Date: Dec 4, 2017
Source: جريدة النهار اللبنانية
عين الحوثيين على مفاعل الامارات النووي: "الكروز" vs "براكة"
م.ب.م. المصدر: وكالات 
تلبية الطلب المتزايد على الطاقة الكهربائية، تنويع مصادر الطاقة وتحقيق أمن الطاقة في الدولة. ثلاثة اهداف دفعت الامارات العربية المتحدة الى تأسيس مؤسسة الامارات للطاقة النووية. انبثق من هذا التصوّر، موقع براكة في المنطقة الغربية لامارة ابو ظبي. مزاعم حوثية رفعت بورصة الحديث عن "براكة" بعد ادعائها اطلاق صاروخ بالستي على المفاعل النووي القيد الانشاء. الامارات نفت. ولكن، ولو ان المزاعم صحّت، لكانت الضربة قاسية. لماذا؟ لأن الموقع كان سيضم بحلول عام 2020 أربعة من مفاعلات الطاقة النووية المتقدمة 1400. فما هي مواصفات صاروخ "كروز" الذي روّج بانه اطلق صوب المفاعل؟

‎ما هو "الكروز"؟

‎في تعريف صاروخ "الكروز" عدّة ميزات: هو صاروخ يطلق من الجو. يتم اطلاقه من الطائرات العسكرية. كما يمكنه تجنب مواجهة الدفاعات كونه يطلق عن بعد. وتستخدم هذه الاسلحة لمهاجمة اهداف أرضية ويمكن استخدام رؤوس بمتفجرات تقليدية أو نووية أو هيدروجينية، وفق تعريفها العلمي.

‎وتتميز الصواريخ البالستية في انها تطلق من قاذفات الطائرات ويمكن لها ان تطلق من الجو مستهدفةً مواقع بعيدة جدا عن الهدف المتوخى. ما يبقيها خارج نطاق الاسلحة الدفاعية كالطائرات الاعتراضية والصواريخ المضادة للطائرات على سبيل المثال. الا ان الصاروخ البالستي قد يبقى في مأمن من امكان اعتراضه بعد اطلاقه. وفي حين ساهمت مضادات الطائرات في التقليل من قدرات القاذفات التقليدية، تبقي هذه الميزات للقاذفة الاستراتيجية القدرة على الردع.

‎أما أنواع صورايخ "الكروز"،فمتعددة. وهي تصنع في اكثر من دولة. تتعدد طرازات صواريخ "آي جي أم"، وهي من عائلة "الكروز" التي تصنعها الولايات المتحدة الاميركية. وتصنع روسيا صواريخ "خ" و"كالبير" و"براهموس" التي تنتمي الى عائلة "الكروز" أيضاً. وتتولى باكستان تصنيع صاروخ "رعد" المعروف ايضاً بـ"هاف ـ 8". الصين تصنّع "سي 802"، وألمانيا والسويد تصنعان "كيبيبد 350"، واسرائيل تصنّع "بوباي". أما اسرائيل فتصنّع "بوباي"، وتركيا تصنع "سوما". فيما صاروخ "ستورم شادو" المنتمي أيضاً الى شجرة عائلة "الكروز" نفسها، فيصنّع في كلّ من فرنسا والمملكة المتحدة وايطاليا.

‎"الكروز الحوثي"

‎ومن جهتهم، يعترف الحوثيون بنجاح تجربة تصنيع "الكروز" التي بدأت في شهر آب المنصرم. ويعتبرون ان "اطلاق الصواريخ البالستية هو جزء من سياسة الدفاع عن النفس".

