة (...) ومعزولة في هذه القضية». ولفت إلى أن فرنسا «يمكنها أن تتحرك لكنها لا تستطيع أن تتحرك وحدها». وأضاف: «يجب إيجاد الوساطات الضرورية لإتاحة عودة الهدوء وأن نتمكن من بدء عملية تفاوض».

إلى ذلك، انتقد وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل، وقال في مؤتمر صحافي في فيينا: «هذا الإعلان يخالف المنطق السليم».

سفراء في مجلس الأمن يستنكرون قرار ترامب

انعقد مجلس الأمن الدولي أمس في جلسة طارئة، لمناقشة قرار الرئيس دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل ونقل سفارة الولايات المتحدة اليها من تل ابيب. وأكد السفير المصري عمرو أبو العطا «استنكار مصر قرار الولايات المتحدة الاعتراف بالقدس عاصمةً لدولة إسرائيل ونقل سفارتها إليها، ورفضها أي آثار مترتبة عليه». وقال إن «اتخاذ مثل هذه القرارات الأحادية مخالف للشرعية الدولية وبالتالي، فإنها قرارات غير ذات أثر على الوضع القانوني لمدينة القدس، كونها مدينة واقعة تحت الاحتلال ولا يجوز قانوناً القيام بأية أعمال من شأنها تغيير الوضع القائم في المدينة”.

وأعرب أبو العطا عن قلق مصر «البالغ من التداعيات المحتملة لهذا القرار على استقرار المنطقة، فضلاً عن تأثيراته السلبية للغاية في مستقبل عملية السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، والتي تأسست مرجعياتها على اعتبار أن مدينة القدس تعد إحدى قضايا الوضع النهائي التي سيتحدد مصيرها من خلال المفاوضات بين الأطراف المعنية».

وقال السفير الفرنسي فرنسوا ديلاتر إن القرار الأميركي «لا يغير أسس ومحددات وضعية القدس التي حددها القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن»، مضيفاً أن موقف فرنسا «قائم على إجماع المجتمع الدولي لسبعين عاماً بأن القدس الشرقية جزء من المحتلة ولن نعترف على أي سيادة على القدس حتى التوصل الى اتفاق بين الطرفين» الفلسطيني والإسرائيلي على قضايا الحل النهائي.

وأكد ديلاتر التزام فرنسا «الكامل حل الدولتين على أن تكون القدس عاصمة للدولتين، ومن دون الاتفاق على القدس لن يكون هناك حل، ولهذا ندعو الى التوصل الى التسوية على وضع القدس بين الإسرائيليين والفلسطينيين».

وأكد السفير البريطاني ماثيو ريكروفت أن بريطانيا «لا تتفق مع الموقف الأميركي» الذي أعلنه ترامب، داعياً «الجميع الى عدم السماح للعنف بالتصاعد»، والتمسك بمرجعية قرارات مجلس الأمن.

وأكد المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة نيكولاي ملادينوف أن القدس هي إحدى قضايا الحل النهائي «الأكثر تعقيداً وشحناً للعواطف»، وأي قرار أحادي في شأنها «قد يقوض جهود السلام وتترتب عليه عواقب على مستوى المنطقة بأسرها». وأشار الى أن إعلان ترامب تضمن الإشارة الى «أن الحدود سيتم تحديدها بناء على التفاوض بين الجانبين، مع الاحتفاظ بالوضع القائم بالنسبة الى الأماكن المقدسة». وأكد أن قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة «هي الوحيدة التي تحدد أسس ومبادئ» مسار التسوية «التي لا خطة بديلة عنها».
وعبر ملادينوف عن قلق الأمم المتحدة من ردود الفعل التي أعقبت إعلان ترامب «واحتمالات تصاعد العنف».