‎وكانت وسائل اعلام تابعة للحوثيين قد زعمت في ان الصاروخ اصاب المفاعل. أتى ذلك بعدما كان قد أعلن الناطق باسم الحوثيين محمد عبد السلام أعلن عبر "تويتر" عن إطلاق صاروخ من نوع "كروز" باتجاه المفاعل الإماراتي. الا ان هيئة الطوارئ والأزمات الاماراتية كذّبت المزاعم، مؤكدة ان "مشروع مفاعل براكة محصن ومنيع ازاء كل الاحتمالات". وبدورها اعتبرت وكالة الأنباء الرسمية ان "الامارات تمتلك منظومة دفاع جوية قادرة على التعامل مع اي تهديد من اي نوع".

‎ما هو مفاعل "براكة"؟

‎بدأت الأعمال الإنشائية في المحطة الأولى من مفاعلات الطاقة النووية الأربعة المتوقع ان يضمها موقع براكة عام 2020، بدءا من عام 2012. اتى ذلك بعد صب خرسانة السلامة الأولى.

‎ومن أبرز الانجازات التي حققها المشروع، إنهاء أعمال تركيب لوح البطانة المعدني في مبنى احتواء المفاعل للمحطة الأولى سنة 2013، وتركيب جهاز تكثيف البخار للمحطة الأولى سنة 2014. هذا فضلاً عن تركيب حاوية المفاعل الأولى لمحطات الطاقة النووية السلمية في الدولة سنة 2014 ايضاً.

‎كما افتتحت المؤسسة في نيسان 2014 مركز التدريب على أجهزة المحاكاة في موقع براكة، وهو يضم جهازي محاكاة مطابقين لغرف التحكم الرئيسية الحقيقية. وسيحاكي الجهازان الظروف وبيئة العمل الحقيقية في المحطات. وتكمن الغاية من ذلك في تجضير مشغلي المفاعلات النووية في المؤسسة لبدء العمليات التشغيلية.

‎وبدأت اعمال صب خرسانة مبنى احتواء المفاعل في المحطة الثالثة في أيلول 2014. وكان ذلك بمثابة انجازٍ جديد تحقق بعد استلام رخصة إنشاء المحطتين الثالثة والرابعة من الهيئة الاتحادية للرقابة النووية.

‎وفي السياق، كان وزير الطاقة الإماراتي قد قال إن "من المتوقع أن يبدأ مشروع براكة، الذي تبنيه الشركة الكورية للطاقة الكهربائية (كيبكو)، العمل في العام 2018".

‎وكانت "كيبكو" قد مُنحت عقد تصميم محطة براكة للطاقة النووية وبنائها وتشغيلها، من قبل مؤسسة الامارات للطاقة النووي2.

‎فيما بلغت قيمة العقد نحو 20 مليار دولار أمريكي .

‎ويمكن اختصار انجازات مؤسسة الامارات للطاقة النووية في موقع "براكة" بما في ذلك عناصر الأمان والجودة التي يتميز بها موقع المفاعل بالآتي:

‎ـ الحصول على ست شهادات ISO من شركة «إنترتك» الرائدة في خدمات الجودة والسلامة.

‎ـ العمل وفقاً لتوجيهات المجلس الاستشاري الدولي والوكالة الدولية للطاقة الذرية والاتحاد الدولي للمشغلين النوويين ومعهد مشغلي الطاقة النووية.

‎ـ صُممت المحطات لمقاومة المظاهر الطبيعية مثل موجات تسونامي والهزات الأرضية والتأقلم مع الظروف المناخية في الإمارات العربية المتحدة.

‎ـ اختير موقع براكة استنادًا إلى عوامل بيئية وتقنية وتجارية. ومن ابرزها: تاريخ الزلازل في المنطقة، البعد عن المناطق السكنية، القرب من مصادر المياه وشبكات الطاقة الكهربائية ومرافق البنية التحتية الصناعية، الظروف المناسبة للبناء وتحقيق الأمن والقدرة على الحد من الأثر البيئي.

‎هذه المواصفات العالمية الهائلة التي يتم على أساسها العمل في مفاعل "براكة" تدفع الى طرح التساؤل التالي: هل يستطيع صاروخ "كروز" في حال أصاب الهدف أن يطيح بكل هذه الانجازات؟